الفصل الثالث والعشرون

649 101 64
                                    

لطفاً.. صوّت للفصل قبل البدء بالقراءة..⭐️

اكتشفتُ أن طاقة القبطان هي الهواء.. وذلك حين رفع يده ليشكّل فتحة في العاصفة الدائمية المحيطة بالمنطقة.. حتى مررنا من خلالها بسلام.. ثم أنزل يده فعادت الرياح لتسدّ الفتحة.. لحظاتٍ قليلة ثم بدأنا نرى السفن الأخرى.. شعرتُ بشوقٍ لرؤية البشر الطبيعيين.. بشر مشغولين بمهام الحياة اليومية.. سمعتُ آسر يسأل رفل:

ـ من سيأتي لاستقبالك؟

ـ أخي بالطبع.

ـ هل ألقي التحية عليه أم أنه قد يدفنني في مكاني؟

ـ عددنا قليل كما هو، لسنا مستعدين لفقدك.

ـ حسناً، فهمت.

أبعدتُ عينَيّ عن النوافذ وطلبتُ من الجميع أرقام هواتفهم.. نعم.. لقد استعدنا هواتفنا صباح اليوم.. سجلتُ أرقامهم عندي وأعطيتهم رقمي للحالات الطارئة.. وما هي لحظات أخرى حتى رأينا المدينة في الأفق.. بقلبٍ يرفرف أسرعتُ إلى النوافذ لأتمكن من رؤية والدي حالما نقترب.. فعل رفاقي المثل وهم يتوقون لرؤية أهلهم.. ثم بدأتُ ألمح الأهالي.. لم يكن عددهم كبير.. ربما لأن عددنا لم يكن كبيراً أيضاً.. أشارت رفل بحماس نحو أحدهم وهي تقول بحماس:

ـ ذاك هو أخي، الطويل صاحب السترة الرمادية.

بحثتُ عنه بين الواقفين حتى رأيته.. حسناً.. إنه لا يشبه رفل بالطبع.. لكنها محقة في أنه حسن المظهر.. قالت ليال بلهفة:

ـ لقد جاءت عائلتي كلّها!

سألتها رفل:

ـ أين؟

ـ هل ترَين العائلة بامرأة ورجل ومعهم ثلاث أطفال؟ إنهم أخوتي الصغار.

نظرتُ إلى آسر وسألته:

ـ أين أهلك؟

هزّ بكتفيه:

ـ طلبتُ منهم ألا يأتو.

نظرت رفل إليه بدهشة:

 ـ لمَ لا؟

ـ لا أريد لأمي أن تتعب نفسها بالمواصلات، أستطيع تدبير نفسي بنفسي.

لكن همام لم يقبل بذلك، بل قال:

ـ ستأتي معي، أخي الكبير بانتظاري وسيارته حديثة، ستعجبك.

ضحك آسر وقال:

ـ إن كان كذك فلا يمكنني الرفض.

ثم لمحتُ والدي.. وأمتلأ صدري بمشاعر الشوق والفرحة.. لم يتغير مظهره رغم شعوري بأنني غبتُ لسنين.. ما زال شاربه بطوله الذي اعتدتُ عليه.. ما زال شعره ممشط بعناية ورغم عدم رؤيتي لشيبه من هنا إلا أنني أعلم بأن عدده لم يزدد.. لقد أنزل نظاراته عن عينيه ليرانا جيداً من بعيد.. لم أقاوم ابتسامتي ونحن نقترب منهم.. ثم سارعتُ بالامساك بحقيبتي لأستعد للنزول من السفينة حالما تركن عند اليابسة.. ألقينا وأنا ورفاقي تحية سريعة على بعضنا ثم أسرع الجميع ليغادر السفينة ويجتمع بأحبته.. بالكاد كنتُ أسير باتزان حين أسرعتُ إلى والدي الذي تعجل نحوي والابتسامة الحنونة تزيّن وجهه.. ثم دفنتُ نفسي في حضنه الذي كان أماني منذ الصغر.. أبي.. لن تبدل أي حقائق حقيقة أنك أبي.. لن تمحو أي حقيقة السنين التي قضيتها في كنفك ووسط حنانك وعنايتك.. قبّل وجنتَي وقال:

جامعة نايلوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن