الفصل الخامس والعشرون

7.1K 381 57
                                    



عذرًا على التأخير ..

قراءة ممتعة


الفصل الخامس والعشرون

(ألن ينزاح الهم أبدًا؟)

لم ينجح في مغالبة شعوره بالضيق، والذي ظل ملازمًا له منذ سفر رفيقه، وبقائه في منزله كالضيف الغريب، خاصة مع غموض موقفه تجاه استمرار هذه الزيجة، والتي تخطت في مدتها ستة أشهر. سرح "ممدوح" في أفكاره المزعوجة، خاطب نفسه في شيءٍ من التشاؤم: -المرادي طولت الغيبة أوي يا "مهاب"، سبتني لابس في مصيبة، وإنت عايش حياتك!

فرك طرف ذقنه، وواصل ذلك الصوت الكلام في طيات رأسه بما بدا أشبه بالوعيد:

-مسيرك هترجع، هتروح مني فين، ما هو لازم يكون لليلة دي نهاية!

في خضم شروده المعتاد، لم ينتبه "ممدوح" لقدوم زوجته لتجلس معه، بدت بهية الطلة وهي ترتدي أفضل ما لديها من ثياب مغرية، لتمنحه نفحة جديدة ومتجددة من السعادة المشوقة بالتحامهما الجسدي. لفت كتفيه بذراعها، ونظرت إليه بشغفٍ وهي تسأله:

-حبيبي، سرحان في إيه؟

أجاب نافيًا، وهو يلصق بثغره هذه الابتسامة المتصنعة:

-مافيش يا قلبي.

زوت ما بين حاجبيها متسائلة بإصرارٍ:

-هتخبي عليا برضوه؟ مش احنا اتفقنا نكون صُرحا مع بعض على طول؟

تعلل بحجة كاذبة، لينجو فقط من حصارها المزعج له:

-يعني الدنيا مقفلة شوية معايا، وأنا مش عارف أجيبلك بيت كويس نعيش فيه.

دون تفكيرٍ مسبق أخبرته بنزقٍ وقد سحبت ذراعها لتمسك بكفه وتحتضنه بين راحتيها:

-أنا حالي ومالي ليك.

نظر لها باهتمامٍ، فقد غفل عن أنها أصبحت ميسورة الحال بعد تبدل وضعها الوظيفي، واقترانها بسليل عائلة "الجندي" لسنوات، حتمًا جيبها لن يكون خاليًا من الأموال. سرعان ما حول تحمسه الفجائي لامتعاضٍ عابس وهو ينهرها، كأنما قد استاء من تلميحها:

-الكلام ده مش عايز أسمعه منك!

استندت برأسها على كتفه، وخللت أناملها بين أصابعه لتتشابك معًا، ثم رفعت يدها الأخرى الطليقة نحو عنقه لتداعبه برفقٍ، قبل أن تصر عليه بكلامها:

-يا حياتي أنا وإنت بقينا واحد، وكل اللي معايا ليك ولـ "أوس"!

الإتيان على ذكر ذلك الصغير المغيظ له جعل دمائه تتحفز، وينتابه شعور الغيرة والحقد تجاهه. كان "ممدوح" متأكدًا أن زوجته لن تبدي رفضها لأي مقترح يطرحه عليها، خاصة بعدما تمكن منها، وعرف كيف يستحوذ على وجدانها قبل عقلها، فأصبحت معه كالمغيبة، تُســاق كالبهائم إلى حيث يريد، لهذا انتهز الفرصة ليقترح عليها إرســال طفلها إلى مدرسة داخلية متخصصة فقط في تنشئة وتعليم أبناء الطبقة الراقية، حتى يتمكن تمامًا من الانفراد بها، ونهب ما تملك بمكرٍ وعلى راحته. اندهشت لما فاه به، وهتفت في اعتراضٍ بعدما استعادت يديها:

رحلة الآثام - الجزء السابع - سلسلة الذئاب -كاملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن