الفصل ٢

7.5K 239 42
                                    

كان يوما غائما مظلما و ينذر بتساقط المطر القريب .. كان الموعد هو بالمقبرة حيث تجمع الناس مرتدين الأسود و لكن لا يبدو على أحدهم الحزن ..

بينما هي مرتدية وشاحا يغطي رأسها و تضع نظارات سوداء اللون اكبر من حجم وجهها كي تخفي تقاسيم وجهها فلا يتعرف عليها احد و تقف بعيدا جدا عن الحشد و الصحافة تنتظر رحيل الجميع كي تقترب من قبر اعز الناس إلى قلبها .. روحها التي انقسمت إلى نصفين... توأم روحها و شقيقتها ماريا ..

كانت تنتظر على احر من الجمر و هي منتبهة كي لا تثير ضجة و لا انتباه الاخرين.. خطوة صغيرة منها و تنكشف ..

و اخيرا و بعد طول انتظار بدات الحشود بالانسحاب بعد دفن الموتى .. و تقريبا فرغ المكان حولها و اخذت تتقدم ببطء شديد و لكنها توقفت عندما لاحظت وجود أحدهم..

اختبات خلف احد الاشجار و رات الرجل و الذي كان جاثيا أمام قبر أحدهم .. يتنهد بحده و هو يمرر يده فوق القبر و قال :

" أرأيت يا اخي ... أرأيت عنادك إلى أين اوصلك .. اخبرتك مرارا و تكرارا أن تتوخى الحذر و لكنك رفضت الانصات لما اقوله .. لطالما كنت عنيدا .. كنت اعتبرك الاب الذي حرمت منه .. لكنك للاسف خيبت أملي.. منذ اللحظة التي أدخلت بها تلك اللعينة إلى بيتنا .. مجرد لقيطة لا يعرف احد نسبها و لا أهلها.. متسولة كانت تسعى للحصول على مالك فقط .. كانت تعتبرك مجرد بطاقة بنكية لها .. ليست من مستوانا ابدا و ما كانت لتكون.. انت من أعطاها قيمة لا تستحقها لمجرد انها شابة و جميلة .. مجرد سلعة اشتريتها بقيمة اكثر من ما تساويه .. للاسف انك بآخر ايامك لم تتحلى بالذكاء الكافي للاعتراف لنفسك انك أسأت الاختيار .. من حسن الحظ انها رحلت معك و الا لكانت عاشت أسوأ ايام حياتها لو بقيت على قيد الحياة .. ارقد بسلام اخي .. ارقد بسلام " .

مر من أمامها و لم يلاحظ وجودها .. انهارت أمام قبر اختها ما ان رحل و اخذت تبكي بحرقة و هي تعتصر قلبها الذي كان يوجعها ...

علمت أن الرجل ذاك كان يتحدث عن اختها و انه بالتاكيد اخ زوج اختها .. كلماته حفرت براسها إلى الأبد.. احتقاره لاختها صدمها و جعلها تتمنى لو تظهر أمامه و تمسح بكرامته الأرض و لكنها لم تستطع ذلك لان ماريا كانت تخفي وجود اخت لها عن الجميع..

مررت يدا مرتعشة فوق قبر شقيقتها ماريا و بصوت مرتعش يكاد لا يسمع قالت:
" ما.... ماريا ... حبيبتي .. ماريا.. هل تسمعينني ؟؟؟"
شهقت و هي تحاول التحكم بدموعها المنهمرة ثم اكملت :

" اختي .. لكم اشتقت اليك .. سامحيني لأنني تأخرت بالمجىء... سامحيني لكوني لم أكن موجودة كي ادافع عنك ... سامحيني لأنني لطالما لمتك على انكارك وجودي .. لم أفهم.. لم افهم أن ما فعلته كان حماية لي .. كنت اعتبرك أنانية و لا تحبين إلى نفسك و لم افكر يوما ان أفعالك تختلف عن ما يظن المرء .. ارجوك سامحيني "

انتقام التوأم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن