الفصل السابع عشر

16.2K 589 127
                                    

#بين_دروب_قسوته
#الفصل_السابع_عشر
#ندا_حسن

هواء بارد يمر عليه ينعش قلبه وجلسته، بينما كان يتذكر ما مر عليه معاها في هذا المكان بالتحديد، كان عامر يجلس في الحديقة الخلفية للفيلا في نفس المكان الذي كان يجلس به معها..

يتذكر ما مر عليهم هنا في كثير من المرات وأكثرها كانت مليئة بالحب والشغف والعطاء، منها ومنه.

فرد قدميه على الأرضية وهو ينظر إلى السماء اللامعة نجومها كنجمته البهية التي يحاول استرادها، ضيق عينيه يرفع يده للمرة التي لا يعرف عددها إلى فمه بسيجارة غير الأخرى والأخرى يستنشقها بشرود، فقد كان عقله مازال معها..

ابتسم بسماجة وهو يتذكر ذلك اليوم الذي أغلق باب غرفتها وأخذ المفتاح ولم يجعل أحد يفتحه إليها بسبب أنها خسرت رهان معه، كانت جلسته هذه عبارة عن ذكريات لا حصر لها مع معشوقة قلبه التي دمرت كل شيء، التي جعلت الفراق يدق بابهم قبل أوانه وابتعدت عنه جاعله قلبه بشعر بالنيران داخله..

فراقها له كان بمثابة بركان على وشك أن يثور وينتظر اللحظة المناسبة لفعلها، وكانت هذه اللحظة تركها له.. فراقها وابتعادها عنه.

يتحدث الآن مع نفسه بكل وضوح وصراحة، في تلك السنوات التي تركته بها كان يعاني، لقد كانت أشد قسوة منه، يقسم أنه في أكثر الليالي لم يكن يستطيع النوم إلا عندما يأخذ أقراص مهدئة تساعده على النوم، كان يتجه إلى الخـ ـمر لينسى كل ما حدث، لينسى أنه أصبح وحيد من بعدها..

لقد كانت كل شيء له، والدته لم تكن قريبة منه ولا شقيقته، ووالده الجميع يعرف ما دوره بحياته، كانت هي الأم والأخت الحبيبة والصديقة وكل ما كان يتمناه، لم يكن يفرغ محتويات قلبه إلا لسواها، لم يكن يبكي بعد كل قسوة يتلقاها من والده إلا داخل أحضانها، ولم يكن يستقبل أي حنان من إمرأة سواها..

ووالدها، عمه "أحمد القصاص" والده الأول من تبنى حزنه وعنفه، تبنى ضعفه وقهرة، وأخذ منه كل الأشواك ليحاول تحويلها إلى ورود مزدهرة في محاولة بائسة من والده أن يبعده عنه مُعتقدًا أنه دون إحساس أو مشاعر فقط لأنه يقوم بالرد على حديثه المستفز الذي يحطم قلبه ويجعله ممزقًّا قكطعة قماش مهترئة مزقها صاحبها..

سُلب منه عمه وأتُهم فيه، وهو أول المضرورين بغيابه، ذهبت هي من بعده بموافقة كاملة منها ووجهت كل الإتهامات بإصبعها له وكأنها لم تعرفه يومًا، وكأنها لم ترى منه إلا القسوة والعنف..

تناست طيبة قلبه التي كانت تتحدث عنها دومًا، ومحت من ذاكرتها تلك الحنية والرقة الذي يستخدمها فقط لأجلها.. تناست كل شيء ولم تتذكر سوى أنه خائن قاتل، خان العهد معها ونظر لغيرها بعينه وقلبه ويده، وقتل جميع عائلتها وجردها من الحب والسعادة وترك معها كامل الحزن منذ البداية إلى أن أصبحت وحيدة..

بين دروب قسوته "ندا حسن"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن