اقتباااااااااااااس

24.8K 339 34
                                    


هذه السماعة رائعة

همست لنفسها بانبهار لمسها من الداخل وهي تلمس الجزء المطاطي منها لتتفاجأ بصوت والدتها الحاد

-بنون!! ابتعدي عن سماعة أخيكِ هذه ليست للعب ثم أنكِ لم تغسلي يدك بعد أن جئتِ من الخارج مع فرسك الملوث.. فرجاءً لا تلمسي أشياء أخيكِ الطبية فجهلك بكيفية استعمالها يمكن أن يفسدها

القهر الذي تفشى داخل أوصالها وصلَ لذروته خاصةً مع أخر كلماتها، شعرت بالدونية أمام نظرة والدتها الغاضبة، ثم شعرت بالوحدة عندما انتشلت السماعة من يديها وذهبت لتضعها بحرص... وأخيرًا شعور التبلد الذي يزيد كل يومٍ نحو والدتها.. هي لا تكرها لكن الشعور الذي تكنه ناحيتها ليس حبًا؛ شعور بعيد عما بين الأم وابنتها أو من الإبنه لأمها .. تمتلك نحوها مشاعر عادية يشوبها الجمود فترات، ومع ذلك تعاملها وتبرها لأنها أمها.. معادلة غير مفهومة لأن الفائز ليس أحد الطرفين بل أخيها!!فهي تعتقد أن أمها لا تحبها ولن تفعل بل تدخر كل مشاعرها لأجل تميم

فاقت من دوران مشاعرها وهمست بقتامة غشت عينها من المعاملة التي تتلقاها من أقرب إنسانة إليها .. من المفترض!

-لم أكن لأخدشها فقط أردت رؤيتها

تفاجأت من هجوم أخر من الجبهة الأخرى، جبهة أخيها التي دائمًا مدعومة من والدتها

-بنون!! ابتعدي عن ملابسي لقد قامت أمي بكيها للتو ولا أريدها أن تفسد

كان يخاطبها بنزق لتلاحقها كلمات أمها في نفس اللحظة

-بنون اذهبي من هنا .. لقد كنت مخطئة عندما جلبتك إلى هنا حتى تساعدينني.. أنتِ فقط لا تزيدين الأمر إلا سوءً

"لا تزيدين الأمر إلا سوءً!!"

نعم.. هذا ما كانت عليه لسنواتٍ عديدة، لا تجلب لهم سوى السوء أو الافساد.. من وجهة نظرهم المحدودة

شعورها في هذه اللحظة فاقَ كل توقعاتها لهذا اللقاء الذي لا يتكرر كثيرًا بينها وبين أمها، أن تكون بين عائلتك وتشعر أنك غريب لا تنتمي إلى هؤلاء الأفراد والذين للصدفة تربطهم صلة دم!!.. لكن تلك الخصلة نبذوها منها.. هي لا تنتمي لهنا.. لا تنتمي لوالدتها ولا أخيها.. حتى والدها لو كان هنا كان سيصمت أو سيخبرها أن تذهب لجدها حتى يدللها أكثر..

شعور الانهزام القوي الذي يحط على القلب ليهشمه إلى أجزاء تتناثر حتى تُصيب الروح بجرح فتنزف إلى أن تموت..

-لم كل هذا الصراخ فقط من أجل سماعة طبية وملابس!! .. حسنًا.. هذه هي السماعة.. وها هي الملابس

اتسعت أعين والدتها وشاركها تميم الصدمة بفتح فمه وهو يرى أخته تتحدث ببرود بينما يديها تلقي سماعته الغالية لترتطم بالأرض بقوة، وتلتقط ملابسه من على الفراش مُجعدة إياهم ثم تتركهم من يدها ليلتقوا بالأرض كحال السماعة ووسط كل هذا الاندهاش لم يتمكنوا من فتح أفواههم فكان الفعل مباغتًا ولم يتجرأ أحدهم على التفوه بشيء إلى بعدما وقفت في الغرفة تنظر لهم بحدة تخفي داخلها إحباط وخذلان شديد، وحينها أردفت والدتها بصراخ أخر

-ما الذي فعلته بأشياء أخيكِ!! ألهذه الدرجة تغارين منه؟

-أغار؟؟؟

نطقت بقهر واستنكار لتميل برأسها وتبتسم بسخرية على جملة والدتها، لو كانت تغار ما كانت وقعة في خديعة أخيها!!.. ما كانت تتحمل كل هذا اللوم وترى في أعينهم النظرة الدونية التي لا يكفون عن رمقها بها أمام كل غريب وقريب!!.. كانت أخبرت جدها بما تحمله داخلها منذ سنوات لينال المخطئ عقابه... لكنها لم تفعل وآثرت الصمت وفضلّت سُمعة أخيها على حقها المشروع الذي سُلب بسهولة وخطة بارعة..

ازدردت ريقها بصعوبة وقد أصابت كلمة والدتها صميم قلبها لكنها ما لبثت أن استعادت قوتها المتأصلة داخلها لتقترب من أخيها وتبتسم في وجهه خاصةً وهي تقول له بنبرة يفهمها جيدًا

-تذكر يا تميم ... الذي أنت فيه الآن كنت أنا سببه

اختلجت عضلة فكه جرّاء كزه على أسنانه وقبضته التي كورها اشتدت من فرط التوتر...بينما هي رحلت تاركه جملتها تعثو فسادًا وتمرر به الإدراك لاذعًا بصدى يُخبره بقوة

"حقيقتك كداخلك... كلاهما مهترئ"

******

ما الهوى إلا لسلطان ... للكاتبة سارة عاصمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن