الفصل الحادي عشر (الجزء الأول)

3.2K 129 22
                                    

الفصل الحادي عشر

(الجزء الأول)

كلموني تاني عنك ... فكروني .. فكروني

صحوا نار الشوق في قلبي وفي عيوني ..

رجعولي الماضي بنعيمه وغلاوته وبحلاوته وبعذابه.. بقساوته ...

وافتكرت فرحت وياك قد إيه ...

وافتكرت كمان يا روحي بعدنا ليه ...

بعد ما صدقت إني قدرت انسى ... بعد ما قلبي قدر يسلاك و يأسى

جم بهمسة وغيروني .. كانوا ليه بيفكروني ...

بعد ما اتعودت بعدك غصب عني...

بعد ما نسيت الأماني و المني والتمني

كلمتين اتقالو .. شالو الصبر مني

يمكن القول أن الإنسان في حياته يوضع في مواقف محرجة، صعبة، مرعبة، وكان الموقف الذي وقع فيه علاء يحمل الثلاث صفات معاً في حزمة واحدة.

لم يكن يتخيل في أسوأ كوابيسه أن هذا الصوت الصارم المصدوم عائد لأمه، لكنه للأسف كان، لذا استدار ببطء نحوها وبتلقائية لم يشعر بها أزاح نورهان خلفه في حركة حماية لا داعي لها، ثم أمر تلك المصدومة أن تسرع لبيتها ليقف هو بمفرده.. بكل شجاعة أمام أمه.

ومنعا للفضيحة ترجاها أن تعاود الدخول لشقته حتى يفسر كل شيء لها، فوافقت على مضض وما زال الوجوم يحتل ملامحها، وهكذا انتهوا جميعا في غرفة الاستقبال البسيطة في بيته، وقد جلس هو على كرسي الاتهام وأمه أمامه ومن خلفها كانت خادمتها المطيعة فادية وأخت له، وكلهم اشتركوا في الملامح الواجمة وزادت عليهم أمه بنظرة الخذلان الحارقة له.

أمه... فايزة المحمدي.. امرأة صلبة ربت أولادها بمفردها بعد موت زوجها عنها وهي في ريعان شبابها، فأمسكت أعماله بقبضة من حديد، وانشأت بناتها وعلاء بقبضة أكثر صلابة، لذلك اعتمدت اللون الأسود دائما وارتداء الزي التقليدي الفضفاض ليعطيها هيبة تحتاجها في صراعها مع الرجال، وفقط الزينة الوحيدة التي اتخذتها هي كحل ثقيل حول عيناها.. وهذا زادها رعباً!

وعلاء رغم سنواته التي تخطت الثلاثين، ورغم كونه رجل يدير مرؤوسيه بأصغر أصابعه، لكنه كان مجرد طفل أمام أمه، لذا قال بوجل وقد توتر بفعل الصمت التام الذي انتهجته أمه:

-أنها مخطوبتي أمي.

فسر وكأنه بذلك سيقلل من غضبها المارق، لكنه أشعله دون قصد، فقد هتفت وهي تضرب على فخذها بقوة جعلت "كردانها" الذهبي يرتج:

قلبه الأعمىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن