الفصل الثالث ج1

3.7K 136 12
                                    


الفصل الثالث 

قراءة ممتعة

"أحبك قدرًا يخطفني وقطرة ماءٍ ترويني"

لقد بدأت عواصف أمشير في الهبوب وأنا عاطلة من أساليب الأمان عاجزة عن الشعور بالدفء؛ فبقيت أنتظر عودتك لكن لم تلفحني إلا برودة غيابك وجمود خذلانك لي ... لتصبح هذه العواصف جزءً مني

*********

لا ترمي الوعود وتهرب لأنني كالحمقاء أنتظر..

ولكن عاملني برفق فأنا أنثى تُعجبها كلمة دافئة وتذوب من مجرد ضمة!

نظرت للبيت حولها بنظرات ريبة وعدم ارتياح فهي لم تطأ قدمها هذا البيت منذ شهور عديدة لا تعرف هل فقدت قدرتها على عدهم أم هي لا تريد تذكير نفسها باحتمالية عقوقها تجاه والدها..

أغمضت عينيها وأخذت نفسًا مضطربًا كان يزحم صدرها لكنها بعده لم تتخلص من الضيق إذا عاودت لها الذكريات المؤلمة في هذا المكان الموحش، والذي من المفترض أنه يكون بيتها!!

بيتها!! .. يا للسخرية حقًا!!

هذا المنزل لم يعد بيتها منذ وفاة والدتها بل منذ زواجها من عدي، وهي تعتبر هذا الزواج نعمة لأنها خلّصها من والدها القاسي، عديم الرحمة... والحياء

-ما بك نهاد؟؟ تبدين منزعجة

فتحت عينيها على يد عدي التي أمسكت كفها المتشنج، فرمقته بامتنان لإخراجها من شرودها المخزي والحزين، هزت رأسها نفيًا بينما تُتمتم بخفوت

-لا ليس هناك شيء هل يمكننا الرحيل؟

قطبَ حاجبيه وقد توصلَ لشعورها الغير مرتاح ليُجيب بقلق

-وصلنا لتونا!! ولا يصح أن نترك الرجل وهو يقوم بضيافتنا ونرحل

شدد على كلمة "رجل" لنفورها من كلمة "أب"، وهذه من المرات التي يراعي فيها عدي شعورها والأدهى أنه عرف كيف يفسره!!..

عادَ والد نهاد بينما يحمل في يده صينية يحتلها ثلاث أكواب كبار من المياه الغازية ويبتسم باتساع كأنه سعيد حقًا بتلك الزيارة التي قامت بها ابنته وزوجها بعد انقطاع دام لأشهر، وهذا ما جعلَ نهاد تبتسم بسخرية وتُحدث نفسها "منذ متى وأبيها يبتسم بل والأدهى منذ متى وهو يُقدم الضيافة بالمياه الغازية التي بالتأكيد كلفته ثمانية جنيهًا ومن طبيعته البخيلة لم يكن ليفعلها بل سيكتفي بكوب شاي لعدي لأنه هو ونهاد يعتبرا من أهل البيت"

أسبلت جفنيها وأخرجت زفيرًا خفيفًا من بين شفتيها المكتنزتين وهي تنأى بظهرها وسمعها بعيدًا عنهم، تتطلع لعدي الذي أخذَ يتباسط في الحديث من والدها المُبتسم من حينٍ لأخر ويرد عليه ببعض الحماس، بالتأكيد الموضوع به نقود، تفرست ملامح عدي الباسمة والمرتاحة وهي تتمنى لم لا يكون هكذا معها؟ .. هل تستطيع أن تسلب منه هذه النظرة الرائقة خلسة دون أن يشعر؟.. هي تتمنى أن يأتي ذلك اليوم الذي تُعري روحها إليه وتُخبره بأفاعيل والدها وماضيها المؤلم وطيبة والدتها المتوفاة التي كانت تُزيح عن عاتقها الكثير.. لكن كيف ستخبره وحاضرها معه حزين وغامض ومستقبلها مجهول!!

ما الهوى إلا لسلطان ... للكاتبة سارة عاصمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن