مرّ أسبوعان على آخر مرة رآه فيها ، لكن خلال هذه الفترة لم يمر يوم لم يفكر فيها خلاله.. مهما حاولَ طردها من عقله لا يستطيع ، فدائما ما يجد قلبه يُذَكّره.
لكن مع هذا لم يتجرأ أبدًا على رؤيتها مجددا ، لم يذهب لتلك الحديقة خلف الجامعة ، لم يَزُر حرمها الجامعي قط ، و الأهم أنه لم يَعُد يتجول في ساحة الجامعة مطلقا. و مساحة الجامعة الكبيرة قد كان في صالحه فهو لم يبذل جهدا كبيرا للبقاء بعيدا ، فالحياة قد كانت تقوم بهذا الجهد بالفعل.الجهد الّذي كان يبذله هو حينما حاولَ الاقتراب. كان ينبغي له أن يستسلم من الرفض الأول ، هو يَلوم نفسه الآن لكونه عنيد و لا يستسلم بسهولة. لكن جزء آخر منه يشعر بالفخر لأنه بذل كل ما تطلبه الأمر ليصل إليها و إلى قلبها ، و في آخر الأمر هي من رفضت رغم إصراره الشديد. على الاقل هكذا لن يشعر بالندم ، فهو قد حاول.
"بَقي شهر ، ماذا تفكر أن تفعل خلاله؟" سأل يونجون قاطِعًا الصمت السائد بينهما.
كانا جالسان في منزل يونجون ، هما قد اتفقا على الدراسة لكن لا يبدو أن هذا ما يفعلانه فـيونجون قد قام بتشغيل البلايستيشن بالفعل.
ألقى سوبين ظهره على فراش يونجون و أجاب "سأركز على الدراسة ماذا سأفعل غير هذا"
"إن كنا سنركز على الدراسة فنحن في المكان الخطأ ألا تظن هذا؟"
تنهد سوبين."يا رجل ألم تسأم حالتك هذه؟؟ على الأقل افعل شيئا.. لا أدري ركز على دراستك كما تقول مثلاً ، هكذا سيتحول تفكيرك و سيركز عقلك على شيئ آخر و لن تفكر في الشيء الذي تفكر فيه الآن"
"و مالذي أفكر فيه الآن؟" تمتم سوبين.
تقدم يونجون من صديقه و استلقى بجانبه ثم أجاب "لا أدري.. مالذي تفكّر فيه الآن؟""أفكر في مالذي كان سيحدث لو بقيت أكثر تحت منزلها و قابلتها وجهًا لوجه"
"ياله من تفكير عظيم"
"هل تظن أنني كنت سأستطيع قول ما قلته لو حدث هذا؟"
"لا أدري.. هل تظن أنك كنت ستستطيع قول ما قلته لو حدث هذا؟"
"لا أدري"يونجون قد اعتاد على حالة سوبين هذه ، يستمر في طرح أسئلة هو نفسه لا يعلم إجابتها ، لذا ما عليه سِوى مجاراته.
"سوبين" تكلم يونجون بهدوء.
"همم؟"
"إذا حدث شيء ما خلال هذه الفترة الّتي تبقت لك هنا.. هل ستلغي سفرك إلى كندا؟"
"حدد نوع هذا الـ شيء ما"
"لا أعلم.. شيء له علاقة بِها"
صمتَ سوبين قليلا يفكر ثم قال "مهما حدث لا يَجب أن أكون خفيفا ، ينبغي أن أتمسك في قراري.. لذا فلو حدث شيئا ما ، و هذا مستحيل.. أنا لن أغير رأيي ، لا أريد أن يبدو قراري رخيصًا و غبيا."
ضحك يونجون معلّقا : "وصفه بالرخيص أمر مضحك بعض الشيء"
ضحك سوبين كذلك.نهض يونجون من مكانه و قال بنبرة متحمسة "فلتركز على الدراسة الآن ، انهض" قام بإطفاء جهاز البلايستيشن و حزم أغراضهما.
نهض سوبين كذلك و سأل متعجبا "هييي لِما حزمت أشيائي؟!"
"أخبرتك أن الدراسة هنا قرار خاطىء ،، فلنذهب إلى المكتبة"تنهد سوبين مستسلما "ليس عليك فعل هذا من أجلي ، يمكنك فقط البقاء في منزلك و اللعب" لكنه حينها تعرض لضربة على رأسه "لا تكن رفيق سوء! أنا أيضا أريد أن أنجح و أتخرج ، فقط وجودنا في المنزل يجعلني أشتهي اللعب لذا من الأفضل الذهاب لمكان آخر"
"حسنا حسنا"
حزم أغراضهما الضرورية للدراسة و انطلقا للمكتبة العملاقة التي تبعد بثلاثين دقيقة مشي عن منزل يونجون ، هي تتوسط طريقهما من المنزل الى الجامعة.. لذا فالذهاب إليها لم يكن بالشيء المُتعب فعلا -رغم كونه كذلك بالنسبة لهما.إذن فقد مرّ أسبوعان ، و بقي أسبوعان آخران على امتحانات نهاية الفصل ، ثم أسبوعان آخران و يغادر سوبين كوريا نحو كندا ليواصل سنته الأخيرة فيها و يتخرج.
يونجون لا يريد منه الرحيل ، لكن إن كان هذا القرار هو الأفضل له فما عليه سِوى أن يدعمه فهو أكثر من يعرف مصلحة نفسه. و حتى لو حاول يونجون منعه و جعله يعرض عن قراره فهو يعلم أنه لن ينجح طالما أن سوبين قد وضع الفكرة في رأسه فعلا ، و مامِن سبب يدعوه ليقنعه بالبقاء.. فبالرغم من كونه صديقه المقرب الا أن هذا لا يمنحه الحق ليتدخّل في حياته و في قراراته ، لِذا الأمر الوحيد الّذي يُجيد فعله هو دعمه و الوقوف معه.سوبين صديق يونجون الوحيد ، و ربما عائلته الوحيدة كذلك نظرًا لكونه يعيش وحيدًا و بعيدًا عن أهله ، لذا فبِرحيل سوبين سيكون يونجون وحيدا بشكل رسمي. صحيحٌ أنه ذو شخصية اجتماعية و له العديد من المعارف و الأصدقاء ، لكن ما من أحد يُقارن بصديقك المفضل.
نفس الأمر ينطبق على سوبين ، بمغادرته لبلده سيجد نفسه في مكان آخر كليا مختلف عن ما اعتاد عليه ، أشخاص جدد ، لغة جديدة و حياة جديدة. سيكون غريبًا في وطن غريب و الشيء الوحيد الّذي سيقلل هذه الغربة هو عمه و عائلته الصغيرة.. و هو ليس قريبًا منهم حتى و لا يعلم كيف سينجح في التقرب منهم و قضاء نصف سنة معهم.
هناك سلبيات كثيرة في قرار سوبين هذا ، لكنه يرفض التفكير فيها فقد قرر فعلاً التركيز على شيء واحد.. الابتعاد عن آري قدر المستطاع.
عليه أن يتخطى هذا الحب الّذي نما بداخله ، و كي يفعل هذا عليه أن يشوش تفكيره فكل شيء هنا يذكره بها.
و حلّه الوحيد هو مغادرة كوريا.
نحو كندا.
أنت تقرأ
الإستثناء الوحيد || C.SB
Fanfic*متوقفة مؤقتا بسبب كون الكاتبة مكروفة في سنتها الأخيرة بالثانوية* بعد قصة حب والديها الفاشلة.. هي لم تعد تصدّق بوجود شيء اسمه "حب" ، وعدت نفسها ألاّ تغني ابدا أو تنطق باسم الحب طالما أنه ليس موجود. لكن ستجد من يكسر وعدها هذا.. بدءًا من رسائله المجهو...