قبل إنتهاء الأشياء بفترةٍ وجيزة، يوجد ثمة فراغ، لحظة هدوء، وإنتكاسه بشكلٍ صامت، يتمالك بها المرء نفسه عُنوة، يخشى رؤية الآخرين له وهو بحالٍ لا يجد فيه شروحات وأجوبة، لاشيء سوى مجموعة إنكسارات جارحة، ليس بوسعه لمسها أو إعادة تشكيلها بشكلٍ آخر، هذا الصمت تحديدًا، صمت ما قبل النهاية، صمت الشعور الذي تكسّر بيننا ولن يعود، صمت الحال الذي تردّى بلا خطواتٍ تُمهده، الصمت الذي يأتي على هيئة وحش ينهش قلبك ولا يبقى لك سوى جزء طفيف منه و مأكول، هذه اللحظة التي تُبصر فيها كم تشكّلت فوقك الغيوم السوداوية، ستمطر قريبًا، تعرف ذلك، ستجيء العاصفة أخيرًا، تلك التي يُربكك موعد حضورها لأنه سيكون صاخبًا جدًا، تتراءى لك في كل اللحظات النهاية بشكلها الشاسع اللامتناهي، وكل هذا الصراع تخوضه وحدك في صمتٍ هائل ومهيب، صمت يتعذر شرحه، لأنه يخصك وحدك و يعنيك .
أيام كثيرة تمنعت عن مشاركتها، قضيتها داخل نفسي، أشد روحي إليّ، أمنع نفسي من أن تتبدل، أُجاريها أُدربها أُعودها على أن تبقى بهذهِ الجودة، أن لا ترتخي ولا تتباطأ في أن تهب بأمانها الدائم وأن لا يُغادرها العدل والسكون مهما هزت أراضينا مُنعطفات الحياة .