الفصل السادس

2.8K 129 11
                                    


الفصل السادس

قوية هي كجبال البادية الشامخة

سمراء كرمال أرضها المنثورة

وقرص الشمس العسلي يلتمع في عينيها

تمتزج ملامحها بطبيعتها الخلاّبة وتخترقها صلابتها

فلا عجبَ أنها لُقبت بامرأة الصحــــراء وابنة البادية

**********

تتواتر عليها الذكريات بقسوة ودون هوادة، وجدت عينيها تذرفان الدموع دون إرادتها وجسدها يختض من عنف البكاء، لقد فقدت أخر حقٍ كانت تحارب من أجله، لم اختيار شريك الحياة في تلك العائلة بهذه الصعوبة؟!، لم عليها أن تُهان حتى تحصل على ما تريده ويُشبع رضاها؟

لقد حاربت في كل شيء، تعليمها، زواجها وحاربت على سلطان لكنه خذلها

تشهق ولا أحد يسمعها

تنتحب ولا تجد يدًا تضمها لصدرها

تشعر بثقل في أنفاسها كلما زاد عُنف بكائها فلا تجد من يُهدهدها ويهمس في أذنها حتى تصمت.. لا تجد من يخبرها أن كل شيءٍ سيكون بخير!!

وبعد وصلة من رثاء النفس، انتقلت من الأرض الباردة كبرودة قلب أبيها إلى الفراش، ارتمت عليه وظهرها للنافذة وبقيت صامتة تسترجع عدة ذكريات تجمعها بأمها وأبيها وأختها بدور، أغمضت عينيها عندما بدأت الذكريات تندفع إلى عقلها، وكانت على وشك الدخول في نوبة ذكريات أخرى لكن حركة خلفها جعلتها تفتح عينيها باتساع وتلتفت بحدة لترى الذي يقف أمامها مُلثم الوجه وكفه يمتد نحوها

انتفضت من على الفراش وابتعدت عن مرمى يده من الصدمة، تراجعت للوراء خطوات بسيطة وهي تحدجه بشراسة هاتفه بنبرة مضطربة لم تخفِ ذعرها

-من أنت؟ وما الذي تفعله هنا؟!!

ازداد خوفها وهو يتقدم نحوها غير مباليًا، وهي تتخبط داخليًا ما الذي يجب عليها فعله؟ بالتأكيد لن تصرخ وتطلب النجدة لأنهم سيعتقدون أنها تخبئ رجالاً في غرفتها وسيقتلونها... هي لا تثق في عقولهم العقيمة التي ترمي الخطأ على الفتاة حتى لو تتعرض لمداهمة كتلك

مازالت تتراجع للخلف حتى ومضت فكرة في عقلها فقط عليها أن تصل لطاولة زينتها، والأمر لم يأخذ سوى ثانية واحدة حتى التفتت بظهرها تبحث عن شيء وتُمسك به ثم تقف معتدلة ثانيةً أخرى تلك المرة لم تكن خائفة

لوّحت بمبرد أظافرها في وجهه وأخبرته بقوة

-إن اقتربت خطوة واحدة سأفقأ عينك افعلها إن كنت مستغنيًا إحدى عينيك

ابتسمَ الرجل من خلف اللثام لشجاعتها، ولُيثبت لنفسه شيئًا كان يُقدم رجله اليمنى خطوة، والابتسامة الماكرة لا تزال تزين شفتيه بينما هي لا تراها، فقط ترى عينيه الباسمة فقط!

ما الهوى إلا لسلطان ... للكاتبة سارة عاصمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن