هل فات الأوان؟

650 74 238
                                    

« هل هناك معلومات جديدة بشأن الانفجار؟ »سأل مروان وهو جالسٌ على كرسيّه في مكتبه مُمسكًا فنجان القهوة بيديه

« لا، مازالت التحقيقات قائمة» أجاب صُهيب الجالس على كرسيّ مقابل مكتب مروان

« بما أنّ رسالة التهديد تلك وصلتنا قبلها بيوم، وقد كانت تهديدًا صريحًا، يُمكننا الرّبط بينهما؛ لذا أعتقد أنّ العصابة هي من قامت بتفجير مكتب عمّي» استرسل مروان

« صحيح، هذا منطقيّ» أجاب صُهيب وعيناه مُعلّقة بمروان بقلق

نهض مروان قائلا :« سأخرج لاستنشاق الهواء قليلا »
وما كاد يستتمُّ واقفًا حتى ترنّح في وقفته وكاد يسقط لولا إسناد صُهيب له.

« مروان ! ماذا بك ؟! أأنت بخير؟ »صاح صُهيب بقلق وهو يُسند مروان

أبعد مروان يدي صهيب وهو يقول بخفوت :« لا تقلق، لا تقلق، مُجرّدُ إرهاق من العمل، ربما ضغط دمي منخفض »

« مروان لا تستهر بصحّتك، أنت تبدو لي مريضًا» قال صهيب بصوت قلق

قطع حديثهم رنينُ هاتف مروان ليُمسكه مروان رافعًا إيّاه من على مكتبه وما إن رأى اسم المُتّصِل حتى قطّب حاجبيه بغضب ووضع هاتفه على أذنه قائلا بنبرة هادئة :« مرحبًا سيّد كرم... حسنًا لكن هل هناك خطب ما؟ ...... حسنًا سأكون عندك خلال دقائق »

*************

خطا مروان بخطوات ثابتة في ذلك الرواق الواسع مُتوجّهًا إلى أحد الغرف. طرق الباب بخفّة ثم دخل.

غرفة واسعة طُليت باللون الأزرق وفي منتصف الغرفة استقر مكتب بُنيّ قد صُنع من خشب متين ، وعلى جانبيه وُجدت بعض الكراسي هنا وهناك، وعلى أحدها جلست امرأة في نهاية الخمسينات، ترتدي رداءً أسودًا طويلاً وقد توارى شعرها أسفل حجابها الأبيض، كان وجهها أبيضًا قد نال منه الإرهاق والتعب وخطّ الدهر تلك التجاعيد التي رُسمت على وجهها حاملة بين طيّاتها شقاء وعناء دفينًا. وبجانبها جلس فتًى بِعمر عُمر بدا كما لو كان خارجًا من معركة، بوجهه الذي رُسمت على صفحته خطوطٌ رفيعة من الدم قد سالت من أنفه وشفّتيه، تورّم وجهه و تلوّنت أجزاء من وجهه بزُرقة داكنة. وما إن تلاقت سوداويّتيهما حتى انتفخت أوداج ذاك الفتى وانتفض من على كُرسيّه صائحًا بغضب
: « أنت ! أيّها الحقير ! سوف أقتلُك ! سوف_»

اجتثّ ذلك الحديث الحادّ صوت ضعيف مُعاتب
:« فهد ! ما هذا الذي تقوله ؟! اجلس مكانك ! لقد ساءت أخلاقُك كثيرًا ! » أنهت كلامها وهي تجذبه من يده مُجلسة إيّاه بجانبها ثم التفتت إلى مروان الذي كان مصدومًا ومتعجّبًا لتقول بتفاجؤ :« أهو حقّا أنت يا بنيّ؟! لم أرك منذ مُدّة اعذرني لم أتعرّف عليك مُسبقًا، كم سعدت لرؤيتك مُجدّدًا ! عندما لم تعد تمُرُّ عليّ خشيت أن يكون حدث لك شيء ولم أكن أعلم لك مكانا فدعوت الله أن تكون بخير »

ستظلّ في ذاكرتي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن