" الفصل الرابع🌹.. "

657 29 6
                                    

" الفصل الرابع.."

" ماذا لو كان بإمكاننا أن نعود إلى الزمن للوراء؟!.. الذي عشق من طرف واحد لكان توقف عن ذلك العشق المؤلم.. ومن قال شيئاً دون وعي لكان سحب كلماته.. ومن لم يعترف بما يشعر به اتجاه الآخر لكان أعترف بعشقه له.. لكانت تبدلت أحوالنا إلى أفضل حال وأصبحنا بجوار من نحب للأبد.. لكن المؤلم نتمنى اشياء لن تحدث قط.. فما مضى علينا لم ولن نستطيع تغيره.. "

كانت تسير في الردهة ببطء تحدق في الأرض في ذهول وتوبخ نفسها على ما هتفت به للتو.. صفعت نفسها من الداخل و وقفت أمام باب الغرفة تجز أسنانها وصدرها يعلوا ويهبط في توتر شديد.. ثم فتحت الباب ودخلت مغلقة إياه بظهرها مغمضة العينين لتنظر ميادة إليها في تساؤل بملامح وجهها.. بعد لحظات فتحت عيناها وهتفت بصوت منخفض :
-أنا اتغبيت يا ميادة
-لاء قربي مش سمعاكِ
تقدمت نحو الفراش وجلست على حافته أمامها وقصت عليها ما حدث لتضربها على جانب رأسها توبخها بحده :
-عقلك كان فين ؟! وازاي يا ندى تحبيه اصلا..
أطرقت رأسها تومئ بالنفي على أنها لا تعلم كيف وقعت في حبه فيما تابعت ميادة بنبرة حادة خوفاً عليها ليس إلا :
-والدك جابك هنا مش عشان تحبي.. ده لو عرف ممكن يأذيكي
أغمضت عينيها بقوة لتهبط دموعها على وجنتيها وتحدثت بنبرة ضيق :
-ميادة أنا خايفة من بابا واخواتي مش عايزه ايجع البيت " ارجع "
اقتربت منها أكثر واحتضنتها فتشبثت بها وتعالت شهقات بكائها ثم تحدثت بنبرة ترجي :
-مش طايقة اسمع سيرتهم ايجوكي " ارجوكِ "
قبلتها على جانب رأسها ثم مسحت على ظهرها بحنان قائلة :
-حاضر أنا اسفه متزعليش
بعد لحظات ابتعدت عنها تمسح دموعها بكلتا يديها و قالت بتوجس :
-خايفة يكون يوسف مش بيحبني
تنحنحت بخفية وقالت ببساطة :
-لو مبيحبكيش هيقولك وترجعوا أصحاب تاني
تحجرت الدموع داخل عينيها وقالت في توتر شديد :
-لاء مستحيل أقابله تاني بعد اللي قولته ده
ابتسمت ابتسامة خفيفة ومسحت على ذراعها قائلة :
-لو بيحبك اكيد هيعمل المستحيل عشان يقابلك تاني
***
وصل شقيقها إلى المدرسة كي يطمئن عليها ..احتضنها بشدة ثم أخذته وجلسوا على المقعد وبعد تبادل السلام بينهم وضع يديها بين راحتي يديه وقال بهدوء :
-أنا أسف متزعليش مني يا كوكو أنا كنت خايف عليكِ
ردت بنبرة رقيقة كعادتها :
-ولا يهمك يا مالك أنا غلطت لم خرجت
قبلها على جانب رأسها بحنان وأخذ يتحدث معها عن حياتها هنا والدراسة باهتمام واضح وهي أيضا اهتمت لمعرفة حياته الجامعية.. بعد الانتهاء من الحديث سأل عن نورا فـ عقدت ذراعيها وقد رفعت أحد حاجبيها بمكر متسائلة :
-وبتسأل عن نورا ليه بقى ؟!
ليضربها على رأسها بخفة فـ رفعت كتفيها قليلا وضحكت ضحكة خفيفة وهو يقول :
-بطلي غلبة.. أنا بسأل عشان مش شايفها معاكي
رفعت حاجبيها بمرح محاولة أن تصدقه ثم أخرجت الهاتف من جيب سروالها واتصلت على نورا التي أجابت عليها بعد لحظات لتطلب منها أن تأتي.. ثم أنهت معها المكالمة ونظرت إلى شقيقها وغمزت بمشاكسة قائلة :
-أفرح أعم نور زمانها على وصول
نظر إلى الأمام يضرب كف على كف ثم ادار رأسه ناحيتها وقال بابتسامة :
-بطلي شقاوة قولت لك بسأل عادي مش اكتر
حركت رأسها مع غامزة واضحة فلكزها بخفه وبعد لحظات جاءت نورا فـ نهض عن المقعد يصافحها ثم جلس إلى جوار ملك من الاتجاه الأخر كي تجلس إلى جوارها.. طال الحديث بينهم عن الدراسة ثم تحدث بجدية :
-اجتهدوا عشان عايز مجموع عالي
-بإذن الله
هكذا تمتمت نورا بينما كانت ملك شاردة بحبيب القلب دائماً ما تفكر به فجأة دون سابق إنذار أو إشارة من عقلها.. لقد استحوذ عليها بالكامل وهي مستسلمة لذلك العشق.. تذكر سيف عندما رآها شارده ليضربها بخفة على ظهر يدها لتفيق من شرودها ناظرة إليه وتساءل دون تردد :
-و زميلك اللي كان معاكي في المول في علمي رياضة ؟
وجدت نفسها تومئ بالإيجاب في صمت فـ لاحت ابتسامة على ثغرة تدل على أنه فهم لِمَ هي أصرت على علمي رياضة مع العلم أنها لا تفضل الرياضة.. بعد نصف ساعة تقريباً ودعمها وغادر المدرسة.. تساءلت نورا باهتمام :
-مرتاحة في الاوضة الجديدة ؟!
أخذت نفسا عميقا وزفرته بهدوء ثم تحدثت بهدوء :
-جدا.. أحسن بكتير من القاعدة مع مايا
-كويس.. طيب وهتخرجي معاهم النهاردة
ردت بلهفة :
-لاء طبعا
ما أن أنهت حديثها شعرت بالحزن وتتمنى ألا يذهب سيف معهم الليلة ثم نهضوا عن المقعد واتجهوا نحو المبنى
***
دلف إلى الغرفة ليجد خالد يلح على سيف أن يخرج معه اليوم لكنه رفض بإصرار ثم دلف إلى المرحاض ليتحمم.. وقف الأخير أمام خالد واضعا يديه في جيبي سرواله وقال بجدية :
-خالد متخرجش.. دول شلة ضايعة
استند بظهره إلى المكتب وقال بحنق :
-بس أنا قولت للاما اني جاي
تحولت ملامحة إلى الهيام وقال بمزاح :
-يا سيدي على الحب والحنية..
ثم أردف بجدية :
-اعترف لها بـ حبك بدل ما انت معذب نفسك كده
-لاء طبعا.. أنا حاسس اني مش في دماغها اصلا
ثم تركه واتجه نحو الفراش وجلس على حافته فـ التفت الأخير على عاقبيه ناظرا إليه ثم تحدث بجدية :
-مش يمكن بتفكر فيك..
رفع رأسه إليه يومئ بالنفي مؤكدًا على أنها لا تفكر به أومأ الأخير بتفهم وبعد لحظات قال بمرح :
-طيب لمح لها و شوف رد فعلها
رفع حاجبيه في تعجب وقال بشك :
-غريب انت النهاردة.. كل مرة كنت أقولك بحبها تقولي بطل شغل المراهقة ده وركز في دراستك أحسن
ابتسم شبه ابتسامة واضعاً يده على شعره من الخلف يداعبه متذكرا كلمة " بحبك.. " التي خرجت من بين شفتي ندى.. فـ هذه الكلمة خطفت روحه قبل قلبه وجمالها في أذنيه لم يستطيع وصفها و يود أن يستمع إلى هذه الكلمة من نبرة صوتها الرقيقة التي لا زالت عالقة في قلبة..

بعد ربع ساعة خرج سيف من المرحاض يجفف شعره بالمنشفة بقوة ثم وضعها جانباً وبدأ يمشط شعره فـ قال خالد مازحًا :
-بدل ما انت تاعب نفسك وتاعب الفوطة معاك كده هات استشوار الشعر
ادار رأسه إليه ناظرا إليه باشمئزاز ثم وضع الفرشاة واتجه صوب فراشة ليجلس عليه وقال باشمئزاز :
-الاستشوار ده للبنات يا خفيف..
جلس يوسف على حافة فراش شقيقه الذي يمسح على شعره من الأمام إلى الخلف متسائلا :
-أي رأيكم يا شباب لو قصيت شعري ؟!
حملق شقيقه به في دهشة فيما قال الأخير ساخرا :
-سيف أنت لو فيه خصله وقعت من شعرك بتعملها عزا وبتشربنا قهوة سادة غصب
-يا خالد هو كده كده هيقص شعره لما يدخل الجيش
مد يده صوب كتف شقيقه ليضربه عليه بقبضته بخفة وهو يقول بثقه :
-مش هدخل الجيش يا استاذ چو
أومأ بخفه بينما تساءل خالد في تعجب :
-ليه مش هتدخل استاذ سيف ؟
تذكر المرض الذي يحمله بقلبه والذي سيمنعه من دخول الجيش لكنه لم يتحدث بهذه السيرة حتى لا يحزن ويحزنهم معه.. تنحنح بخفة مستندا بظهره إلى الفراش واضعا قدم فوق الأخرى بثقة مزاح قائلا :
-عشان أنا نظري ضعيف
ضحك يوسف ساخرا وتساءل :
-ضعيف من امتا يا باش مهندس مقدما ؟!
-انت قولت بنفسك.. باش مهندس.. يعني بإذن الله هذاكر واجتهد فنظري اكيد هيضعف
ضحك الاثنان ضحكة خفيفة فـ طلب من شقيقه أن يغني شيئاً كما يطلب منه كعادته.. هو يعشق صوت شقيقه العذب حقا وعندما يشعر بالضيق يحب أن يستمع إليه.. أخذ يفكر للحظات حتى تذكر اغنية ما تنحنح بخفه وغنى بصوته العذب :
-بأمر الحب.. افتح للهوى وسلم.. بأمر الحب.. أفتح قلبك أتكلم بلاش نهرب.. بلاش نتعب..
كرر أخر جملتين ثانية بصوت عالي مطولا بهما ليوضح صوته أكثر ثم تابع :
-تعال نحب ونسلم بأمر الحب.. بأمر الحب أسمع يا حياة قلبي ندا قلبي.. جاوبني بص لي قرب كمان.. قرب هنا جنبي.. وهات شوقك على شوفي وهات حبك على حبي وأنا وعيونك الحلوة نعيش قصة غرام حلوة.. حرام نسكت على قلوبنا حرام الشوق يدوبنا..

طلب سيف منه أن يتوقف عن الغناء لينظر إليه للحظات من الصمت.. فقد علم لِمَ هو اوقفه عن الغناء لكونه يعلم أن شقيقه واقعاً في حب فتاة لا يود أن يعترف لها وتلك الكلمات كأنها تصفه تماماً ثم تابع الغناء عن قصد :
-بحبك حب محدش قابلنا عرفه ولا صادفه بحبك حب ومش قادر على وصفه ولا شايفه في نظرة شوق في تنهيده في دنيا كلها جديدة
قاطع غناءه بحده :
-يوسف خلاص متغنيش الأغنية دي تاني
تنهد بعمق وهو يومئ بالإيجاب ثم نهض متجه نحو المكتب الخاص به وجلس أمامه يفتح الدفتر كي يراجع ما أخذه.. بينما انشغل خالد ايضا في مراجعة دروسه وضع سيف رأسه على الوسادة ينظر إلى السقف بعمق.. ليجد نفسه يرى وجهها وملامحها الرقيقة فـ وضع يده على قلبه مباشرةً ثم تنهد بعمق وزفر بهدوء ليحرك شفتيه بكلمة " بحبك.. "
***
" في اليوم التالي .."

رأت ملك ظرف أبيض اعلى المنضدة الخاصة بمقعدها جلست وهي تحمل الظرف ناظرة حولها لم تجد أحد ينتبه اليها.. فـ نظرت إلى سيف المنشغل في قراءة شيء ما تنهدت بهدوء ثم فتحت الظرف لتجد خاتم لم ترى مثله من قبل.. يشبه التاج فضي داكن يملك ماسة دائرية في المنتصف.. فحصت الظرف علها تجد شيئا تعلم من خلاله من المرسل لكنها لم تجد سوى ورقة صغيرة تحمل " اتمنى الخاتم يعجبك يا أميرة.. " لكن الكلمات بخط غير منسق بالمرة وكأن المرسل كتب بيده اليسار..

انتبه يوسف من عدم وجود ندى اليوم لينظر إلى الأمام في شرود.. بعد يوم طويل في الدراسة رن الجرس الأخير في جميع انحاء المدرسة ليخرج المعلم وبعض الطلاب بينما ارتدت ملك حقيبتها على كتفها اليمين و نهضت عن المقعد تنظر إلى الظرف في حيرة لتجد نفسها تنظر إلى سيف بشك والذي يلملم اغراضه ومن ثم خرج من الفصل دون أن يعطي لها اهتمام فـ خرجت هي الأخرى..

على الجانب الأخر رأى يوسف ميادة تخرج لحق بها يناديها توقفت عن السير والتفتت إليه وقف امامها يسأل عن ندى أولا لتخبره بانها بخير.. ثم طلب رقم هاتفها لترفع حاجبيها في تعجب قائلة :
-معقول لسه مأخدتش رقهما
-ماجتش فرصة
فتح الهاتف واعطى إليها فـ كتبت الرقم ثم اخذ الهاتف كي يسجل اسمها قائلا :
-يا ريت ندى متعرفش اني اخدت الرقم
تساءلت بفضول :
-ليه بقى ؟!
وضع الهاتف في جيب سرواله و رد ببساطة :
-عشان ترد عليا
ثم تمتم بالشكر على الرقم وغادر فحركت رأسها بخفة قائلة :
-لاء ذكي.. ما هو مبيطلعش الأول من الفراغ..
***
وقفت ندى أمام النافذة مستنده بوجنتها على قبضة يدها ناظرة إلى السماء توبخ نفسها من الداخل على اعترافها بحبها بهذه الطريقة الحمقاء..

بينما خرجت ملك من المرحاض بعد أن أخذت حمامًا دافئًا و وقفت تمشط شعرها ورفعته كذيل حصان.. ثم جلست على حافة الفراش وأخرجت الظرف من الحقيبة لتأخذ الخاتم تنظر إليه للحظات من التفكير حتى زفرت بسأم رافعه قدميها على الفراش ثم فتحت اول درج من المنضدة الصغيرة المجاورة إلى فراشها لتضع الخاتم وأخذت سلسلة تحمل حرف " S .. " وأطبقت شفتيها على الحرف ثم وضعتها حول عنقها..

دخلت ميادة مغلقة الباب خلفها وضعت الحقيبة أعلى المكتب ثم جلست على المقعد تنتقل ببصرها بين كلا من ندى وملك ثم ابتسمت بخفة وقالت ساخرة :
-البؤساء..
لتنظر ملك إليها بحزن فيما التفتت ندى إليها ثم جلست على حافة الفراش دافنه وجهها في كفيها فـ قالت بهدوء :
-أنا مش هلوم عليكم.. عشان أكيد الحب بيعمل اكتر من كده..
التفتت ندى برأسها إلى ملك ناظرة إليها في تعجب وهي أيضاً نظرت إليها في دهشة لتضحك الأخيرة ضحكة خفيفة وقالت :
-انتوا الاتنين لازم تعرفوا وتصحبوا بعض كمان
نهضت ندى متجه نحو فراش ملك وجلست على حافته تنظر إليها بحزن قائلة :
-كنت حاسة انك بتحبيه
-هو مين ده ؟!
تساءلت في دهشة لتجيب عليها بتلقائية :
-سيف.. وأنا كمان حبيت يوسف
قالت ميادة بتذمر :
-والست ندى اعترفت ليوسف
نهضت عن الفراش تقبض قبضتها بشدة اعصاب وتحدثت بنبرة انهيار :
-مش قصدي.. مش عايفة قولت كده ازاي
نهضت متجه نحوها و وقفت أمامها و مسكت يديها لتهدئها ببعض الكلمات حتى هدأت بينما مسكت ملك بالسلسلة وقالت بنبرة ضيق :
-أنا شايفة أن يوسف بيعاملك كويس لكن سيف بيعاملني كأني نكره
-يمكن عشان أنتِ بعيدة عنه حاولي تقعدي معا
هكذا قالت ندى علها تأخذ بتلك النصيحة لكن لم تشعر بالحماس لهذه الفكرة واطرقت رأسها بخيبة أمل قائلة :
-مش بالسهولة دي.. هو مبيتكلمش معايا دقيقتين على بعض

قاطع حديثهم طرقات على الباب فاتجهت ميادة نحوه وفتحت لتجد نورا رحبت بها لتدخل وهي تلقي عليهم السلام ثم جلست على فراش ملك.. بينما تركتهم مياده ودلفت إلى المرحاض وجلست ندى على المقعد الخاص بها تكمل رسمة يوسف..

تبادل الاثنان الحديث عن الخاتم الذي أرسل إلى ملك داخل الظرف وأخذ كلا منهم يفكر من أرسل لها ذلك الخاتم.. أخذته نورا من يدها لتفحصه لترى أن ثمة فص ناقص لتنتبه ملك لتجد نفسها محتارة أكثر..

ثم فحصت نورا الكلمات وقالت بصوت منخفض :
-الخط دا مكتوب بالأيد الشمال..
رفعت رأسها إليها بمرح متابعة :
-اكيد سيف اللي بعته عشان سيف بيكتب بالشمال
اومأت بالنفي وقالت بتأكيد :
-بيكتب بالشمال لكن خطه حلو ومش وحش كده
-ايوه صح.. صح
***
تقابلت مايا مع ماجد داخل الكافية وأخذت تفكر معه على خطة للحصول على ندى كلما أخبرته بخطة ما كان يرفض فـ زفرت بقوة وقالت بنبرة كبرياء :
-على اي ؟!.. دي اوڤر وعلى فكرة أنا احلى منها
-لاء طبعا هي احلى.. دي قمر..
جزت أسنانها بغيظ بينما هو تابع بحنق :
-كده يوسف هيفوز عليا
-ارحم نفسك انت لسه واخد انذار بعد كده رفد
حاولت أن تنصحه لكنه لم يستمع إليها فما يشغل تفكيره الان هو الانتقام من يوسف والحصول على تلك الفتاة العنيدة.. ضرب على الطاولة بقبضته وقال بإصرار :
-أنا هخليه يندم على اليوم اللي جه في المدرسة
تحدثت ساخرة :
-دا انت بتموت من الخوف منه..
ثم ضحكت ضحكة خفيفة ساخرة لكزها بخفة طالبا منها أن تتوقف عن الضحك وتفكر معه رفعت ذراعيها قليلا وهي تقول ببرود :
-طلعني أنا بره الموضوع ده.. فكر أنت مع نفسك
-تمام متجيش بقى تساليني ناوي على اي
قذف كلماته بحده ثم نهض ليغادر فاستندت بظهرها إلى المقعد وابتسامة ساخرة عبثت على ثغرها وقالت :
-بوء على الفاضي
جلست لاما على المقعد الذي كان يحتله ماجد منذ لحظات تساءل عن سبب جلوسها معه لتخبرها بكل شيء لتقول بتأفف :
-مايا ابعدي نفسك عن الحوارات دي..
رفعت كتفيها على أنها لم تهتم فـ تساءلت باهتمام :
-متعرفيش ملك اتنقلت لأوضة تانية ليه ؟
جزت أسنانها بغيظ حتى تحرك صدغاها واندفعت بغيرة واضحة :
-متجبليش سيرة البت دي.. ان شاله تولع حتى
***
" مساء ذات اليوم .."

كانت الفتيات منشغلين في مراجعة دروس اليوم صدح رنين هاتف ندى لتبدل القلم بالهاتف ونظرت إلى شاشته التي تضيء برقم غير مسجل.. فتحت المكالمة و وضعته على أذنها تلقي السلام رد السلام لتساءل :
-حضرتك مين؟!
تحدث بنبرة خشنة مميزة :
-مش عارفه صوتي ولا اي ؟!
شهقت بهلع وفصلت المكالمة لتلقي به على المكتب ويديها ترتعش بوضوح.. انتبهت ملك إليها وتساءلت عن ماذا يحدث معها ؟ لتخبرها باتصال يوسف بنبرة توتر واضحة.. رفعت حاجبيها في دهشة قائلة :
-وفصلتي المكالمة يا غبية.. رني عليه تاني
فكرت للحظات وبيدها المرتعشة تناولت الهاتف وكادت أن تعيد الاتصال لكنه اتصل عليها فألقت بالهاتف على المكتب ثانية.. حاولت ملك إقناعها أن تجيب عليه لكنها اومأت بالنفي في توتر واضح قائلة :
-لاء مش هقدي أيد عليه " مش هقدر ارد عليه "
ضربتها على كتفها بخفة وهي تقول بغيظ :
-ردي يا غبية.. بسرعة المكالمة هتفصل
تناولت الهاتف لتفتح المكالمة ثم وضعت الهاتف على أذنها في صمت.. تساءل عن السبب فصل المكالمة الاولى وهو يعلم السبب جيدا.. لكنها لم تخبره بالحقيقة وأخبرته أن الشبكة فصلت فـ تنهد بصوت مسموع وقال بحسم :
-ندى عايز اشوفك حالا
توترت كما اصطبغت وجننيها بحمرة الخجل قائلة بتلعثم :
-لا أنا لا مش هينفع
ابتسم على كلماتها المتوترة
-ندى هستناكي تحت
شعرت باضطرابات في معادتها لتضع يدها عليها ثم وافقت على مقابلته وأنهت معه المكالمة وضعت الهاتف أعلى سطح المكتب لتدفن وجهها في كفيها وهي تساءل نفسها كيف تنظر إليه ؟!.. مسحت ملك على كتفها وتحدثت معها كي تشجعها على المواجهة..

بعد ربع ساعة تقريباً خرج يوسف من المبنى واضعا يديه في جيبي سرواله واتجه نحو الحديقة عند وصوله جلس على المقعد ينتظرها لكن جاء مايكل و وقف أمامه يتحدث معه ثم أخبره بالرحلة الخاصة بالمدرسة قطب جبينه متسائلا :
-وهتبقى فين السنه دي ؟!
-حسب رغبة الطلاب.. وطبعا كل فصل هيروح المكان اللي حابة فنبقى نقعد مع بعض ونتفق على مكان..اتفقنا
قال اخر كلماته رافعا يده ليضع الأخير يده في يده متمتما :
-اتفقنا يا صديقي
بينما وصلت ندى و وقفت خلف مايكل تفرك في أصابع يديها.. ترك يده والتفت فاصطدم بها لتضع يدها على أنفها متأوه بخفة تمتم بالاعتذار بينما نهض الأخير عن المقعد وتساءل باهتمام :
-أنتِ كويسه ؟
ابتلعت لعابها بصوت مسموع تومئ بالإيجاب اعتذر مايكل ثانية لأنه لم ينتبه بأنها خلفه ثم غادر.. جلست إلى جوار يوسف ناظرة إلى الأمام وتتمنى لو الأرض تنشق وتبتلعها الأن لكونها ليس لديها القدرة على النظر إليه وكان قلبها يقرع كالطبول..

تنهد بصوت مسموع وتساءل بمكر :
-بتتهربي مني ليه ؟
-مش هجاوب.. واتمنى تسبني على ياحتي
قالت كلماتها بحسم اتسعت ابتسامته و رد مداعبا :
-ياحتك.. طيب لو مسبتكيش على ياحتك؟!..
زفرت بتذمر عاقدة بين حاجبيها بقوة اقترب هو منها قليلا وتحدث بصوت منخفض :
-هقولك سر.. اتمنى لو فيه كلمة حب بحرف الراء عشان اسمعها بلدغتك
جحظت عيناها وعضت على شفاها السفلية في خجل وتوتر واضح ثم اغمضت عينيها بقوة تكاد أن تبكي و قالت بنبرة بكاء خجولة :
-يوسف من فضلك انسى اللي قولته
تحدث بمكر :
-احنا تكلمنا كتير.. انسي اي بقى ؟ 
توهجت وجنتيها التي اصطبغت بحمرة الخجل ودقات قلبها تدق في صدرها عنوة وهي تقول بنبرة مرتعشة :
-أ أنت عـ عايف أي اللي يتنسي
رفع حاجبيه ناظرا إليها بجدية لقد انتبه من توترها الزائد لهذا سيتحدث معها بكل وضوح وتساءل باهتمام :
-ليه يا ندى ؟.. عايزاني انسى ليه ؟!
ضربت على جانب رأسها وقالت بتأفف :
-عشان قولتها بدون تفكيي.. يعني مش قصدي بجد
-لأنك صادقة في مشاعرك
نهضت عن المقعد و وقفت إلى جوار الشجرة تزفر بهدوء لتهدأ من نفسها.. نهض هو الأخير ووقف أمامها فـ التفتت كي تواليه ظهرها عاقدة ذراعيها طالبة منه أن ينسى وهذه المرة قالتها بإصرار وحده.. استند براحة يده إلى الشجرة وقال بحسم :
-مش هانسا.. لان دي حاجة مستحيل تتنسي..
ثم تابع بنبرة حب جادة صادقة :
-وعشان أنا كمان بحبك..
التفتت إليه ناظرة إليه بلهفة وحملقت به بعدم تصديق تأمل مقلتيها الخضراء بعمق لأول مرة منذ لقائهما يشعر بالهوسة بهما متمتما داخله بـ " سبحان الله.. " كأنه يرى شيء من الطبيعة الذي لم يرى مثلها من قبل.. طبيعة فنية منسقه في كل شيء رائعة بكل تفاصيلها الدقيقة الرقيقة الذي سقط قلبه داخلها وأغلقت مفتاحها عليه..

ثم تنهد بعمق وقال بصدق متأملا ملامحها البسيطة بـ حب :
-بحبك يا ندى
لتفيق على نفسها وأطرقت عينيها تساءل بعدم تصديق :
-حبتني ازاي ؟!
-ماعنديش قلب ولا أي ؟!
رد في تعجب فـ أومأت بالنفي وقالت في حزن :
-كنت عايزاك تنسى عشان..
-عشان كنتِ فكرة ان حبك من طرف واحد
قاطعها بتلك الكلمات فـ أومأت بالإيجاب عدة مرات وقالت بصوت منخفض :
-وفي سبب كمان
مسك بيدها وهو يجلس على الأرض واجلسها معه جلست إلى جواره ساحبه يدها من يده فقال بعدم اهتمام :
-مش عايز اعرف أي سبب.. المهم تقبلي حبي ليكي ؟
تنهدت بعمق وقالت بجدية :
-أنت غيي اللي سمعته عنك خالص
-هما فهمني غلط.. صدقيني انا مش مغرور ولا متكبر.. أنا بس مبفضلش الاختلاط والكلام اللي مالوش لازمة
فكرت في حديث ميادة على أنه لا يفضل أن يرافق الفتيات لتشعر بالقلق من أن يكون يتلاعب بها وقالت في توجس :
-بس أنت مش بتفضل تصاحب بنات ولا فكيت " فكرت " انك تحب.. ازاي بقى حبتني ؟!
-ندى أنا عندي قلب على فكرة.. وقلبي ده اختارك وحبك
لاحت ابتسامة رقيقة على ثغرها وأومأت بالإيجاب فابتسم هو الأخير ناظرا إلى الأمام.. وغنى لها أغنية هادئة بصوته الرائع لتعجب به كثيراً طالبه بالمزيد من سماع صوته
***
وقف في الخارج يتنهد بعمق واضعاً يده على صدره ليشعر بالسلسلة فـ أطرق رأسه ناظرا إليها واضعاً إياها على راحة يده.. ثم لاحت ابتسامة جانبية على ثغرة وأخرج من جيب سرواله " ماسة صغيرة.. " هذه الماسة الحلقة المفقودة من الخاتم الذي ارسله إليها رفع إياها إلى السماء ليقرأ كلمات داخلها باللغة الأجنبية تحمل " بحبك ..سيف " تفاجأ بـ مايا التي جاءت فجأة تأبطت في ذراعة لينظر إليها بلهفة ثم وضع الماسة في جيبه والسلسلة داخل صدره..

-سوفي تعال نتمشي شوية
زم شفتيه بحنق وتحرك معها ساحبا ذراعة من يدها ليضعها داخل جيبه.. مما جعلها تغضب ثم تصنعت الابتسامة قائلة :
-عايزاك تشرح لي مسألة في الرياضة
-مش فاضي.. ابقي ركزي أو خلي واحده من اصحابك تفهمك
تقدمت عنه بخطوتين لتقف أمامه ليتوقف عن السير ناظرا إليها بجمود بينما هي قالت بحنق :
-متغير معايا ليه ؟!.. أنا عملت حاجة ضايقتك ؟!
تنحنح بخفة و رد عليها بسؤال بارد :
-تقصدي أي ؟.. مش فاهم
ردت بسأم :
-رفضت تخرج معايا امبارح ودلوقت رافض تشرح لي المسألة.. وكمان النهاردة في الفصل كل لما اتكلم معاك تقاطعني وتتكلم مع يوسف..
كان يستمع إليها في صمت دون أن يعقب على حديثها فـ جزت أسنانها بغيظ وضربته على كتفه وهي تقول بحده عالية :
-أنت ساكت ليه رد عليا.. ولا بتفكر تبعد عني
-احنا كنا بنحب بعض عشان ابعد عنك ؟!
تساءل بهدوء بارد لترد بتأكيد :
-ايوه أنا بحبك وأنت بتحبني
ابتسم بخفة وأومأ بالنفي قائلا :
-من يوم ما عرفتك وأنتِ صحبتي بس.. ولا مرة قولت لك اني بحبك
صاحت بحده :
-أنت كداب
أشعلت غضبه الساكن بكلماتها وصوتها العالي ليقبض على ذراعها محدقا بها في حده وقال من بين أسنانه :
-وطي صوتك.. وانا عمري ما كذبت عليكِ ولا وعدتك بحاجة.. كنت صريح معاكي جدا وقولت لك احنا اصحاب وبس
ترك ذراعها بعنف لتتحرك خطوة للخلف فـ تنهدت بعمق وقالت بلؤم :
-كنت دايما بضحك على نفسي واقول سيف عمره ما يحبها..
عقد بين حاجبيه بعدم فهم لتبتسم ساخرة وقالت بتأكيد :
-ملك.. انت بتحب ملك..
اندهش من صراحتها لكن قلبه انتفض مجرد ما اخترقت أذنيه سماع حروف اسمها الثلاثة المميزة بالنسبة له.. فكل حرف من تلك الحروف المنسقة ذاب داخله كحبوب بن سقطت في فنجان الحب لتتذوق العشق في السكر أكثر وأكثر..

فاق من شروده على كلماتها التي تدل على حقدها عليها :
-مش عارفه على أي.. دي مفيش فيها ريحة الجمال
ابتسمت عيناه قبل شفتيه و وجد نفسه يقول بنبرة عشق صادقة :
-جذابة و رقيقة و هادية.. بشوف نفسي فيها.. فيها مني.. لما بقرب منها بشم ريحة عطري فيها.. عشقتها عشق استمر في قلبي مليون عام بل وأكثر
شهقت في دهشة مذهولة من كلماته لكن سرعان ما هدأت من نفسها ورفعت أحد حاجبيها ناظرة إليه نظرة غل واضحة وقالت :
-بس أنت ضعيف ومستحيل تقدر تقولها الكلام ده
-ده مش ضعف.. ده خوف.. أنا خايف عليها
ثم غادر من أمامها تاركا إياها تضرب الأرض والحقد والغيرة يأكلونها.. بينما هو يشعر بالسعادة بفضل اخراج ما يشعر به من حب بواسطة الكلمات.. الكلمات المميزة الخاصة بأميرة القلب " ملك.. "
***
رايكم. يهمني وكومنتات تشجعني♥♥..

عشق الدراسة الجزء الأول منـ" سلسلة عشق منذ الدراسة " سمر عمر..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن