Part 19

35 13 3
                                    

" إدفا "

( العاشرة مساءً )

أسوأ أمسيه مرت على قصر الحاج " صالح " .. البلدة أصبحت في حالة حزن لما حدث اليوم .. البلدة بأكملها حزينة على ما حدث اليوم للفتى " الغريب " ذلك الشاب الذي لطالما حاول التقرب منهم .. رغم إختلافه الواضح عنهم .. اختلاف الشكل والحديث والعادات وحتى إختلاف الطبقات .. فـ " بوب " في بلده من أغنى الأغنياء .. ولكنه يأتي إلى هنا ويترك رداء الغنى في بلده .. أو بالأحرى يخلعه عند وصوله إلى أرض مصر .. إلى مطار أسوان ..

لطالما حاول التقرب من جميع أهل البلد بالكلمات الطيبة ،وبالمزاح ،ومحاولة تقليد لهجتهم ،وإرتداء ملابسهم .. حاول تقليدهم في كل شيء عساه يصبح منهم..

لطالما أحب " بوب " دفئهم وإحتوائهم لبعضهم البعض .. ذلك الحب وتلك المودة والألفة التي لطالما إفتقرها .. ويفقترها الغرب عموماً .. أحبها هو كثيراً ودوناً عن جميع البلاد التي سافر إليها من قبل .. وجد مبتغاه هنا .. ولم يرد قط سوى أن يصبح فرداً من هذه العائلة الكبيرة .. وابناً لهذه القرية .. ولكن يبدو أن أحدهم قد أساء فهمه .

***

" في قصر الحاج صالح "

يقف " عصام " أمام مكتب والده ويصرخ فيه بغضب قائلاً:

_ اللي عمل كدا لازم يتحاسب .. ويتحاسب حساب عسير كمان! عشان معملش إعتبار إنه على أرضنا! .. جوا بيتنا .. بيت الحج صالح .. عمدة البلد وكبيرها!

ينظر له الحاج " صالح " في حيرة ولم يجب .. فأكمل " عصام ":

_ إنت مبتردش عليا ليه؟!! .. سايبني بكلم في روحي من الصبح وإنت قاعد ساكت كدا!! مش عاوايدك يعني؟!

أخرج الحاج " صالح " زفيراً وقال:

_ إنت عارف هما مسكوا الواد اللي عمل إكده ولا لع؟

قال " عصام ":

_ معرفش! .. بس أكيد لو كانوا مسكوه كانوا هيبلغونا .. ولا إيه؟!

تنهد الحاج " صالح " ولم يقل شيئاً .. اقترب " عصام " من المكتب و وقف أمامه مباشرة وقال بحدة:

_ إنت تعرف حاجة يابا ومخبيها عليا؟

لم يرد الحاج " صالح " ولم ينظر إلى " عصام " .. فسأله " عصام " مرة أخرى:

_ رد عليا يابا .. أنا بسألك؟ .. إنت عارف مين اللي عمل كدا؟!

أومأ الحاج " صالح " رأسه بالإيجاب .. بدت الدهشة على وجه " عصام " وسأل والده في ترقب شديد:

_ الواد إتكلم؟

أومأ الحاج " صالح " رأسه بالموافقه .. ومازالت عيناه في الأرض .. سأله " عصام " بقلق ويأمل أن يكون ما قد فهمه للتو خاطيء:

EDVAحيث تعيش القصص. اكتشف الآن