أمل حياتي ٨

59 2 0
                                    

#أمل_حياتي_٨

جلس فريد يشاهد احدي مباريات كرة القدم حتي يعود عادل ليتناولا طعامهما سويا كعادته. أصبحت وحدته أكثر شراسة وإيلاما الآن، فعلي الرغم من ذهابه الي النادي كل صباح مع بعض الأصدقاء القدامي إلا أنه يشعر بافتقاده لونيس حقيقي لأيامه. بدأ اليأس يزحف بداخله من الانتظار، أعوام مضت وهو مكتف بصدفة تجمعهما أمام المصعد أو نظرة يلقيها عليها من شرفته عند خروجها أو عودتها.

يشعر بافتقاده لأمل الآن وهو من ظن أنه قد اعتاد الانتظار، لا يجد بداخله إجابة لسؤال طالما ألح عليه منذ عرف ما عرف من صديقه

" ماذا لو لم تصدق توقعاتك ولم تسعي أمل للطلاق يوما ما من زوجها؟"

يفكر فريد بكل احتمال ممكن لحبه لأمل ولكن لا إجابة لديه لهذا السؤال، يعرف ماذا عليه أن يفعل إن هي ترددت في الارتباط به بعد أن يبوح لها بما في قلبه يوما ما. يعلم جيدا كيف سيواجه ابنه أن هو رفض زواجه منها، حتي أنه قد أعد ما سيقول ليقنع ابنتها أن هي قاومت قرارها بالزواج منه. وضع فريد خطته وبدائلها وهاهو جالس ينتظر وقت التنفيذ منذ سنين وآخر أمل له أن تكون حبيبته تنتظر أن تتزوج ابنتها حتي توثق ذلك الانفصال الذي دام طويلا.

ظن فريد يوم نجحت رغدة بالثانوية العامة بتفوق أن أمل قد تطلب الطلاق بعدها وان تكون تلك هي المرحلة التي كانت تنتظر تجاوزها ولكن ما لبث أن اصابته خيبة أمل عندما بدأ العام الدراسي التالي دون أية تطورات في حياة مالكة قلبه وروحه. هاهي رغدة علي وشك بداية عامها الدراسي الأخير وحياة أمل كما هي منذ بعثها القدر لتسكن جواره قبل وتسكن قلبه. أصابه اليأس مرات عديدة ولكنه كان يقاومه بالدعاء، كان دائم الدعاء أن يجمعه الله بها إن كان خيرا له ولها. يشهد الله أنه لم يحاول التحدث معها ابدا ولا سعي لهدم بيت او أسرة ولكن لا سلطان لنا علي قلوبنا فساكنيها يأتون كالمحتل الغاصب الذي يدخل المدن عنوة ليستوطن بها حتي وان رفض اهلها.

تنهد فريد وهو يعتدل في مقعده قائلا ( يارب ) ليفاجأ بعادل يكمل من خلفه

- يطولي في عمرك يا حبيبي

انتفض فريد في مقعده وهو يستدير ليبتسم قائلا

- انت جيت امتي يا بني
- لسه داخل حالا بس تقريبا الحكم واكل عقلك خالص يا سيادة اللواء مسمعتنيش
- حكم يا مجرم

ضحك فريد عاليا ليضحك عادل علي إصرار أبيه في نعته ب ( مجرم ) كما اعتاد عندما يمازحه منذ أن كان طفلا

- سرحان في ايه يا بابا؟ بقلق انا منك لما تركز كدة
- هكون سرحان في ايه يا عادل تفتكر، فيك طبعا هو أنا عندي مين تاني أفكر فيه
- خير ؟ بتفكر فيا ليه؟ استر ياللي بتستر

- لا جوعتني بس ، هكون بفكر في ايه يا خي؟ كنت بقول الواد ده تلاقيه مع حاجة كدة ولا كدة ومفهمني أنه رئيس مجلس إدارة الشركة وطالع عينه شغل
- أنا؟؟ والله ابدا كنت في الشغل فعلا ويوم ما يكون في حاجة كدة ولا كدة هخرجك معانا ماتخفش
- يا فاهمني انت
- تربيتك يا فريد باشا

ربت فريد علي كتف ولده قبل ان يبتسم ويدعو له بالتوفيق وراحة البال لينهض بعدها عادل قائلا

- هغير هدومي وناكل علي طول
- خلاص تمام وانا هحضر الاكل
- هغير واحصلك علي المطبخ حالا يا بابا

أغلق عادل باب غرفته خلفه قبل أن يمسك هاتفه ليقرأ رسالتها التي ارسلتها له هذا الصباح للمرة العاشرة ويبتسم، فهي المرة الأولي التي ترسل له ( بحبك ) هكذا بوضوح.

وضع عادل الهاتف جانبها وبدل ملابسه وما أن فتح باب غرفته ليخرج حتي عاد سريعا ليرسل لها

( أنا في البيت يا رغدة وبحبك )
أرسل عادل رسالته ووضع الهاتف علي مكتبه قبل أن يذهب لأخذ حمام دافئ حتي ينتهي أباه من اعداد الطعام.

وقف فريد يبحث عن ملح بمطبخه ولكنه اكتشف انه قد نسي شرائه وهو عائد من النادي هذا الصباح فأخذ يبحث عن هاتفه الذي وجده وقد فرغت بطاريته وكعادته دائما لا يهتم بوضعه علي الشاحن ابدا. دخل فريد حجرة عادل ليطلب السوبر ماركت من هاتفه ولكنه ما أن فتحه حتي رأي تلك الرسالة التي أرسلها عادل لحبيبته منذ دقائق والتي سبقتها رسالتها له ليفهم منهما أن ولده غارقا في حب ابنة من غرق هو في هواها.

طلب فريد الملح وأعاد الهاتف مكانه بحجرة عادل قبل أن يتوجه ليجلس بالشرفة شاردا فيما عرف لتوه، وحيده وابنتها غارقان في الحب وهما لا يعلمان ولكن لماذا؟ فعادل تخرج في الجامعة منذ سنوات ويعمل بشركة من كبري الشركات بمرتب مجز ولديه كل مقومات الزواج وهي علي وشك بداية آخر عام دراسي لها فلما السرية؟ ولما لم يسعي عادل ليتقدم لخطبتها  أن كان حقا يحبها كل هذا الحب الذي وضح بشدة برسائله لها. شعر فريد بغصة في قلبه من أن يكون أول ما يجمعه بأمل هو عدم معرفتهما بتلك العلاقة التي جمعت بين عادل ورغدة.

اندهش فريد وهو يجد نفسه متألما من أجلها لا من أجله هو، لا يدري كيف كانت لتشعر أن هي كانت من رأي تلك الرسائل لتكتشف كذب ابنتها عليها بعد كل ما عانته وكل ما مرت به من أجلها؟ لم يكن يتخيل يوما أن يكون ابنه أو ابنتها سببا في إيلامها فقد تألمت محبوبته بما يكفي.

انتهي عادل من حمامه الدافئ وخرج يبحث عن أبيه ليجده علي غير المتوقع جالسا بالشرفة شاردا.

- مش هناكل ولا ايه؟
قالها عادل ممازحا في محاولة منه لفهم ما يحدث ف فريد الذي يجلس أمامه الآن ليس هو من تركه منذ دقائق ليبدل ثيابه.
- مالك يا بابا مش بترد عليا ليه؟ انت تعبان ولا حاجة؟ في حاجة وجعاك طيب طمني
لينظر له فريد مباشرة في عينيه ويسأله

- أنت بتكلم رغدة بنت طنط أمل من أمتي يا عادل؟

#يسرا_عمر

أمل حياتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن