الفصل الثالث

11.7K 608 230
                                    



الفصل الثالث

(موعدٌ، فلقاء، فـ ...)

رغم تفاوت أعمارهم إلا أن القاعة الدراسية امتلأت بعشرات منهم، فجميعهم قد جاءوا وافدين من مختلف الدول لتلقي محاضراتهم بنهمٍ واهتمام، كما راحوا يعملون كالنحل في خليته لتدوين كل ما يُملى عليهم من معلومات قيمة ومفيدة لئلا يفوتهم أي مستجد طرأ على الساحة العلمية. بعد ساعات متصلة من التركيز والمتابعة، حصل الجميع على وقت للاستراحة، وإعادة شحن طاقاتهم المستهلكة. تجولت "ابتهال" بصحبة "تهاني" في أروقة المكان لتفقده، لاحظت كلتاهما كيف امتاز الحرم الجامعي بالعراقة والفخامة، فغمرهما شعوري الانبهار والفخر، فقد كان من النادر الظفر بفرصة كتلك.

تناثر الطلبة بين الأروقة، وعند القاعات المخصصة للدراسة، غالبيتهم كانوا من الشباب الذكور، قلما رأوا شابات يافعات بينهم، اِربد وجه "ابتهال" بنضارة متحمسة، ومالت على رفيقتها تهمس لها بعينين لامعتين تحويان لهفة طامعة وهي تتأمل حلقة الشباب القريبة منهما:

-شايفة الدكاترة اللي هناك دول؟

رمت "تهاني" نظرة عابرة على هذه المجموعة التي مرت من جوارها، ولم تعقب بشيء، بينما بقيت أنظار رفيقتها معلقة بمن في هذه المجموعة من شباب منهمك في النقاش. أطلقت ضحكة خافتة، وأضافت مازحة:

-المفروض الواحد يطلع من البعثة دي بعريس محترم من دول.

توقفت "تهاني" عن المشي وهذا التعبير المتجهم مرسوم على وجهها، رمقتها بنظرة حادة قبل أن تسألها بلومٍ:

-هو إنتي جاية تدرسي ولا تنقي عريس؟

أخفت شفتيها المبتسمتين خلف ظهر كفها، وصرحت لها بخفوتٍ:

-بيني وبينك، أنا عاوزة أشوف عريس لقطة هنا، ما هو التعليم موجود هيروح مننا فين.

غمغمت في تأفف:

-فعلًا، كل واحد ودماغه.

تساءلت "ابتهال" وهي تضبط ياقتي بلوزتها الوردية:

-هو إنتي معايا المحاضرة الجاية؟

زفرت الأولى الهواء بصوتٍ مسموع، وكأنها تزيح حملًا ثقيلًا عنها، قبل أن تجيبها بهذه الابتسامة العريضة:

-الحمدلله لأ.

عبست الأخيرة قائلة بضيقٍ:

-يا خسارة، أه لو كنا نفس التخصص، مكوناش فرقنا بعض للحظة.

برقت عينا "تهاني" لحظيًا، ورددت بين جنبات نفسها وهي تسرع في خطاها لتبتعد عنها:

-دي كانت تبقى مصيبة تانية.

رحلة الآثام - الجزء السابع - سلسلة الذئاب -كاملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن