١٧

17 7 2
                                    

ياسر

لا أتذكر أخر مرة جلست بها مفردي مع ذاتي ،أفكر بشئ أو أعيد لقطات من الماضي ،الفترة الاخيرة كان كل شي يمضي سريعًا من دون سيطرة مني او حتى الشعور بما أمر به،لكن اليوم وأنا جالس خلف مكتبي الذي تتكدس على سطحه قضايا تنتظر حلها او النظر بها فجأة قررت الراحة قليلًا وسرح عقلي بعيدًا او عاد بضع سنين للوراء .
تُحب فكرة أنك تعطي مشاعر تجعل المقابل يُحبك،تُحب فكرة أن هنالك شخص يحتاجك في أمر يعرف جيدًا بأنك ستنجزه ،لديك مشاعر ولا تفهم كلامي بشكل خاطئ أنتَ لست مجرد منها لكن نظرتُكَ للحب مختلفة ،لم أشعر يومًا بأنك تحبني كما تقول لا عندما قلتها ولا عندما عانقتني و قبلت شفتي وبالطبع لم أشعر بها وأنتَ تضع خاتم خطوبتنا في أصبعي ،هذا ما كانت تقوله دُنيا حبيبتي وخطيبتي السابقة لتصفني ،لكن أنا أحببتها وإلا لما عرضت عليها الزواج أكيد لم أأخذ هذه الخطوة بدافع الشفقة عليها مثلًا ،كُنت مثالية بالنسبة لك أعطيك مشاعر لطيفة هذا ما قالته عندما وضحت لها الموقف
أفهمني يا ياسر أنتَ تحب لكن بطريقة مختلفة أنتَ تحب من أجلك ،هل فهمت؟ تُحب دُنيا لأنها تحبك لكن لو  سئلت عن  أكثر شئ تحبه فيها ستقول كل شئ وهذا لا يجوز،نحن كأشخاص لا نحب ذواتنا بشكل كامل دائما لدينا شئ نتمنى تغيره او تحسينه ،الحب ليس أن تحب بشكل كامل وأن تبحث شخصاً بلا عيوب، لان هذا لا يمكن ، بل هو أن تحب وأنتَ تعرف بأن هذا الشخص لنرى مثلًا لديه عاده سيئة ولا يمكن تغيرها لكنك تحبه على أي حال وتتقبل هذه الخصلة فيه هذا هو الحب يا ياسر وانتَ لا يمكنك أن تحب بهذه الطريقة ،لو تزوجنا وأغلق علينا باب واحد ورأيت بي صفة لا تحبها ستموت من أجل تغيرها ،ستعطي ربع حياتك مقابل أن أكون الشخص الذي تخيلته ورسمته في رأسك ولن يغير هذا الشئ ما أفعله ،وأنا لن أصبح هذا الشخص لن أندمج في عالمك ولن أرتقي أبدًا لطموحك  ،والأدهى بأنك لن تقبلني ،ستقول بأنك تقبل وتقسم بذلك لكن ستكون هنالك ماذا لو فعلتي هذا...،دائما في حديثنا،عندما أنظر لك الان أعرف جيدًا بأن ما نتجادل عليه الان سيكون هو مثلة بعد عشرون سنه زواج وأربعة أطفال ،وأنا يا ياسر لا أستطيع تؤرق نومي هذه الفكرة لذا فكسر قلبي الان أهون ،أريت أنت لا تقول شئ،حسنًا مالذي تنتظره مني ،هل فكرة أن كل شخص يحب بطريقة مختلفة صعبة ،فأنا أحببتها حقًا بل وكثيرًا رسمت حياتي على مقاس أحلامها وحاولت أن أرتب ذلك جيدًا ،لكن كل هذا يبدو بأنه لم يكن كافي لذا تركنا بعضنا البعض قبل خمس سنوات،أصادفها أحيانًا في أروقة المحاكم ،ننظر لبعضنا البعض من بعيد ودومًا ما يحصل شئ يأخذنا من أمام أنظارنا،فكرت في بداية أنفصالنا ولمصادفتي المتكررة لها بأنه القدر يريد لنا أن نعود وأن نحب بعضنا البعض بطريقة مختلفة ،لكن أستنتجت بعد سنةً من المحاولات المستمرة بأنه العكس تمامًا ،وضعنا في مكان عمل واحد كخصوم دائمين نتيجة عملي كمحامي مستقل وهي كشخص يعمل في مؤسسات الدولة دائما ما يوضع ليطعن بعملي كونه عمله، بأنها محقة كرهتها كخصم ليس لأنها أقوى لا بالعكس فأنا أحب المرأة القوية لكن طريقتها في العمل لم تكن محببة لي،أيقنت بأنني لا أستطيع أن أراها في المحكمة ونتجادل ونصرخ ربما في وجه بعضنا البعض ثم نعود للمنزل ونتناول العشاء ونعاشر أجساد بعضنا البعض بنهم وجنون وتصرخ أسمي بنشوة أيقنت بأنني سأسمع دومًا منها ياسر غاضبة حتى لو قالتها بنشوة في أذني   لذا هي محقة ،لسنا جيدين لبعضنا البعض،
لكن لا يعني ذلك بأنها محقة في وصفها لي لا أعلم لما هي في بالي اليوم ربما لان المتدربة الجديدة لدي أسمها دنيا،أتوقع بأنه السبب لأني أعرف جيدًا ومن خلال تجارب من هم حولي كذلك بأننا  سنتذكر دومًا صاحب الاسم الذي صادفناه أول مرة ،سنبقى نربط الاسم به كل ما صادفنا أحد أخر يملكه ،  ،فعمران  مثلًا كل لبنى ستكون بالنسبة له  شبح طليقته ،لكن الامر مختلف مع نور كونها  تبتسم  ويحمر وجهها كل ما سمعت أسم  لبيب ترتسم أمامها صوره زوجها،و والدتي تأخذ الامر لأبعاد أخرى في كل مرة تعرف بأن شخصًا له نفس أسمي وأخوتي و والدي ويحمل عكس صفاتنا تتوقع جميع من هم نور كنور أختي وهكذا بالنسبة للبقية ،فنحن دائمًا وبلا شعور نربط الأسماء بأصحابها الاوائل لا يهم كم سأعرف من دُنيا في حياتي ستخطر دُنيا واحدة على بالي في كل مرة أسمع هذا الاسم.
شرحت لدُنيا الجديدة طريقة العمل ووضحت لها واجباتها والمهام المطلوبة ،كانت مرتبكة كل مافيها مبعثر تتنفس بسرعة ،تبتسم ثم تزيلها بسرعة تنظر لي واذا ما نظرت غيرت مكان نظرها ،تهز رأسها بفهم بينما عيناها تصرخ بأنها لم تفهم شئ من ما قلت،تقول نعم على كل ما أخبرها بها بينما ملامح وجهها تتوسل بأن أشرح ببطئ أكثر،ومن يحكم عليها فهمتنا صعبة وتحتاج تركيز ،تذكرت أول مرة دخلت فيها لمحكمة وأنا أرتدي معطف المحاماة كنت سعيدًا جدًا شعرت بأن ظهري سينبت جناحين وأتحول لطير،لكن ما أن وضعت قدمي في المحكمة ومشيت في الممر كنت أريد أن أصرخ ارتبكت،صراخ من كل الجهات المذنب يصرخ والبريء  كذلك كل بطريقته زوجات تدعي على ازواجها بالموت والحياة العسرة ،أناس تصطدم بك وتعتذر من دون أن تنظر وتتوقف ،أصوات والكثير منها كان رأسي سينفجر خرجت وتقيئت ما كان في معدتي ،كنت أسئل نفسي ولمدة اشهر بلا توقف أن كانت المحاماة فعلًا  مناسبة لي،لكن الان وبعد ثمان سنوات أعتدت ذلك الصراخ والتصادم والضرب أحيانًا،بل أفتقد ذلك أذا ما دخلت محكمة كان يعمها الهدوء واتساءل عن السبب وهي كذلك ستعتاد ،بالذات وأنها أختارتها عن حب كما قال لي والدها ،ستخطئ وتخاف وتسئل نفسها أن كانت جيدة لهذه المهنة لكن في نهاية الامر لن ترى نفسها تفعل شيئًا أخر غير المحاماة .
تركتها مع أنهار كونها تحب أن تكون المرشد لمن هو جديد في العمل وعدت لمكتبي
تذكرت بأنني وعدت أبن نور الاصغر بأن أحضر ليا ونذهب للعشاء عدهم،وسئلت نفسي بما أن عقلي الان يحب أن يسئل هل أنا كأخ جيد؟ كعم وخال كيف أبدو يجب أن أسئل أخوتي و أطفالهم،وأبن يا ترى هل يراني والدي جيدًا تثني والدتي عليا عندما تكون في مزاج جيد لكن والدي لنرى ربما دائما لكن لا يقولها بشكل مباشر أبدًا ،يصوغها بطريقة أخرى لكن  أعرف بأنه يراني أبن جيدًا ،
وصديق يا ترى جيد؟،أن كان يقيس ذلك في العدد فأنا لا أملك سوى ثلاث أصدقاء من ضمنهم أخي عمران لذا ربما لست كذلك لكن أن كان بالسنين فأنا أعرفهم طول عمري تقريبًا وعشت حياتي معهم لذا ربما أنا جيد ،ربما سأسئلهم في جلستنا الأسبوعية بعد أن يعود عمران الذي ألتحق بالعمل مؤخراً بعد شفاء قدمه
و كقريب لعلياء تحديدًا هل أنا جيد؟،لم أراها منذ اسبوعين أخر مرة رأيتها بها كانت عندما أوصلتها الى المنزل مع زوجه خالها،أتصل بي خالها مساءً وقال بناءً على طلبها بأنها تحتاج الوقت لتراني مرة أخرى ،لم أعترض قرارها وتركتها على راحتها بالذات بعد ما قالته الطبيبة على لسان زوجة خالها وبأنها ستحتاج قليلًا من الوقت الان أكثر من قبل لتأخذ قرار لكنه يطمئنني دائما عن وضعها تبكي كثيرًا وتصرخ أحيانًا لكنها تضحك كذلك وعادت لمشاركتنا جلستنا وعاد أحساسها بالوقت قال
وهذا يبشر بخير بالنسبة لصحتها النفسية ،إما على مستوى القضية التي لا توجد أوقفنا كل شئ بما فيهم عملية البحث عنه لوقت الحالي  بناءً على رغبتها وخالها نحتاج أن نترتب حياتنا من جديد وما دامت علياء معنا وبخير لا يهم كل شئ ملحوق عليه قال ،لكن رغم ذلك لن أقف الى أن أحاسب من أوصلها الى الذي هي فيه الان
قطع حديثي مع نفسي صوت الهاتف كانت زوجة خالها
أنفال:السلام عليكم ياسر شلونك؟
كانت غاضبة وسلامها بارد مالذي حصل؟
ياسر:وعليكم السلام ورحمة الله الحمدلله انتِ شلونج؟
أنفال:الحمدلله أگلك ياسر تگدر تمر علينه العصر؟
حسنًا بت شبه متأكد بأن هنالك خطبًا ما
ياسر:اي أكيد  صاير شئ؟
أنفال: تجي ونسولف
حسنًا مهما ما حصل أتمنى بأن لا يكون لعلياء
ياسر:اوكي ان شاء الله العصر اني يمكم
أنفال:ان شاء الله يله أخذ راحتك مع السلامة
ياسر:الله وياج
أغلقت الهاتف وقبل أن أضعه مكانه على سطح المكتب وأدع نفسي أفكر بما قد يكون حصل وردني أتصال أخر كانت والدتي

شفقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن