أمل حياتي ٤

107 3 0
                                    

#أمل_حياتي_٤

- دي مدام أمل مدرسة الفرنساوي اللي سكنت جديد في التالت هي وبنتها.
- لوحدهم؟ واحنا من أمتي بنسكن ستات لوحدها يا عوض؟
- لا يا فريد بيه، دي جوزها بيشتغل في الخليج و بتقول بينزل اجازات كل فترة. هي اساسا من المنصورة بس جالها شغل هنا فنقلت هي وبنتها من هناك والشهادة لله ست زي الفل ومسمعناش صوتها من ساعة ما سكنت.

هكذا أجاب عم عوض حارس العقار عن تساؤلات اللواء فريد عن الساكنة الجديدة التي سلبت عقله وقلبه منذ دقائق. ظل فريد يتابع أمل في صمت مكتفيا برؤيتها صدفة أما صباحا عند ذهابه لعمله أو مساء عند عودته مع عادل من النادي أو السوبر ماركت.
احتلت أمل أيام فريد بسحرها الملائكي وعيناها المليئتان بالحزن مكتفيا برؤيتها في مدخل العقار متي سمح له القدر وابتسمت ايامه. عجيب هو ذلك الحب، شعور غامض يضرب قلبك بلا سبب ولا تفسير لاختياره انسان دون غيره  وذلك هو ما يجعله مميزا حقا. هو عملية كيميائية بلا معادلات علمية، موجة عالية تأتي لتجتاح روحك وتسكنها إلي الأبد.
مرت أيام فريد التالية بدون أحداث جديدة تميز يوما عن أخر سوي رؤيته لأمل التي أصبحت أصعب الآن خاصة مع بداية الإجازة الصيفية وعدم ذهابها لعملها. كان هو كعادته كل يوم صباحا في عمله ومساء مع عادل إما بالنادي أو بالمنزل حتي اقتربت بداية العام الدراسي الجديد ولكنه ليس ككل الأعوام التي سبقته فعادل بالصف الثالث الثانوي هذا العام مما دفع فريد للتقدم بطلب لانهاء خدمته والتفرغ تماما لوحيده حتي يوفر له راحة اكثر ليساعده علي التفوق والحصول علي اعلي الدرجات كما كان يتمني له دائما.
ظل فريد هائما في بحر أمل تتقاذفه أمواج عشقها المتلاطمة، فهو يعلم أنها بلقاء لم يستغرق دقائق قليلة قد اخترقت قلب فشلت ناهد في اختراقه طوال سنوات. استعر بداخله صراع مابين قلب أحب وعقل لا يستطيع أن يستوعب ما يحدث، ايعقل أن يحب بعد كل تلك السنين ومن؟ تلك الجميلة الغامضة وقبل هذا، تلك المتزوجة؟

جلس فريد ذات صباح في شرفته كالمعتاد بعد أن غادر عادل متوجها لمدرسته يقرأ الجريدة لينتبه فجأة انه قد مر علي ذلك اللقاء الذي عصف بقلبه عام تقريبا. عام لم يظهر فيه ذلك الزوج المزعوم، عام لم ير فيه أمل بصحبة أحد غير صغيرتها. شعر فريد ببعض الأمل يدب في قلبه من جديد، فربما تكون مطلقة ولكن تخاف نظرة مجتمع رجعي لامرأة أتت لتسكن وحدها بصحبة وحيدتها.

نهض فريد ليمسك بهاتفه طالبا رقم أحد أصدقائه ممن يشغلون منصبا هاما، رن الهاتف ليسمع فريد صوت صديقه علي الطرف الآخر

- فريد باشا
- ازيك يا نادر باشا، اخبار معاليك ايه؟
- الحمد لله والله، خليت بينا انت وطلعت بدري بدري وريحت نفسك
- لا والله ما انت عارف، لولا ظروفي مكنتش طلعت غير في معادي والله يا نادر، بس يلا ادي الله وادي حكمته
- يلا ربنا يعوضك فيه خير يا فريد
- يارب يا نادر، بقولك عايز منك خدمة هايفة بس معنديش غيرك اثق فيه
- تحت امر معاليك يا باشا، اؤمرني
- في عندي في العمارة جارة سكنت بقالها سنة وكام شهر والمفروض جوزها في الخليج بس مظهرش ولا مرة من ساعة ما سكنت فقلقان يكون مسجون ولا حاجة وانت عارف عادل في سن مراهقة والدنيا مش سالكة حوالين الواحد
- اه طبعا فاهم، لا تحت امرك. اديني اسمها او اي حاجة وانا اكشفلك عنهم
- اسمها أمل وبتشتغل مدرسة فرنساوي في مدرسة الراهبات اللي ناحية الكوربة دي مش فاكر اسمها
- لا تمام عارفها خلاص، متشغلش بالك يا فريد. اديني يومين بس واعرفلك الحوار كله واكلمك.

- تسلم يا نادر، اه بالمناسبة هي من المنصورة اساسا ونزلت القاهرة لما لقت شغل وعندها بنت عمرها تقريبا عشر سنين.
- خلاص تمام، يومين بالظبط يا باشا
- في انتظارك يا حبيبي وأسفين علي ازعاجك.
- مفيش اي ازعاج يا فريد، عيب كدة. سلام يا باشا.
- سلام يا نادر.

أغلق فريد الخط وهو يتساءل ماذا لو اخبره نادر انها مطلقة أو أرملة؟! ماذا هو بفاعل؟ يعلم جيدا أنه لن يستطيع الزواج من امرأة أخري بعد ناهد لتسكن منزله قبل أن يتركه عادل. لن يستطيع الزواج وابنه شاب في أوج مرحلة المراهقة خاصة وأن من أحب لديها ابنة ورثت حسن وبهاء امها كاملا، ابنة مثل امها كالبدر فكيف عساه أن يأتي بهما ليسكنا منزله هو ووحيده الآن؟!!

استيقظ فريد في اليوم التالي مبكرا كعادته وقد جهز افطار عادل الذي تناوله مسرعا ليتوجه بعدها لمدرسته ويترك أباه حائرا في انتظار مكالمة نادر ولا يدري أي جديد سيضيفه ذلك الذي ما لبث أن وجد اسمه علي شاشة هاتفه في غير الموعد المتفق عليه وكأنه هو الآخر عرف ما لم يستطع عليه صبرا.....

#يسرا_عمر

أمل حياتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن