اذكروا الله يا جماعة الخير 💙🌴..
" الفصل العشرين.."
"لم يكن يعلم أن نهاية الدرب حفرة من الجحيم.. سقط بها رغماً عنه واحترق القلب ببطء شديد كما أنه أصبح جسد بلا روح.. وبالأخير فقد قلبة أيضاً.."
تلك العيون الزرقاء التي لم تعد ترى شيئًا سوى الفتاة التي عشقتها من النظرة الأولى.. عشقت كل تفصيله في ملامحها حتى نبرة صوتها لها سحر خاص تستمع أذنيه بها..
مضت عدة أيام ولا زال على هذا الوضع لا يتحدث ولا يود أن ينظر إلى أحد.. يأتي الطبيب ليعطي له العلاج الذي لا يؤثر بالتأكيد لأن علاجه الوحيد ملك التي امتلكت قلبة امتلاك كامل وسلمه إليها بكامل إرادته.. أهو نادم الأن؟! بتأكيد لا فإذا عادت الأيام من جديد سيعطي لها قلبة وحياته لم يندم قط على عشق فاتنته..
وقف يوسف إلى جوار الفراش واضعًا يده على كتفه بهدوء وانتظر أن يدير مقلتيه ناحيته لكن لم يفعل وأغلق عيناه.. ثم فتحهما ناظرًا إلى الباب ينتظر دخولها عليه لكنه انتظر إلى دقائق طويلة وخاب أمله مثل المرات القادمة..
رفع يده عن كتفه وضعها على شعره ومسح عليه برفق فرفع مقلتيه ببطء إلى شقيقه ابتسم الأخير إليه وهمس بنبرة اشتياق :
-وحشتني
-وأنت كمان وحشتني
طبع قبلة طويله على جبينه وشعر بالسعادة الكبيرة بمجرد أن استمع إلى صوته.. ثم تركه وخرج على وجه السرعة كي يخبر والدته رفع الأخير جذعه عن الفراش ووضع خلفه وسادة صغيرة واراح ظهره عليها..
دخلت دكتور فاطمة تركض إليه وجلست على حافة الفراش تحتضنه بشدة وقبلته عدة قبلات على وجنته ثم ابتعدت عنه واحتضنت وجنتيه براحتي يديها :
-طمني عليك
-أنا بخير الحمد لله
قبلته على جانب رأسه وضمته إليها من جديد في حين أخبر يوسف والده وأشقائه ثم اقترب نحوه وجلس إلى جواره..
بعد مدة من الزمن دخل الطبيب يتفقد حالته جيدًا ثم ربت على كتفه وقال مبتسمًا :
-بإذن الله مش هتخرج من هنا غير وانت عامل العميلة وبصحة جيدة.. وبالنسبة لآخر امتحان فدكتور أحمد كلم عميد الكلية ووافق تتمحنها هنا.. بالتوفيق يا بطل
ثم غادر الطبيب وقال يوسف مبتسمًا :
-وأنا جبت لك الكتب والملخصات
***
" بعد مضي عدة أيام ليست قليلة.."
بعد أسبوع من نجاح العملية عاد إلى المنزل بسلام.. لكن أصابه الانهيار العصبي من جديد واتصل والده على الطبيب النفسي ليأتي على الفور وتفقد حالته جيدًا.. ثم خرج من الغرفة يطمئنهم على حالته وأعطى له ورقة العلاج قائلاً :
-دي مهدئات ضروري ياخدها بانتظام
أومأ بتفهم وأوصله إلى الخارج في حين دخلت والدته ورأت يوسف يمشط له شعره برفق ثم وقفت إلى جوار الفراش ومسكت بيد سيف.. بينما وضع يوسف الفرشاة أعلى المنضدة المجاورة إلى الفراش وتساءل :
-تحب أقص لك شعرك شويه؟
أومأ بالنفي بينما قالت والدته بنبرة حزينة :
-طمني عليك
وضع يده الأخرى على يدها الممسكة بيده وقال بهدوء :
-أنا بخير يا أمي
دخل والده مغلقاً الباب خلفه وتقدم نحوه وهو يقول مداعبًا :
-أيه يا سيف الدين كل يوم والتاني تقلقنا عليك كده
-أنا بخير جدا يا بابا.. وهبقى بخير أكتر لما أسافر
-أنت برضه مصمم على السفر يا سيف
قالت والدته كلماتها بحنق شديد ليرد عليها بجدية :
-ماما أنا أصلا طول عمري عايش في أمريكا مش جديدة عليا.. والدكتور اللي كان بيتابع حالتي هناك هتابع معا تاني
-حاضر يا سيف هجهز لك كل حاجة وفي خلال أسبوع هتسافر
-شكراً يا بابا ربنا يخليك ليا
***
" شقة حسين.. "
-أبوكي مستحيل يأجل الفرح تاني
قالت محاَولة إقناعها :
-لحد ما الترم التاني يخلص بس وبعد كده مستعدة للجواز
-ملك المرة اللي فاتت كنا خلاص جهزنا كل حاجة وطبعنا الكروت وقولتي نأجل لحد اخر امتحان وقولنا ماشي لكن اكتر من كده لاء.. وخلاص كتب الكتاب بكره
نفخت في شدقيها بنفاذ صبر بينما خرجت ليلي مغلقة الباب خلفها.. وتذكرت عندما اختبرت خطيبها وقالت له انها لا تريد أن تكمل معه فأخبر والدها والذي وبخها بشدة وهددها إذا تركته سيخرجها من التعليم..
هبطت دموعها على وجنتيها عندما تذكرت قسوته عليها وشعرت بغصة في قلبها.. لكنها لم تستلم لذلك الزواج الذي يتم من أجل المال فقط وكأنها سلعة.. بل السلع يعطون لها قيمة أكثر منها بمراحل..
تذكرت شيئًا أعطى لها أمل كبير في الأيام القادمة.. مسحت دموعها وتركت الفراش وقامت بتبديل ثيابها وخرجت بعد أن استأذنت من والدتها لشراء بعض الأغراض
وصلت إلى وجهتها و وقفت تدق باب المنزل وهي تلتفت حولها.. فتحت الباب فتاة صغيرة فتساءلت عن والدها لتخرج وتشير إلى درج مجاور إلى المنزل تصعد عليه حيث تجد غرفة المكتب.. تقدمت لها بالشكر ثم اتجهت صوب الدرج وصعدت ومن ثم وقفت تدق الباب..
دخلت بعد أن أذن بالدخول وأغلقت الباب ثم تقدمت نحوه و وقفت أمام المكتب وتساءلت عن اسمه بالكامل كي تتأكد أنه هو المأذون الذي سيكتب كتب كتابها غدا وبالفعل تأكدت من هويته..
جلست على المقعد المجاور إلى المكتب وقالت بنبرة ضيق :
-أنا العروسة اللي المفروض تكتب كتابها.. وكتب الكتاب ده شرط برضى الطرفين
-طبعًا يا بنتي
-طيب ولو فيه طرف مغصوب على الجواز؟
رد عليها بجدية :
-يبقى لا يجوز.. وأنا يا بنتي قبل كتب الكتاب لازم أخد رأي الطرفين
تجمعت الدموع حول مقلتيها في لحظة وقالت بنبرة ترجي :
-أنا مش موافقة على الجواز.. بابا هددني لو رفضت اجوزه هيحرمني من التعليم
-طيب ايه سبب الرفض؟
ابتلعت لعابها بصوت مسموع وردت عليه بوضوح :
-سببين.. السبب الاول اني متعلقة بواحد تاني والحب ده مش بأيدي..
هبطت دموعها على وجنتيها بغزارة وتابعت بنبرة مؤلمه حاده تخرج مع كل شهقة تفلت من بين شفتيها :
-والسبب التاني ان بابا باعني لمازن بالفلوس.. خلاني رخيصة جدًا قدامهم.. اول ما أتقدم وعرف انه مش هيغرم حاجة في الجوازه غير شنطة هدومي وافق..
مسحت على أنفها بمنديل وابتلعت لعابها الممزوج بالدموع وهدأت من نفسها وتابعت :
-كنت مستنيه بابا يرفض ويقول لاء أنا بنتي أجهزها على عيني وانتوا تجيبوا بس اللي عليكم.. لما واجهت بابا بالكلام ده قالي دي عادات قديمة والعريس ده فرصة.. وكمان مازن أنا مش مرتاحة له.. وخايفة أظلمه معايا
-طيب اهدي وانا هكلم مع والدك
تحدثت بهلع :
-لاء أرجوك.. مش هيسمع لحضرتك وممكن يمد أيده عليا وببساطة هيطلب مأذون تاني
-طيب أيه المطلوب مني؟!
-حضرتك أملي الوحيد بعد ربنا.. فبطلب من حضرتك تتكلم مع مازن تكتب الكتاب لكن الجواز على الورق بس ونعيش مع بعض زي الأخوات.. وبعد كده نخترع أي خلاف كبير ونطلق
أومأ بالنفي وقال بجدية :
-بس ده لا يجوز
-والجواز بالغصب لا يجوز وميرضيش ربنا.. أرجوك ما تتخلاش عني
-حاضر بس بشرط.. لو خطيبك وافق
أومأت بالإيجاب وقدمت له الشكر بامتنان فقد أعطى لها أمل جديد
***
" مساء اليوم التالي.. "
" أعلم أن ما فعلته خطأ كبير.. لكن ما فعله والدي خطأ أكبر.. كيف هونت عليه لتلك الدرجة البشعة.. كيف له أن يبعني بأرخص ثمن.."
قطعت والدتها حبل الحديث النفسي عندما دخلت وطلبت منها أن ترتدي الفستان كي تكون جاهزة لاستقبالهم ثم خرجت مغلقة الباب خلفها.. تنهدت بعمق واغمضت عيناها ثم تركت الفراش ووقفت أمام خزانة الثياب وأخرجت الفستان.. نظرت إليه إلى لحظات ثم بدلت ثيابها به ووقفت أمام المرآة تنظر إلى انعكاسها.. الفستان مجسم لونه رصاصي كما أنه يتميز بوردة ذات بدلتين فقط تقع على جانب خصرها.. ثم بدأت تمشط شعرها بسأم..
دق الباب فأذنت بالدخول لتدخل ندى مغلقة الباب خلفها.. التفتت بلهفة عندما رأتها في المرآة وركضت إليها كي تحتضنها بشدة لتبادلها الأخيرة بالعناق القوي معبره لها عن مدى اشتياقها لها وبادلتها ملك بذات الاشتياق بل وأكثر..
ثم ابتعدت ندى عنها وأخذت تتفحصها من قدميها إلى رأسها لترى كم هي نحيفة ولم تعد ملك التي كانت تعرفها من قبل.. وهمت أن تتحدث لكن تحدثت الأخيرة في توجس :
-خايفة يرفض
مسحت على جانب شعرها برفق :
-بإذن الله يوافق لأنه أكيد ما يقبلش يعيش مع واحده مش بتحبه
-يا رب
مسكت بيدها واتجهت صوب المرآة وطلبت منها أن تجلس على المقعد لتنفذ طلبها.. تناولت الفرشاة وبدأت تمشط شعرها ومن ثم أنهته بشكل رائع يليق بفتاة رقيقة مثلها..
بعد دقائق دخلت كلا من نورا وميادة الغرفة سلمت ندى عليهما.. ثم احتضنت نورا صديقتها الحزينة تبارك لها على الزواج.. ثم ابتعدت عنها لتحتضنها ميادة تواسيها بذلك العناق القوي دون أن تبارك لها لكونها تعلم كم هي حزينة..
وقفت ليلي أمام الباب وقالت مبتسمة :
-المأذون عايز يتكلم معاكي
نظرت إلى ندى في توجس لكونها الوحيدة التي تعلم بالحقيقة.. وطمأنتها ندى بنظراتها لتغادر الغرفة بهدوء واستقبلت التهنئة من الجميع حتى دلفت إلى غرفة الصالون وجلست على المقعد المقابل إلى مقعد مازن والذي يبدو عليه التذمر والغضب الشديد..
أمر المأذون والدتها أن تغادر بالفعل نفذت رغبته وخرجت مغلقة الباب خلفها بهدوء انتقل ببصره بينهم وهو يقول بجدية :
-أنا فهمت مازن على كل حاجة.. ووافق يوقف جانبك..
رفعت رأسها إليه بلهفة تتنهد بهدوء وكأن روحها عادت إلى بدنها حيث تابع الشيخ :
-خدوا عهد علي نفسكم تعيشوا مع بعض تحت سقف واحد زي الأخوات
تعهد مازن أولا ثم ملك وطلب منهم أن يمضوا على ورقة التعهد وبالفعل نفذوا رغبته.. ثم خرجت ملك من الغرفة وركضت إلى ندى كي تخبرها.. وبعد دقائق ليست قليلة تم كتب الكتاب
***
" بعد مضي عدة أيام ليست قليلة.. "
فتحت ندى باب غرفة المكتب التي قامت بشرائه في الفترة الأخيرة وقد تم تجهيزه اليوم.. دخل يوسف بعد أن أضأت المصباح الكبير حاملا باقة ورد بيضاء.. أخذ ينظر حوله بإعجاب شديد وقال مبتسمًا :
-مبروك يا روحي
-الله يبايك فيك.. عقبال مكتبك يا باش مهندس
مد يده بباقة الورد فأخذتها واستنشقت عطرها وهي تهمهم رفع هو أحد حاجبيه متعجبًا :
-على فكرة ده ورد مش شوكولاتة
ضربته على كتفه بخفة :
-الـ امممم دي مش لازم على الاكل بس يا بايخ
لاحت ابتسامة جانبية على ثغرة ثم مسك بيدها واتجها صوب الاريكة وجلسوا عليها.. تحدث بإعجاب شديد :
-ألوانه متناسقة ورقيقة زيك.. ذوقك يجنن في كل حاجة
احتضنت الورد تتنهد بعمق قائلة :
-ذوقي يجنن عشان حبيتك..
رفع حاجبيه بمرح واتسعت ابتسامتها ثم تحدثت :
-سيف كلمني وبايك لي.. هو أحسن دلوقت؟
شعر بالحزن لكنه لم يوضح لها وقال بهدوء :
-الحمد لله أحسن كتير
أومأت بالإيجاب ثم تأملت عيناه وقالت بمشاكسة :
-عيونك حلوه النهايدة
-طبيعي عشان بتحبك ومش شايفة غيرك
- أيه اليد " الرد.. " الجاهز ده.. و شاعي كمان
تأمل تلك العيون التي تشبه الطبيعة وخضراء كأوراق الشجر الزاهية وتحدث بنبرة حب :
-ازاي ما اقول شعر والجمال ده كله قدامي.. لدغتك عايزة قلب لوحدها يعشقها.. أعمل إيه بقى في عيونك وشفايفك الوردية.. أنا كل ما أبص في عيونك بثق في نفسي أكتر
هبط بمقلتيه إلى شفتيها قاصدًا إظهار حمرة الخجل على وجنتيها وبالفعل نجح في ذلك ليبتسم ابتسامة عشق واضحة في عينيه.. تركت الورد أعلى المنضدة ونهضت متجه نحو المكتب وهي تقول بنبرة خجل :
-أنا مش قد الكلام ده.. وبعدين أنت جاي تعطلني عن شغلي ولا ايه
وقفت تتصنع بأنها ترتب الدفاتر أعلى المكتب في حين رفع يوسف قدمه اليمين إلى الاريكة مستندًا بظهره إلى يد الاريكة وقال بجدية :
-أنا هقعد اتفرج عليكِ وأنتِ بتشتغلي بدون صوت
التفتت برأسها تنظر إليه بابتسامة واسعة ثم نظرت إلى الأمام مجددًا وتنهدت بعمق تهنيده تعبر عن مدى عشقها له وتأثير كلماته العذبة عليها
***
أصبحت الغرفة جزءًا منها تجلس على الفراش وتضم قدميها إلى صدرها كعادتها.. أصبحت نحيفة لدرجة كبيرة وأهملت شعرها الذي أصبح خشن وتكاسرت خصله..
تركت الفراش بذلك البدن النحيف الهزيل وفتحت نافذة الغرفة كي ترى الشمس ورفعت رأسها إلى السماء وأغمضت عيناها..
-يا رب ساعدني.. الحب ده مش بأيدي بس غلط مني عشان سيبت قلبي يحبه لحد ما أدمنه.. يا رب سامحني و عوضني
فتحت عيناها الممتلئة بالدموع بلهفة على صوت جرس الباب مسحت دموعها وتناولت عباءة مفتوحة كي ترتديها وهي متجه نحو الباب.. اغلقتها على البيجامة البيتي وفتحت الباب وتفاجأت بمايا وحملقت بها في دهشة بينما ابتسمت الأخيرة ببرود :
-مش هتقولي لي اتفضلي
لوت ثغرها بضجر وهي تتنحى جانبًا ودخلت تنظر حولها.. أغلقت الباب واشارت إلى الداخل وهي تسير أمامها وجلسوا داخل غرفة المعيشة.. تساءلت بعدم قبول :
-تشربي أيه؟
-ولا حاجه.. انا بس جايه أشوفك..
جلست على المقعد المجاور إلى لأريكة بعد أن خلعت العباءة ونظرت إلى الأمام في صمت.. بينما تأملتها مايا بتمعن لترى كم هي تغيرت تمامًا ولم تعد ملك التي كانت تعرفها من قبل..
-خسيتي خالص يا ملك و اتغيرتي
أدارت رأسها ناحيتها وردت ببرود :
-عادي الزمن بيغير
أومأت بتفهم ثم وضعت قدم فوق الأخرى وقالت بلؤم :
-زعلانه منك خالص عشان ما عزمتنيش على الفرح
-ما عملناش فرح
-في ناس كتير مش بتعمل فرح عادي.. المهم انا جيت أبارك لك..
ثم فتحت سحابة الحقيبة وأخذت علبة هداية متوسطة الحجم أخرجت منها زجاجة عطر مظهرها رائع وقيمة ومدت يدها بها قائلة :
-هدية جوازك..
ابتسمت بمجاملة وأخذت زجاجة العطر من يدها وضعتها أعلى المنضدة.. بينما أخرجت مايا علبة قطيفة متوسطة الحجم وقامت بفتحها واعطتها إلى ملك التي أخذتها وتطلعت إلى تلك القلادة الفضية حورية بحر على شكل حرف الـ S".. " ثم وضعتها على المنضدة متمتمه بالشكر وقالت مايا بلؤم كبير :
-السلسة هدية من سيف الراوي
نظرت إليها بلهفة وحدقت بها في دهشة :
-و سيف عرف أني مجوزة؟!
أومأت بالإيجاب ببرود شديد وقالت بذات اللؤم :
-كنت بكلمة قبل ما اجي لك وقالي اشتري حاجة على ذوقك قدميها لملك..
ثم أردفت :
-هو أصلا سافر امريكا يكمل دراسته هناك وأنا هسافر له النها ردة
قبضت قبضتها بقوة متحكمة في أعصابها بصعوبة حتى شعرت وكأن قلبها سيشق ضلوعها ويخرج.. ابتسمت بخبث واستأذنت منها كي تلحق بالطائرة همت أن تنهض لكن منعتها بحديثها البارد :
-خليكي أنا عارفه مكان الباب.. باي باي
ثم خرجت من الغرفة متجه صوب الباب وابتسامة خبيثة عبثت على ثغرها.. وقفت تمسك بمقبض الباب وتنهدت بأريحية ثم فتحت الباب وخرجت مغلقة إياه خلفها..
انفجرت بالبكاء بمجرد أن استمعت إلى صوت إغلاق الباب وأخذت تتأوه بأعلى طبقات صوتها ثم تناولت زجاجة العطر وقذفت بها في الحائط لتنكسر إلى قطع صغيرة.. ثم تناولت السلسلة تنظر إليها بنظرة قهر..
نهضت متجه صوب غرفتها بجسد يترنح ودخلت مغلقة الباب خلفها ثم وقفت أمام خزانة الثياب وفتحتها لتأخذ معطف سيف الذي حافظت عليه.. احتضنته بشدة وجلست على الأرض تبكي حتى تمزقت أوردتها..
بعد دقائق ليست قليلة هدأت تدريجياً وتتأوه بصوت منخفض واضعة يدها على صدرها.. ثم نهضت ولا زالت محافظة على التصاق ظهرها بالخزانة.. وضعت السلسلة في جيب المعطف ووضعته داخل الخزانة كما كان..
اتجهت صوب الفراش وجلست على الحافة وتناولت الهاتف كي تتصل على ندى وقصت عليها ما حدث بنبرة ضيق وقهر.. هدأتها و وعدتها بمقابلتها غدًا
***
" مساء اليوم.. "
وضعت أطباق الطعام على المائدة بانتظام.. ثم جلست على المقعد تنظر إلى الفراغ في شرود في حين جاء مازن وجلس على المقعد المقابل لها وتساءل بحنق :
-الأكل ده من بره؟!
فاقت من شرودها ورفعت عيناها المرهقة إليه وردت بصوت مبحوح :
-لاء.. ماما اللي عملته
-اتعلمي تعملي أكل بقى.. عشان مش هتحمل الوضع ده كتير
قال كلماته بتذمر شديد وتحدثت هي بنفاذ صبر :
-أنت عارف اني لسه بدرس ومركزة في دراستي.. وبعدين احنا عدينا الشهرين ممكن بقى نطلق
ابتلع الطعام وأومأ بالنفي وهو يقول ببرود :
-لاء مش هطلقك
-أحنا مش أتفقنا نعيش زي الأخوات.. ترضاها على اختك
اندفع بحده :
-لو اختي عملت اللي عملتيه كنت قتلتها.. وعايزه بقى تطلقي عشان تجوزي حبيب القلب..
حملقت به في دهشة ليبتسم بخفة وقال بتأكيد :
-قرأت اسمه على الكتاب بتاعك.. يا قلب سيف
تنهدت بهدوء وتحدثت بوضوح :
-أنا ماعرفش حاجة عنه ولا شوفته ولا كلمته من آخر يوم في الثانوية
جز على أسنانه وقال بغيظ شديد :
-مش هطلقك وخليكِ كده ولا مجوزة ولا مطلقة
نهضت عن المقعد واندفعت بنبرة بكاء :
-اعمل اللي يرضي ضميرك.. بس أنا اجوزتك غصب عني وياما قولت لك مش عايزه أكمل معاك تروح تقول لبابا وبابا يهددني لو ما بقتش لطيفة معاك هيحرمني من التعليم
ثم تركته وغادرت إلى غرفتها تختبئ داخلها بعد دقائق انتهى من الطعام واتجه صوب المرحاض ودخل يغسل يداه.. ثم وقف يفكر إلى لحظات ليجد نفسه يتقدم صوب غرفتها ودخل دون أن يدق الباب.. نظرت إليه بلهفة ثم نهضت عن الفراش ووقفت في مواجهته وقالت في دهشة :
-ازاي تدخل من غير ما تخبط
تقدم نحوها وهو يتفرس ملامحها وقال بجدية :
-عشان أنتِ مراتي
ابتلعت لعابها وتراجعت إلى الخلف حتى اصطدمت في المكتب.. وقف أمامها مباشرةً ثم قبض على مرفقيها واحتضنها بعنف وضعت هي يديها على صدره محاوله إبعاده وهي تقول بنبرة عنيفة :
-أبعد عني يا مازن
أحاط خصرها بيديه بشدة وقال بحده :
-أنتِ مراتي غصب عنك
أخذ يقبلها على عنقها وهي تقاومه بكل ما فيها من قوة وتصرخ وتترجى أن يبتعد عنها لكنه لم يستمع إليها.. شعرت بالدوران المفاجئ وفي لحظة أغشيا عليها ليتوقف عندما شعر بعدم المقاومة منها وأخذ يناديها لكنها لم تجيب.. حملها على ذراعيه ووضعها على الفراش برفق وربت على وجنتها بلهفة قلق لكنها لا تستجيب..
ترك المنزل وخرج على وجه السرعة ليعود بعد نصف ساعة تقريباً ومعه الطبيبة.. دخلت الغرفة تتفقد حالتها جيدًا ثم خرجت ليسأل عن حالتها في توجس لتقول :
-لازم تروح المستشفى تعمل تحاليل كاملة ونطمن عليها اكتر..
ثم أعطت له ورقة العلاج متابعة :
-دي مقومات تاخدها بانتظام وتتغذى كويس جدا
تمتم بالشكر ثم ذهب معها ووقف حتى غادرت ثم دخل إلى الصيدلية لشراء العلاج وعاد إلى المنزل.. ومن ثم دخل الغرفة وضع العلاج أعلى المنضدة المجاورة إلى الفراش ووقف ينظر إليها بشفقة ثم خرج مغلقًا الباب خلفه.. هبطت دموعها على وجنتيها فالبكاء لم يتركها حتى وهي نائمة
***يتبعرايكم يهمني جدا بحبكن دومتم بخير ❤❤❤❤..
أنت تقرأ
عشق الدراسة الجزء الأول منـ" سلسلة عشق منذ الدراسة " سمر عمر..
Romanceممنوع النقل أو الاقتباس ..الرواية حقوق النشر محفوظة ✋✋ .. الحب الحقيقي والصادق لن يؤثر عليه الفراق ..بل يزداد الحب أكثر بفضل الاشتياق ويبقى في القلب حتى موعد اللقاء .. اخر لقاء بينهم ليس وداع بل بداية عشقهم .. كبريائه منعه أن يعترف بعشقه لها وعندما...