رواية مأساة حياه
البارت الثالثأخذ تلك الصورة وحاول أن يدقق في ملامح تلك الفتاتان الموجودان في الصورة، ولم يتعرف عليهم، لم يراهم من قبل؛ إذن لماذا تحتفظ بهذه الصورة زوجته وأيضاً كانت تحتضنها كأنها تحتضن هاتان الفتاتان وتبكي وتنتحب، كما أن يوجد بعض أثار الدموع علي الصورة؛ ولكن الغريب لماذا تفعل ذلك مَن هم الفتيات وما علاقتها بهم وما هي الصلة بينهم التي تجعلها تحزن وتنتحب وتبكي بهذه القوة؛ حتي تغفو من فرط حزنها وبكائها إلي عالم الاحلام، كانت تريد أن تراهم في منامها وتضمهما إلي صدرها لذلك فعلت هكذا قبل النوم أم ماذا، يا لهو من أمراً غريب لا يستطيع تامر تفسيره ولا معرفة الفتيات الموجودة بالصورة، ثم أخذ الصورة وغادر الغرفة بهدوء وهو يحاول أن يدقق النظر بها لعله يعلم مَن هم الذين بالصورة وما علاقتهما بزوجته، ثم جلس علي المقعد بشرود تام وقرر بعض تفكير طويل سئم من وجود حل أن تفسير لهذه الصورة ووجودها في أحضان زوجته وبكائها الدائم بسبب مَن فيها، قرر مواجهتها ومعرفه من هم منها والإريتاح من هذا التفكير المقلق له.
كانت دعاء تتحدث مع خطيبها وحبيبها زيدان، وتبتسم بين الحين والآخر علي كلماته المعسولة التي دائما تخجلها وتجعلها سعيدة للغاية، ثم هتفت بتذكر شديد، قائله بشقهه
" حبيبي، لقد نسيت الطعام علي الموقد، لحظه".
أنفجر زيدان من الضحك عليها، فهو دائماً يخبرها بأن تترك كل شئ عندما تتحدث إليه؛ حتي لا تفتعل المصيبة، دائماً توبخها والداتها لنسيانها الطعام كلما تحدثت مع خطيبها زيدان، ثم أجاب بقلق عندما تأخرت في الرد، قائلا
" ماذا حدث حبيبتي"؟!
أجابت دعاء ببكاء مرير، فهي للمرة الألف تنسي الطعام عندما تتحدث إليه ويفسد علي الموقد، لا تعلم ما سر هذا النسيان الدائم عندما تتحدث معه، اللعنة عليها سوف تأتي والداتها وتجعل يومها أسود من الطين، ثم هتفت بحزن
" لا شئ حبيبي، كعادتي فسدت الطعام وأحترق".
حزن زيدان بشدة علي بكاء حبيبته وحزنها، ثم أجاب بهدوء
" لا تقلقي حبيبتي، سوف أفعل شئ".
عقدت دعاء جبينها في استغراب، قائله بهدوء
" ما الذي سوف تفعله، زيدان"؟!
لم يجب عليها زيدان وأغلق الخط بوجهها دون أن يتفوه ببنت شفة، حزنت دعاء أكثر، تارة علي الطعام الذي أحترق وسوف تجعلها والداتها عِبرة ككل مرة تفسد بها الطعام، وتارة أخري كانت تحزن علي خطيبها وغلق الهاتف بوجهها بهذا الشكل الاحمق دون أن يتحدث بأي كلمة، وأخذت تبكي بهدوء؛ حتي أستمعت إلي صوت حياه يناديها بهدوء، وقامت من مقعدها وأسرعت إليها حتي تلبي طلبها في النداء عليها، ثم فتحت الباب، قائله بهدوء
" ما الأمر حبيبتي، حياه"؟!
أجابت حياه بإختناق، قائله
" أريد أن أخرج من غرفتي إلي الشرفة الرئيسية للمنزل، لقد أختنقت من هذه الرائحة البشعة".
نظرت لها دعاء بحزن شديد، فهي تعلم أن الرائحه أصبحت شاذة في جميع أنحاء المنزل ويجب عليها فعل أي شئ قبل أن تعود والداتها من الخارج، ثم أخذت حياه في الأول وخرجت بها إلي الشرفة الرئيسية للمنزل وجلستها علي المقعد أمام الهواء الطلق؛ حتي يساعدها علي أستعادة أنفاسها المنقطعة من هذه الرائحة البشعة، وأسرعت هي إلي المطهي؛ لكي تري حلاً لهذا المأزق قبل أن تأتي والداتها إلي المنزل وتجعل أيامها الأتية كلها حزن وأسي من ما سوف تفعله بها، وبالفعل ألقت بالطعام المحترق في سلة القمامة وجهزت المطهي من جديد وغسلت الاطباق بحرص شديد؛ حتي لا يظهر عليها أثر الاحتراق وجعلت المطهي يلمع كأنه لم يكن به طعام يحترق ويتفحم، وحاولت أن تصنع طعام جديد؛ ولكن لم تجد المكونات الكافية في المطهي ودلفت إلي غرفتها وأرتدت ملابسها علي عجلة وحاولت أن تنزل؛ لكي تشتري بعض الطعام الجاهز لأنها لن يسعفها الوقت في عمل طعام أخر جديد، وأخبرت حياه بالأمر وذهبت كي تشتري الطعام، وكانت علي وشك فتح باب المنزل؛ حتي وجدت زيدان أمامها ويحمل بيده بعض الاطعمه الجاهزة، قائلا في ابتسامته الوسيمه
" كنتي علي وشك الخروج بدون أذني، دعاء"؟!
نظرت له دعاء بغيظ، فهو كيف يتجرأ أن يغلق الهاتف بوجهها دون حديث ويالهو من أحمق يأتي إلي هنا ويلومها علي عدم معرفته بخروجها، ثم أردفت بخنق
" ماذا تريد زيدان، لماذا أتيت ليس اليوم الجمعة بعد"؟!
أقترب منها زيدان في ابتسامة ماكرة، قائلا
" هل يجب علي عدم الاقتراب من منزلك الا في يوم الجمعة عزيزتي"؟!
أومأت له دعاء عده مرات وهو يقترب منها بهدوء، ثم وضع الطعام الذي جلبه معه علي الطاولة بجانبه وأقترب منها بشدة أثناء وضعه للطعام جعلها سوف يغشي عليها من التوتر الذي حل عليها من قربه المهلك لقلبها الذي يعشقه ويريد أن يضمه إليه بحنان ويعلمه كيف يعشقه بقوة، ثم نفضت هذه الأفكار اللعينة وأجابت بغضب وهي تدفعه عنها بقوة
" لماذا أتيت ولما جلبت هذا الطعام، انا كنت خارجه لكي أشتري طعام بدلا من الذي فسد وأحترق قبل وصول أمي إلي المنزل".
أومأ لها زيدان بهدوء، فهو فعل هذا الشئ مكانها، لذا ما الغضب والضيق الظاهر في عيونها بسخاء هذا، ثم أجاب وهو ينظر داخل عيونها بقوة
" حسناً أنا فعلت هذا بدلاً عنكِ، لماذا تغضبين هكذا، حبيبتي"؟!
نظرت له دعاء بحزن، فهي لا تنسي أنه اغلق الهاتف بوجهها دون أن يخبرها أنه ينوي علي فعل هذا، ثم هتفت
" أنت لم تخبرني انك سوف تأتي وتجلب معك طعام بدلاً من الفاسد؛ وأيضاً أغلقت الهاتف بوجهي".
أقترب منها زيدان بحزن شديد عليها، فهو لم يقصد أن يغلق الهاتف بوجهها أبداً، هو فقط كان يريد أن يفعل كل هذا قبل أن تأتي والداتها إلي المنزل وتوبيخها علي ما فعلته في الطعام وافساده
" انا لا أقصد كل هذا حبيبتي، سامحيني".
نظرت له دعاء بعيون حزينة ودامعة، ثم هزت رأسها برضا أنها تسامحه، فهو وقف بجانبها وجلب لها طعام غير الذي فسد بسبب مكالمته، ثم أجابت
" حسناً ما حدث شئ، يمكنك الذهاب الآن قبل أن تأتي والداتي".
عقد زيدان جبينها في استغراب وضيق، فهو يأتي كل هذه المسافة ويضع الطعام ويمشي دون أخذ مقابل لا لا هذه تمزح من المؤكد، ثم هتف بمكر
" أريد مقابل الطعام، حبيبتي".
عقدت دعاء جبينها في استغراب، فهو لم يطلب منها هذا الطلب من قبل؛ ولكن هذا حقه، وأجابت بهدوء
" حسناً حبيبي، ما ثمنه وأنا سوف أدفعه لك"؟!
أنفجر زيدان ضاحكاً بقوة، من ما جعل حياه التي كانت تجلس في الشرفة بالقرب منهما أن تستمع لضحكاته وحديثه مع دعاء شقيقتها، التي تكون لها أكثر من شقيقه وأخت وحبيبه وصديقه أيضاً وتمنت لها السعادة الدائمة ودعت الله أن يرزقها برجل مثل زيدان يغمرها بحنانه وعشقه لها، بعدما أستمعت إلي ضحكات دعاء الخجولة وتزمرها علي أفعال خطيبها المنحرفة؛ ولكنها عنفت نفسها وأخبرتها أنها ليست مثل دعاء لكي يأتي لها شخص مثل زيدان يغمرها بحنانه وحبه الجارف لها، فهي ناقصة ولا تستطيع أن تتزوج أو أن تحب او تعشق أي رجلاً يقبل بها، علي الرغم من جمالها إلا أنها لا تعترف به ببساطة لأنها لم تراه ولا ترَ نفسها من قبل، لقد ولدت كفيفة وسوف تحيا وتموت كفيفة لا ترَ سوي الظلام.استيقظت ولاء بكسل شديد، بعدما ارتاحت قليلاً بعدما تحدث مع الصورة وبثت لها كل ألمها وعذاب ضميرها من ما حدث من قبل خمسه عشر عاماً وقامت من علي فراشها وأخذت حماماً ساخناً؛ لكي تزيل به تعبها الواضح علي ملامحها بسخاء، ثم خرجت من غرفتها ووجدت تامر يجلس ومعه الصورة التي كانت بين أحضانها، لقد شعرت بأنها غير موجودة عندما استيقظت ولكنها قالت إن من الممكن أن تكون أخفتها قبل أن تنم؛ ولكن الحقيقه المؤلمة أنها الان بين يد زوجها ولا تعلم كيف تخبره وبماذا تخبره بأمر مَن في الصورة، ثم جلست بجانبه في توتر، قائله
" ما بك عزيزي، ما الأمر"؟!
نظر لها تامر بحزن، فهي تعلم جيداً ما الأمر ولكن لما تحاول أن تخبره أنها لا تعلم شئ علي الرغم من وجود الصورة بيده وهي جلست بجواره لم ترَ الصورة يا تري أم أنها تريد أن يبدأ هو بالحديث عن محتوي الصورة، ثم أجاب بهدوء
" أنا الذي أريد أن أعلم ما الأمر ومَن هؤلاء الموجودين بالصورة"؟!
نظرت له ولاء في بكاء ولا تعلم بماذا تجيب عليه، فهي تعلم أنه لا يصدق ما سوف تقوله له، وأنها لا تستطيع أن تخبره بهذا الشئ في التو، ثم هتفت بقوة
" انا أحب هاتان الفتاتان مُنذ زمن وأتمني أن أنجب مثلهما".
عقد تامر جبينه في استغراب شديد، فهو طفل صغير حتي تضحك عليه بأمر لا يصدق، فهي إذا كانت تحبهم وتريد أن تنجب لما لم تقل له هذا الحديث من قبل ولما حزنها الدائم عليهم، هذا الأمر ليس صحيح وهناك شئ خطير تخفيه عليه زوجته ويجب عليه أن يعلم ما هو الشئ علي الفور، ثم قام من مقعده بحزن دافين، قائلا
" إذا كنتي تريدين الكذب عليّ كأنني طفل صغير سوف أصدق ما تقولينه لي، يمكنكِ أن توفري حديثك هذا إلي شخص أخر يستطيع أن يصدق ما تتفوهين به ليس انا من يصدق هذا الهراء ولاء".
رمي هذه الكلمات في وجهها بقسوة وغادر المكان بسرعة البرك لم يعد أن يرَ دموعها هذه وكذبها عليه الذي يظهر في عيونها بسخاء، لما تكذب عليه، ولما البكاء وهذه الأفعال الغير منطقية الذي لا يصدقها طفل صغير ليس رجل كبير مثله بالمرة، بينما هي ظلت تبكي بقوة وتشهق علي حزن زوجها وقسوته معها ومعرفته بأمر كانت تحاول أن تخفيه عن الجميع مُنذ أكتر من خمسه عشر عاماً حتي الآن، فهي لا تريد من أحد أن يعلم سرها ولا احد يعلم ما فعلته في هذه السنوات، لماذا يأتي اليوم التي تنكشف به كل ما فعلناه وحاولنا أن نخفيه عن الجميع لسنوات وسنوات، لماذا لا يوجد شئ نستطيع أن نخفيه عن الجميع دون أن يعلم أي أحداً به ونموت به دون علم أحد لماذا لماذا، وأخذت تبكي وتنتحب بقوة علي مقعدها في محاولة لتفكيرها في هذا الأمر الذي سوف ينكشف ويجعل حياتها جحيم لا محالة وأكثر من الجحيم بمراحل كثيرة.عادت إلهام من الخارج وكانت تموت جوعاً، لقد كانت طول اليوم تحاول أن تجد حلاً؛ لكي تجلب الأموال من عمل زوجها الراحل، ونظرت إلي ريان الذي كان يجلس علي مقعده في حزن وصمت، اقتربت منه إلهام، قائله بحنان
" ما بك أبني"؟!
نظر لها ريان في ابتسامة، قائلا
" لا شئ أمي، أنني بخير، كيف حالك أنتِ"؟!
نظرت له إلهام في استغراب، فهي تعلم ولدها بشدة وتعلم أيضاً أن هناك شئ يخفي عليها منه ولا يريد أن يخبرها؛ ولكنها قررت أن تتركه وشأنه وسوف يأتي إليها في أقرب وقت ويحكي ما به، ثم هتفت
" انا بخير عزيزي، سوف أجهز الطعام".
أومأ لها ريان بهدوء، بينما هي غادرت من أمامه إلي المطهي؛ لكي تجهز الطعام دون حديث، وقام ريان لكي يدلف إلي غرفته يبدل ثيابه ونظر إلي شرفته فقد كان الجو بارد بها للغاية وأرد أن يغلقها؛ حتي لا يصاب بالبرد، وعند تقدمه من شرفته صُدم من ما راي أمامه؟!!يتبع..
أنت تقرأ
مأساة حياه (مكتملة) بقلم آيه خطاب
Romanceعندما يعاني الشخص من تسلط وظلم والدايه له، وهو غير كامل مثل جميع البشر، ويفقد شيئاً مهماً من حواسه..