الخاتمة

4.2K 177 55
                                    

ومرت الأيام...

يعقوب...

أصدرت بوابة الحَوْش صرير قصير عندما تم دفعها من يعقوب الذي صرف أخيراً حارس المقابر وقد بقي يهتف بفرح مبالغ لرجوع بصره. بخطوات متباطئة بدأ يتوجه لآخر الشواهد حيث خُط اسم زوجته الأولى.. شهد..

تفاجأ من حالة القبر، وقد بدى عليه العناية الشديدة مع زهور مختلفة حوله كان يملك فكرة حول من زرعها هنا، وبعدم اهتمام للتراب جلس على المقعد القريب وهو يبتسم:

-كيف حالك شهد؟

تخيلها بوجهها الصافي وابتسامتها الحنونة تجلس أمامه تستمع إليه، فأشار لنفسه يخبرها بمفاجأته:

-ما رأيك في هذه المفاجأة؟

ثم انحنى للـ ورود اليانعة يلمسها برقة وأخبرها:

-علاما يبدو أن رؤية أتت للزيارة.

ثم اعتدل وأخبرها ببعض الحرج:

-لا بد أنكِ صدمتي من شخصيتها، كل من يقابلها يحدث له ذلك، أنها حقاً امرأة ثرثارة خانقة وفضولية بشكل مقيت..

هتف بحرارة متذكراً كل المصائب التي أتت على رأسه منذ دخلت لحياته، ثم خفَت نبراته وهو يتذكر أيضا كل المواقف والكلمات التي انتشلته من الظلام، فتابع يقول بتؤدَه:

-لكن لديها حنان جارف تجعل الجميع يشعر وكأنها أماً لهم، حتى أنها استطاعت كسب قلب ابننا، شيء لم أنجح أنا فيه.

غمغم بأسى ثم أخرج زفير حار طويل وهو يمد يده محاولاً تلمس طيفها الجالس أمامه:

-لقد اشتقت لكِ كثيراً، لكني أظن أن الرحلة الفردية صعبة في الحياة، ورؤية...

قطع كلامه وقد اشتدت ضراوة المشاعر في عيناه قبل أن يتابع:

-أنها بددت ظلام أيامي من بعدك، متأكد أنكِ كنتِ ستحبينها كثيراً، كما أنني أكيد أنكِ الآن أكثر اطمئناناً وسعادة بعدما تغلبت على أشباحي القاسية.

وبمجرد أن وصلت أطراف أنامله للطيف تبدد في الهواء مختفياً، فسقطت يده لجانبه بحزن والتوى طرف شفتيه بينما يمسح اسمها المخطوط على الشاهد الرخامي:

-أعدك أن لا أنساكِ، وأعدك أن أحيا كما يجب حتى نلتقى مجدداً.

وبعدما استطاع تمالك نفسه، نهض على قدميه وغادر الحَوْش وقد أوصى الحارس وصيته المعتادة بالمحافظة على المكان، ثم استقل سيارته وبمجرد أن فعل وجد هاتفه يهتز بإصرار واسم رؤية ينير الشاشة، فتنهد بينما يرفعه ليرد:

قلبه الأعمىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن