حسنًا لو ركَضتْ حينما فكرتْ بذلك ، لكانت قد ابتعدت كثيرا عن منزلها ، و عن حيّها كَكُل.
لكن ليس و سوبين معها..فأول ما تمتمت بـ 'أمي' قام سوبين بإمساك يدها ، بل و شابك كفيهما معا ليُطمئنها بأنه معها.
رفعت عينيها له تطالبه دون أن تتكلم أن يفلت يدها كي تهرب. لكنه همس بأذنها قائلا : "أيًّا يكن ما حدث. فالهرب ليس حلاًّ آري."
واصلت النظر له مترجيّة ، لكنه ابتسم مومئا..
لو كانت آري القديمة هنا لصفعت وجهه و هربت ، لكن شيء ما تغيّر بها ، هي نفسها لا تعرف ما هو.وجهّت نظرها للمدعوة أمها و سألت : "ماذا تريدين؟"
تقدمت الأم ببطءٍ منها ، ما جعل آري تمسك يد سوبين بقوة ، و كرد فعل تقدّم سوبين خطوة للأمام دون أن يفلت يد الأخرى و خاطب أمها قائلا : "سيدتي أعتذر. لكنها سألتكِ مالذي تريدينه."
توقفت الأم مكانها و قالت بهدوء و ابتسامة صغيرة بينما تنظر لسوبين : "أرَى أنّك بتِّي تملكين من يحرِس كتفك ، هنيئا لكِ على حبيبٍ كهذا بُنيّتي ، يبدو أنك كبرتِ جيدا و اكتشفتِ ما هو الحب"
"مهلا هذا-" تكلم سوبين. لكن آري قاطعته و قالت متقدمة من سوبين : "محظوظة بوجود شخص في حياتي يعوضّني عن ذاك الفراغ الذي جعلتِني أشعر بِه ، إن كان هجرك لي يعني أن أجِد شخصا مثله فأنا ممتنة لأنّكِ رحلتِ."
"كنت أود لو عرّفتِني به في زمان و مكان لائقين."
"حتى أنا كنت أود لو هجرتني في زمان و مكان لائقين."
قالت آري ثم سحبت سوبين معها و دخلت للمنزل دون أن تودّعها. لا يهمها حتى إن كانت سترحل أم ستظّل في مكانها ذاك.قال سوبين بعد أغلقت آري الباب : "ألم يكن يفترض بك أن تكتشفي ما تريده؟"
أفلتت هي يده و قالت رافعة كتفيها : "لا يهمني ، أيا يكن ما تريده فهي متأخرة ب14 سنة. لن أسمع شيئا منها الآن"
"آري لكنّها في النهاية تظل أمك."
نظرت له بدون تعبير يُذكر ثم سألت : "قهوة أم عصير برتقال؟"
"عصير برتقال" أجاب سوبين و لحق بها للمطبخ جالِسًا على إحدى الكراسي الثلاث.تكلمت آري بينما تصبّ العصير له و تحضّر القهوة لنفسها : "تعلم أني لم أقصد ما قلته لها صحيح؟"
ابتسم سوبين و أومأ : "بالطبع أعلم. و أتفهم."
"رائع."جلست بجانبه حول تلك الطاولة بعد أن وضعت كوب العصير بجانبه ، ثم تكلمت بنبرة هادئة تتأمّل أثناءها كأس القهوة الذي تحتضنه بين يديها : "لستُ مطالبة بالتبرير ، لكني أشعر كما لو أنه يجب أن تعرف ، لا أدري لِما لكن فقط.." قالت بخفة ثم واصلت دون أن تنظر له و دون أن تسمع ردًا منه
"ستبدو كقصة خيالية.. إذًا.. كان أبي و أمي يعيشان قصة حب مذهلة قبل سنوات عديدة. كانت أكثر من مذهلة كي أصدقك القول .. لكن وصل بهما الحب إلى المرحلة التي كثرت فيها الشجارات بينهما.
و كانت أغلبها لأسباب تافهة ، أو بسبب عمل أمي الذي كان يسرقها أكثر. ثم في الأخير انتهى هذا الحب الأسطوري أو أيا كان ما كان بطلاقهما. عشت معهما ستّ سنوات ، شهدتُ لحظات الشجار أكثر من ما شهدت اللحظات الهادئة و الدافئة بينهما.
ثم بعد طلاق أمي بشهرين وصلنا خبر بأنها تزوجت رجلا آخر ، أصغر من أبي بثلاث سنوات. لقد كان يماثلها سِنًا. ثم انقطعت أخبارها لفترة ، بعدها بِخمس سنوات وصَلَنا خبر بأنها رُزقت بمولود جديد ، كان صبيًّا.. أتذكّر حينها، كانت تعابير أبي واضحة جدا.. منكسرة جدا ، لكنه كان يتظاهر من أجلي أن كل شيء كان بخير ، هو نفسه لم يستطع تصديق حقيقة أنّه هُجر ، اعني كيف له هذا؟"
رفعت حينها رأسها و نظرت له مبتسمة ابتسامة صغيرة ، كانت ابتسامة مُتأَلمَّة ، كان ظاهرا عليها أنها تُحاول كبت دموعها.
أنت تقرأ
الإستثناء الوحيد || C.SB
أدب الهواة*متوقفة مؤقتا بسبب كون الكاتبة مكروفة في سنتها الأخيرة بالثانوية* بعد قصة حب والديها الفاشلة.. هي لم تعد تصدّق بوجود شيء اسمه "حب" ، وعدت نفسها ألاّ تغني ابدا أو تنطق باسم الحب طالما أنه ليس موجود. لكن ستجد من يكسر وعدها هذا.. بدءًا من رسائله المجهو...