البارت العشرون ♥️

1 2 0
                                    

رواية مأساة حياه
البارت العشرون

وقفت ولاء في صدمة وذهول
" ماذا قلت، تريد الذهاب إلي الصعيد وأنا لا اسوي عندك اي شئ، سوف تضحي بي بكل هذه السهولة"؟!
اقترب منها تامر في هدوء وهو يحاول أن يشرح لها ما ينوي عليه وما فكر به
" ولاء يمكن أن تهدائي قليلاً وسوف أخبرك بكل شئ".
جلست ولاء علي المقعد مرة أخري دون أن تتحدث ببنت شفة، كانت تريد أن تعلم ما هي وجهه نظره في هذا الأمر وما ينوي أن يفعله، تحدث تامر في ابتسامة هادئة عندما رآها لا تتحدث وتريد أن تستمع إليه
" أنا لن أخبره أنني تزوجت بكِ أو أنني اعرفك من الأساس، وهذا كله ما تريديه لا غير ذلك أطمئني".
نظرت له ولاء في حزن دون أن تتحدث، وأكمل في حزن
" أنا لا أريد أن أتسبب في قتل صاحبي وأطفاله، لن أستطيع العيش وأنا بأمكاني إنقاذهم والتخلي عنهم بهذه السهولة ولاء أرجوكِ تفهمي الأمر قليلاً لا تفكرين في نفسك وحسب".
نزلت دموع ولاء في حزن وألم، فهو يعتقد أنها أنانية ولا تفكر الا بنفسها وحياة الآخرين ليس لديها أي قيمة بالنسبة لها، هو معه كل الحق فهي تخلت عن أطفالها التي جلبتها من احشائها بكل سهولة، سوف تفكر في رجل لن تراه سوي مرة واحدة، ثم هتفت في حزن وهي تقوم وتغادر المكان
" أفعل ما شئت تامر؛ حتي إذا أخبرته بالحقيقة الكاملة لم أعد أقدر علي الصمود أكثر من ذلك".
نظر لها تامر في حزن وأسي، فهي لا تريد أن تستمع إليه، كان من الواجب عليه أن يعنفها بهذا الشكل؛ حتي تستطيع الموافقة علي ما يريده، هو يحبها ويعشقها لا يستطيع أن يلقي بها في التهلكة لن يسمح لأي شخص أن يأذيها؛ ولكن هي لا تفهم اي شئ لا تفهم فحسب تريد الابتعاد عن الجميع والابتعاد عن الصعيد وعدم الاقتراب منها قط، من الممكن أن يساعدهم في إيجاد الاطفال وأيضاً العيش سويا في سعادة، لماذا دائماً تقل وتفترض القبيح والسيئ.

تجمعا علي طاولة الطعام، بعدما جاء من عمله بعد انتهاء دوامة، كان الجميع يأكل في صمت مريب، لا يريد أحداً منهم التحدث عن أي شئ ولا بأي شئ فحسب يريدا الصمت التام هكذا؛ حتي ملت إلهام من هذا الصمت وقطعته قائلة في حنان موجهه حديثها إلي حياه
" كيف حالك حياه أبنتي".
أجابتها حياه في ابتسامة هادئة
" أنني بخير أمي، لا تقلقي".
نظرت إلهام إلي ريان الذي كان يأكل في صمت، ثم تحدثت في حزن
" أنا أعلم حبيبتي ما حدث بينك وبين شقيقتي حكمت، وأعلم جيداً أنكِ جميلة ولا يوجد مثلك في هذه الحياة أقسم بذلك، وأن قالت لكِ حديث جعلك تشعرين بالحزن أنا أعتذر بالنيابة عنها وعن كل شئ، أرجوكِ سامحيني".
هزت حياه رأسها في رفض وضيق
" أمي لا تعتذرين مني، هذا ليس صحيح أبداً، أنا لست حزينه أو غاضبة منكِ، وهي خالتي أبت أم رفضت لن أحزن منها أبداً، لا تقلقي".
نظرت لها إلهام في فخر، فهي استطاعت أن تربي حياه علي اكمل وجهه، تعلم أن أهلها إذا عثروا عليها الآن سوف يشكرونها علي تربية حياه التي كانت علي اكمل وجهه وجيده للغاية
" أنا عرفت أن أربي حياه، أنتِ أبنتي الغالية، أنا أعلم أنكِ لا تأتين من أحشائي؛ ولكني كنت أتمني أن تأتين من أحشائي".
تجمعت الدموع في عيون حياه
" من الممكن أن تتمني لي الموت إذا علمتي أنني كفيفة وسوف أصبح عبء عليكِ، مثلما فعلت أمي الحقيقية التي جلبتني من أحشائها ولكنها لن تأبي كل ذلك، الاطفال ينسون كل المواقف التي مرت بهم في الطفولة؛ ولكن أنا لن أنسي هذا الموقف قط، لم انسي ما حدث لي وانا في محطة القطار، أشعر وكأن هذا اليوم كان أمس وليس مر عليه خمسه عشر عاماً".
أقتربت منها دعاء في بكاء وحزن عليها وعانقتها في حنان
" لا تبكين حبيبتي، أنا أشعر بكل ما تشعرين به الآن، لا أريدك أن تتذكري كل هذا، انسي انسي كل شئ، سوف تبقين احسن إذا لم تتذكري هذا الأمر مرة ثانية".
بكت حياه بحرقة وأخذت تشهق بقوة عالية مما جعل الجميع يتمزق علي حالتها هذه، كان ريان يريد أن يأخذها من احضان شقيقه إلي أحضانه هو، لا يريد من أحداً أن يقترب منها ويشفق عليها أو يواسيها غيره؛ ولكن محرم عليه الاقتراب منها أمام الجميع هكذا، عقد النية علي أن تبقي ملكه هو وحده وأن يتزوجها وتصبح زوجته وونيسه له في هذه الحياة القاسية عليها وعليه أيضاً، وجمع صوته بصعوبة بالغة قائلا في هدوء
" اتركيها دعاء تذهب إلي غرفتها سوف ترتاح هناك".
نظرت له إلهام في غضب
" ماذا تهزي ريان، لا يمكننا أن نتركها في هذه الحالة من الممكن أن تفعل اي شئ بحالها، وأيضاً من الممكن أن تتأذي نفسيتها وهي بمفردها".
كانت والدته تُعنفه بشدة وسخاء وهي تعتقد أنه يفعل ذلك من أجل أن يتخلص من بكائها هذا؛ ولكنها لا تعلم أنه يفعل ذلك؛ حتي يستطيع أن يبقي معها بمفرده ويحاول أن يخفف عنها هذا الالم الذي حتماً سوف يبقي معها مدي حياتها ولن يخرج من قلبها أو تفكيرها أبداً، هذا الموقف لا يتحمله اي شخص في هذه الحياة، قد تحملت هي هذا الموقف وكبرت وأصبحت جميلة وتعيش حياتها بشكل طبيعي، لا ننكر أن هذا الموقف يؤثر عليها بسخاء في حياتها ولن تكن طبيعية كباقي البشر؛ ولكنها تعيش ولا تمت من ما حدث لها
" أمي أنا لا اقصد اي شئ، لن نتركها بمفردها قط؛ ولكن علينا أن نعطيها بعض الخصوصية قليلاً".
أومأت له إلهام في عدم اقتناع بما قاله لها للتو، ثم ابتعدت دعاء عن حياه ودلفت إلي غرفتها وهي تعلم جيداً ما يدور في خلد ريان وما سبب إصراره علي دخولها إلي غرفتها؛ فهو خائف من والدته وشقيقته من أن يقترب منها ويكتشف أمره وأنه يكن لها بعض المشاعر، لا تعلم حقيقة تلك المشاعر ولكنها مشاعر وحسب، دلفت إلي الغرفة وهاتف دعاء دق بأسم خطيبها زيدان ودلفت إلي غرفتها؛ لكي تجيب عليه وأيضاً دلفت إلهام إلي المطهي وأخذت تلملم الطعام من علي الطاولة، وانتهز ريان هذه الفرصة، ثم دلف إلي غرفه حياه في هدوء تام ووجدها علي فراشها ترقد وهي لا تتحرك قط فقط تنظر إلي السقف في لاشئ، اقترب منها ريان وهتف في حنان جارف
" لا تحزني حبيبتي".
أفاقت حياه علي صوته ووجدته يقترب منها في هدوء، لم يكن ينوي علي عناقها في هذا الوقت؛ ولكنها سبقته وعانقته بقوة وأخذت تصرخ وتنتحب في حزن وألم، تفاجئ ريان من فعلتها هذه ولكنه سعد كثيراً أنها تريد أحضانه لتضع بها كل أحزانها والمها في هذه الحياه، أخذ يملس علي رأسها وظهرها
" كفا حبيبتي لا تبكين".
صمتت حياه بعد وقت ولم يعد لها صوت، مما جعل ريان يقلق عليها بشدة وأبعدها عن أحضانه ونظر إليها في قلق وخوف شديد وجدها تغشي عليها ولا تتحرك، كان يعلم أن هذا سوف يحدث لها، هي يغشي عليها دائماً عندما تحزن أو يحدث معها اي شئ يحزنها بدرجة عالية، وهذا نعمه لها من عند الله؛ لكي ينتهي كل هذا الالم في عالم الاحلام والهروب من عالم الواقع التي لا تجد به سوي حزنها والمها الشديد، شدد من عناقه لها بقوة كبيرة وهو يريد أن يدخلها داخل أعماقه لا يريد أن تبقي حزينة أو مكسورة إلي هذا الحد، ثم ابتعد عنها بعد وقت ليس بقليل للغاية.

أسرع الحارس في سعادة كبيرة إلي رب عمله ووقف أمامه وهو يلهث بقوة، قائلا في ابتسامة
" لقد أتي سيدي، لقد أتي".
عقد سمير جبينه في استغراب
" مَن هذا"؟!
أخذ الحارس يلتقط أنفاسه سريعاً؛ حتي أستمع إلي صوته الرجولي الحاد قليلاً
" أنا سيد سمير".
التفت له سمير في ابتسامة هادئة
" أهلا بك في قصري المتواضع سيد تامر".
أومأ له تامر في هدوء وجلس علي المقعد أمامه، قائلا
" أخبرني صاحبي أنك تريد التحدث معي".
نظر له سمير في ابتسامة جانبية وهو يشعر أن هذا الرجل ليس سهلاً قط، يتحدث معه دون أن يخشاه الجميع يتحدث معه في خوف شديد منه؛ ولكن هذا الرجل مختلف تماماً
" أريد أن أعلم أين أطفال أخي، وما هي علاقتك بهما"؟!
وضع تامر قدم فوق ساق بغرور شديد
" أنا لا أعلم مكانهم، وليس لدي أي علاقة بهما".
غضب سمير من غروره والبرود الذي يتحدث به معه بهذا الشكل، ثم قام من مقعده في غضب عارم
" أنت لا تعلم مَن أنا لحد هذا الآن، لا أريدك أن ترَ وجهي اللعين لانه حتماً لن يعجبك".
قام تامر هو الآخر في هدوء ووضع يديه في جيب بنطاله ورفع رأسه إلي الأعلى
" العصبية والغضب ليس صحيح من أجل صحتك سيد سمير، يمكنك الهدوء؛ لكي أخبرك بكل شئ في هدوء".
جلس سمير علي المقعد مرة ثانية وهو غاضب بشدة من برود هذا التامر؛ ولكنه يجب عليه أن يهدأ قليلاً ويستمع إليه حتماً يجب أن يفعل ذلك لا يقدر علي التحدث الآن، قبل أن يعلم ما يجول في خاطره
" عليك التحدث الآن، أنا أستمع إليك".
جلس تامر علي المقعد هو الأخري ووضع قدم فوق ساق كما فعل من قبل، ثم أجاب
" انا لا اعلم مكان الفتيات، انا فقط ابحث عنهم مثلك تماماً وأكثر منك بكثير أيضاً".
عقد سمير جبينه في استغراب ودهشه، فهذا الرجل لا يربطه بهم أي علاقة أو أنه قارب لهم، وأيضاً ليس من عائلة زوجه أخيه الراحل، إذن لماذا يريد أن يعثر عليهم ويريد ذلك بشدة أكثر منه هو الأخري
" أنت ماذا تهزي، أنت ليس لديك أي صلة تربطك بنا أو بأهل والده الاطفال؛ حتي تبقي متلهف للعثور عليهم".
نظر لها تامر في ابتسامة هادئة
" أنت لا تعلم عني اي شئ، انا لدي علاقة قوية بهم تجعلني أفقد روحي مقابل أن اعثر عليهم، من الممكن أن نساعد بعضنا في الحصول علي الفتيات ليس اطفال بعد، لقد مر وقت طويل علي اختفائهم من البلاد".
أومأ له سمير في اقتناع، فهو يعلم أن مر وقت ليس بقليل علي هذه الحادثة وموت أخيه من حسرته وقهره علي أطفاله الصغار الذي كان متعلق بهما إلي حداً كبير وفقد حياته قبل العثور عليهم
" أنا لا أعلم ما هي العلاقة التي تربطك بين الأطفال، لا استطيع ان ابقي معك وأنت لا تخبرني بكل شئ، أنت رجل كاذب ولا يوجد أي علاقة بينك وبين الاطفال وأريد أن أعلم الآن ما هي الحقيقة وإلا لن تسلم من عقابي، لحد هذا الآن انا اتعامل معك بكل هدوء وارحب بك في قصري؛ ولكن إذا حاولت خداعي أو التلاعب بي، لن يكفي حياتك قصاد كل هذا، هل تفهم"؟!
قام تامر من مقعده في ضيق طفيف، فهو لا يسمح له أن ينعته بالكاذب أمام الجميع، ثم هتف في هدوء حاول أن يهدأ من غضبه قليلاً وأن لا ينفعل عليه ويبقي هادئاً وكان هذا من خطته، وأتسعت أعين سمير بعدم تصديق من ما قاله للتو؟!!

يتبع..

مأساة حياه (مكتملة) بقلم آيه خطاب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن