هي لا تتخيّل ! اي نعم هي تُعتبر فقدت عقلها لأنها على وشك ان تُخطب لممدوح ولكنها لم تُجنّ لدرجة ان ترى هلاوس !
التفتت الى ممدوح ومدّت يدها اليه ليلبسها الخاتم فرأته ينظر بدهشة وغباء الى الغريب ! اذن هي لا تتخيّل ! الغريب الطويل الأزرق العينين موجود فعلا في قاعة جلوس بيتهم ليمنعها من الارتباط بممدوح ذو الكرش !
مالعلاقة !
ماذا يفعل رجل لا يعرف اسمها ببيتها ؟ ويدّعي أنه يحبها !
كان قلبها يدق بعنف، خائفة مما يحصل ومما سيحصل، كانت على وشك البكاء عندما أمسك بكلتا يديها وقال بصوت هادئ
" لا تخافي ! سأنقذك ! وأنقذ حبّنا ! "
تدخلت فضيلة وفصلت يديهما بقوّة! ألم تكفهما الفضيحة ليلة الفندق أمام اخوتها واولادهم ! هل ستتعرض لفيضحة أخرى امام ممدوح وامه !
" من أنتَ؟ من أنت لتخرب أسعد يوم في حياة ابنتي ! "
بادلها الغريب النظرات الباردة، في تلك اللحظة اتّفقا على ألا يتفقا ! لن تُحب فضيلة هذا الغريب ولن يسعى هو لأن تُحبّه او تتقبّله
ابتسم ببرود وأجابها
" ان كانت بهذه الحالة في أسعد أيام حياتها فأتساءل كيف تكون في أيّامها العادية !"
فهما لماذا لن يحبّا بعضهما، وفهم الجميع أيضا، لقد تحدّاها ! لا أحد يتحدّى فضيلة ! المسكين لا يعرف مالذي ينتظره
دفعته وهي تصيح
"أخرج من بيتي ! لئيم ! "
" لن أخرج قبل أن أتحدّث مع هازان ! ان طلبت مني الرحيل سأرحل !"
نظرت فضيلة الى ابنها جوهكان ليساندها ويساعدها في طرد هذا الدخيل لكنها رأت في عينيه لمعة ! شجاعة تمنى ان يحظى بها ليقف يوما أمام أمّه ويخبرها أنه لا يريد ياسمين، انه يريد الانفصال، لم يتفقا ! حاولا خمس سنوات ولم ينجحا ! لم يأتي الحب الذي وعدته أمّه أنه سيأتي بعد الزواج! ولكن لا هو قال ولا هي سمعت !
من سينقذها! من سيتخلص من هذا الغريب وهي ترى زوجها وأبناءها متحمسين لانتصار الحب ! ليثبتوا لفضيلة أن قرارها كان خاطئا !
غريب أمر هذه المرأة، كم تُغيّر ظروف الحياة الانسان !
قبل خمس وثلاثين سنة تعرّفت فضيلة على أمين وأحبّته، كانت جريئة وشجاعة، تخرج لتقابله بينما كانت أختيها تخافان من رؤية رجل يمر من النافذة ..
فضيلة لا تخاف ! ركضت وراء قلبها ! يوم خيّرها أخاها بين أمين وبين صديقه الغني اختارت أمين ..
لا تُنكر انها كانت سعيدة في زيجتها ! لم يبخل عليها أمين قط ! واغدقها حبّا وتوافقا ! لم تشتكي يوما من سوء طبعه كما تفعل اختيها طوال الوقت، كان وجوده في البيت خفيفا ومريحا ، وأهم شيء لم يكن يرفض لها طلبا ! لا تذكر أنه قال لها يوما لا !
لكن ظروف المعيشة جعلتها تراجع قرارها، كانوا ينتمون الى الطبقة المتوسطة، استطاع أمين أن يبني بيتا لعائلته وساعدته فضيلة، في الأول خاطت الثياب لها ولأولادها، ثم أصبح تخيط للجيران وذاع صيتها وأصبحت أمهر خياطة في المنطقة ..
ولكن مع ذلك لم ترد ان يعيش أولادها كما عاشت، في الأول اختارت لابنتها أمينة عزيز أستاذ الرياضات، ولكن اكتشفوا بعد سنتين من الزواج ان عزيز مريض بعلة القمار، يصرف كل مرتبه على مراهنات سباق الخيل لتأتي أمينة كل شهر تستلف مالا من أمها ..
لهذا السبب اختارت ياسمين لابنها جوهكان، صيدلانية، تساعد زوجها على مصاعب الحياة، ورغم ان ابنها في تلك الفترة كان يعشق ابنة عمّه الا انها رفضت ان تصبح ابنة سعيدة كنتها ! وتحججت بحجج واهية اهمها انها لن ترسل ابنها لبلاد الغربة !!
وحسمت الموضوع بأن قالت ستحبها بعد الزواج، ها قد مر خمس سنوات على زواجهما ولا يزال ينتظر جوهكان الضيف الذي وعدته به أمَه : الحب ..
هازان كان لها مكان مختلف وطريقة تعامل مختلفة، دللتها كثيرا وصدقتا ان هازان لا يجب ان تتزوج الا من غني أو مشهور، لذلك لم تمانع أمها عندما رفضت هازان كل الرجال الذين تقدموا لها !
لكن الامر اختلف منذ ثلاث اسابيع، بعد ان رأت ابنتها بين احضان عامل الفندق جن جنونها، لن تسمح لابنتها ان تعيش مثلها، ان يعوج ظهرهازان امام آلة الخياطة ..
صحيح ممدوح لا يعتبر مناسبا لابنتها، لكنه غني، غني جدا، وهاهو يدفع ثمن شباب ابنتها وجمالها..
لذلك لن يمنعها هذا الشاب الطويل من تحقيق ما خططت له ! هي خططت حياة رغيدة لابنتها ولن تسمح لأحد بتهديم خططها !
هي تعرف مصلحة ابناءها أكثر من الجميع ..
بدأت تدفعه بنفسها لتخرجه من البيت قبل ان تكتشف انه جذب معه هازان ..
توسلت زوجها ان يمنعه لكن هيهات، تحولت قاعة الجلوس الى مسلسل اسبوعي والجميع متلهف ينتظر النهاية السعيدة ..
هواء الليل جعل هازان تستفيق من دهشتها وتسأله
" ماذا تفعل ؟ كيف تعرف اسمي وعنوان بيتي ؟ "
ابتسم بسخرية، نفس الابتسامة التي رأتها مرتسمة على وجهه البارحة واخبرها ..
عندما لم تجد فضيلة هاتفها البارحة، أرسلت ابنتها أمينة الى محل ثياب كايلا لتُحظر لها أجرها، فلا يزال لديهم مصاريف من اجل خطبة الغد ..
وبالصدفة، عندما وصلت أمينة، كانت هازان تتحدث مع الشاب الغريب ثم تتركه وترحل، ولأن عقل أمينة لا يعمل الا في الرمانسية وقصص الحب فما ان رحلت هازان حتى امسكت امينة بالشاب وترجته ان لا يفرطا بحبهما وان لا يسمح لهازان ان تتزوج بغيره ..
أرادت الفتاة التي بجانبه أن تتخلص منها، لكن الشاب الذي أخبرها أنه يدعى ياغيز اخذها الى مقهى قريب لتشرح له كل شيء..
لا يفهم سر اهتمامه بهذه الفتاة، فتاة التقاها صدفة، يحدث معه الامر يوميا، لماذا اذا لم ينساها، شيء فيها جذبه، كيمياء عجيبة او مغناطيس ..
ولكنه لم يكن ليركز مع الامر، لم يفكر حتى في الاستفسار عن اسمها مع انه كان يستطيع فعل ذلك بكل سهولة، لكنه لم يهتم ..
لكن، عندما تقاطعت طرقهما مرة اخرى تملكه فضول غريب
فضول ليكون الشخص الذي يتحدثون عنه، العامل البسيط العاشق ..
سعيه الوحيد في الحياة ان يُجمع مالا ليجتمع بحبيبة قلبه ..
اجل شخص مشاكله بسيطة امام ما يعيشه هو ..
لذلك قرر ان يكون ذاك الشاب، ياغيز ايجمان العامل البسيط ..
لن يعرفوه فهو بعيد عن المجتمع منذ سنوات ولا يظهر لا في الصفحات الثالثة ولا في المجلات الاقتصادية، وان ربطوا اسمه بالعائلة العريقة عائلة حازم فسيقول تشابه اسماء، ولن يكذب، فهو لم يشعر يوما أنه ينتمي لتلك العائلة ..
عاتبته صديقته جيرين عندما أخبرها عما هو مقدم عليه
" أهكذا تُحل مشاكلك ! هل هذا هو الحل الذي وجدته لتُصلح علاقتك بأبيك ؟ "
فكر قليلا ثم قال
" ربما، ربما الحل الانسب لكلينا هو الانسحاب !"
ارادت ان تتكلم، أن تُعقّله، أن تقنعه بأنه لم يعد في العشرين من عمره ليبحث على مغامرة مع فتاة جميلة، لكنه لم يسمعها، اغرته فكرة ان يبدأ حياة جديدة، هوية جديدة مع اشخاص جدد بلا ماضي ولا خبث ولا طمع ، طبعا قبل أن يلتقي بفضيلة ..
سيساعد تلك الفتاة للتخلص من العريس، سيساعدها لتتحرر من قيودها مثلما ألهمته هي ليتخلص من عبئه، لها فضل علي وسيرد جميلها ..
" انتَ هنا لتمنعني من الارتباط ؟ من أخبرك انني مجبرة ؟"
" يكفي ان أرى العريس لأفهم أنك مجبرة ! "
توترت هازان وقالت
" لقد حصل سوء تفاهم، ليس لي علاقة بسوء فهم عائلتي، ولست مجبرة على الزواج، أرجوك ارحل .. "
" لماذا لم توضحي لهم سوء الفهم اذن ؟ لماذا تركتهم يعتقدون انك مغرمة ؟"
نظرت اليه دهشة، أصابها سؤاله في مقتل، لماذا لم توضح لهم سوء فهمهم ! لماذا صمتت واستسلمت طوال أسابيع
" لا أعرف ! لا جواب لدي ! أمر واحد متأكدة منه انني سأتزوج بممدوح ولا أحد يستطيع منعي "
اعطته ظهرها لتعود لبيتها لكنها سمعته يقول
" أنا سأمنعك، وستشكرينني يوما ما !"
ثم جذبها نحوه ليقبلها، أمام أمها، أمام ابيها وامام جميع الحظور ..
للمرة الثانية، بدون اذن منها ينتهك شفتيها ..
ولكن بفرق واحد
هذه المرة بادلته قبلته ..
أنت تقرأ
فتاة بطعم العُليق
Romanceهازان الفتاة المغرورة، تتغير حياتها بسبب صدفة غريبة جداً، حيث تلتقي في فندق فخم برجلٍ لا تطيقه، لكن الأقدار تجمعهما دائماً.
