الثاني والعشرون

2.5K 97 1
                                    

الفصل الثاني والعشرون
جلس بجانبها تحت الشجرة الكبيرة، يسألها ونظراته تترامى حوله (الحاجه بتقول إنك عايزه فستان فرح)
بطرف عينيه نظرت إليه قائلة (عندك مانع.؟)
أجابها وهو يميل ناظرًا إليها (لا... بس أنا مش شايف الأمر مهم يعني)
تنهدت بيأس قبل أن تُخبره بنبرة فقدت حماسها (مهم بالنسبالي أنا)
اعتدلت تواجهه تنظر لعينيه مستفهمة بحدة  (هو إنت اتجوزتني ليه.؟ لما كل حاجه لا لا ومش طايقني)
إرتبك قليلًا لكنه أشاح وهو يبادلها تساؤلها بثبات (وإنتِ وافقتي ليه.؟)
عقدت ذراعيها أمام صدرها تخبره بمطة شفاه مستهينة (صدقة..)
ابتسم بإستهزاء قائلًا (تقبل الله)
سألها بإهتمام (هي تهاني مجاتش ليه.؟)
ارتبكت جميلة تهربت من نظراته تستنكر (معرفش.. ممكن علشان عماد)
هز رأسه بعدم إقتناع لينهض بعدها ويتركها مكانها جالسه مُقررًا الذهاب لتهاني وإصلاح الخلاف بينهما. أما هي فكانت في أعقابه تسب تهاني وتلعنها وداخلها يخبرها أنها فعلت الكثير أكبر من ورقة، تلمح الشك بعيونه جليًا كأنه تجذر، لايصدق أي فعل منها أو كلمة يظنها مُتصنعة. لكن كيف ستخرج الكلمات منه.؟ تريد أن تعرف ما يدور بعقله يمنعه منها ويبعده عنها كأن هناك حاجزًا بينهما.
*********
فتح لها الباب سامحًا لها بالنزول والإقامة معهم لبعض الوقت تحت نظراته وفي حمايته يتابعها ولا يغفل عنها فهو يعرف مروان جيدًا فاجر لن يردعه شيء عن أخذ حقه من براء وجلال.
رحّبت بها والدته علي غير العادة واستقبلتها مروة بالتهليل جلست بينهما متخلية عن هدوئها تشاركهم الحوار.. حتى جاء الطعام والتفوا حوله جميعًا، ترحمت أنوار علي أخيها وأمّم خلفها الجميع، انضم مروان صامتًا يتصنع الأدب لا ينطق لسانه بكلمة، لا ينظر لبراء ولا يبادلها الحديث وتعلو ملامحه بقايا خبث متواري خلف سكون مزيف.
ظل ينظر إليها متحسرًا عليها، مشفًا علي أخيه يتمنى لو رضخت وغادرت معه لهذا المسكين ألا يكفيها ما فعل لأجلها هل عُميت عن الحب بنظراته..؟ كيف هان عليها وتركته وحيدًا...؟ ارتفع هتاف أنوار الخبيث (أخوك عامل ايه.؟ مات ولا لسه..؟
صدر رنين معلقة عاصم عاليًا ليجفلهم فتعلقت العيون به في ترقب وداخله يهمس داعيًا لله، أن يُبعد الشر عن أخيه ويحفظه له..
أما هي فسكنت تاركة طعامها فاقدة الشهية من كلمات عمتها، غصة قبضت قلبها بشدة حين عقرت أنوار الصمت ودعت عليه..
شيء ما يقف بصدرها يود لو تركته لتصرخ بعمتها وتُخرسها. هل يفعل جلال ويذهب.؟ هل يموت حقًا.؟ انتفضت حتى شعر بها الجميع حملقت غير مستوعبة رعشة قلبها لهذا الخاطر.. إعتذرت منهم ونهضت تلملم روحها المبعثرة تسأل ماذا أصابها.؟ ركضت وشيعها عاصم بتفهم ومروان بغموض ومروة وعمتها بعدم فِهم..
جلست أمام باب الشقة ولم تقو علي النهوض، دموع غزيرة انسابت علي وجهها في وجع لا تعرف مصدره.؟
في صدرها ألم غير محسوس لتنطق به، شعور غريب لا تعرف كيف تُفصح عنه لم تجربه من قبل.. انسحب عاصم وتبعها حتى وصل إليها سألها وهو يعرف الإجابه (قومتي ليه.؟)
مسحت دموعها بكم بلوزتها موضحة (شبعت)
سألها وعينيه تقرأ ملامحها الباكية (شبعتي ولا متحملتيش)
حملقت فيه فلا إجابه كافية تسردها ليفهم هي نفسها لا تعرف.. جلس علي مقربة منها في داخله عزم لتليينها (براء عارفه مين الي كسر رجلين مروان)
هزت رأسها ونظراتها ترسل له استنكارًا فمن أين لها أن تعرف ولماذا يهمها الأمر ليتابع عاصم بفخر لمع بمقلتيه (جلال)
ازداد اتساع عينيها بإندهاش تنتظره أن يُكمل (عمل كده علشانك.؟متحملش حد يلمس شعره منك)
أشاحت لاتريد تصديقه، ولا أن يؤثر علي قرارها ولا أن يلين قلبها..وهل يحتاج قلبها أن يلين منذ جاءت وهي تدور بالشقة تبحث عن شيء تفقده ولا تعرف ماهيته، حين تذهب للنوم تقوم باحثة عنه فلا تجده.. يراودها حلم مزعج فتتقلب تبحث بذراعيها عنه..؟ عن أمانه وربتاته الحانية.
بغباء سألته وهي تمسح أنفها بحركة طفولية (كان فين من زمان لما بيحبني)
أوضح عاصم (ظروف جلال مكانتش كويسه كان مستنى حياته المادية تستقر وبعدها ياخد الخطوة.. والي عمله مروان جننه وخلاه يعمل الي عمله معاكي.. ولو كان سابك عمك مكانش هيوافق بجلال ممكن يصمم يجوزنا وهو كده كان هيخسرك)
غطت وجهها بكفيها تهمس من بين دموعها ونشيجها(أنا مش فاهمة حاجه)
توسلها عاصم مهادنًا معها يجرب أولًا الحديث دون الضغط (ارجعي يابراء جلال متعلق بيكي متسيبهوش فمحنته)
نظرت إليه من بين أنامل كفيها الموضوعة علي وجهها الباكي تفكر في كلماته بجدية قبل أن يقتحم مروان جلستهما وقد استرق السمع لما دار بينهما، احتدت ملامح عاصم كاد يصرخ عليه ليتركهما لكنه فرد كفه ورفعها في علامة سلام ليسمحا له بالحديث (براء)
ثم وجّه نظراته لها يهمس بأسف كاذب وعينان تضمران خرابًا لا يراه سوى عاصم (أنا جي اعتذرلك)
انكمشت مكانها تضم جسدها بذراعها مترقبة ليقترب مروان خطوة مُعللا آسفه (بجد آسف مكنتش فوعيي وقتها)
أمسك عاصم ذراعه يمنعه من التقدم وعيناه تتقدان بغضب استشعره مروان فعاد، بينما ارتعشت براء والتصقت بالحائط خائفة مزعورة منه وقد اشتعلت رأسها بالخواطر،لكن  فكرة واحدة قفزت بعقلها أن هناك من كانت تلتصق به في حماية تستشعر الأمان في انكماشها بين ذراعيه، كان يمنحها عناقًا دافئًا كأب.
تقبلت إعتذاره بهزة رأس مصدومة من المشاعر التي تكاثرت داخلها فجأة وإحساسها الشديد بالفقد.. لتنسحب تحت نظراتهما لشقة والديها بسرعة وتغلق خلفها الباب.
حين اطمئن عاصم لمغادرة مروان خائبًا أغلق باب شقة براء وهبط للأسفل.
في اليوم التالي تسللت مروة للأعلى تحمل مفتاحًا، فتحت به شقة براء ودخلت بعد أن هاتفتها براء وطلبت منها ذلك فكان الأمر بالنسبة لمروة حماسيًا بشدة فهي أكثر من سعيدة بعودة براء لا تدخر جهدها لبث كراهيته في قلب براء ونُصحها بأن تبتعد عنه كما أنها اشتاقت لها ولعودتها فكم أصبحت وحيدة بغيابها.
اتفقا علي الخروج من وراء ظهر عاصم والذهاب في نزهة للتبضع وشراء بعض الحاجيات والملابس التي تحتاجها براء وغير ذلك هي تريد زيارة طبيبة نسا فهي متعبة جدًا هذا الشهر وتعاني من نزيفًا حاد مما جعلها تتشكك في أمر الحمل.
راقبهم هو بالاتفاق مع مروة، تتبعهم في كل خطوة..بعدما أخبرته مروة بأن براء تريد زيارة طبيب نساء(تزعجه فكرة أن تحمل طفلًا) حينما دخلت براء عند الطبيبة وأخبرتها بمشكلتها والتعب الذي تعانية سألتها (إنتِ متجوزه..؟)
(ايوه) أجابتها بخجل شديد وتورد لتشير لها الطبيبة علي السرير الخاص بالكشف النسائي الذي ما إن أجرته وانتهت سألتها (إنتِ عروسة جديدة.؟)
(ايوة)
هزت الطبيبة رأسها بتفهم وبدأت في طمأنتها بعدما أجرت كشفًا تلفزيونيًا آخر ثم أخبرتها  بأن الأمر قد يأخد وقتًا وأن عادتها الشهرية طبيعيةوما تعانيه طبيعيًا ثم سألتها لو زوجها موجود معها لتحدثه فهزت براء رأسها بخجل شديد، كتبت لها الطبيبة الدواء ثم خرجت واطمأنت لكونها ليست حامل وخرجت لتجد مروة في انتظارها..
خلفها كان مروان لا يدري أي شيطان دفعه ليدخل للطبيبة مُعلنًا أنه زوجها وقد خشي الدخول معها لخجلها ورفضها، يستشعر أن الأمر قد يفيده بشكل ما.. فيما هو قادم
أخبرته الطبيبة أن عليه الصبر ومراعاة زوجته إن لم يتم الأمر الآن فعاجلًا أو آجلًا قد يتم بأفضل حال. سألها بتشكك (هي بنت..؟)
هزت الطبيبة رأسها (اه لسه)
ابتسامة خبثة قفزت لملامحه التي حالكها سواد المكر، انتشى بما عرفه، ارتخت ملامحه برضا وقد سهل الأمر عليه.
شكر الطبيبة بشدة وخرج يكاد يلمس السماء من شدة سعادته.
أما هي فكانت تدور كالنحلة تشتري ما اشتهت وعقلها منشغل به وبما قد يروقه من الألوان والملابس وحين تعود لواقعها تنهر نفسها بشدة علي تفكيرها وتُذكر نفسها أنها عادت ولن يهمه الأمر..أو يهمها هو ماضي عليها نسيانه.
جلست متنهدة بتعب لا تستطيع نزعه من علقها تتذكر كلماته ولمساته، نظراته التي تُدثرها بالحب كل شيء حتي تعبت من نفسها، طوال الطريق كانت مروة تثرثر متأففة تخبرها أنها لم ترتح له مُطلقًا وأن مروان تغير ونادمًا بشدة علي ما فعله..
لكنها لا تحب مروان منذ أن كانا صغارًا ندمه لن يفيدها ولن غير مشاعرها تجاهه يكفيها تلك اللحظات المرعبة التي عاشتها في منزل عمها بسببه،وزعرها من أن يكون في محيطها.. نظراته التي تشعرها بالغثيان والنفور..
ركضت ملامح أخر مخيلتها وأفكارها حتى أنها تأففت وصرخت علي عقلها بصوت مسموع أن يتوقف (بس كفاية)
زمت مروة شفتيها بضيق ظنًا منها أن براء تقصدها هي لكن براء أعتذرت منها بأسف مبررة أنها منشغلة وعقلها لا يتوقف عن التفكير لحظة.
عادا للمنزل ضاحكتين ليجدا عاصم في انتظارهما ملامحه قاتمة مرعبة، والغضب يتراقص في نظراته كاللهب يود لو التهمهما، ابتلعت براء ريقها موضحة قبل أن يصرخ عليهما (معلش كنت مضطرة أروح للدكتورة)
قيد ذراعها وهزها سائلًا (مقولتيش ليه.؟)
حاولت مروة التحدث لكنه زعق يخرسها (إنتِ متدخليش)
اقتربت مروة متجاهلة تنبيهه فك ذراعها من قبضته وهي تُفهمه (دي حاجات حريمي مكانش ينفع تقولك)
ثم لوت فمها تخبره بتهكم (ولا دي كمان عايزها تقولهالك)
حذرها وهو يدفع براء ويدفعها هي الأخرى(عارف إنك السبب)
أشاحت متلذذة بغضبه ونقمته فانتصارها أحق أن تلتفت له.. أشار عاصم لبراء زاعقًا بجنون (اطلعي فوق يلا)
ركضت براء للأعلي دامعة بينما بقيت مروة تعقد ذراعيها أمام صدرها تطالعه بإنتصاره، ليقترب منها هامسًا من بين أسنانه (برضو مش هتنولوا الي فبالكم)
ابتسم مُوضحًا بغموض لتستفسر متصنعة الغباء (وإيه هو الي فبالنا.؟ )
ابتسم عاصم يُخبرها وهو يتقدم منها يهمس أمام أذنها بتشفي (هتفضلي كده زي عمتك)
رفعت عيناها تسأله بإرتباك (قصدك إيه.؟)
أخبرها بتعالي وهو يشملها بنظرة محتقرة (هبهرك) ، قالها واندفع للخارج ضاحكًا بإستمتاع لتدور هي حول نفسها مُفكرة مغتاظة تسأل (ماذا يقصد وماذا سيفعل.؟)
بعد ساعات طويلة كان يقفز مُلتهمًا لدرج حتى وصل إليها وطرق موضحًا هويته حتى لا تفزع.. حينما رأته أشاحت معترضة، دخل الشقة وأخرج هاتفه، تحت نظراتها المستفهمة ثم أشار لها أن تصمت وتستمع للمحادثة التي دارت
(براء رجعت عاملة ايه.؟)
(رجعت أخيرًا دا أنا كنت هموت والله مش مصدقة إن براء تتجوز واحد زي جلال)
(هو جلال ماله عادي يعني)
(مشوفتيش بيبصلها إزاي كإنها ملكة..بيعشقها والغبية ولا فاهمة وسابته لو منها ياااه)
(أوعدنا يارب)
(أرزاق يا بنتي بس اهي سابته علشان كلنا نبقا زي بعض)
وضعت كفها علي فمها تمنع شهقة أن تخرج، ليغلق عاصم الهاتف ويعود من حيث أتي فنظراته نطقت بالكثير الذي تفهمه هي وتدركة ولا يحتاج لشرح.. أو توضيح، فعلها لأجلها، تآمر مع صديقة مروة التي تحاول التقرب منه هو يفهم مروة جيدًا ويدرك أنها تبخ سمها بأذن براء بالاتفاق مع والدته.. يريدان منها ترك جلال ليسطوان علي أموالها.. وكما تتمنى مروة لها التعاسة حقدًا عليها مستنكرة أن تنال براء كل هذا الحب.
وكل ذلك يفعله لأجل أخيه، أخيه الذي برغم ماكان لم يقسو عليه مرة، دائما ما كان سندًا داعما ومعينا موجّها حتي بعد ما فعله مع إسراء.. غدًا يأتي دور والدته يدبر لذلك لينال من الجميع لأجل قلبه وإسراء وجلال وبراء.
**************'***
رفعت الهاتف تصرخ ناعتة مالك بالجنون (ايه يا أحمد صاحبك المجنون ده.؟)
حاول أحمد تهدأتها مستفسرًا (حصل إيه.؟)
لكمت الكرسي بقدمها فتألقت بشدة ثم قالت بغيظ (خد البنت ومرضيش يفتحلي وباتت عنده دا ينفع.؟)
امتص أحمد غضبها (لا طبعًا إزاي)
خرج مالك حين وجد الصغيرة تلعب بين الشقتين بالكرة لَعِب معها مدة قصيرة ثم أخذها لشقته اجلسها بجانبه واضعًا أمامها طبقًا من الفاكهة ومارس عمله بكل أريحية وانغماس مُتابعًا بطرف عينيه الصغيرة التي تلهو فرحة بحبات العنب.
انهت المكالمة وخرجت تبحث عنها بقلق، ثم صرخت بإسمها فزعة جازعة..
تأفف مالك حين وصله صوتها المائع وصراخها بإسم الصغيرة، مسح وجهه متمالكًا غضبه لاعنًا لها.. ثم استأذن من طلابه وغادر لها يسألها من بين أسنانه بغضب مكتوم (في ايه..؟)
سألته وهي تتطلع حولها بتيه (مشوفتش كنزي كانت بتلعب هنا)
دلك مالك ذقنه بشرود صابرًا عليها ليقول ببرود أغاظها (إنتِ كل شوية تسيبيها وتطلعي تصوتي فين بنتي، ما أسهل من ده كله خليها جنبك)
صاحت به (إنت مالك اصلا ََ)
وهز رأسه مغمغمًا بصوت لاتسمعه وهو يشملها بنظرة مستهينة (بقا كده ماشي)
هادنها بإبتسامة متسلية (مش حضرتك سألتيني..)
تجاهلته وركضت لسلم العمارة ربما فعلتها الصغيرة وهبطت للأسفل.. ليتركها تدور حول نفسها متشفيًا يتوعدها بالمزيد.. عاد لعمله منتصرًا يتلذذ بما هي فيه.
حتي عادت باكية لشقتها، أشار مالك للصغيرة فأتت إليه، لثم خدها بقبله وأمرها بحنان (روحي لماما)
أطاعت الصغيرة بعد أن لثمت خده هي الأخرى في مودة خالصة وغادرت حيث والدتها التي تشهق بعنف باكية.. عقلها يصور لها الآف الصور عن اختفاء وحيدتها وخطفها..
همست الصغيرة حين إقتربت منها (ماما)
رفعت حنان رأسها حين رأتها ضمتها بقوة حامدة الله وحين هدأت سألتها (كنتِ فين ياكنزي ومشيتي ليه.؟)
أجابت الصغيرة بتلعثم (كنت عند عمو مالك بأكل عنب)
ضمت حنان شفتيها غاضبة، لاعنة جارها الذي كذب عليها وخبأ الفتاة عنها تاركًا لها تدور وتبحث عنها بكل برود، همست بيأس(دا اعمل فيه ايه ده ياربي هيجنني)
ثم التفتت لصغيرتها مهددة (متروحيش عنده تاني)
اعترضت الصغيرة بإنزعاج (لا أنا بحب عمو مالك)
تأففت حنان موبخة (مش بتسمعي الكلام ليه.؟)
حرّكت الصغيرة ساقيها معترضة بشفاة مذمومة (لا أنا بحب مالك بيديني شيكولاته)
وضعت حنان كفها علي رأسها تود الصراخ، شاعرة بالإحباط مما يحدث، حملتها وخرجت بعدما استدعت حارس العمارة الذي استقبلته أمام شقتها بسؤال (معلش هتعبك في حد هنا ممكن أخد منه وصلة نت.؟)
عض شفتيها مغتاظًا حين وصله سؤالها فتمتم بحنق (طبعًا الباقة مش مكفية حضرتك، باقة إيه الي هتشغلك أفلام هندي ٢٤ساعة)... خطا ناحية الباب عازمًا علي تأديبها.. (لا والله مش عارف ممكن أسأل)
هكذا أخبرها الرجل لتنسحب شاكرةً له تخبره بجدية الأمر وضرورة الاهتمام به..
حين لمحته واقفًا شملته بنظرة مزدرئة مستهينة وغادرت.. تجاهلها وأكمل خطته.. أرشار للرجل الذي جائه مستفسرًا (خير يا مستر مالك)
أملى عليه مايفعله مع تحذيرات كثيرة بأن لا يخبرها صاحب الروتر الحقيقي، ووافق الرجل الرجل علي الفور، كما أمره مالك بإحضار ما يلزم للتوصيل وقد أطاع الرجل..
بعد ساعات كان يساعدها في التوصيل مع الاحتفاظ بسر المالك الأساسي، رغم تعجبها من السرعة التي دار بها الأمر وحتى اهتمام الرجل إحضاره مايلزم بسرعة لكنها لم تهتم واكتفت بسؤال (لحقت تجيب كل ده.؟ وهما وافقوا بسرعة كده.؟)
(كل حاجه كانت عندهم كان في حد تاني موصل وسابها)
اقتنعت ببساطة بإجابته فهذا ماتريده ونالته...
بشقته هو كان متكئًا يرتشف قهوته بتلذذ منتظرًا بحماس إشارة البدء فمن اليوم سيجعل لها مواعيد تناسبه هو لتصفحها ورؤيتها الأفلام الهندي،يالها من متعة سيبدأ التشغيل ١١صباحًا حتى ١١عشر مساءًا سيجعلها تدور حول نفسها تلك المائعة.

*********
عاد لأنه نسي بعض الأشياء مما اضطره للرجوع مرة الأخرى، لمحها من بعيد تقف مع إيهاب، وقف متصلبًا يتحقق مما يراه قد يكون مخطئًا فكيف لها أن تخرج دون إذنه.. وما دفعها لتفعل ذلك في غير وجوده..؟
اقتحم انعزالهما، غضبه منها وصل عنان السماء تجاهلها وسلّم على إيهاب ولم يمنحها هي نظرة أو كلمة (في حاجه يا إيهاب.؟)
ارتبك الآخر، تململ في وقفته بحرج من نظرات يوسف (ابدًا كنت ببارك لجميلة واسألها هتكمل في الشغل ولا لا..؟)
(اتفضل البيت مينفعش كده تقف)
ضم إيهاب شفتيه بآسف متداركًا خطأه لائمًا نفسه علي تهوره.. بينما كانت جميلة تدعو الله أن يمر الأمر بسلام، تلعن حظها العاثر الذي أوقعها بإيهاب في منتصف الطريق..
أمسك يوسف بكف جميلة (معتذرًا لإيهاب الذي تفهم الأمر وأعتذر هو الآخر راحلًا)
سار بها دون كلمة حين ابتعدا عن الناس والعيون المراقبة ودخلا في حيز أرضهم سألها بهدوء خطير (روحتي لإيهاب ليه.؟)
ابتلعت ريقها مرتعبة منه لتقول موضحة (أنا كنت طالعه الحقك بس هو قابلني ووقفني)
ترك كفها وهو يشير لها (ادخلي...)
حاولت الحديث معه لكنه أسكتها بإشارة منه ومنعها الحديث (مفيش كلام...)
قاطعته بعناد وتصميم جعله يصرخ بها مُنفسًا عن غضبه منها وإستيائه لفعلتها وتخطيها وجوده ببساطة (قولت ادخلي...
ارتعبت من نبرته، أجفلها صراخه بها غير المسبوق مما جعلها تغادر كما أراد و دموعها تهبط علي خدها بغزارة....
**********
فتح عينيه ببطء، أول الأمر هاب الضوء فأغلقهما ثانيةً، ثم عاد يفتحهما ببطء وجل تفكيره فيها، يبحث عنها في أرجاء الحجرة بإحتياج... اعتدل من نومته يمسح وجهه ليفيق.. فرأته تلك التي كانت جالسة علي الأرض بجانب حجرته، تلتفت من وقت لآخر للإطمئنان عليه.. منتظرة إفاقته تذهب لتقضي أعملها في منزله وتعود لتجلس نفس الجلسة منتظرة بدعاء،أشفقت عليها إسراء ومنعتها أكثر من مرة لكنها كانت مصممة انتظاره، أحيانًا يرونها تناجيه ببكاء صامت وأحيانًا أخرى تضحك، حتى رأته وهي تميل سارقة نظرة منه وقد عاد للحياة مجددًا.. نهضت بركة صارخة بإسمه في سعادة جنونية (جلال فاق...)

بنكهة عشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن