صراع

487 54 95
                                    

رفع مروان رأسه ببطء بعد أن انطلقت الوسادة الهوائية مُحيطة به لتحمي رأسه ، دار ببصره نحو صُهيب الذي اصطدم بزجاج السيّارة المُحطّم ممّا أدّى لجرح رأسه ليسيل خيط دم رفيع منه.

« صهيب ! هل أنت بخير؟» سأل مروان ولكنّه لم يلقى ردًّا من صهيب الذي كان غائبًا عن وعيه بسبب الصدمة.

« صُهيب ! هل تس_» لم يكد يكمل كلامه حتى فُتح باب السيّارة ليظهر رجل التحف بالسواد ولم يظهر منه غير عينيه الحالكة التي تبثّ الرعب في أوصال الرائي. ألصق ذاك الرجل فوّهة مُسدّسه برأس مروان وتمتم بهدوء مخيف :« ستأتي معي بهدوء ! »

ابتلع مروان تلك الغصّة التي علقت في حلقه وهو يُفكّر جاهدًا في طريقة للتخلص من تلك الورطة التي وقعا فيها. ترجّل من السيّارة ومازالت فوهة المسدس في رأسه ، خطى بجانب الرجل الذي لم يُفارقه شبرًا ، جال مروان ببصره في المكان، لم يجد أحدًا يستنجد به وصهيب فاقد لوعيه... يجب أن يتصرّف بسرعة، فجأة توقّف مروان وركل يد ذاك الرجل ليطير مُسدّسه بعيدًا، وانقضّ عليه مروان موقعًا إيّاه أرضًا ، سددّ له مروان لكمة قوية لكنّه تفادها وارتدّ إثر تلك اللكمة التي تلقّاها من قبضة الآخر، اشتبك الاثنان في عراك عنيف دام لدقائق طوال كان كلٌّ منهما يحاول فيها التغلب على خصمه ، لاحظ مروان أن خصمه يحاول الاقتراب من السلاح المرميّ على الأرض فأخذ يضربه بقوة مُحاولاً منعه من الاقتراب ، أنفاس مروان بدأت تتباطأ وقلبه يكاد يخرج من مكانه، كيف سينهي هذا العراك؟! ذاك الرجل قوي جدا؟!... تلك الثوان التي شرد فيها كانت كفيلة لقلب الموازين... حطت قبضة صلبة على وجه مروان مُسببة ارتداده للوراء، لم يكد يتدارك نفسه إلا وقد خرجت من بين شفتيه صرخة مؤلمة اخترقت صمت المكان المطبق لتترددّ في الأرجاء علّ أحدًا يسمعه فيغيثه.

تدفّقت الدماء القانية بغزارة من ذلك الجرح الذي أحدثه سكّين حادّ في عضلة ساقه ممزقّا جلده وتلوّن بنطاله بالدماء التي بدأت تنتشر تدريجيّا فيه. ضاقت عينا ذاك الرجل بسبب ابتسامته الشامتة التي تجلّت أسفل قناعه وهو ينهض ويمسح أثر الدم من على وجهه ثم قال :« ستأتي معي.. شئت أم أبيت...أمرني أن أجلبك حيّا ولم يشترط أن تكون سليمًا....» انهى كلامه وهو يُلوّح بمدّيته في الهواء وهجم على مروان كثور ثائر راكلًا إيّاه في وجهه حتى أدماه وأخذ يركل شتّى أنحاء جسده . ظلّ مروان يكافح ويقاوم مُحاولًا صدّ ضرباته والتماسك رغم دمائه الغزيرة التي سالت على الأرض. أضحت أنفاسه بطيئة مُتقطّعة، و أحسّ بألمٍ حادٍّ في ساقه كأنّما أُضرمت به نار تلتهمها. بصق ذاك الرجل وهو يبتعد عن مروان وكاد يركله ركلة جمع فيها جلّ قوّته إلا أنّه فجأة خرّ على الأرض فاقدًا وعيه.

« م... مروان ! » صاح صُهيب وقد استقرت صخرة كبيرة بين يديه

حرّك مروان بصره نحو صُهيب الذي هرع إليه وتمتم بخفوت :« لا... تق.. تقلق... أنا... بخير..»

ستظلّ في ذاكرتي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن