الفصل الخامس ج1

3.1K 155 11
                                    


الفصل الخامس

الانتماء للقبيلة قبل الأشخاص ..

-لقد احترق صبري من أجلك وأتيت لأحضر لك الرماد

بدأت بنون حديثها وهي تقف أمام فراس في مكانهم السري عند الضفة الأخرى من قبيلة الهاشمية، ولكن ناحية قبيلة السلمانية على أطرافها، تقبع هذه المحادثة على البحر الفاصل بين القبيلتين يحاوطهما أشجار الزيتون وبعض أشجار البرتقال التي لم تبدأ في الاثمار بعد نظرًا لأنهم في فصل الصيف..

كان الجو صيفي لكن مناخ كلماتها خريفي يُنبئ برياحٍ عاتية وشتاء عاصف، نظرَ لعينيها ليرى الجليد بدأ في التساقط وكم خشى أن يأتي هذا الفصل بعد معيشته لسنواتٍ في قلبها في ربيعٍ مورد

-هل تنتظرين مني حمل رمادك والالتفات دون عودة؟!، هل يُعتبر هذا عزاء لي يا بنون؟!

قالها فراس بعتاب وهو ينظر داخل عينيها علّه يرى نبتة لزهرة لكن ما طغى هو الثلوج ويبدو أن العاصفة ستستمر، كانت تتألم من الداخل هي الأخرى، وليس بالسهل عليها أن تُنهي علاقتهما بهذا الشكل، هي فقط تريده أن يفعل شيئًا لا الوقوف هكذا بلا حراك، فهي تعرف جيدًا أن هذه المقابلة التي تتم بينهما لن تُسفر عن شيء مادام لم يتخذ خطوة نحوها، وهي لن تبرح حتى ترى في عينيه اللهفة مثلها..

وبعد تفكير البارحة وكلام جدها الذي أشعرها أن لا أحد سيُحبها مثله كانت تتوصل إلى هذا القرار، الضغط!!

ولولا أنها تعرف شخصية فراس جيدًا لما استخدمت هذا الأسلوب معه.. لكن للأسف هي تعرفه خير المعرفة

-دعك من هذا الكلام يا فراس، لقد نفدَ صبري وأنت لم تتحرك خطوة واحدة، حتى لم تُخبر أهلك بخصوص علاقتنا وأنا لن أستمر في الخفاء هكذا كالسارق الذي يُخبئ غنيمته ويطل عليها كل فترة وهو يعرف أن مسيره الكشف يومًا ما.. وإن طال الأمر لن أحب نفسي وسأكون غير قادرة على محبتك أيضًا

كانت صريحة وواضحة بشكل مؤلم، وتجلى هذا الألم في عينيه ونظراته المصوبة نحوها، زفرَ بقوة وهو يضع يده على جبينه يفركها، كلامها يضعه بين شقي الرحي، عليـه أن يختار بينها وبين جده وعقابه، يشعر أنه مُكبّل من جميع النواحي، تتقدم النيران نحوه بنية التهامه وعليه أن يتصرف سريعًا وإلا سيخسر روحه

قالَ بعد صمت وتبادل نظرات إحداهما راجية والأخرى مُتمنعة وبقوة

-ما الذي تريدين مني فعله يا بنون؟!! أنتِ تعرفين ما الذي يُمكن أن يحدث إن فتحت الأمر حتى أمام جدي!!..

نظرت له باستخفاف وشعرت في تلك اللحظة أنها وحيدة في العالم وبخطأ اختيارها، حكت فضيتيها كل شيء بينما هو هرب بسوداواتيه بعيدًا عنها، غير مدركًا أن الخيبة التي شعرَ بها من نفسه ترددَ صداها داخلها

ما الهوى إلا لسلطان ... للكاتبة سارة عاصمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن