حنين

558 51 122
                                    

غرفة احتلّ الظلام أركانها سوى من ضوء ذلك المصباح الصغير الذي تدلّى من السقف ، توسطّت الغرفة طاولة وكرسي صغير ، عليه جلس شخص ضخم الجثة قمحي البشرة ، شابه شعره في لونه دُجية الليل وحَلكته ، عانقت الأصفاد الفضيّة يديه مُكبلّة إيّاها ، كان يُحدّق بوجوم في حائط الغرفة حتى جذب انتباهه صوت فتح قفل غرفة احتجازه لتقع عيناه على ذاك الشخص المهيب الذي بدا مُخيفًا وهو يخطو بصمت تامّ في الغرفة حتى وقف في الجهة المُقابلة له و نظر في عينيه مباشرة وهو ينطق بجمود : « ليكن في علمك أنّك لا تساعد نفسك بامتناعك عن الكلام، ستزيد الأمور تعقيدًا ! »

لم يلقى باسل أيّ ردّ ممّا دفعه على التحدّث قائلا : « من الأفضل لك أن تُقرّ بنفسك وتتعاون معنا هذا سيصبّ في مصلحتك »

« قلت لك لا أعلم عمّ تتحدّث ! » أجاب ضخم الجسد بنبرة عالية.

« لا ترفع صوتك !.. ما زلت تدعّي الجهل إذًا ؟! » قال باسل وهو يخطو في الغرفة

« لديّ كلُّ الحق في التزام الصمت »

« إذًا لتعلم أنّك ستتعفّن في السجن لباقي أيام حياتك إن استمررت على صمتك ! » صاح المحقق باسل بغضب وهو يخرج من الغرفة صافقًا الباب خلفه بعنف.

************

« أتعبت نفسك لؤي، لا داعي لهذا أنا بخير لا تقلق » قال مروان الذي استلقى على سرير المشفى في إحدى الغرف

« لقد قلقت عليك عندما أخبرني صُهيب بالأمر ، أتعلم؟! لقد تعلّمت منك الكثير من الأشياء سيدي، لقد أحببتك جدا ، واتخذتك قدوتي، أريد أن أصبح مثلك يومًا ما » قال لؤي وهو يُحدّق في القمر الذي توسط سماء الليل ناشرًا ضوأه السرمديّ الخلّاب.

ابتسامة صافية زيّنت ثغر مروان وهو يُجيب :« أشكرك، هذا حقا من حسن ظنّك بي، وأدعو الله أن أكون كما قلت، و نادني مروان فقط، لا داعي للرسمية »

ابتسم لؤي بامتنان وهو ينهض مُربّتًا على كتف الآخر قائلا : « شافاك الله من مرضك سريعًا، القسم موحش دونك ، عليّ أن أذهب الآن »

نهض مروان من على سريره ببطء وخطا خارج غرفته يستند على عكازتين، طرق باب أحد الغرف ثم دخل بخطوات بطيئة. جلس على أحد الكراسي وظلّ يُطيل النظر في عيني أخيه النائم بسلام على السرير، امتدّت يده له وأخذ يمسح على شعره بلطف و هو يقول :

« أمازلت غاضبًا منّي؟ لا بأس أنا لا ألومك، لقد بالغت بالأمر كثيرًا، أنا فقط أريدك أن تسامحني... قل لي

" صباح الخير أخي " وسأردّ عليك وأحكي لك عن يومي ولن أتجاهلك ثانية عمر... لن أتجاهلك.. »

« أتعدني؟ »

انتفض مروان بصدمة ما إن سمع صوت عمر، لقد حسبه نائمًا، فتح عمر عينيه وقال دون أن ينظر لمروان :

ستظلّ في ذاكرتي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن