الفصل الخامس عشر

3.9K 180 87
                                    


الفصل الخامس عشر

"تنازلات"

يأتيك الحب آنفًا مترفعًا وتأتيه أنت صاغرًا ....

*******

كانت في مزاج سيئ لا يحتمل هبوب أي نسمة هواء بجانبها لتنفجر، نفخت أوداجها بغضب وهي تناظر البهو الداخلي للمنزل ولم تجد به أحدًا وبالأخص زوجها الذي لا يُحدثها منذ أن كان في خيمة "الشؤم" كما تُسميها، فهي لم تهنأ من يومها معه بحديثٍ صافي أو ضحكة رائقة كأيامٍ خوالي لم تدم

تأففت ومضت في طريقها إلى المطبخ حتى تفاجأت بفراس يقطع عليها الطريق ويقف أمامها بابتسامة مانعًا إياها من التقدم، ثم هتفَ بمودة

-مبارك الزواج يا رابحة لم أحظَ بفرصة حتى أخبرك بمقدار سعادتي لهذه الزيجة... "صمت ليستطرد بنبرة حزينة" قوية أنتِ ودائمًا ما تحصلين على ما تريدين

ردت ابتسامته وقد فهمت ما يرمي إليه آخر حديثه فأردفت بمواربة دون أن تخدش كرامته

-العُقبى لك يا فراس، والله الأمر يحتاج لقوة إصرار رهيبة لتحتمل سخط العائلة وسخط الذي تحارب من أجله مع تأنيب ضميرك لأنك تعتقد أنك أرغمته على حبك..

رفعت حاجبيها وتحدثت بصراحة

-لكن حالتك يا فراس الأمر كان هينًا مقارنةً بي فالفتاة كانت تحبك ومستعدة للمحاربة من أجلك فقط ينقصك الإصرار الذي تحارب به العائلة، ولأصدقك القول الأمر ليس سهلاً أيضًا، فجدنا متسلط بطريقة صعبة.... جدًا لا أتمناه لأحفاد ألد أعدائي

تجهمت قسمات وجهه وأردفَ باقتضاب وشعور يداهمه أن ينهي هذا الحديث الذي ينخر روحه الآن

-مبارك مرة أخرى وأرجو أن يستمر الزواج

لوت شفتيها في ضيق وهي تراقب ظهره الذي أعطاه لها في طريقه للرحيل

-سيستمر يا عديم اللباقة طالما أمثالك لا ينظرون في حياتنا

ثم أخذت ترغي وتزبد لنفسها وهي في طريقها للمطبخ

-ما باله تغيّر فجأة هكذا، أم أنني تدخلت فيما لا يخصني؟؟ هو يستحق هذا الطفل مُدلل أمه... سأصالحه

لمحت المطبخ فارغًا فحوّلت طريقها نحو المجلس لتجد جدتها برفقة أمها وزوجة عمها ثريا الغاضبة ونهاد الشاردة وخنساء الحرباءة ووالدتها، أما بدور فلم تنل الجلسة تشريفها وحتى لو كانت حاضرة كانت لتكون غائبة الروح..

حدجت المجلس بتفحص خاصة الجزء الذي يقبع فيه خنساء وثريا وضيّقت عينيها في غضب لو تحول لنيران لأحرق الاثنتين حد التفحم، ولحظة حتى التمعت عينيها وشق ثغرها ابتسامة مكر أنثوي خالص

فالغيرة والجرح حين يسيطرا على المرأة من الصعب منعها عن الانتقام

دلفت على مقربة منهم ثم سلّمت على الجميع بتحية مقتضبة واتجهت نحو خنساء ووقفت أمامها قائلة بملامح يضج منها اللوم والعتاب وعينين تحتبسان الدموع فيهما ومع أول رمشة ستسقط

ما الهوى إلا لسلطان ... للكاتبة سارة عاصمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن