الفصل الثالث والعشرون

6.7K 397 70
                                    


الفصل الثالث والعشرون

(الشرف)

أعطاه محاميه المخضرم، أثناء فترة تواجده بالعاصمة المصرية، الفتوى اللازمة لحالة الطلاق الخاصة بوضعه، وجاءت بأن طلاق عاقر الخمر لا يقع عند بعض جمهور العلماء، لكونه في غير وعيه، ومع ذلك أصر على إتمام إجراءات الانفصـــال بشكلٍ رسمي ليقطع عليها الطريق للعودة إلى عصمته. أتى قراره المفاجئ بعد لقائه غير المرتب بهذه الحسناء الثرية ابنة شريك العمل الجديد. استحضر في ذهنه كيف جرت تفاصيله، وكأنها حدثت بالأمس.

تغنجت شابة ظهرت من العدم، وكأن السماء لفظت إحدى حورياتها الفاتنات، لتمشي في تفاخر ودلال، بثوبها القصير الأزرق المتطاير أطرافه مع نسمات الهواء، تلقائيًا تعلقت أنظاره بها، فبدا وكأنه لم يعد يرى سواها، أسرت عيناه، وجعلته غير قادر على إبعادهما عن طلتها البهية، خفق قلبه خفقة عجيبة موترة عندما وجدها تدنو من المائدة الجالس عليها بصحبة والده وضيوفه، انقلبت سحنته للعبوس وهي تنحني في رقة نحو السيد "شوقي" بعدما حاوطته من كتفيه لتطبع قبلة رقيقة على وجنته وهي تسأله:

-لسه مخلصتش؟

شعر وكأن موجة من نيران الغيرة تضرب داخله، اجتهد لئلا يظهر تأثير ذلك عليه، وكيف يحدث له هذا وهو يلقاها للمرة الأولى؟ تركز سمعه مع ضيفه الذي خاطبها بمحبةٍ ضاعفت من إحساسه بالحق:

-شوية وهكون معاكي يا حبيبتي.

نظرة خاطفة سددتها الشابة نحو "مهاب" ليشعر بتبدل عالمه الرتيب لآخر غريب ومقلق. ودعته الشابة المتدللة في نعومة تليق بها بعدما نفضت شعرها الفاحم المسترسل في الهواء ليغمره كوشاحٍ من الحرير:

-أوكي، سلام.

بالكاد تمكن "مهاب" من إبعاد ناظريه عنها بعدما اختفت عن الأنظار، ثم أجلى أحبال صوته، وتساءل في صوتٍ شبه متحفز وخشن:

-مين دي يا "شوقي" باشا؟

أجابه في زهوٍ وهو يرمقه بهذه النظرة الغامضة:

-دي بنتي الوحيدة "ناريمان".

أثلجت الحقيقة صدره، وجعلت هذه التشنجات التي انعكست على ملامحه تختفي دفعة واحدة، استحثه فضوله على التعليق بنزقٍ:

-أنا أول مرة أشوفها!

أخبره كنوعٍ من التصريح:

-هي طول عمرها عايشة مع والدتها برا، وبتنزل في الأجازات عندي، بس حقيقي هي مربياها على الأصول والتقاليد الملكية.

جاء تعقيبه مصحوبًا بابتسامةٍ متشوقة:

-واضح عليها فعلًا.

تابع "شوقي" كلامه مؤكدًا في تلميحٍ متوارٍ:

-وكل العز اللي أنا فيه هسيبه ليها، بحيث ماتحتاجش لحاجة من بعدي.

رحلة الآثام - الجزء السابع - سلسلة الذئاب -كاملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن