استيقظ عمر من نومه على صوت أنين خافت.
فتح عينيه ببطء ليتراءى له سقف غرفته السماوي الذي بدا أُرجوانيا إثر أشعة الشفق الخافتة التي تسللت من النافذة. تقلّب عمر على جنبه الأيمن ليرى أخاه الذي استلقى على سريره بتعب واضح. نهض من سريره رغم إرهاقه وتعبه. ثم توجّه لمروان، وقف أمام سريره ينظر إليه باستغراب. كان جبين مروان يكسوه العرق وهو يأنّ في خفوت. انحنى عمر يتفحّص حرارته. وفور ملامسة يده لجبهته انتفض قائلا بصوت هادئ : « يا إلهي ! حرارتك مرتفعة جدا ! ».خرج عمر من غرفته مُسرعا متسلّلا على أطراف أصابع قدميه حتى لا يوقظ عمته، فالوقت لا يزال مبكرا. أحضر عمر خرقة وإناءً مملوء بالماء البارد وذهب بها إلى غرفته. جلس عمر على كرسيّ أمام سرير أخيه و جعل يغمس قطعة من القماش في الماء البارد ثم يعصرها ويضعها على جبهة مروان. كررّ عمر هذه الحركة مرارا وتكرارا حتى انخفضت حرارة مروان. يبدو أنه أُصيب بالحمّى عندما خرج يبحث عنهم في ذلك الجو الماطِر. أعاد عمر إناء الماء وقطعة القماش إلى المطبخ. ثم رجع إلى غرفته و ظلّ يطالع أخاه بإشفاق قائلا بصوت منخفض :« أخي، أنت تُرهق نفسك كثيرا، يجب أن تستريح، لن أُسامح نفسي إن حصل لك شيء، فأنت.. كلُّ... ما تبقى لي.. »
توضأ عمر و فرش سجادة الصلاة في غرفته ليصلّي الفجر. ثم عاد عمر ليستلقي على سريره ببطء حتى لا يؤلمَه جسدُه الممتلئ بالكدمات.
استفاق مروان من نومه عندما داعبت أشعة الشمس وجهه ليتقلّب في كسل على سريره. لم تمضِ لحظات حتى نهض من على سريره وذهب ليأخذ حماما دافئًا لعلّه يُذهب عنه التعب والكسل. لم يعلم مروان أنّه كان مُصابًا بالحمى فقد انخفضت حرارته بسبب اهتمام عمر به لكنه شعر ببعض التعب فقط.
أنهى مروان استحمامه وصلّى الصبح ثم ارتدى ثياب العمل وخرج من الغرفة مقررًا ترك عمر ينام براحة لأنه لن يذهب لمدرسته اليوم. أخذ فطوره الذي وضعته عمته له في علبة بلاستيكية شاكرًا إياها و ودّعها ذاهبا إلى عمله.
ركن مروان سيّارته أمام مبنى الشرطة ثم دخل المبنى ليذهب إلى مكتبه. وما إن دخل مكتبه حتى وجد شريكه قد سبقه بالفعل إلى هناك.
« هل هذا احتلال إنجليزي أم فرنسي؟ » سأل مروان بنبرة مازحة وهو يرى صديقه جالسا على كرسيّه.
« لا إنه إنجليزي... »أجاب صُهيب باستهزاء
« أليس لديك مكتبك الخاص؟ لمَ تأتي دائما وتزعجني أيها الأحمق؟ » قال مروان ممازحا صهيب وهو يضع سترته على مكتبه
« ألا يمكنني الاستمتاع مع صديقي قليلا؟ » أجاب صهيب ثم أردف قائلا :« كيف هو عمر؟ »
« إنه بخير، لا تقلق، لقد خيط جرح ذراعه، ما يزعجني هو ذلك الشاب الذي تتشاجر معه؛ أشعر أنه تمادى كثيرا، أعني لا أشعر أنه شجارٌ طبيعيّ» تحدث مروان وقد علت وجهه ملامح الاستغراب
أنت تقرأ
ستظلّ في ذاكرتي
Mystery / Thrillerالرواية حاصلة على الأول في مسابقة كأس الإبداع لعام 2023 ★ 🥇✨ « روحي باتت مشتتة، مشاعري أمست ممزقة وفؤادي قد تهالك وانكسر ، تبدد الوئام واندثر الأمان وتوارت السعادة خلف الأيام ولم يعد يغمرني غير الحزن والآلام من بعد رحيلك يا أبي... لكن من يدري؟ ربم...