1- البداية

142 15 8
                                    


منذ سنتين عِندما كان الوضع أكثر هدوءًا نوعًا ما..
في أحدي الأماكن في القاهرة ..

صِبا وهى تمسك شقيقتها من أذُنها :
"قولنا كام مرة ناخد بالنا من كلامنا ها!"

"يا حجه سيبي ودني الله يرضي عنك ،ما هو اللى لسانه طويل ،اسكتله يعنى ولا اسكتله؟"

"لا حاشا لله انتى تسكتي بردوا ودي عايزة كلام! ..بتقوليله روح يا ابن المعفنه ف نص الشارع يا شفق ! ف نص الشارع !"

"بقولك ايه خلصنا خلاص واهو راح لحاله ..ثم اكملت شفق بحب :
"ها هتعمليلنا اكل ايه انهاردة يا قمر انتى ؟"

لتردف صِبا بحب هي الأخري ،مداعبة أنف شقيقتها الصغري :
"اللى تطلبيه هنفذه يا ست البنات.."

انتهزت شفق الفرصة ،فأردفت :
"طيب حيث كدا بقي انا عايزة أكل ..بيتزا ،وشاورما ،وسنداوتش برجر دبل ،وفتة ،ومكرونة بالجمبرى ،ومتنسيش صح بيبسي دايت .."

نظرت لها صِبا بـعينين واسعتين ،ويكاد يخرج دخان من أنفها الذي أحمرَّ فجأة بـغيظ ،مردفة بتهكم : "وايه لزمته البيبسى الدايت بعد داا كله إن شاء الله!!"

أردفت شفق مازحة ،وهى تختبأ من أختها بعد أن رأتها تركض خلفها ،وهى ممسكة بـكفها حِذاء يدعي"شبشب": عشان الرجيم يا اوختاه الاه!

أخذا يركضان خلف بعضِهما بِحُب ومَرح ،فقد كانا اطفالًا عندما تركهما والديهما ،حيثُ ذهب كلًا منهم ليتزوج ..تاركين أطفالهم (صِبا وشفق) ،اللتان لا دخل لهُن في أخطائهِم! فقد كانت "صِبا" حينها في سن الخامسة عشر من عمرها ،وكانت "شفق" في سن التاسعة ،نعم فـ فارق العمر بينهما سِتّ سنوات ..
فقد تمَ تركَهم فى بيت قديم بِمفردهم فى هذا السن الصغير ،ذلك البيت الذي تزوجا فيه والديهما ،تركوهم وغادروا بدون اي شفقة من كليهما!..
حتيٰ أشفقت عليهن سيدة مُسِنة تكون جارتهم في المبنى الذى يقطنا فيهِ ،كانت هذه السيدة فى كل صباح تأخذ صِبا إلي العمل ..
السيدة وهى تطرق علي الباب بقوة:
"صِبا يلا يبنتى عشان تروحي شغلك ..لو اتأخرتي هيرفضوكى ،يلا بسرعة"

فى الداخل ..كانت صِبا تتحدِث مع أختها :
"انا ماشية على الشغل ،يلا عشان اوديكى المدرسة في طريقي"

"ما تسيبى الشغل ،وتيجى معايا المدرسة يا صِبا ذي زمان!" قالتها شفق ببراءة وتعجب ،فقد كانا دائما ما يذهبان سويًا إلي المدرسة ..لكن بعدما أجبروا على العيش بمفردهم ،أصبحت صِبا تتولى كل أمور شفق ،وتحاول بقدر المستطاع توفير المال من أجل تعليمها ،فلم تكمل صِبا تعليمها واعتمدت على نفسها وذهبت للعمل.

أردفت صِبا ،وهى تحاول إخفاء تلك الدموع التى تكونت فى مقلتيها :
"مش بإيدي والله ..ثم أزالت الدمعه التي فرت من عيناها ،ممازحة حتى تغير مجرى الحديث : "يلا بقى يا شفق عشان احنا اتأخرنا ،والست اللى برا شكلهاا هتعجز ،وهى واقفة مستنيانا كدا!"

سَهمٌ وقَع في الفُؤادحيث تعيش القصص. اكتشف الآن