الفصل السادس والعشرون

6.1K 367 55
                                    


الفصل إهداء للقارئة مليكة عامر

برجاء الدعاء لها بالشفاء العاجل والصحة والعافية


الفصل السادس والعشرون

(لحظات فارقة)

رغم مرور بضعة أسابيع على ذلك الصدام القوي الذي تسبب في نشوب الخصام بينه وبين أمه، إلا أنه لم ينقطع عن زيارتها في بلدتها، ومع هذا قامت بصده، ومنعه من رؤيته لتضغط عليه أكثر، وتدفعه للانصياع إلى رغبتها في تطليق زوجته التي كانت ولا زالت تعتبرها فأل شؤم. حز في قلب "فردوس" أن ترى زوجها تعيسًا، مهمومًا، يحمل فوق كتفيه أطنانًا من الأثقال والأحزان، خاصة بعد مؤازرته الكبيرة لها. حينما عاد هذا المساء إلى البيت واجمًا وحزينًا، حاولت تهوين الأمر عليه بجره إلى الحديث معه، كان قليل الكلام، كثير الصمت، فلجأت إلى أمر آخر ظنت –للحظةٍ- أنه لن يجدي نفعًا معه؛ ولكن للمفاجأة وجدته متعطشًا لقربها، منتظرًا للحظة اللقاء الدافئة بينهما.

أراحت "فردوس" ظهرها على الفراش، ووسدت رأسها الوسادة عندما انطفأت جذوة المشاعر المتأججة بينهما، ساد السكون من جديد، وكأن شيئًا لم يكن، مما أوغر صدرها، وجعلها تشعر بالقلق. لم تتحمل هذا السكوت الموجع، لهذا تشجعت لتسأله أمرًا، وبضعة دمعات غادرة تتراقص في عينيها أثناء تحديقها في سقف الغرفة المعتم:

-"عوض"، إنت صاحي؟

بعد زفرة ثقيلة مسموعة لها قال:

-أيوه.

سكتت لهنيهة لتستجمع جأشها، وسألته بصوتٍ مختنق، دون أن تنظر تجاهه مطلقًا، وكأن في رؤيتها لتعابيره الحقيقية أمرًا مؤلمًا لها:

-هو إنت اتجوزتني ليه؟

اندهش لسؤالها الذي اعتبره في غير محله، وأجابها سائلًا في شيء من المعاتبة وقد استدار لينظر إليها:

-جاية بعد السنين دي كلها تسأليني يا "فردوس"؟

آنئذ التفتت لتبادله النظرات الحزينة، ثم ألحت عليه بتصميمٍ، رغم توقعها لقساوة الجواب:

-معلش، عاوزة أعرف، يعني أنا فاكرة إنك كنت مغصوب عليا وآ...

قاطعها في صوتٍ متجهم:

-ماتكمليش!

غص صدرها بالبكاء، فخنقت أنفاسها لئلا تبدو بمثل هذا الوهن، وأصغت إليه بترقبٍ متوتر وهو يسترسل موضحًا:

-محدش بيبقى عارف النصيب هيكون مع مين، ولا هيحصل إزاي، بس اللي أنا متأكد منه إنك بنت حلال، ومن أصل طيب.

بدا رده حياديًا، دبلوماسيًا، وغير جارح لها، ومع ذلك هتفت بكلمة محددة كانت تعني من مدلولها الكثير:

رحلة الآثام - الجزء السابع - سلسلة الذئاب -كاملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن