الفصل السابع عشر

8.3K 475 83
                                    


قراءة ممتعة وعذرًا على التأخير


الفصل السابع عشر

(نجمٌ في السماء)

رغم مضي الوقت على ذكرى ليلتهما المأســـــاوية إلا أن ذلك الحاجز الوهمي ظل قائمًا بينهما، فهي لم تمنحه الأذن بعد للاقتراب منها، ولم يسعَ هو لفرض نفسه عليها، كانا يعيشان تحت سقف واحد؛ لكن فصلت عشرات الأميــال بينهما. ما زال إحساسه بالذنب يؤلمه، يؤرق مضطجعه، يشعره بأنه لم يكن جديرًا بحماية زوجته. حاول مغالبة هذا الشعور القاسي، والتعامل معها بودية ومحبة لتألف وجوده معها؛ لكن هذه النظرة اللائمة المطلة من عينيها ضاعفت من شعوره بالخزي والخذلان. راقبها "عوض" وهي منهمكة في أداء أعمال المنزل التي لا تفرغ منها أبدًا، وكأنها وسيلتها للانشغال والتشاغل عنه. لم تخرج لمرة واحدة من البيت رغم إلحاحه عليها، حتى ما يلزم البيت من طعام وشراب كان يبتاعه هو. كان مدركًا للسبب المنطقي وراء عزلتها وانقطاعها، حتمًا هي تخشى مواجهة الناس، وتسعى لتجنب نظرات المعارف والجيران لها، فموضوع ليلة زفافهما كان ومازال يؤلمها. توقف عن الاستغراق في تفكيره، وتنحنح بصوت خشن لتنتبه لوجوده، ثم سألها بنبرة مهتمة:

-ناقصك أي طلبات؟

ردت "فردوس" بهزة نافية من رأسها:

-لأ، كله موجود.

لف يده حول عنقه يحكه قليلًا، ثم استطرد متابعًا:

-طيب، أنا هتأخر شوية، ورايا مأموريات ومشاوير..

علقت عليه باقتضابٍ:

-ماشي.

فكر في الترويح عنها، فاقترح عليها بإصرارٍ:

- لو حابة تروحي عند الست أمك وتقضي النهار معاها، فالبسي عشان أوصلك في سكتي.

نظرت له باستغرابٍ للحظةٍ، ثم حسمت رأيها مرددة:

-طيب.

.................................................

استحوذ بمكرٍ ودهاء على الفراغ الكبير الذي ملأ حياتها لأشهرٍ، وجعلها فريسة سهلة الاستدراج لأي إغراء بسيط، وبالتدريج لم تعد تشعر بهذه الوَحشة المسيطرة على نمط يومها الرتيب، وتناقص بداخلها شعور النقم والكراهية، لتصبح أكثر تقبلًا للمستجد في حياتها. تطلعت "تهاني" إلى "ممدوح" وهو يسير معها على البساط الأحمر الممتد بطول الردهة الخاصة بقاعة المؤتمرات حينما استطرد حديثه الباسم إليها:

-مبسوط إنك خدتي القرار ده.

رغم التوتر الذي اعتراها إلا أنها أخفته وراء ابتسامة رقيقة منمقة، لترد في إيجازٍ:

رحلة الآثام - الجزء السابع - سلسلة الذئاب -كاملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن