الفصل الأخير

1K 146 180
                                    

لطفاً.. صوّت للفصل قبل البدء بالقراءة..


بدأتُ بسحب الطاقات الأقوى إذ أنها تشكّل الخطر الأكبر.. وكانت طاقة أوار الأولى.. حالما سحبتُ طاقتها سمعتُ صراخها الذي زعزع تركيزي.. هل.. هل سحب طاقتها يعني بأنها لن تستطيع حماية نفسها من النار؟.. هل تصرخ لأنها تحترق؟.. لكن صراخ الأبرياء أجبرني على المواصلة وسحبتُ طاقة قوية أخرى.. قد تكون لخنساء.. لم أعد أميّز الصرخات.. لأنني بالكاد كنتُ أستطيع التركيز بسحب الطاقات مع حرارة الجسدي التي أخذت ترتفع وهي تحاول احتواء الطاقات الجديدة.. ورغم خطورة الأمر واصلتُ سحب طاقة تلو الأخرى.. مع كل طاقة أسحبها تصيبني الرجفة وتزداد حرارة جسدي.. للحدّ الذي بدأتُ أشعر وكأنني أحترق مع كل الذين التهمتهم النيران..  كانت النيران أسفلنا تنخفض جزئياً.. لكن ليس بالشكل المطلوب أبداً..  فجأة اعترض جيوم طريقي ووقف أمامي ليمسك بيدَي ويقول بحزم: 

ـ يكفي. لن أسمح لكِ بالتضحية بنفسك.

تمتمت وأنا أتلوى ألماً:

ـ إنهم يحترقون..

ـ إننا نساعدهم بما نستطيع.

نظرتُ إليه بعدم فهم.. فأومأ نحو اليمين.. التفتُ ورأيتُ فينيت ووانا يطيران بجانبي وهما يمدّان أيديهما ويعملان على دفع النيران نحو البحر بواسطة الرياح.. إلى جانبهما كانت آليك تصنع كتل عملاقة من المياه وترميها على النيران الملتهبة.. ومعها طلابها الذين يساعدونها في المهمة.. ثم جعلني جيوم التفت إلى الشمال.. حيث كان رفاقي وعدد من الغرباء يقومون بالمثل.. يحاولون اطفاء النيران بطاقاتهم.. شعرتُ برغبة مفاجئة بالبكاء وأنا أرى توحد قواهم لردع النيران.. ثم أعدتُ نظري إلى الأسفل.. واكتشفتُ بأنهم كلّما أطفؤوا جزءاً من الحرائق فإن أصحاب طاقة النار يعيدون اشعالها بكل سهولة.. لن تكون طاقاتهم نافعة بما يكفي.. لن تنخمد هذه النيران إلا بسحب طاقة النار من كل من يسيء استخدامها.. قلتُ بيأس وأنا أحاول سحب يدَي من يديه:

ـ لن.. يكون كافياً..

ضمّ يدَي إلى صدره وقال:

ـ سيكون كافياً.. لا تنسي بأنكِ جمعتي الكثير من الطاقات، طاقتكِ الآن قد تعادل كل طاقاتنا.. استخدميها.

إنه محق.. لقد جمعتُ الكثير من طاقات النار.. ربما أستطيع اخماد ولو جزءاً منها؟.. لمَ ألجأ للانتحار قبل تجربة السبل الأخرى؟.. تستحق عائلتي أن أعطي نفسي فرصة.. يستحق جيوم ألا أفجعه بي.. بغصةٍ أوماتُ برأسي موافقة.. فتنفس جيوم الصعداء وكأن حملاً ثقيلاً انزاح عن قلبه.. أفلتَ يدَي أخيراً وقال:

ـ إذن ضعي حداً لهم.. أيتها الملكة.

تنحى عني ليظهر المنظر البشع من جديد.. النيران الضخمة التي تكاد تصلنا.. صرخات تدمي القلب.. أنين منخفض لمن فقد القدرة على الصراخ.. ورائحة.. رائحة لا أريد وصفها.. لأنها لم تكن لنبات أو جماد.. لم تكن لحيوانات.. كانت.. ابتلعتُ غضتي ومددتُ كلتا يدَي أمامي.. بعزمٍ وإرادة استجمعتُ طاقتي التي بالكاد احتواها جسدي لعظمتها.. ثم وبأمرٍ واحدٍ جعلتُ ألسنة النيران تنخفض لأمتار.. ثم سارع الآخرون بإخماد ما تبقى منها بالتراب والماء والرياح التي أرسلت الشعلات إلى البحر.. وهكذا.. تلاشت كل النيران.. ولم يبقى إلا دخانها.. ثم ظهر ما كانت تخفيه.. المنظر الذي جعل رجفة تصيب قلبي والدوار يصيب رأسي.. أمسكتُ بذراع جيوم وأنا أستند عليه خوفاً من الاغماء.. لا أستطيع القول بأنها كانت جثث حتى.. فلقد تفحم معظمها.. عشرات وعشرات الأجساد المتفحمة.. من طلابنا.. من طلاب الغرباء.. من أساتذتهم.. وأساتذتنا.. بيبرس.. أوار التي سحبتُ طاقتها فذاقت ما أذاقته لغيرها.. وخنساء.. حتى سالي.. وضعتُ يدي على فمي وقد هاج شعور الغثيان.. حتى جسد هيلانة تعرّفتُ عليه رغم تفحم معظمه.. همستُ بصوتٍ مرتجف وأنا أجلس على الأرض لعدم قدرتي على الوقوف:

جامعة نايلوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن