الفصل الثالث والعشرون "الجزء الأول"

4K 152 28
                                    

الفصل الثالث والعشرون "الجزء الأول"

أرجو الدعاء لخالتو بالرحمة والمغفرة

الحكمة تقول "لا تصارع خنزيرًا في الوحل فيستمتع هو وتتسخ أنت" لكن لم عليك أن تصارع خنزيرًا من الأساس؟ لم لا تتجاهله؟، هل مقاتلك معه ستفيدك؟ ستعلي من قدرك؟ انت تُحد من مقدار الهبة الإلهية التي وهبنا الله إياها وهي العقل حتى تُثبت أن المنتصر!

هو خنزير وسيظل خنزيرًا... لم عليك أن تحاول؟!

ما الذي تريد إثباته؟!

...................................

انقضت أيام العزاء بطيئة، صعبة، مُميتة، من كان له علاقة بالسيدة فاطمة كان يبكي وينوح، ومن لم يكن ظلّت هناك شفقة تلوح في صدره وتتفصد من كلماته كلما جاءت سيرتها، وبالطبع كانت بالخير.

كانت معضلة سلطان الوحيدة هي رابحة، من تلك الأبية التي اتخذت الكلام عدوها منذ أخر مرة حدثته بأن *يرفق بجدته* وهي صمتت، وصمت معها كل شيء!

عنفوانها، مرحها، قوتها، ثرثرتها، تنمرها وحتى حديث عينيها الشامخ قد انطفأ...

ماتت فاطمة، وأخذت الهالة المتمردة التي كانت تحيا بها رابحة، فأصبحت جسدًا بلا روح، خيط من دخان يلوح من عود ثقاب انطفأت شُعلته..

قضى الأيام ما بين العزاء والغرفة الخاصة بهما، إذ الأمر الوحيد الذي بيّن أنها حية هو إصرارها على عدم اكمال العزاء والبقاء في غرفتها رغم اعتراض والدتها الواهن، وتدخل والدته بسخط، وحديث والدها القاسي عن أنها كبرت ويجب أن تتحمل المسؤولية وتجلس في عزاء جدتها، وتتقبل موتها؟، وأنها لن تراها؟، ولن ترتاح بحضنها؟، وألف لن أخرى لا تسرد دواخلها

وعلم من جده أن ياسمين طلبت منه أن تعود إلى دار والدها، بل أصرّت على ذلك، لكنه لم يجد الوقت سوى اليوم الرابع الذي انتهى فيه العزاء وقلَّ الوافدين ليذهب إليها ويرى ما بخاطرها وقد اختارَ وقتًا يكون أبيها في خيمة سهر يسكر.....

-اذًا هذه هي طريقتك في الهروب؟ عهدتك أذكى من هذا

-أنا لا أحارب في معركة ليست لي من الأساس يا سلطان... نعم أحببتك لكنني لم أرَ منك ما يُعزز هذا الحب ويُبقيه في قلبي...

حُسن استقبالها له في باديء الأمر لم يمنعها من قول تلك الكلمات اللاذعة القوية، وهو بدوره سيحاول أن يكون مهذبًا في الحوار حتى لا يجرحها

-اسمعي ياسمين منذ البداية وانتِ تعلمين أن هذه الزيجة مصيرها الفشل، ليس لأننا غير قادرين على العيش سويًا بل لأننا لم نحاول ولن نفعل.... لكل منّا اهتماماته الأخرى

ضحكت، حتى عادَ رأسها للخلف وانسحبَ شعرها للوراء ليرى هو ملامحها المتألمة التي تُطعمها بقوة أنثوية مُنمقة

ما الهوى إلا لسلطان ... للكاتبة سارة عاصمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن