خذني اليك

19 1 0
                                    

«خذني إليكَ إذا أردتَ بقاءَنا
أمّا الفراقَ .. فما أقولُ لأمنعَك؟

أبقيتَني -رغمَ انتظاركَ- خائبًا
وأنا الذي لا شيءَ منّي أوجعَك

حسبي بأنّكَ إنْ أردتَ تكلّمًا
أسكَتُّ صرْخاتِ العتابِ لأسمعَك

أُبقيكَ في عيني كأنّكَ واقفٌ
في طرْفها؛ حتى أخافُ لأدمَعَك!

وإذا سقطْتَ معَ الدموعِ فإنّني
والقلبُ بُعثِرْنا سُدىً كي نجمعَك

أخضعتَني للحبّ ثمّ تركتَني
مَن ذا الذي فرضَ الغيابَ وأخضعَك

لا زلتُ أبكي مُذ رحلتَ كأنّما
في كلّ ثانيةٍ بكائي ودّعَك

وتأُزّني ذكرى رحيلكَ كلّما
قالتْ ظنوني "أنّني مَن ضيّعَك"

لكنني .. واللهُ يَعلَمُ حالنا
رغمَ ابتعادكَ كنتُ وحدي أتبعك

لو عدتَ .. حالاً قد رضيتُ فما الذي
باللهِ في قلبي لأجلكَ شفّعَك؟

خُذْ مِبضعًا وخذِ الفؤادَ وما بهِ
سترى امتناني إذْ أقبّل مِبضعَك!

لستُ الذي لكَ قد تَظِنّ مدامعي
حتى ولو ظنّتْ بذلكَ أدمعك

ولقد ضمَمتكَ مرةً من لهفتي
حتى حسبتُكَ قد تُلاقي مصرعَك

وشمَمتُ عطرَكَ مرةً في مخدعي
أوَ بعدَ ذاكَ تظنّ أني أخدعَك؟

وتركتُ عذلَ العاذلينَ جميعَهُم
لما أتَوكَ وكنتَ تُرخي مسمعَك

وهمَمْتُ أدعو للإلهِ بحرقةٍ
ألا تفارقَ في الصبيحةِ مضجعَك

لكنّني بدّلتُ دعوةَ حانقٍ
لدعاءِ أمٍ في الصلاةِ لترفعَك

واللهِ قلبي لا يُطيقُ جفاءَنا
واللهِ نبضي لن يبارحَ أضلعَك

واللهِ عيني من بكائكَ "قرحةٌ"
في وجهِ مَن هلّا ورحّبَ مطلعَك

واللهِ أخشى من عواقبِ حرقتي
أنْ لا يصيبكَ ما أُصبتُ ويُفجِعك

أبكيكَ ما أبكيكَ.. لكنْ رحمةً
رحماً لقلبي أنتَ؛ أنّا أقطعك؟

واللهِ "آهٌ" لستُ أدري حالُها
لو قلتُها.. باللهِ هلّا ترجعك؟

لو كنتَ في الشامِ العتيقةِ وقتَها
وأنا بأرضِ الصينِ قضّتْ مخدعَك!

لا شيءَ عندي قد يُقالُ لننتهي
لا شيءَ عندي أفتديهِ لأُرجعَك

لا شيءَ عندي كي أدثّرَ وحدتي
إلا زيارةَ مَنْ عرفْتَ وموضعَك

خذني إليكَ .. وإنْ نويتَ فراقنا
خذني نديماً في الطريق أودّعك

خذني ولو ذكرىً جِواركَ تصطلي
وإذا نويتَ فراقنا؛ خذني معك!»

خواطر مبعثرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن