قصة فارس

57 17 5
                                    

في احد فصول الصف الثالث الاعدادي
في احد المدارس ، يجلس " فارس " علي احد مقاعد الفصل في هيئة رثه ... من تامل ملامحه وهيئته يجد انها تنم عن ولد مهمل غير نظيف غبي ابله ليس له اصدقاء ولا يتعامل مع احد
ليس من اسمه اي نصيب ...وقد كان كذلك فعلا فما من معلم الا وقد شكي ذلك منه... معروف في المدرسة بالابله...ليس لديه اصدقاء... دائم الجلوس بمفرده... واذكر هنا فائده
يقولون في علم الفراسه ان الانسان يمكن ان تعرف طباعه غالبا من ملامحه وشكله وهيئته
فمن كانت ملامحه قويه فهذا يدل علي شدته وقوة شخصية والعكس بالعكس
واني قد تاملت ذلك في بعض الناس فوجدته حقا...
نعود الي فارس مرة اخري...
شاءت الاقدار ان يدرس لفارس هذه السنه مادة اللغة العربية معلم جديد علي المدرسه وحق له ان يحمل هذا اللقب فلا اظن ان احدا يخالفني ان قلت انه لقب ليس اي احد يستحقه وان كان الكثير يحمله
كان من عادة " همام " معلم فارس الجديد ان يتعرف علي طلابه ويقترب منهم ويتابع احوالهم ومستوياتهم بشكل دوري
فكان يجتهد ان يكون لهم كالاب الشفيق والاخ الحنون والصديق الامين
والحقيقه انه كان يحمل من اسمه اكبر نصيب ويحضرني الان حديث النبي صلي الله عليه وسلم ( اصدق الاسماء حارث وهمام )
لاحظ " همام " حال فارس السئ ودرجاته المتدنيه ...حاول ان يقترب منه لياخذ بيده لكن فارس كان يابي اشد الاباء .... حاول معه كثيرا ولكن الظاهر انه لا فائده وان هذا الولد من النوع الذي لا يستحق هذه المعامله  " الادميه " !!!!! - كانها فضل  سبحان الله !! -
كاد ان يفقد  همام  صوابه معه ويعامله كباقي المعلمين لكن .... اراد الله شيئا اخر
الهمه الله  ان يبحث في سجل فارس ودرجاته في سنين حياته السابقه وما سجل وكتب عنه فيما يخصه ويخص حياته الشخصيه والاسريه
وكانت الصدمه
لقد وجد همام في ملف انجاز فارس وقبل ستة سنين بالتحديد وحتي الصف السادس الابتدائي ان فارس كان من المتفوقين كتب عنه معلموه انه مؤدب وذكي ولبق ونظيف وودود ومتفوق ....كانت درجاته وكلام معلموه ينم علي انه كان من افضل الاولاد علي الاطلاق في المدرسة لقد كان فارسا حقا ...

تابع القراءه فوجد
ان فارس من بداية الصف الاول الاعدادي قد تغير تماما ... درجاته في كل المواد تدنت ...بالكاد ينجح ... الجميع يشكو منه ... كتب عنه معلموه ان فارس ولد غبي مهمل ابله لا يحب احدا ولا يختلط باحد ....

تعجب همام من هذا الذي اطلع عليه !!!!
كيف هذا !!!!
لابد ان يكون قد حدث امرٌ ما لهذا الولد ليتحول هذا التحول العجيب
لااابد ان يكون هناك خطب وسر ما...
تابع البحث والسؤال وكانت الصدمه ....
ماتت ام فارس منذ ثلاث سنين ومات معها  كل شئ في فارس
ماتت الفروسية فيه
حاول الانتحار كثيرا وفي كل مرة ينجيه الله
كانت الصدمة قاسية عليه جدااا فقد بعدها كل شغفه في الحياه
لم يعد يبالي او يكترث... يفضل الوحده دائما ....
اجبر علي الاستمرار في هذه المدرسه
التي ذَكَرتُ
لتري ايام خفوته وظلامه ويصفعه من كانوا يصفقون له بالامس
عجبا لبعض البشر والله
صدق من قال النور للجميع والظلام لنا وحدنا
لم يمد له احدا يد العون ليدركه من هذا المستنقع الذي وقع فيه
فهذا صديقه الذي كان يذاكر له بالامس يتنكر له
وهذا المعلم الذي كان يفتخر انه السبب في تفوقه - وما كان - يتبرا منه اليوم ....وهذا... وهذا ....
ويا ليتهم وقفوا عند ذلك
بل كانوا جرااااحا علي جراحه ....

لم يتمالك همام دموعه ....ذهب الي فارس في اليوم التالي واحتضنه بشدة وظل يبكي ...نعم يبكي ... لم يمنعه انه رجلا ان يبكي ... وما قال ان هذا عيب في الرجال الا الجهال واصحاب القلوب القاسيه....
فالنبي صلي الله عليه وسلم وهو من هو بكي ولم يمنعه شئ ان يفعل ذلك امام اصحابه ....

لم يفهم فارس للوهله الاولي ماذا يحدث فما عهد هذا الحنان والاحتواء من احد منذ ثلاث سنين
ولكنه بكي ... بكي من شدة بكاء معلمه
والذي كانت دموعه تخنق الحروف قبل ان تري النور ... ثم هدات شدة بكاءهما بعد مدة ليست بالقصيرة ليتبين منها اعتذرات همام عنه وعن العالم والناس اجمعين ....
عاهده  انه لن يتركه حتي يعود افضل مما كان واخذ عليه العهد هو الاخر ان يعينه علي ذلك وقد كان .
كانت كلمات الثناء ونظرات الاعجاب والسماع والصبر والاحتواء والمزاح والحنان... تغسل فارسا من ادران الهزائم السابقه لتعيده مرة اخري " فارسا "
مرت السنه وكانت النتيجه انه عاد ليكون الاول علي المدرسة
بوجهة متهلل ومشرق كانه لم يري البؤس ولا الحزن يوما
هكذا اصحاب الصدمات النفسيه ايا كان سببها مع اختلاف اثرها  يحتاجون الي وقت للتعافي
مع صبر ودعم من حولهم نفسيا ومعنويا حتي يتعافوا تماما

قيل من افضل ما تقدمه لغيرك ان تجعله يحب نفسه ويستعيد الثقة فيها مرة اخري .
وهكذا هي الحياه خريف وربيع وحتما سياتي الربيع يوما ما .
اضع هنا نقطه
واترك لكم استخراج الفوائد .
ولعلها ترقق قلوبنا
مقتبسة من قصة حقيقه

ندى فتحي

اتينا طائعين ❤️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن