الخامس والعشرون

3K 104 1
                                    

الخامس والعشرون
(جروب خبايا الحب)
استقبله بجفاء، مُسترخيًا علي كرسي وساقيه ممددتان تستريحان فوق طاولة صغيرة ينفث دخان سيجاره ببطء (اهلا بجلاب المصايب)
كتم أحمد ضحكته وهو يجاوره فوق كرسي قريب بينما يقول معاتبًا (ليه دي حنان طيبة وغلبانه)
اعتدل مالك يطفيء سيجاره بالمرمدة قائلا بغضب (متأكد إنها عاشت في غرربة دي )
أكد أحمد بنصف ضحكة وهو يتأمل ملامح صديقه المنزعجة (اه والله)
مال فم مالك بسخرية بينما يقول (مش باين عليها)
سأله أحمد بإهتمام ونظراته متعطشة لرد فعل صديقة (بس إيه رأيك فيها جامدة)
اعتدل مالك يخبره بحدة (مخدتش بالي)
اعلن أحمد اندهاشه (بقا كده.. امممم طيب)
نهض مالك متجهًا للمطبخ وهو يسأله بإهتمام (تشرب ايه.؟)
توقف مالك أمام باب الشقة المفتوح حين لمح الصغيرة تقف منتظرة أن يأذن لها ففعل بإبتسامة رائقة فجاءته راكضة تضحك بشغب حملها بين ذراعيه وهو يسألها بحنان أبوي (تشربي إيه مع عمو أحمد.؟)
مالت رأسها ترى الزائر لتقول بعدها (بيبسي)
(لا عصير فريش)
قطبت الصغيرة بإعتراض علي اقتراحه لينزلها مُشيرًا لها (سلمي علي عمو أحمد واستنيني)
أطاعت الصغيرة بعفوية (حاضر)
رماه أحمد بنظرة مندهشة، قبل أن يغمزة (خدت علي كنزي اهو)
تجاهله مالك مغادرًا للمطبخ لكن أحمد تبعه يقول مشاكسًا (هتفكر تاني ولا إيه.؟)
أجابه مالك ويداه مشغولتان بسكب العصير في الأكواب (لا أنا كرهت الصنف خلاص)
عاتبه أحمد بإبتسامة (وهي حنان أي صنف دي حتة ملبن)
شمله مالك بنرة نافرة مستنكرة كلماته ليحمل العصير ويخرج به وخلفه أحمد، وضع الصينية وجلس أخذًا الطفلة علي ساقيه ليسقيها كوبها تحت نظرات أحمد المستمتعة
(وأمها طيبة برضو ومحتاجه دلع من الي اتمنع) تأفف مالك من مطاردات صديقه الكلامية ليقول مالك بحدة (إنت جاي ليه.؟)
نهض أحمد بعد أن شرب العصير يقول (جاي لحنان)
انتبه مالك يسأله بإهتمام(ليه..؟)
خطا أحد متجهًا لها وهو يغيظ صديقه (مالكش دعوة دا سر)
كز مالك أسنانه بغيظ من سخافة صديقه.
استقبلت حنان أحمد بحفاوة وأرادت إدخاله لكنه رفض مكتفيًا بالإطمئنان عليها، ثم أخرج رزمة من الأموال ناولها لها قائلًا بنظرات إمتلأت بالأسف (خدي يا حنان)
نظرت إليها مستفهمة (إيه دي يا أحمد..؟)
أجابها ببعض الخجل (فلوسك الي أخدتها أختك)
لانت ملامحها المقتضبة بإمتنان وهي تُعلن رفضها برضا (لا مش عايزه حاجه أنا اديتهالها بطيب خاطر)
ابتسم لها أحمد وهو يخبرها بصدق (عارف بس دا حقك)
امتنعت عنها (معايا الحمدلله)
أخبرها بحدة وبعض التصميم (أنا مش هرجع بيهم يا حنان)
إعترضت آسفة (مش محتجالهم أنا مسامحه والله)
ضاق ذرعًا بإصرارها (وأنا مش هسامحها لو مخدتيهمش)
ابتلعت ريقها مترددة ليحثها (خدي يا حنان)
تناولتها منه تخبره بحزن (ليه كده يا أحمد)
ضم شفتيه مُبتسمًا يخبرها (دا حقك كتر خيرك)
شكرته بشدة (متشكرة علي كل الي عملته معايا بجد)
نظر أحمد بطرف عينيه لصديقة الواقف بمراقبة يستمع لما يحدث، ثم عاد بنظراته إليها قائلًا(مفيش داعي للشكر إحنا إخوات ولو احتاجتي أي حاجه أنا موجود ومالك اهو)
علي ذكر اسمه تصاعد الغضب لملامحها الناعمة، عقدت حاجبيها بضيق غير راغبة في الشكوى منه وإدخال الضيق لصدر أحمد يكفيها مساعدته لها واهتمامه.. استأذنها أحمد عائدًا لشقتها وهو يخبرها (كنزي معايا متقلقيش)
أومأت برأسها متفهمة وغادرت للداخل مغلقة بابها.
نهره مالك مُقلدًا كلماته بسخرية (مالك اهو موجود)... (هو إنت اشتريتني ياعم.. حارس شخصي للإستاذة)
كتم أحمد ضحكاته لائما (أبو الرجولة ياجدع)
ضربه مالك بوسادة صغيرة غاضبًا منه حانقًا من أفعاله ليسأله أحمد بجدية (ما تفكر يا ابني وسيبك من علا وبؤسها)
أوقفه مالك (أحمد متفتحش الموضوع ده علا كرهتني فالصنف كله)
حاول أحمد إقناعه (فكر بس..)
مال مالك للأمام يخبره بجفاء (خلي مناخيرك فوشك يا أحمد مش فحياتي بدل ما أطردهالك من هنا)
اعتذر أحمد وهو يستعد للمغادرة (خلاص ياعم إنت الخسران أنا مالي يلا سلام)
لوّح له مالك بلامبالاة منشغلًا بالصغيرة التي تلعب بحبات العنب، شرد قليلًا في حياته، وحدته التي تعوّد عليها وأحبها بعد طلاقه لعلا زوجته.. الحقيقة هو أحب تلك الحياة وأستلذ بها، دون قيود أو روابط يعيش لنفسه وبنفسه.
******
جلس مُنشغلًا بهاتفه، يصب نظراته عليه في اهتمام ولا مبالاة بما يدور حوله، منسجمًا تعتلي شفاهه بسمة رائقة، نظرت إليه ضائقة تتأمل شروده بقلق يبدو أنه لا يشعر بشيء علي الإطلاق، قضمت شفاهها المطلية بحنق ونهضت تجاوره، تجذبه من انغماسه متصنعه الدلال (أحمد، أحمد)
أغلق هاتفه ما إن شعر بإقترابها منه، أجاب بتأفف دون أن يُعطيها اهتمامًا (ايوه)
استندت علي كتفه تسأله عله ينتبه لها (عملت إيه في الفلوس الي محتاجها)
أبعد ذراعيها عنه وهو يقول بجفاء ونفور (اتصرفت)
امتدت أناملها لذقنه حركت وجهه ناحيتها تسأله وقد لاحظ زينتها الكاملة ولم يعرها انتباهًا (فيك إيه، متغير)
نهض من جلسته متجاهلًا السؤال يخبرها ببرود (أنا طالع عايزه حاجه.؟)
مطت شفتيها بإستياء قبل أن تخبره بكبرياء (لا مش عايزه)
(طيب تمام)
قالها واندفع للخارج تاركًا لها تعاني مرض الشك، تفكر في أسباب تغيره، وجفائه، حدته في بعض الأحيان وتجاهله وجودها.
******
في مكان آخر كان محمود يطرق باب والد حنان الذي فتح الباب وما إن طالع محياه حتى أشاح مغمغمًا من بين أسنانه بإستياء (خير يا محمود)
سأله محمود بجمود وغضب مكبوت من معاملة الرجل السيئة واستقباله السيء (معرفتوش حنان راحت فين.؟)
أجابه الرجل بجفاء وهو يشمله بنظرة محتقرة (لا)
هدده محمود ونظراته تطلقان شرارات غاضبة (الي حصل مش هيعدي علي خير)
زعق الرجل بغضب ملوحًا بيديه في إنزاعاج (بتهددني ولا إيه.؟)
سلب محمود نفسًا قوي قبل أن يخبره (بنتك هربت قبل كتب الكتاب ومش هسيبها)
صرخ به الرجل وهو يعدل عويناته الضخمة (قول بقا إنك كنت عايز تخلص القديم وكلام حنان كان صح وإنت كداب)
انفعل محمود محتقنًا بالغيظ من هذا الرجل الذي كرهه وتمنى قتله (هكدب ليه.؟)
هز الرجل رأسه ساخرًا (بتخلصهالي يا ابن فوزية)
لكم محمود إيطار الباب محاولًا السيطرة علي غضبة ومُحجمًا أفكاره الشيطانية والتي تدفعه لقتل هذا الرجل البعيض والتنكيل بجثته عدلًا وليس حقدًا. (هلاقيها وأجيبها)
هتف محمود من بين أسنانه بتوعد أصاب الرجل بهستيريا السخرية (عشم ابليس تلاقيها سافرت وسابتك زي زمان)
مسح محمود وجهه يحاول السيطرة علي غضبه (تمام)
غادر محمود قافزًا درجات السلم بينما أغلق الرجل بابه بعنف معبرًا عن بغضه وضجره من مقابلة محمود مرحبًا شامتًا في إنهزامه ومغادرته الآن. ظل يجوب الشوارع مُفكرًا تكاد رأسه تنفجر ممما يعانيه، آخر ما كان يتقوعه أن تغادر أن تتركه بعد أن وجدا فرصتهما للعودة وإحياء عشقهما، لماذا فعلت ذلك.؟ظل السؤال يصرخ بعويل داخل رأسه وهو يضرب المقود بعنف ربما تتقافز أفكاره وتخرج من رأسه راحمةً ضعفه وتشتته.
************
أخفضت الكتاب الذي تطالعه قليلًا تراقبه بعينيها وهو يتحرك في أرجاء الحجرة باحثًا عن شيء لا تعرفه، سألها ومازال مشغولًا (عايزه تقولي إيه.؟)
سألته بإهتمام (بتدور على إيه.؟)
زفر بضيق مُفصحًا عن ما يبحث عنه وقد توقف قليلًا يحك رأسه (السجاير بتاعي)
أحفضت الكتاب تخبره بزعر تسلل لنظراتها وأربك كلماتها التالية (رميتها)
تصلب جسده قليلًا، مسح وجهه بكفه وعاد يستفسر بذهول لم يظهر (رمتيها)
أكدت وجسدها ينكمش في خوف حقيقي من رد فعله (اه.. عم عباس قال إنك بتدخن كتير وصدرك تعبان)
مرر لسانه داخل فمه وعيناه ترصدان انفعالاتها بصبر قبل أن يقترب منها قاصدًا إحراجها (وإنتِ مالك)
أخفضت نظراتها للأسفل لا تجد ما تخبره به أو سببًا واضح يستطيع به أن يخلق لها عذرًا، حاولت كثيرًا لكنها كل مرة كانت تفشل خاصة وأنها لم تتوقع أن يحرجها بهذا الشكل.
هز رأسه طالبًا تفسير (ها)
ضمت شفتيها ممتنعة عن الرد، تترقب رد فعله بحذر، يأس منها فأنسحب يخبرها بلا مبالاة (هروح اخلي بركة تجبلي)
هزت كتفيها دون كلمه... فخرج يبحث عن بركة حتى وجدها جالسه مع بطاتها الصغار، نظر إليها من عليائه يخبرها بتلكأ(ينفع تجبيلي سجاير)
رمقته بنصف عين ثم عادت لبطاتها الصغار لتقول بعد دقيقة من تفكيرها وقد رضيت عنه (ماشي)
تناولت المال من بين أنامله فيخبرها بإبتسامة مُنتظرًا رد فعلها (هاتي لنفسك آيس كريم)
زحفت الابتسامة لملامحها حتى اتسعت وانقلبت لضحكة مُبهجة أسعدته، إنطلقت بعدها بحماس.. من خلفه كانت تسأل بخجل (هو إنت بتصرف منين)
استدار يشملها بنظرة مُفكرة تلونت ببعض الكآبة، ليستطرد بسخرية ( بتسألي ليه هتسلفيني)
حاولت رفع نظراتها تخبره بصدق خشية أن يكون فهمها خطأ (لا عادي في حاجات كتير محكتليش عليها)
أربكها سؤاله الجاد (اشمعنا الفلوس الي بتسألي فيها.؟ ولا علشان السجاير.؟ هنبتدي بقا)
تمخضت ملامحها من كلماته الضجر والضيق، ابتلعت الباقي من سوء ظنه وهمت بالمغادرة دون كلمة، فأنطلق يتبعها دخلا الحجرة وأغلق خلفهما أمسك بها وجذبها لأحضانه حاوط خصرها بذراعيه وأقترب يهمس لها (متبقيش حماقيه أمال)
حاولت فك ذراعيه والإبتعاد وهي تهمس بملامح مقتضبه (لا عادي)
أجابها بهدوء وهو يتأمل ملامحها المنزعجة بإبتسامته المعهوده (معاش والدي بتاخده أنوار اصلا، البيت والأرض ورث أمي علي ورث خالتي.. حابب أعيش لوحدي هنا وزي ما شايفه أنا وبركة بنربي طيور وبنزرع حاجات بسيطة ممكن تتباع)
انتبهت له، سمعته بهدوء متخليه عن ضجرها واقفه مستقبلة ضمه لها، تخبره بحياء متهربة من نظراته (علي فكرة أنا خايفة عليك من السجاير مش أكتر.. مش عايزه كشف حساب)
سألها بذهول امتزج بفرحة قصيرة (قولتي إيه..؟)
ابتعدت عنه، يكفيه منها القليل أخبرته بجهل مفتعل (ولا حاجه) وجلست علي الفراش تواصل القراءة..
شملها بنظرة متأملة غاصت لقلبه فأربكته من حلو ما شعر به من مشاعر بدأت في مبادلتها له وبعدها خرج علي نداء بركة له وقد جلبت له السجائر. تناولها منها يفكر تغيّر مشاعر براء بعد إفاقته، اهتمامها به وجلوسها الدائم بقربه، انتباهها لتفاصيل حياته ومراقبته. شيء يسعده لكنه ببساطة ليس سعيدًا هناك في قلبه شيئاما يكبت تلك السعادة  يكممها بالخوف من مجهول.
وقفت أمامه بركة بملامح ممتعضة سرعان ما أزالتها بضحكة ساخرة (مالك يا حزين...؟)
أفاق من شروده علي كفها الممدودة بالسجائر، تناولها منها وجلس يخبرها بما لن تفهمه (هو الي زيي مش مكتوبله يفرح ولا إيه.؟)
رمقته بركة شذرًا قبل أن تملأ أذنيه بثرثرة فارغة منحته راحة من ضجيج أفكاره ودقات قلبه المتقافزة بخوف لا يفهمه.
*************
في المساء نقل أغراضها لحجرته تحت نظراتها المتعجبة، وبرغم رفضها للفكرة لكنها ظلت صامته تتابعه في عمله دون أن تشاركه منتظرة أن تفهم السبب الذي جعله فجأة يقرر أن يظلا بحجرة واحدة، ملامحه منغلقة، إلا من كدر يلونه بفرشاته السواء، شارد الذهن، يغوص في حيرة تبتلعه فلا ينتبه لها،حين انتهى خرج وقف أمامها نظراته تخبرها بحسم أن الفراق انتهى وعليها الرضوخ، يؤكد بداية جديدة، أخفضت نظراتها في تشوش، داخلها شعاع إطمئنان يكبر بصدرها ينير حجرات قلبها ويدفئها كما تفعل نظراته، ماذا إن شاركته الحجرة.؟ هي أدمنت ذراعيه تحتاجهما كدواء، ترغبهما كترياق.. أهدته نظراتها الممتلئة بالرضوخ والموافقة فعبر للمطبخ واجمًا، تبعته ربما يحتاج شيء، سألته بقلق نصب العزاء بقلبها من انغلاق ملامحه المفاجيء (محتاج حاجه..؟)
أجابها بإقتضاب (بعمل نسكافية)
إرتبكت، هزت رأسها بتفهم وإستدارت للعودة حيث يرغب هو في العزلة والإبتعاد، أوقفها يضحض شكوكها التي قرأها (تشربي معايا)
ابتسم للذكرى، تمنى قلبه ليلة مثل تلك رائقة يفوح فيها عبق القرب متخللين عن ما يؤرق قلبيهما من أفكار سوداء، يتعاملون بتلقائية.
ابتسامة مهتزة منحتها له وهي تعاود الأقتراب مُعلنة الموافقة (لو تحب)
سألها بإبتسامة لذيذة وهو يمسك بالكوب (إيه رأيك نشرب واحد سوا)
القت رداء خجلها منه وأقتربت تحاول الجلوس فوق الطاولة تشاركه اللحظات وقد ندت ملامحه عن انفراجة أمل، راقب استماتتها البائسة للجلوس فوق الطاولة وفشلها كل مرة، ترك ما بيده وأقترب أحاط خصرها بكفيه ورفعها، نظراتهما تلتقيان في لحظة خاصة.. أجلسها كما أرادت وأبتعد يصنع كوب النسكافية وما إن أنهاه حتى أمسك به وأقترب منها واقفًا أمامها يرتشف منه أولًا ثم يقربه من فمها لترتشف التالية، أبعدت شفتيها بسرعة محترقة من سخونته، تضمهما في ألم جلب الدموع والإهتزاز لنظراتها
رفع إبهامه يمرره علي شفتيها ونظراته ترسل لها إعتذارًا غلّف بقلقه، دلكهما بحنو أذابها وأرجف نبضاتها، بينما كان هو يخفي تأثره و يزيحه خوفًا من التهور والإنصياع لرغبة قلبه في تقبيلها. عاد لكوبه رشف منه تاركًا نظراته تتجول فوق وجهها المحمر خجلًا.
ثم أبعده عن فمه ينفخ فيه بضع نفخات قصيرة ليبرد وتستطيع إرتشافه دون أن تتألم
رق قلبها لفعلته البسيطة، عانقته نظراتها بحبًا خالصًا وإمتنان لمراعاته لها ومعاملتها بكل هذا اللطف والحنان.
ترقرت الدموع بعينيها وهو يُقرب من فمها الكوب لترتشف منه.. تحت نظراته التي تحيطها.
حثها بهزة رأس مطمئنة فتناولت وإن لم يكن ستتناوله بعد فعلته راضية مستمتعه برحيق انفاسه الذي نثره في الكوب ليهدهد شفتيها المحترقة.
استحوذ علي نظراتها فهمس بنبرة دغدغت مشاعرها (تعرفي كل ما بقرب منك قلبي بيدق).. إرتشف من الكوب وقد حان دوره ثم إستطرد مستودعًا كل مشاعره المشتعلة في كلماته (ببقا نفسي أخبيكي جوايا ) إرتشفت من الكوب متجاهلة تلك الكلمات التي دغدغتها قائلة وهي تنظر للكوب بإحباط (هو الصداع مش بيخف ليه.؟ فاكره هيخف زي المرة الي فاتت)
تسلقت الابتسامة وجهه حتى رقصت منقلبة لنصف ضحكة مستمتعة وهو يخبرها بعفوية وكفه تحك رأسه (مش ده..؟)
التقا حاجباها في استنكار وخيبة عظيمة، ليضع الكوب جانبًا ويساعدها لتنزل من علي الطاولة مُوضحًا بسخرية مخبئة (أصلي خففته علشان نعرف ننام)
أومأت مصدقة كلماته، متجهة لحجرتها بصمت إستعدادًا للنوم، بينما وقف هو يجيب علي المتصل الذي لمع اسمه علي شاشة  الهاتف (خير..؟)
مالك بضحكة باردة (ماموتش يعني اهو قومت زي القرد)
أجابه جلال هازئًا(عقبالك أما أجيلك التُرب بحزمة ملوخية وأحطها علي مدفنك)
مالك بحنق (تعملها ونشربها علي روحك)
تأفف جلال زاعقًا (عايز إيه..؟)
أجابه مالك ساخرًا(وحشتني غلاستك)
تصنع جلال الضحك قائلًا (لا خفيف)
احتد مالك زاعقًا بغضب (أخوك الحيوان عمل إيه لإسراء..؟)
سأله جلال بعدم بفهم (عمل إيه.؟)
أجابه مالك من بين أسنانه متوعدًا (أنا مش نبهتك ميشوفش شبر منها.؟)
سخر منه جلال (إبلع ريقك لأجيلك)
مالك غاضبًا(تعالى علشان عياطها ده مش هيعدي علي خير مع الحيوان أخوك)
جلال مُهددًا(لو راجل قربله ومحدش غيرك حيوان )
تحدث جلال ببرود ضاحكًا (الصنف الي بلبعته رخيص يالا أقفل ضحكوا عليك يا مقشة)
مالك من بين أسنانه (مجايبك يا معفن رمرام مبتجبش غير المضروب)
جلال (تف علي وشي لو جبتلك)
مالك (متقلقش هتف وغور يلا مش فاضيلك)
قالها مالك بعد أن وصل لشقته بعد أن كان فزيارة عاجله لخاله عباس وابنته إسراء..
نظر للشنطة الصغيرة التي يحملها مُتذكرًا الحلوي التي أحضرها للصغيرة معه فعاد متقهقرًا ناحية شقتها لبعض الوقت وقف مترددًا خشية أن تكون نامت لكنه حسم أمره وطرق الباب منتظرًا..
بالداخل كانت متربعة على الآريكة تطالع هاتفها بإنسجام، متناسية ماحولها، تضحك وتبكي مع أبطال أفلامها وبجانبها وعلي مقربة منها كانت فتاتها تلعب وحدها، سمعت صوت الطرقات ونداء مالك الخافت عليها بعد أن وصلته كلماتها التي ترددها أثناء اللعب، جرجرت طاولة صغيرة متجاهلة والدتها وأعتلتها تفتح له الباب، لتنجح أخيرًا وتبعد الطاولة سامحة للباب أن يكشف عن وجهه، ابتسم بحب ما إن طالعته باسمة صارخة بإسمه في اشتياق، انحنى يحملها بين ذراعيه ويرفعها مُقبلًا لها، عينيه تلمع بشدة وهي تحاوط عنقه بذراعيها الصغيرتين تبادله قبلته برقة، أشار لما يحمله (جبتلك كل الحاجات الي بتحبيها)
عانقته ثانيةً في عفوية سلبت لبه لاهيًا عن تلك التي نهضت من جلستها تحمل هاتفها بإنسجام منغمسة فيما تشاهده حتى أنها لم تشعر بما حدث (كنزي) همستها وانتبه هو
ووقفت لدقائق لا تستطيع نزع عينيها عن هاتفها، حين ارتفعت موسيقى ما تشاهده ضحكت برقة مستلذة هائمة فيما ترى وكأنها جزءًا من الحدث.
مما أتاح لها تأملها بدقة فاغرًا فمه بذهول من  الموقف الذي وضِع فيه للتو، واقفة أمامه ترتدي بجامة بحمالات رفيعة وبنطال يصل لركبتيها، تظهر بسخاء مفاتنها.. خصلاتها البنية  تتطاير حولها أما غرتها الكثيفة المتدلية لولا تلك المفاتن التي برزت بجاذبية مهلكة لقال طفلة خرجت من فيلم إنمي.. مثل التي تشاهدهم صغيرتها.
حمحم مجليًا صوته الذي غاب، ترك الصغيرة بسرعة وابتعد بالكاد استطاع انتزاع نظراته
حاول إيجاد صوته بصعوبه ليصرخ بغضب حتى تنتبه (يا مداممممم)
تركت الهاتف يسقط من كفيها حين رأته أمامها متعرقًا متشتت النظرات رغم سخطه
شهقت فزعة من المفاجآة قبل أن تركض للداخل متوعدة الطفلة التي غافلتها بينما هو بالخارج لو استطاع لنفث من فمه نارًا أحرقتها
ترك الصغيرة وأغلق الباب لاعنًا وصورتها لا تفارق خياله العابث.
ظل طوال الليل يتقلب في فِراشه جافه النوم بعد أن رأى ما رأى، تذكر حديثه المقتضب مع الطبيب منذ مدة
الذي أخبره بكل برود ساحقًا مشاعره.
(*لو فارق معاك الخلفة اتجوز قبل العملية.. لانها هتأثر عليها.)
يومها جلس مكانه يعيد علي مسامعه جملة الطبيب بجنون، مشتت ضائع ما كان يصدق أن تأخذ حياته ذلك المحني المتعرج يومًا ما.. أن تسلبه الحياة أهم ما يمكنه العيش له..
إن فعل كما أراد الطبيب وأغتنم هو فرصته من ستوافق أن تصبح زوجته لمدة قصيرة ووعاء يحمل ابنًا له.؟
عينيه التي رأتها أصابها الأرق، اشتهاها للحظه ولن ينكر وهو الآن يريدها هي لتصبح صفقته رابحة بكل جوانبها.
.

بنكهة عشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن