"الفصل الثاني"

1.3K 90 9
                                    

بعدما صعد "مراد" إلى غرفته حاول تكرارًا أن ينام ولم ينجح ثم أشغل القرآن لكي يهدأ قليلًا عن طريق سماعه لتلاوة الشيخ وجد أن محاولته باتت في فشل فجلس ينعزل عن ضوضاء العالم عن طريق ممارسة هوايته المفضلة'الرسم'جلس أمام لوحة كبيرة إلى حد ما وشرع في الرسم

مرت فترة ونظرت "زينب" إلى غرفته حزينة بسبب حديثها هي وجده وضغطهم المكرر عليه فتنهدت تاركة مابيدها وصعدت إلى غرفته لكي تعتذر له وطرقت على باب الغرفة
كان"مراد"توصل في رسمه إلى ملامح فتاة وشرع في توضيح الملامح ولم ينتبه لطرقات جدته
فدخلت"زينب"وربتت على كتفه فأنتبه ونظر لها قائلًا:
'نعم ياتيتة في حاجة'
"إيه ياحبيبي بقالي كتير بخبط على أوضتك وإنتَ مبتردش"
'أه معلش مخدتش بالي سرحت'
"ولا يهمك ياحبيبي.. تنهدت قليلًا وأكملت حديثها: حقك عليا من اللي أنا قولته زودناها عليك شوية أنا أسفة بس إنتَ عارف إني عاوزة مصلحتك ونفسي أشوفك مبسوط"
'أنا مبسوط كدا ياتيتة، ومش عاوز حد في حياتي'
"مبسوط فين دا يا إبني قافل على نفسك ومش متفاعل مع حد وبعدين ياحبيبي دي سُنة الحياة، ولازم يبقى عندك زوجة وأولاد"
نظر لها بإرهاقٍ من تكرار نفس الحديث:
'مش عاوز ياتيتة كدا اريحلي'
نظرت له بقلة حيلة:
"إللي تشوفه أنا مش هتناقش معاك تاني"
أومأ لها برأسه وألتفت يكمل رسمه

إبتسمت له لتقلل من توتر الأجواء قائلةً:
"وريني كدا بتعمل إيه"
نظرت للوحة بعدما أفسح لها لتنظر بوضوح ودققت من ملامح الفتاة التي يرسمها ومن ثم تحولت الإبتسامة إلى وجه عابس وغاضب ثم نظرت له مردفة بعصبية:
"تاني يامراد يا إبني إنتَ قلبك دا لازم تزعله"
نظر لها بمللٍ:
'تاني إيه ياتيتة وبعدين قلبي كدا كدا زعلان أصلًا مش لسة هزعله فخلاص بقا'
"نفس البنت إللي إنتَ بترسمها ماتنساها بقا..إنتَ مصمم تزعلني منك يعني إرحمني وإرحم نفسك فوق لنفسك هي مشيت خلاص"
نظر لها وظل صامتًا
بينما هي غضبت من طريقته فقالت بصراخ:
"لما أكلمك ترد عليا.. مراد أنا مبقتش باقيالك على الدنيا لا أنا ولا جدك شوف نفسك دور عليها إنتَ مسلم نفسك للناس"
'ياتيتة بعد الشر عليكوا ليه بتفضلي دايمًا تقوليلي كدا'
قالت مؤكدة:
"عشان دي الحقيقة أنا هييجي في يوم وأموت أنا وجدك.. مين هيبقالك قولي"
قال بخوفٍ عليهما:
'يا رب أنا قبلكوا مش كفاية عليا دا كله'
"يا إبني إنتَ لسة صغير فوق لنفسك وريح قلبنا كلنا وشوف نفسك"
قال بنفاذ صبر:
'مش عاوز أنا مش عاوز أتجوز أنا'
قالت ببكاءٍ لأجله:
"يا إبني حرام عليك بقا"
'ياتيتة وهو دا يضركوا في إيه أنا مرتاح كدا، وأنا عاوز كدا'
"إنتَ بتكابر إنما إنتَ مش مرتاح وعمرك ما إرتاحت أصلًا"
'مش بكابر على حاجة أنا مرتاح كدا'
"والله بتخبي وإللي في الرسمة دي هي السبب عشان هي مش خلاص يبقى مفيش جواز يعني"
'أنا مرتاح كدا فمروحش أجيب حد كمان أكرهه في عيشته،ولإني مش مستعد للجواز لا نفسيًا ولا ليا خلق لحد'
"معلش يامراد بس أنا أسفة من إللي هعمله دا"
أمسكت باللوحة التي كان يرسم فيها وقامت بتقطيعها
نظر لها بصدمة وأثارت هذه الحركة غضبة وبشدةٍ فقال بصراخ:
'بتعملي إيه'
"بعمل إللي المفروض يتعمل عشان تفوق الواضح إن أنا دلعتك"
'أنا فايق وفايق كويس اوي كمان.. محدش ليه دعوة بحياتي بقا'
"يعني إيه.. لا طبعًا لينا احنا بنفكر في مصلحتك"
'مصلحة إيه أنا محدش حاسس بإللي جوايا فمحدش ليه دعوة'
"برضه هتقول كدا يا إبني ريحنا بقا"
قال بنفاذ صبر:
'مش هرتاح مين قالك كدا انا عمري ماهرتاح لو خطبت'
"ما إنتَ كنت مرتاح معاها اشمعنى هي"
قال وهو على وشك البكاء:
'وأهي خلاص راحت يبقى كفاية'
"راحت يبقى تشوف غيرها وتدور على نفسك"
'مش عاوز أنا عاوز أعيش كدا'
"لا مش كفاية يامراد ولو هتعمل كدا يبقى على جثتي"
'أنسب حل إني أموتلكوا نفسي وترتاحوا'
قالت بإستنكار.ٍ:
"أه ما إنتَ كل أما تتزنق في الكلام تقول كدا"
عاد"شهاب"من عمله وسمع صوت مشاجرة من غرفة"مراد"فصعد لغرفته ووجدهم يتشاجرون فصرخ عليهم بشدةٍ:
"بس بس بتتخانقوا ليه"
سكتوا الإثنين ناظرين للأرض، فنظر"شهاب" لـ"زينب" ووجه حديثه لها:
«في إيه يازينب»
قالت محاولةً لتخفيف حدة الموقف:
"مفيش ياشهاب خلاص حصل خير"
"في إيه قولت"
"موضوع الجواز ياشهاب في غيره"
"والبيه مصمم برضه.. ثم نظر له وأكمل:" عاوز تفضل وحيد يعني ما واضح من زعيقه لسته أصل ملوش كبير إسمع ياض إنتَ عشان شكلك بتفرد دراعك علينا أوي كلمتي إللي تتنفذ إحنا عارفين مصلحتك"
نظر له بغضبٍ شديد:
'أنا مفردتش دراعي على حد ومجبرتش حد على حاجة وبعدين أنا عارف نفسي مش مستني حد يعرفني'
"لا بالوضع دا متعرفش، وعلطول فاكر البت دي وهي خلاص راحت ماتنسى بقا يا أخي بقا"
'مش ناسي ولا هنسى، وعمرها ماهتروح عن بالي حلو كدا'
"لا مش حلو ولو مش هتنساها بالذوق هنسيهالك بالعافية"
قال له بنبرة باردة:
'تمام مستني'
ثم تركه وجلس على المقعد مرة أخرى فغضب"شهاب"وخرج من الغرفة صاعقًا للباب
تنهد مراد بحزن ووقف يجلب متعلقاته الشخصية
فنظرت له"زينب"قائلة:
"رايح يا إبني بس"
'هتفرق معاكوا يعني'
قالت بقلة حيلة:
"يا إبني حرام عليك نفسك وعلينا ماتقول رايح فين"
'هنزل إسكندرية'
"ليه إنتَ لسة أجازتك مخلصتش"
قال بنبرة لامبالاة:
'مش عاوز أجازة'
نظرت له "زينب" بحزن قائلة:
"ماشي براحتك إتفضل"
أومأ له بصمت وخرج من المنزل وقاد سيارته متجهًا للأسكندرية وأثناء سيره في الطريق بكى من شدة حزنه على نفسه وروحه

"حاول تصالح نفسك وروحك وتتأقلم عليها عشان لو جيت أهملت فيها لفترة هتنفجر فيك"

"حِينَ إلتقِيتُكَ" حيث تعيش القصص. اكتشف الآن