لا أهتم

881 47 7
                                        

أول الغضب جنون، وآخره ندم ..
غضب يتحكم فينا بدل أن نتحكم فيه، يأتي لحظات ويرحل مسببا وراءه فوضى عارمة، حرب دامية، كلمات كالسيوف الحادّة قطّعت الأرواح وقتلتها ..
كيف لمن له خصلة الغضب أن يتخصّل بالندم، لماذا يندم الذي يقتل ويجرح ويؤلم، هل نفس اليد الجارحة تطبطب؟
وهل المجروح يُسامح؟ وينسى ؟

تجنّبته منذ تلك الليلة، يعيشان ببيت واحد، لكن كان لهازان القدرة على التخفّي، ثلاث أيّام لم يرها، لم يلمحها لثانية حتّى !
كانت تصحو قبله، ترتدي ثيابها وتخرج من البيت، أصبحت تقضي ايّامها ببيت شامكران ..
والروتين ببيت شامكران لا يتغيّر، تنزل ياسمين اولادها صباحا قبل ان تذهب الى الصيدلية، فتجتمع عائلة الام وعائلة الابن على طاولة الإفطار، يخرج جوهكان قبل الجميع ليلحق بالمواصلات، ثم تأخذ ياسمين ابنها توصله الى روضته، وتترك الصغيرة عند جدتها..
بعد خمس او عشر دقائق تأتي امينة التي اوصلت هي ايضا اولادها الى مدارسهم لتجد أمها وهازان لم ينهضا بعد من على طاولة الافطار، فتجلس وتشرب معهما شايا وتتحدثن عن كل شيء ولا شيء ..
قد تتغير مدة الجلسة خسب الأيام، في العادة لا تتجاوز الخمسة عشر دقيقة ولكنها أحيانا تصل الى ساعة اذا كان هناك نميمة بالحي، تنهض فضيلة لتتوجه الى آلة خياطتها وتترك هازان وامينة تتقاسمان اعمال التنظيف والطبخ ..
في الساعة الرابعة والنصف تخرج الأختان لتحظرا الأطفال من مدارسهم، تنشغل أمينة على طاولة الأكل مع اولادها للقيام بواجباتهم المدرسية، بينما تشرب هازان شايها مع أمها في غرفة الجلوس وتتأففان كل حين وآخر من صراخ أمينة ..
في الماضي كان أمين يعود من عمله ولكن بعد التقاعد اصبح يقضي يومه بالمقهى، يداعب أحفاده قليلا بينما تجهز فضيلة العشاء مع ابنتيها ..
حين يعود كل من جوهكان وياسمين، وينتهي عزيز من اعطاء الدروس الخصوصية، يجلس الكبار على طاولة العشاء بعد ان اهتموا بالأطفال..
بعد العشاء يذهب عزيز الى مجالس القمار بعد ان يتلقى لعنات وشتائم من فضيلة، يدخل أمين غرفته ليصلّي العشاء وينام، يصعد جوهكان الى بيته، أحيانا تلحقه ياسمين وأحيانا تبقى، الامر مرتبط ان كانا على وفاق او لا، ولكن في الأغلب الاوقات تبقى مع حماتها وأُختي زوجها ليتابعن مسلسلا ..
ثم يخلد الجميع للنوم، يمر الليل، يستيقظون ليقوموا بنفس الأشياء التي قاموا بها البارحة ..

لم تتوقع هازان أن يفتقدوها او ان يشتاقوا اليها، لكنها لا تنكر سرورها بردود أفعالهم، بدءا من والدها الذي احتضنها مطوّلا وكادت ان تبكي بين أحضانه، الى جوهكان وامينة وحتى ياسمين الباردة كما تناديها أمها، تعلق الأطفال برجليها وخصوصا ميليسا الصغيرة وصولا الى أمها التي أعطتها، ولأول مرة منذ شهرين ابتسامة رضا ..
عندما تواصل قدومها لثلاث أيام متتاليات، تملك الشك قلوب أفراد عائلتها وسألتها أختها ان كانت علاقتها بزوجها على ما يُرام، استغربت هازان، فأمينة هلى هذه الحال منذ عشر سنوات، ولم يربط أحد ذلك بعلاقتها بزوجها ولكن الاخت المسكينة قالت لها
" أنتما غير! أنتما تزوجتما عن حب !"
أكدت لها هازان أن علاقتها بزوجها تسير على ما يُرام وفكرت أن عليها ان تبقى اليوم الرابع ببيتها لكي لا تثير الشكوك أكثر، فإن استطاعت جعل قلق أختها يتلاشى فلن يكون الامر بالسهولة نفسها ان طرحت عليها أمها نفس السؤال !

فتاة بطعم العُليقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن