4- الإنتحار

50 6 2
                                    

"معقول مش فكراني يا شفق!" ..نطقت المرأة بحنية بالغة.

تعجبت شفق ،وشعرت بالقلق قليلّا تجاه هذه المرأة الغريبة ،وكادت أن تتركها لتغادر مبتعدة عنها..لكن ثواني ..كيف عرفت هذه المرأة أنَّ إسمها شفق!؟

"إنتي مين وعرفتي إسمي منين؟"استفهمت شفق منتظرة الإجابة ..لكن الإجابة صدمتها حتي إنها كادت أن تفقد الوعي بعد الذي سمعته..

"أنا مامتك يا شفق ..انا سيبتك وانتى عندك 9 سنين ايوا.. لكن كنتي كبيرة كفاية إنك تفتكرى شكلي على الأقل! وحشتي ماما يا شفق ،وحشتيني أويي." ..قالت المرأة هذا الكلام دفعة واحدة ،وعلامات الحب ،والجدية في حديثها وايضًا الندم قليلا من فعلتها تلك..

"مامت مين إنتي عبيطة يا ولية إنتي!!." نطقت بها شفق ،رافعة حاحبيها بعصبية ،وكادت أن تغادر ،لكن أوقفتها المرأة قائلة في حزن وقهر:
"انا ولية! ..بس معاكى حق أنا أسفة ،أنا اللي.." ،قاطعتها شفق قائلة بحزم ،ووجع ظهر في نبرة صوتها :
"أنا معرفكيش ،أنا معنديش أم غير صِبا أو بمعني أوضح أنا معنديش حد فحياتي كلها غير صِبا.. ثم أكملت ،وهي تقوم بالعد على أصابعها في وجه المرأة ،وهي تجاهد فى منع بكائها : "صِبا هي أمي اللى كانت جمبى لما اتخليتي عننا ،كانت جمبى في كل لحظاااات حياتى ،كانت أختي ،وصحبتى ،وأبويا اللي بسند عليه ويحمينى!.. صِبا اللى ضحت بتعليمها ،وحياتها كلها علشاني"..ثم أكملت بقهر ونحيبها يزداد متناسية تمامًا إنهما في منتصف الشارع ،فصاحت بصوت عالي ظهر فيه كل ألمها: "في الوقت اللى انتي روحتى تتجوزي وتشوفي حياتك ،وكنتي سايبة بناتك الصغيرين الحياة تخبط فيهم من غير أم!" ..وما إن أنتهت حتي نالت صفعة قوية علي وجهها جعتلها ترتد على الأرض.

وضعت شفق يدها علي خدها بعدما أحست فيه بتخدير قليلًا ..وجدت شاب يمدّ يدهُ لها ليُساندُها ؛لكِى تقف ،لكِنها استقامت بنفسها دون مساعدته ،ثم وقفت أمام المرأة ،وعيونها تشتعل من كثرة الدموع التي تهبط على وجنتيها دون توقف ؛فهي لم تستطِع إيقاف بكائها رغم القوة الظاهرة في مظهرها أو في كلامها !..كاد الشاب أن يُصرخ علي المرأة ،لكن أوقفته شفق قائلة بثبات ،وهي تبتسم بوجع :"إنتي ليكى عين تمدي ايدك عليا كمان ،يبجاحتك!"،رفعت المرأة يدها مرةً أخري ؛لكي تضرب شفق علي وجهها ؛بسبب حديثها ،لكن أعاق الشاب حركتها ،حيثُ أمسك رسغها بقوة مانعًا إياها من لمس شفق!..
أفلتت المرأة يدها من كف الشاب بصعوبة ،وهي تردف بعصبية:"انتَ مين عشان تتدخل بين أم وبنتها !" ..ثم أكملت موجه حديثها لشفق: "وانتي ازاى تكلمي أمك بـقلة الأدب دى ،أنا مهما كنت أمك وهفضل أمك فاهمه ولا لا !!"..
قهقهت شفق بقوة ،حتي لم تستطع أن توقف نوبة الضحك التي أصابتها ،نظر لها كلًا من المرأة والشاب ،نظرت المرأة لها بإمتعاض وحنق ،لكن نظرة الشاب كانت ساحرة فأخذ ينظر لضحكتها وكم هي رائعة ،فأردف في سره: "يخربييييت جمال ضحكتك يشيخة!!".
شفق وهى تحاول كبت ضحكاتها لتتحدث:
"أم وبنتها!! إنتي مصدقة نفسك بجد..!" ،ثم أكملت محذرة ونبرة مرعبة : "بصى انا محترمة إنك ست كبيرة ،وإلا والله ما كنت هسيبك سليمة بعد الكف اللى ادتهولي ! ..وياريت ماشوفش وشك تاني تمام!!". ثم تركتهما وغادرت.
_________________

سَهمٌ وقَع في الفُؤادحيث تعيش القصص. اكتشف الآن