حياتي بدونك

933 44 24
                                        

نظر اليه بغضب ثم دفعه بقوة وبدأ تدليك وانعاش القلب ..
مرت عشر دقائق ولم يجدي اسعافه نفعا، حاول المسعف وقائد سيارة الاسعاف اخباره انها ماتت ولا فائدة مما يفعله، حاولا ابعاده ولكنه لم يتركها،
ابتعد اخيرا وقد فقد الامل، رغم انه لم يعد يستطيع الاحساس بيديه
وفي غمرة بكاءه وبكل حزنه وغضبه مما يحدث لهما ضربها على صدرها بقوة، لم يكن المسعف متأملا، خصوصا بعد كل هذا الوقت، اندهش وصاح فرحا
" يدق ! يدق ! قلبها يدق ! "
سمع نفسها الضعيف، ابتسم ياغيز ببلاهة ثم نهض بتعب وابتعد ليتفرغ كل الذي داخله ..

كانت بشرى وجيرين وكل الفريق الطبي يقف امام مدخل الاستعجالي متأهبا لفعل جهدودهم لانقاذ هازان، تسلموها من ياغيز وعندما اراد الدخول الى غرفة العمليات اوقفته جيرين ووعدته انها ستعيش
قال لها من بين دموعه
" نحن لا نعد اقرباء المرضى ! "
ربتت على كتفه وقالت
" لكنني أعدك وسأفي بوعدي ! "
تلاشت كل قوته واسقط على الارض لا يستطيع التحرك، ممرضة تخرج كل ربع ساعة لتخبره بكل ما يحصل داخل غرفة العمليات، يطرح عليها الأسئة مؤشرات دقات القلب ومعدل الكرويات البيضاء، تجيبه بصبر وتطمنه بأمل على هازان، لكنها تأأخرت، مرت سبعة عشر دقيقة ولم تخرج !
نهض بتثاقل واستطاع الدخول الى المكان الذي يتجهز فيه الجراحون قبل الدخول الى الغرفة المعقمة، كان يفصلها حائط بنافذة زجاجية كبيرة ..
جيرين، بشرى واوزاي وبقية الطاقم يفعلون ما بوسعهم لانقاذها، لكن يوجد مشكلة، فمن حركاتهم ونظراتهم لاحظ التوتر، يوجد نزيف داخلي لا يعرفون ايقافه ولا يستطيعون تحديد مصدره، أخذ مكبر الصوت المتصل بالغرفة ليوجههم ولكن جيرين طلبت منه الخروج ! بقاءه لن يساعده بل سيصعب الامر اكثر !
شتمها وطلب منها ان تركز في عملها وتفي بوعدها
استطاعوا ايقاف النزيف وتنفسوا الصعداء
لم تصل ابتسامته الى عينيه قبل ان يسمع الآلة تشير الى توقف قلبها مجددا !
طنننننننننننننننن

استفاق متعرقا ! عاد هذا الكابوس لينغص احلامه ! بعد ان اعتقد انه تخطاه ونسيه، وبنى حياة جديدة !
ثلاث سنوات مرت منذ الحادثة، وهاهو يعيش ويشعر بكل ما حصل في كأنه واقع، حتى ارتعاشه وتعرقه الآن وسرعة دقات قلبه ..
عاد واستلقى على سريره يحاول التنفس بهدوء ويذكر نفسه
" انتهى .. انتهى .. هازان لم تعد موجودة .. "
سالت دمعة من عينيه، لكن زمن الحزن مضى وولّى، عليه ان ينهض، لقد تبعثر كثيرا عندما فقدها ولكنه استجمع نفسه الآن، ستعيش في ذكرياته كما أخبرته مرة، ستبقى ذكرى جميلة لا كابوسا يريد ان ينساه ..
غسل وجهه اربع مرات ليمحي الأثر على وجهه ..
خرج الى الشرفة ورأى بشرى تعتني برضيع في السنة الأولى من عمره ، رأته فحيّته ونادته ليلحق بهما، ابتسم لها ثم نزل ..

في بيت اصغر من بيتهم القديم، كانت فضيلة في اقصى درجات توترها وتصرخ في الجميع
" لا أحد يساعدني ! لدينا تنظيف وتجهيز ضيافة! الخطوبة اليوم والكل نيام ! ان لاحظت فوزية ملاحظة اقسم أنني سأفرغ غضبي فيكم ! لا تترك فرصة لتتحسر على ابنها الجوهرة الذي سيتزوج بمطلقة ! - صمتت تتنفس بغضب عندما لحقت بها كل من أمينة وياسمين لتساعداها ثم صاحت مجددا - اين هازان ! اين هي ؟ "
دخلت هازان وهي تجر والدها على كرسيّه المتحرك وقالت بمرح
" أحضرنا لكم الكعك ! "
تلاشى توتر فضيلة ما ان رأت زوجها، أخذت الكعك من يد ابنتها وتوجهت الى المطبخ وهي تتمتم
" هازان الوحيدة التي تستطيع اخراجه للتجول ! - دمعت عينيها وهي تخمر الشيء - اه امين زوجي القوي من يقول انك ستصبح بهذه الحالة ! "
ارتسم الحزن على وجوه النسوة لكن هازان لحقتها وقالت بمرح
" ما به انه في أحسن حالاته ! مع قليل من الصبر سيستطيع المشي مجددا ! الا ترين كم تحسن في الثلاث سنوات الماضية ! "
مسحت امها دموعها وهي تقول
" اجل نحن بخير الآن ! امام ما عشناه ! كدنا ان نفقده ،فقدنا بيتنا ، جوهكان وحادثك ! نحن بخير ! واجهنا صعوبات لكننا واجهناها ! "
حضنت هازان امها وهي ترسم ابتسامة مشعة على وجهها، تفحصتها فضيلة قبل أن تقول
" ألا تبالغين في التصرف بسعادة منذ الصباح ؟ "
ارتبكت هازان وهمهمت بكلام غير مفهوم ثم ذهبت لتجلس على طاولة الافطار، كانت العائلة مجتمعة يفطرون في صمت ويستمعون بصبر الى أوامر والدتهم، اليوم لديهم خطوبة وعليهم التجهز لها، شربت شايها بسرعة وتحججت بحجة واهية لتخرج من البيت ..
كانت تشعر بالاختناق ولا شيء يسعها ..
البارحة عندما كانت تتسوق مع اختها وياسمين من اجل الخطبة رأت بشرى تجر عربة طفل، اختبأت لكي لا تراها، ولو رأتها ستتجاهلها هازان أكيد!
لقد سلمتها حياتها على طبق من فضة ، سلمتها ياغيز قبل ان ترحل من حياتهم ..
وصلت محل المرطبات الذي افتتحته مع اختها منذ سنتين، ستنهك نفسها في العمل كي تنسى، كما عودت نفسها ، لا تفكر ! لا تحلل ! لا تقول لو ! لا تتسائل عنه وعن حياته !

فتاة بطعم العُليقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن