الفصل الثالث والثلاثين والاخير

89 4 2
                                    

ذهب عمار معها لزيارة المدعو اكرم فى السجن على مضض
وقعت عيني عمار على اكرم الذى دلف الى مكتب الضابط مقيد اليدين ارتفعت انفاسه غضبا وبغضا ورمقه بكل سخط فبادله اكرم نظرات هادئة ممتنا على غير عادته فتعجب لذلك التحول 
قال الضابط قبل ان يخطو خارج مكتبه :- سأعود بعد قليل
ثبت اكرم نظراته على نور بكل ما تحمله النظرات من شوق والتمعت عيناه ببريق لا يظهر الا لها وقال :- الحمد لله انكِ بخير
اخفضت بصرها سريعا تفرك جبهتها بارتباك بعدما فهمت نظراته صاح فيه عمار بحنق :- ماذا تريد منها الم ننتهي من افعالك؟
قال :- اردت طلب الصفح منها عما فعلته فى حقها والتأكد انها بخير
قال عمار بحده :- وتنتظر ان تسامحك بعد كل ما عانته بسببك اليس كذلك؟
تطلع اليها وقال :- ان كانت لاتزال نور التى اعرفها اكثر من نفسي فستسامحني
صاحت :- كيف اسامح مجرم قاتل
ابتسم اكرم وقال :- انا لست مجرما يا نور ولم اقتل احد وعندما تجرأت اصبتك انتِ وقتها دعوت الله لتبقى على قيد الحياة وان كان ثمن هذا الابتعاد عنكِ
اتسعت عيناها متعجبة فاكمل :- لا تتعجبي عندما تقابلنا فى المطعم ذلك اليوم قرأت فى عينيكِ قوة عجيبة واصرار اكبر على رفضي وحينما حدثني عمار رأيت الغيرة في عينيه خشيت ان يأخذك مني فخطط لاختطفك واجبارك على الزواج بي لكنه فعل ما كنت اخشاه كرهته حينها وأزداد حقدي عليه فخطرت ببالي فكرة ان اجعلك تشعرين بالخوف وان تكوني مسؤولة عن قتل احدهم وستتسببين فى قتل المزيد ان لم تتركيه وتتزوجيني.
أتعلمين؟ كنت انتوي قتل عامر وعندما وقفت جوار سريره بالمستشفى شعرت بالخوف فأمسكت بيده اعاتبه والقى عليه اللوم لما وقف حائل بيننا وجدت يده باردة علمت وقتها انه توفي ، والمدعو مصطفي كنت اضمر له الشر واقتفي خبره لأنه اراد قتلك لكن لم اكن لأقتله هو من انتحر بنفسه، اما عن حامد فهو قاتل مأجور اشتريته ليقوم بخطفك فقط ولم اعلم عنه شيء اخر الا عندما قبض عليه ربما هناك من اراد قتله لست انا.
فى يوم زفافك كنت احترق وانا اراكي تزفين لغيري تذكرت يوم زفافك على منصور كنت اشاهدك تبتعدي دون حولا منى ولا قوة اردت جعلك تتألمين مثلي ولأثبت لكي اني قادر على تنفيذ تهديداتي وفعل اى شيء من اجل الحصول عليكِ دبرت لسجن اخيكِ فرشوت امين شرطة ليضع المخدرات بسيارته اثناء التفتيش بعدما ابلغت عنه.
قالت ببكاء :- انت كاذب اردت قتل عمار رأيت هذا فى عينك ذلك اليوم.
صاح مدافعا عن نفسه :- هو من دفعني لذلك تعدي عليا بضرب امامك ، وفعلها مرة اخري وحرق منزلي وكان يتعمد اثارت غيرتي 
تطلعت الى عمار فلوى فمه وقال :- اردت الانتقام منه لأنه أوصلكِ لحالة مرضية كادت ان تؤدي بحياتك ولاقتحامه منزلي ومحاولة اغتصابك.
صاح اكرم :- لا لم افعل اردت رؤيتك والاطمئنان عليكِ فقط عندما علمت بانكِ مريضة ترفضين الطعام والشراب.
صاحت :- لم تسأل نفسك عن سبب مرضي، انت لا تعلم عدد المرات التى دعوت فيها الله ان يأخذني ليعيش من احبهم دون تهديد، ولا تعلم طعم الخوف والالم الذى عايشته.
اقتربت منه ووكزته فى صدره فوق قلبه وقالت بكل غلظه :- انت لم تحبني يوما، ربما لم تقتل احدا لكنك قتلت الحياة بداخلي ولولا خوفي من الله لقتلت نفسي بسببك. تريد ان اسامحك!! على ماذا؟ تعلمت على يدك الخوف من ان افقد من احب، تعلمت ان ليس من حقي اختيار ما اريد ومع من اعيش، تعلمت الخوف من ان اضحك لأني ربما ادفع ثمن ضحكاتي غاليا.
صكت على اسنانها وقالت ببكاء :- لن اسامحك وهذا درسا اخر تعلمته على يدك.
امسك ذراعها يحاول منعها من المغادرة قبل ان يكمل حديثه لكن اصابته لكمة قوية من قبضة عمار يقول بوعيد :- بيننا حساب لم ينتهي.
وضع اكرم يده على فكه محل اللكمة وقال مبتسما :- هي تحبك اجعلها سعيدة.
.......................
وضعت نور كفها على فمها تطرق على باب الحمام وتقول بصوت مكتوم :- عمار افتح الباب 
فتحه بضيق يقول :- ماذا بكِ دخلت منذ دقيقتان 
لم تعطيه فرصة لتكملت حديثه دلفت الى الحمام سريعا وأغلقته خلفها ثواني قليلة واستمع لصوت تقيؤها ففتح الباب وضع يده على ظهرها وباليد الأخرى اعاد شعرها للخلف يسأل بقلق :- ماذا بكِ حبيبتي ؟
قالت بوهن :- الم في معدتي
قال يطمئنها :- ربما اوصبتي بنزلة برد تعالى اساعدك في ارتداء ملابسك واخذكِ للطبيب. 
صاحت اثناء قيادته لسيارة :- أوقف السيارة بسرعة اوقفها
صف السيارة بضيق ففتحتها وترجلت منها وعادت بضع امتار للخلف حيث تقف عربة لاحدي الباعة الجائلين
خرج عمار من سيارته يتطلع عليها بضيق يهمس من تحت اسنانه :- يارب الهمني الصبر.
عادت تذم شفتاها بحزن فسالها :- ماذا الان؟
قالت :- لم اخذ معي مال
فقال :- ماذا كنتي ستشترين 
اجابت :- بعض ثمار المانجو الخضراء
قال يوبخها :- معدتك تؤلمك وتريدي اكل المانجو الغير ناضجة ! انتِ حتى لم تستطيعي تناول الإفطار
قالت :- اشتهيها اعطني المال قبل ان يبتعد البائع
قال :- اصعدي السيارة سأحضرها لكي 
عاد بعد دقائق يحمل كيسا به ما تريد ووضعه في حجرها وقبل ان يبدئ في القيادة وجدها ترفع حبة مانجو الى فمها فأختطفها من يدها صائحا :- هل انتِ طفلة ؟ تأكليها قبل غسلها!
نزل من السيارة يحمل زجاجة ماء غسل لها واحدة واعطاها لها ثم قال :- سنذهب لطبيبة نسائية مبارك يا زوجتي.
سالته بجهل :- على ماذا؟ 
قال :- على طفلنا القادم 
قرص وجنتها وأكمل بمزاح :- حبيبتي ستصبح ام ولا تزال مجنونة
قالت بضيق :- ومن قال لك اني حامل هل انت طبيب؟
قال :- انا اعلم اكثر منكِ 
تحسست معدتها وقالت ببكاء :- لا اريده
ضم قبضته ووضعها على فمه ليكبح غضبه ثم نظر اليها يسالها :- لما؟
قالت :- أخاف ان تتركني وقتها ما سيكون مصيره؟
قال بضيق :- مرة أخرى يا نور؟ قلت لكِ مئات المرات لن اترككِ لما تبحثين عما يحزنك ويعكر صفو حياتنا
مسح على وجهه يتنهد عندما استمع لشهقاتها فحاوط وجنتيها بكفيه وقال :- اعدك سنربي أبنائنا معا.
قال عمار اثناء عودتهم من عيادة الطبيبة النسائية وقد تأكد حدثه فنور تحمل طفلا فى الاسبوع الخامس :- نور
همهمت أممم وهى تنظر للاشئ مازالت لا تستوعب امر حملها
فقال :- ما رأيك ان نعود لنعيش فى القاهرة مع ابي فهو اصبح وحيدا وانا قلقا عليه ولتكوني بالقرب من امك وأخيكِ.
اومأت بالقبول ولم تنطق بكلمة فتابع :- لما لا اركي سعيدة؟
قالت :- اريد ان ابقي وحدي قليلا
انعطف بالسيارة ليذهب بها الى مكانها المفضل على البحر فاعترضت تقول :- لا اريد الذهاب هناك اعدني للمنزل من فضلك.
تطلع اليها لثواني ثم قال بقلبا منقبض تساوره شكوك يخشي ان تكون حقيقة :- نور هل تفكري فى اجهاض طفلنا!!
انهارت تبكي ونفت :- لا
فسألها عمار:- لما تبكي؟
قالت :- لا اعلم انا اريد البكاء
دلف الى فناء المنزل صف السيارة وترجل منها ليساعدها فى النزول لكنها تخطته تصعد الى غرفتها اغلقت بابها وجلست خلفه تبكي بصوت مسموع اقلقته طرق على الباب يقول :- افتح لنتحدث
شهقت تقول :- اتركني الان من فضلك.
خرجت بعد برهة تتحسس بطنها وتقول :- ماذا ستسميه؟
ضمها اليه بسعادة واجابها :- لازال امامنا وقتا طويل لنفكر في ذلك.
وضعت كفها على فمها ودفعته باليد الأخرى تقول :- ابتعد عمار راحتك تضايقني
اتسعت عيناه بصدمه وامسك بياقة قميصه يشمها وقال :- ماذا بها رائحتي.
.........................................
قال سلطان لوالدته وهو يجلس على مقعده حول مائدة الافطار :- اعطني الطفلة امي تخدل ذراعك بسببها
اعطتها له وقالت :- منذ ان تعلمت السير وهى لم تهدئ نغفل عنها لدقيقة نبحث عنها لساعة.
ابتسم وقبل صغيرته يحدثها :- لما تضايقين جدتك؟
امسكت الصغيرة ريهام بأنفه فأصابته اظافرها ببعض الخدوش التى لا تكاد ترى فتصنع الالم لتقهقه الصغيرة وتحاول ان تعيد الكرة من جديد هتفت نعيمة زوجته وهى تضع اخر طبق احضرته على الطاولة :- هاتها عنك لتتناول فطورك
قال :- لا اتركيها معي واهتمي انتِ بأحلام
ثم تلفت حوله يسأل :- اين ثريا الن تأتي لتأكل معنا
اجابته زوجته :- تحضر دورق الماء
ماهي الا ثواني واتت الفتاة فقال لها سلطان قبل ان تجلس :- نادي عمك منصور اخبريه انى اريده فى امرا هام
اعترضت الجدة :- هل ستعود لقساوتك من جديد اترك الفتاة تتناول طعامها اولا
قال ضاحكا :- تسمي هذه قساوة امي !! شقة اخي امام شقتنا لن تستغرق دقيقة اذهبي يا صغيرتي سأنتظرك لناكل معا
قالت والدته :- انتظر قليلا سياتي هو كعادته
قال :- سانهي طعامي واغادر ربما لا اتمكن من مقابلته اليوم.
لوت زينب فمها وقالت بحنق :- لا اعلم لما هدمتم البيت الكبير وبنيتم شقة لكل واحدا منكم كنا نعيش معا
تنهد سلطان وقال بضجر من فتح نفس الموضوع كل يوم :- مرة اخري امي ؟ اتفقنا انا واخي ان نمحو الماضي ثم ان هكذا افضل لتكون زوجة اخي على راحتها وكذلك زوجتي.
دقيقة واتت ثريا تركض ومن خلفها منصور القى بتحية الصباح ثم قبل رأس امه وسأل :- ما الامر سلطان
اجابه :- اجلس اخي وتناول فطورك اولا
قال منصور وهو يسحب احد المقاعد :- سبقتكم ما الامر حتى لا أتأخر على الجامعة.
بداء سلطان الحديث :- كمال الطوخي تحدث معي الليلة الماضية يعيد طلب الزواج من حسنة
قال منصور :- وما المشكلة اعطينه كلمة منذ وقت
ابتلع سلطان لقمة كانت فى فمه واسترسل بالحديث :- يريد ان نتعجل فى امر الزواج لنجعله بعد اسبوعان
ابتلعت حسنة ريقها واحمرت وجنتيها فقاطعتهم زينب :- لما! الا يستطيع الصبر الى انقضاء سنوية ابيكم؟
قال منصور :- اكثر من ثماني اشهر مضت والحي ابقى من الميت امي كمال زينة الشباب يعلم الاصول جيدا.
كادت ان تعترض فاكمل سلطان :- قال كمال سيقتصر الحفل على دعوة العائلتان لذلك لا ارى سبب لتأخير زواجهما اكثر من ذلك دعينا نفرح امي وننسي ما مضي
استسلمت زينب واشاحت بيدها تقول :- كما تريدون بني
تطلع لشقيقته الخجلة بابتسامة حانية وقال :- من الغد تبدء نعيمة وزوجة اخي فى شراء كل ما يلزمها واحضار كل ما تريده حسنة مهما كان ثمنه.
نهض منصور وقال :- سأخبر رقية واوصيها
سأله سلطان :- كيف حال ولدك اليوم هل مازال مريض
اجابه منصور :- لا الحمد لله انخفضت حرارته والان يستطيع التنفس بشكل جيد
ثم قبل رأس امه واكمل قبل ان يودعهم :- ستنزل رقية به بعد قليل لتره امي.
صاح سلطان من خلفه :- لا تنسي ان تدعو عمك احمد وولده عمار
هتف منصور :- سيدعوهم الحاج عثمان بتأكيد
اعترض سلطان :- نحن اقرب اليهم اخي فهو عمنا وابن عمنا اما يكفينا بعدا بسبب ا....
قطع كلماته حتى لا يحزن قلب والدته ففهمه منصور واوماء برأسه موافقا.
..............................
خطت نور بعض الخطوات البطيئة نحو الاريكة الموجودة في بهو فيلا أبو العز لتلقي بجسدها المتعب من اسر السفر بعد عودتهم من حفل زفاف كمال ابن عمها قالت تأن :- ظهري يؤلمني كثيرا وقدمي لم اعد اشعر بها
قال عمار ساخرا من منظرها فهي تبدو كبالون اوشك على الانفجار :- كفاكِ دلعا مازال امامكِ شهرين على موعد الولادة
صرت على اسنانها وهى تتململ على الجانبين تبحث عن وضع مريح يسكن آلامها وقالت :- تعال واحملهما عنى لتعلم ما اعانيه بسبب اطفالك
قهقه احمد قال :- سأحضر لكِ من تعاونك على تربيتهم
قال عمار لوالده :- وما الداعي ابي ام إبراهيم موجودة
قال احمد :- لم اقصد هذا بل سأتزوج
فغر عمار فمه واتسعت عيناه ثم مرر نظراته بين زوجته وابيه ووضع يده بخصره ثم رفعها الى مؤخرة رأسه فتعالت ضحكات نور على هيئته ساخرة :- انظر على هيئتك بالمرآه.
فقاطعها احمد ساخرا أيضا :- سأري رد فعلكِ بعد ان تعلمي من العروس.
صاح عمار بجد :- لا تمزح ابي في هذا الشأن انت تعلم ماذا حدث في المرة الأخيرة
جلس احمد على المقعد وضع قدم على الأخرى وقال :- انا لا امزح سأتزوج حماتك ام عبد الله
تبدلت ملامح نور للجد وقالت :- أمي لن تتزوج بعد ابي
غمز لها احمد وقال :- اقنعتها وقبلت
هتف عمار مغتاظا :- ابي كلما تزوجت امرأة تذهب انت وتتزوج والدتها !!!!
اجابه ساخرا :- وماذا في ذلك حمواتك صغيرات وفاتنات اري انها مناسبة لي هي في أوائل الخمسينات وانا في اخرها الفرق ليس كبير بيننا.
نهض ووضع يده بجيبه وقال بعد ان اولاهم ظهره :- انتم الشباب لا تعلمون بما نشعر به نحن العجائز بعد ان تنهى دورك في تربيت الأولاد وتزوجهم تصبح وحيدا لا احد يفهمك ولا احد يشعر بك وانت تتألم ليلا على فراشك لا تجد من يواسيك ان أخطاء ابنك في حقك لا تجد من يعطيك كوب ماء عندما تسعل ، أشياء كثيرة لا تعلموها الان.
اقترب عمار من ابيه واحتضنه ثم قال :- نحن معك ابي لن نتركك وحدك ابدا
ازالت نور دموعها التي انسابت تأثر ونهضت تقترب منه ثم وضعت يدها على ظهر حماها وقالت تمازحه :- ان لم توافق امي سأرغمها على الزواج بك.
.........................
اصدر باب الزنزانة الكبير صوت صرير أذانا بوصول وافدا جديد دفع العسكري هذا الرجل الثمين بكل قوته الى الداخل ليرتطم بجسد ذاك الشاب قوى العضلات ذو اللحية الكثيفة شديدة السواد الجالس مقابلا للباب والذى آنا بصوت منخفض اثر الارتطام فجأة فردد الوافد الجديد همس باعتذار مرتبكا مما جعل الشاب يرهف السمع جيدا لذلك الصوت الذى يبدو مألوفا بالنسبة له فربت على كتفه ثم عاد لسكونه الذى اعتاد عليه منذ اربع سنوات قضاهم في السجن ولكن هذه المرة سكونة بات حزرا فصوت الوافد الجديد احيا في قلبه جراحا لم تندمل بعد 
جاب النزيل بعينه اطراف الزنزانة باحثا عن مكانا يجلس فيه فلم يجد سوى بجوار الباب مقابلا لشاب الذى بداء بتفحص ملامحة بنظرات قاتمة ويتنفس بعمق فتنتفخ عضلات صدره ثم تعود وتنقبض قطع الصمت بعد معاينة دامت لدقائق يقول بسخرية :- مرحبا بك دكتور حامد شبل اراك معي في الجنة اهذي صدفة ام انك لم تعد تطيق فراقي بالخارج !!
تردد الأخير في سؤاله :- من انت ؟
قهقه الشاب وقال :- على ما يبدو ضحاياك كثر فلم تعد تتذكرني
ابتلع حامد ريقه يهمس بريب :- اعرف هذا الصوت عاصم الكومي لكن كيف !! 
اكمل عاصم سخريته :- خشيت عليك من ان تكون أصيبت بمرض الزهايمر
عاد حامد بذاكرته للوراء عندما كان يتحدث مع احد القتلة المأجورين : " لقد تمت المهمة سيدي واصبح رجلك في خبر كان احترق مع ثلاث من رفقائه في السجن “ 
عقد حامد حاجبه مذهول  وسأل :- اولم تمت بحريق السجن منذ عامان؟
تحولت تعابير وجهه الى سخط يقول :- قد بداء صبري ينفذ في انتظارا خروجي من هنا لأصبح كابوسك الذى سيؤرق عيشك الهنئ
حك حامد جانب حاجبه الايسر وقال :- وكيف ستخرج وانت ميت وقد رأيت شهادة وفاتك بعيني وأمسكتها بيدي
نهض عاصم يدنو منه بخطوات سريعة امسكه من تلابيبه وتوسعت عينيه في دهشه يسأل:- ماذا؟  
تجمع السجناء حول عاصم الذى يثور لأول مرة منذ ان وفد اليهم وهتف احدهم :- عنك اخي اتركه لي لا تلوث يدك بدمائه
فأشاح بيده يقول :- امرا يخصني وحدي لا يتدخل فيه احد
هز حامد بعنف كزجاجة كوكاكولا يقول :- اعد ما قلت 
اجابه حامد بوجل :- انت في نظر العالم ميت احترقت مع من احترق في ذاك الحريق الهائل بالسجن  
همس عاصم يفكرا بصوتا عالي :- لذلك لم يزورني احد ولم يسأل عنى محامي ابى طيلت عامان
ثم سأله :- كيف حال ابي ؟ 
خرجت الكلمات مهزوزة من بين شفاه حامد :- اباك مات منذ اقل من سنه بعدما تزوج من فتاة تصغرك بالعمر 
تشنجت عضلات فكه يدفعه للحائط ولكمه بقبضة يده اليمني مرارا وتكرارا يصرخ فيه بانتقام :- ماتت امي بسببك ومات ابي وانا هنا ولا اعلم 
انهكه التعب فتركه يسقط على الأرض مغشيا عليه وعاد  للخلف يستند على الجدار حتى جلس ودخل في نوبت بكاء يمسح دموعه وهو يقول بألم :- مات ابي أيضا ولم استطع دفنه وأخذ عزاه 
أتي بعض حراس السجن على صوت الضجيج الصادر من الزنزانة واستدعوا المأمور سريعا والذى بدوره ابلغ الطبيب 
صاح المأمور بحده في وجه عاصم بعدما تركهم الحارس مغلقا باب المكتب خلفه :- ماذا فعلت كدت ان تقتل احدهم .. منذ متى وانت تثير الشغب !!
اجابه عاصم بثبات :- منذ ان علمت اني ميت في نظر دولة القانون هذه وان قابلته مرة أخرى لن اتركه الا جثة هامدة 
سأله المأمور وهو لا يزال على حدته :- ماذا تقصد بانك ميت ؟
اجابه عاصم بسؤال اخر :- ما هو اسمي المدون لديكم ؟
صرخ المأمور به :- افتعلت مشكلة لتأتي وتمزح معي 
اجابه بثبات :- ان لم تستمع الي سأقتل ذاك الرجل لأني لم اعد ابقي على شيء امي توفت بعد ان اصدار الحكم عليا بالسجن وابي توفي منذ اشهر ولم اعلم سوى اليوم وها انا موجود في الدنيا وغير موجود أيضا
تنفس المأمور بعمق ثم التف خلف مكتبه وجلس على المقعد يقول :- ماذا تريد ؟
اجابه عاصم :- التأكد من الملف الخاص بي باسم عاصم عامر محمد الكومي 
قال المأمور بعد مرور اكثر من ثلث الساعة :- من كان موجودا بهذا الاسم توفي في حريق منذ عامان والمدون لدينا هو عاصم محمد حسنين والمحكوم عليه بخمسة عشرة عاما 
صاح عاصم بتشنج وعصبية :- انا عاصم الكومي لم امت موعد الافراج عني في بداية الشهر المقبل هل يعقل من اربع سنوات الى خمسة عشر عاما اقضيهم خلف قضبان السجن ظلم 
شعر المأمور بصدق كلامه فقال متضامنا معه :- كن على ثقه ان كان ما تقوله صحيح فلن اتركك وحدك.
****تمت بحمد الله اتمنا ان تكون حازت على اعجابكم يهمني رأيكم لذا اكتب رأيك****

أتعدني بالبقاء؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن