الرابع والثلاثون

2.4K 97 1
                                    

الرابع والثلاثون
دخل الحجرة، نظراته مُعلقة بها، وجدها تجلس أرضًا شاردة الذهن يرقد الحزن بين جفنيها، سألها بلهفة وهو يتقدم ليجاورها في جلستها التي لم تتخلِ عنها منذ دخوله(إيه زعلانه ليه.؟ حصل حاجه ضايقتك.؟)
أستندت كفيها على ركبتيها قائلة بخواء(لا مفيش حاجه)
رفع وجهها بأناملها لتواجه نظراته وهو يعاود السؤال بقلق (زعلانه ليه طيب.؟)
صارحته ورأسها تتملص من أنامله لتعاود الإشاحة برأسها هروبًا (أقولك ومتضحكش عليا.؟)
ابتسم وهو يغمض عينيه مُستشفًا الأمر ليقول (ولو إني عارف بس قولي)
أعطته كفوف يدها هامسة (رسمت حنة انهردا) ضحك بمشاكسة يخبرها بسر غضبها وحزنها(والبنت نسيت تكتب اسمي صح)
حملقت فيه مذهولة تسأله بضيق(مين قالك.؟)
ضحك بإنطلاق وهو يوشي بما قالته له والدته (أمي قالتلي إنك اتخانقتي معاها وبكيتي لما نسيت وكنتِ هتمسحيها كمان)
تضايقت من ضحكة وسخريته من أمر يُعني لها الكثير ليبدد حزنها بهمسه ونظرة متألقة(أنا هكتبهولك)
إبتلعت ريقهما محرجة تثائب هامسًا وهو يمدد ساقيه أمامه(هتخليني أكتبه ولا أروح أنام)
لمحت العزم في نظراته رغم مراوغته و اللامبالاة التي يزيفها، قالت تشاطره جزءًا من العزم (لا خلاص)
أخرج من جيب بنطاله قرطاسًا من الحناء لوّح به هامسًا بمكر (مش بمزاجك الموضوع عجبني) اتسعت عيناها ذهولًا بغير رضى، زمت شفتيها في إعتراض  (لا خلاص)
وضع الحناء جانبًا وأشار لها أن تستعد ليوزع الدواء علي الحروق، تباطء رد فعلها وتثاقلت عن التلبيه لكنه حثها بدفقة حنان(يلا)
سحب الحجاب الخفيف أغلق به عيناه وعصب رأسه جيدًا في إستعداد لتتحرر هي من عباءتها التي ترتديها فوق ملابسها البيتيه وتجلس أمامه منتظرة، مرر المراهم والكريمات بأطراف أنامله بتمهل حتى لا تتألم وهو يسألها بإهتمام(شايفه في تحسن.؟) أخبرته تشاركه الظلام بإغلاق عينيها(الحمدلله أفضل)
تحركت مستديره تعطيه ظهرها، ففعل كما فعل أولًا فرد المرهم فوق تلك البقع المتفرقة ببطء وعناية وقبل أن تتحرك فك العصابة وتناول الحناء، في أسفل كتفها ناحية الظهر كان يزيل اسمه أوقف تحركها هامسًا (متتحركيش غير لما أقولك تمام)
(تمام) همستها بشك وتوتر لا تعرف مصدره لينتهي سريعًا ويعود لربط عينيه من جديد وهو يقول بوداعة كاذبة وتحذير لطيف(كتبت اسمي خلاص إياكِ تمسحيه أو تبوظيه)
هتفت منفعلة (غشتني..)
اتسعت ابتسامته وهو يخبرها بشقاوة (براحتي، طالما قولت هكتبه يبقى هكتبه)
نهضت تمسك بذراعه قائلة بحنق (طيب يلا بره..) كتم ضحكاته قائلًا وهو يسير معها مهاودًا جنونها(بقا كده، طيب أطلع إزاي كده.. إفرض حد شافني يقول بنلعب القطعة العامية) ضحكت من كلماته، قبل أن تفتح الباب وتدفعه للخارج قائلة(فكه براحتك خلاص)
فك العُصابة قائلًا بتوعد (مسيرك تقعي تحت إيدي) ووقفت تلتقط أنفاسها تستمع لتهديداته بسعادة، قبل أن تذهب وترى ما كتبه على كتفها أمام المرآة،داعية الله أن يديم عليها سعادتها ووجوده.
بينما أخذ هو حجابها وغادر لحجرته  مبتسمًا يروقه ما فعل.
***********
في عصر اليوم التالي
جاءته تركض مستفسرة بعد أن استعار هاتفًا ليحادثها (ايه ياجلال محتاج حاجه.؟)
جاهد لتخرج ابتسامته رائقة غير متكحلة بالألم (جبتلك فستان علشان فرح يوسف)
رغم فرحتها لكنها مُقدرة، لا تفهم لكنها تشاركهما الحزن والبؤس وتتجرعه معهما، لملمت فرحتها تخبره بآسف(مش هسيب براءة)
أعطاها ما أحضره لها قائلًا بحدة (لا هتروحي)
تناولته منه تطالعه بشغف وأعين لامعه، تكاد نظراتها تمزق الحقيبة البلاستيكية من شدة الفضول، فخرجت ابتسامته راضية وهو يأمرها بحنو(روحي وأنا هقعد مع براءة)
(بجد.؟) لفظتها ليس فرحةً أنها ستذهب لكن رفقًا بقلب المسكينة التي تنام لاحول لها ولاقوة، هز رأسه مؤكدًا فسألته بركه بعتاب(مش هتروح ليوسف)
أكد بحزن يقطر من نظراته التي تهرب رغمًا عنه لمنزله(هروح بس بالليل شوية)
أخبرته وملامحها تشاطره وجعه(يوسف رن عليك كتير، وتليفونك مع براءة)
أخبرها وقلبه يتلوى في وجع (لما تنام هاتيه)
صرخت به كما لو أنها تلومه وتنهره (مبتنامش ياحزين)
تهرّب من نظراتها وكلماتها قائلًا (يلا روحي وأنا هفضل هنا)
استسلمت لإلحاحه، غادرت مودعة بنظراته المنزل وتركته هو يجلس تحت الشجرة القريبة، يريح ظهره لجذعها الضخم مغمض العينين مرهق الفؤاد..
بالداخل كانت هي تطارد رائحته، هبت نسمات بداية المساء تحمل لها عبقه، توشي لها بأنفاسه وقربه، بحثت عنه في أرجاء المنزل وكلها يقين أنه قريب منها تجد ريحه ولو قالت لبركة لعنتتها بالجنون كما تفعل دائمًا كلما أخبرتها أنها ترى جلال وتحدثه.
وقفت أمام النافذه، تستنشق الهواء بنهم، وداخلها يقسم بأغلظ عهود العشق أنه هنا قريب منها، هي تتنفسه.
بينما كان هو بالخارج يهمس بتهويداته علها تصل لقلبها تربت على وجعها، تطمئنها فلا تجزع. قلبها إرتبك غاص بنداء غامض فوجدت أنها مُسيرة طوع بنانه، خرجت تتلفت حولها تبحث عنه، الهواء يوشوش لها فتنصاع
بحثت بعينيها عنه، مشّطت المكان بنظراتها.. أحس هو بخروجها فإختبأ خلف الشجرة منكمش الجسد حابسًا أنفاسه.
رغم الإطمئنان، شيء من خوف تسرب إليها من الظلام حولها وإختفاء بركة فتقهقرت خائبة عائدة للمنزل.
تنفس براحة عاد لجلسته من جديد منتظرًا عودة بركة ليذهب لصديقه.
بعد مدة جاءت بركة تأخذ مكانه وذهب هو
***************
استقبله يوسف ملهوفًا يسأله بقلق وهو يتأمل ملامحه العابسة ورأسه الحليقه على غير عادته(اتأخرت عليا هي دا وقفتك برضو)
تأسف جلال منه في حزن وحرج (معلش متزعلش حصل شوية حاجات كده.؟)
ربت يوسف علي كتفه بمؤازرة قائلًا (خير حصل حاجه.؟) شحذ جلال من معين الفرح ابتسامة باهتة (تمام متقلقش)
إنقبض قلب يوسف من ضبابية الحزن بعينيه وجمود مشاعره ليسأله (قولي في إيه.؟ متقلقنيش) دفعه جلال ناحية والده والرجال الذين ينادونه قائلًا بضحكة مكسورة(روح طيب لفرحك أنا تمام متشلش همي)
ذهب يوسف وعقله مع صديقه، وملامحه المنقبضه بألم علي غير العادة، خلو نبرته من المزاح.. وشروده في المجهول، بعدما أنهي حديثه مع والده إلتفت ليجد جلال قد رحل.. تنهد بقلة حيلة وإستياء موقنًا أن شيء ما قد حدث، دفعه لأن يبدل رأيه ويختفي.. ثم يظهر بتلك الهيئة ويذوب في الوجوه بضياع.. بعدها يغادر مُبتلعًا الظلام له.
نادته والدته ليصعد ويُحضر عروسه فلن يرأها أحد قبله، برغم ما غاص داخله من قلق علي صديقه إلا أنه كان يقفز ملتهمًا درجات السلم بشوق كبير وملامح لونتها اللهفة.
ووقفت شاردة، تنظر لملامحها التي تعكسها المرآة بإنبهار، ترمش بعينيها غير مصدقة صورتها الآن..سرعان ما تبدلت ملامحها للآسى حينما تذكرت الحروق التي أصابت جيدها،والتي حاولت مداراتها جيدًا، تجمعت الدموع بعينيها في حزن لما لا تكتمل سعادتها.؟ دائما هناك غصة تتناحر لقتل فرحتها.. ابتلعت دموعها حتى لا ينتهي مجهود الفتاة التي زينتها لوقت طويل ببعض حبات من الدموع، كما أنها تريده أن يراها جميلة يكفيها حسرتها على جسدها الذي تخاف وتخشى رد فعله إن رآه وإن كانت تثق به جيدًا لكنها خائفة قلقه.
أفاقت علي طرقات قوية، عرفت هوية صاحبها فارتجفت، أغمضت عينيها تأذن له ومن بعدها إستدارت تفرك كفيها بتوتر لعين يحرمها الإستمتاع بتلك اللحظة التي يؤطرها عشق دعت الله وألحت فأجابها قدر يقينها به،دخل الحجرة وأغلق خلفه يدعو الله ألا يغيب معها ويؤثر الإنفراد بها ضاربًا بالتقاليد عرض الحائط.. وجيب قلبه يتعالى كلما إقترب وتقلصت المسافة،همس بإسمها فالتفتت لا تقل عنه انبهارًا بتلك اللحظة المقدسة..
سمحت لعينيها العاشقة أن تلتهم تفاصيله، هي لن تفوّت عليها الفرصة، ستركل الخجل بعيدًا وتُشبع نظراتها منه، خاصة بعد فضّل إرتداء الجلباب الصعيدي الذي يزيده وسامة وبهاء في ليلة كهذه.
فعل هو مثلها إقترب منها يهمس (بسم الله ماشاء الله لا قوة إلا بالله) رفعت إليه نظرات مهزوزة مطعونة أنوثتها بخنجر الحرق وتوابعه التي عكرت صفو يومها همس بضحكة (خايف أحسدك، أمال همعل إيه لما تنزلي )
همست بحياء(خلاص منزلش)
ضمها بقوة، يتمتم بالحمد، شدد من ذراعيه حول خصرها وكذلك فعلت هي، ليبعدها عنه مُقبلًا جبينها بهمس دافيء(مبرووووك)
ثم أخرج من جيب جلبابه عُلبة مخملية، تحوي شبكتها التي أحضرها لها وقرر تخبئتها حتى يأتي اليوم ويفاجئها بها، سألته (ايه ده يا يوسف.؟)
ابتسم وهو يقوم بمساعدتها في إرتداء قطع الحُلى الذهبية (شبكتك ومهرك)
تشبثت بكفيه هامسة أمام عينيه بصدق وعاطفة جياشة (عيني مليانة بيك ياحبيبي)
تألقت نظراته بمشاعر قوية وهو يهمس مازحًا(أخيرًا سمعتها كنتي مستنيه تلبسي الفستان يعني ) أخفضت نظراتها في حياء ليضيّق عينيه يطلب منها بمكر (أنا ليا عليكي ترضية)
حملقت مضطربة، تشكك في تلك الترضية التي يلح عليها بشدة (أنا ميرضنيش زعلك أراضيك إزاي)
أشار لخدية بمغزى، فاستثقلت الأمر منفعلة بالخجل، متراجعة في إرتباك فيحثها (إيه.؟)
(متفقناش علي كده) قالتها وهي تميل غير راضية ليقول بإبتسامة واسعة (إحنا متفقناش على حاجه اصلًا)
نداء والدته وطرقاتها جعله يتراجع وهو يغمزها هامسًا (لنا عودة وهنشوف كلام مين الي هيمشي)
أحمرت وجنتاها بخجل قبل أن تتأبط ذراعه ويغادران الحجرة، ما إن رأتهما والدتها حتى انطلقت الزغاريد وحلّقت حولهما ترتل آيات القرآن حفظًا لهما من شياطين الإنس والجن.
جلست كملكة متوجة وسط النساء ورحل هو للخارج يجالس الرجال ويستمع لآيات الذكر الحكيم وخطبة والده، ويطمئن أن جميع من في القرية تناولوا العشاء ولم ينس أن يُرسل لبركة وجلال نصيبهما بل ظل يؤكد علي ذلك حتى إطمئن على وصول الطعام إليهما بنفسه.
بعد مرور ساعات صعد لشقته التي تم تجهيزها له في الدور الثالث، مكونة من حجرتين وصالة واسعه ومطبح وحمام، طرقها قبل أن يدخل.. نظر حوله فلم يجد عروسه، فهرول لحجرة النوم يسبقه شوقه إليها
وجدها جالسه بفستانها على طرف الفِراش حينما لمحها علّم أنها كانت تنظره فابتسم وجاورها يضمها إليه بعشق. سألها (مش هنتعشى..؟)
قالت برضا (نغير ونصلي الأول)
هز رأسه مستحسنًا الأمر، أخذ ملابسه وغادر سامحًا لها ببعض الحرية والإنفراد بخصوصية كانت هي ممتنة لها في قرارة نفسها.
طرق الباب فأذنت له، توضأ بالخارج وعاد وقد تجهزت هي وفرشت سجادتها، ألقى عليها نظرة غامضة ووقف مستعدًا للصلاة..
وبعد دقائق كانا يتجاوران على الأرض
رفعت رأسها تطالعه بهيام وإنبهار
هامسة(أقولك حاجه..؟)
رفع وجهها بأنامله يتطلع لعينيها وهو يهمس(انهردا إتعمل علشانك علشان تقولي الي عيزاه ياقلب يوسف)
رطبت شفتيها بلسانها قبل أن تهمس له وتبوح بمكنونات قلبها الصب
(أنا كبرت علي حبك فقلبي،معرفش امتى وإزاي، ابتسمت مستطردة تستعيد شعورها بالماضي(كل إجازة أجي أشوفك وأمشي، وأقول يارب يشوفني..
قبّل باطن كفها وهو يهمس مازحًا (أنا مصدقتش أني هتجوز حرامية بتسرق الذرة.. وأتاريها سرقت قلبي)
ضحكت حين إستحضرت ذكرى الكلمات بمخيلتها، همست (فهمت أخيرًا سرقت منك إيه، أمي كانت تقولي الضابط عايز دكتورة متلقش بيه أي واحدة)
تنهد وهو ينظر إليها (اه علشان كده قدمتي طب) ضمت شفتيها بآسف ليضمها في عشق هامسًا(يوسف متلقش بيه غير جميلة)
فرت من عينيها دمعة وهي تقول بشجن(لو كانت عايشة كانت فرحت قوي، إنت بس الي شاركتني فحبها ولو حد غيرك مكنتش وافقت)
همس بتضرع وآسف(الله يرحمها)
(مش هتاكل) سألته على استحياء وهي ترتفع من أحضانه(كلامك الحلو شبعني) ثم استطرد ونظراته تعتنق ثغرها في رغبة مكبوته يقيدها بالتعقل، حبًا وخوفًا عليها
(اتعلمتي الكلام الحلو ده امتى .؟)
شبكت كفها بكفه مستحضرة شعورها به
( كنت أجمع كل الكلام الحلو من الكتب وأحفظه فورق علشان لما ربنا يأذن أقولهولك، الحب ميلقش غير بقلبك )
(فينه) سألها بحشرجة تأثر
(اتحرق) قالتها بإنكسار وآسف ونظراتها تشرد في ظلام الأحداث
(قلبك لسه فيه كل الحلو، سمعيهوني)
همسها ومال متحررًا من قيوده يطبع قبله رقيقه على خدها، توترت ترددت بين الإقتراب والغوص أو الإبتعاد والهرب.
نهض بعد ذلك يتمدد علي الفراش قائلًا بمزاح وقد لمس خوفها وإرتباكها فأثر الإبتعاد وتركها حتى تهدأ ويسكن خوفها(يلا بقا عايز أنام هلكان تعب)
أطاعت فعلت كما أراد، خلعت الإسدال فتحررت خصلاتها الطويلة وغطتها، من خلف جفنيها لمحها مُبهرة، رائعة الحسن، بقميصها الأبيض الحريري وشعرها الطويل الناعم، استغفر منتزعًا عينيه، حتى لا يُخيفها أكثر، تمددت جواره بإضطراب، مترددة الأفكار مبتعدة عنه مسافة.. أعطاها ظهره محاولًا السيطرة علي إنفعاله.
إقتربت وقلبها لا يقو على الإبتعاد انكمشت تحتضنه هامسة ً (يوسف)
أجابها دون أن يوليها وجهه (نعم)
تخلل سؤالها ضحكة ناعمة وهي تمرر أناملها على ظهره(هو إنت بجد.؟ اضربني أو اقرصني يمكن يكون حلم) إلتفت مُستندًا برأسه على قبضته؛ مشرفًا عليها وهو يقول بإبتسامة (اضربك! مفيش مشكلة)
رمشت تستعطفة بوداعة سلبته تعقله(أهون عليك)
(لا متهونيش ياقلب يوسف) رماها ثم انحنى يلثم شفتيها بقبلات رقيقة، أبعدته عنها هامسة   بإرتباك وتشتت(شوفت الحرق)
قطب أول الأمر بضيق قبل أن يسحبها لأحضانه متفهمًا محتويًا خوفها يخبرها بمكر(أنا شوفته من أول يوم اصلًا)
خبأت رأسها في أحضانه مستسلمة لمشاعرها التي تدفعها تجاهه بقوة.
(عايز أقولك سر) همسها وأنامله تداعب خصلاتها الطويلة بإنبهار وشغف، بينما إستمعت هي بصمت وذوبان 
(كان نفسي اتجوز واحده شعرها زي أم عامر)
ابتسمت مغمضة العين في حياء، لينحني وينثر قبلاته فوق خصلاته في تأثر وشغف.. شعر بإنتظام أنفاسها فإعتدل ودثرها جيدًا وذهب معها لعالم الأحلام، لا يهمه سواها هي وراحتها، أما التقاليد البالية والعادات القديمة فلا شأن له بها، هي أولًا وراحتها ثانيًا ورضاها ثالثًا.
في الصباح رفرفت بأهدابها تستكشف العالم من حولها، وقد بدا لها كل شيء مختلف جميل ورائع، غير مصدقة أنها الآن بجانبه، منغمسة بأحضانه، حلمها الذي تحقق أخيرًا
همست بإسمه مُكررة (يوسف يوسف يوسف)
ابتسم هو دون أن يُشعرها بإستيقاظه، كان لوقع نطقها اسمه علي قلبه شيئًا خاص بمزاج فريد خاصة وهي تكرره بتلك البهجة كأنها عثرت علي كنز أو أمطرت السماء عليها رضًا، نهضت تُشرف بوجهها على وجهه تتأمله بصمت قبل أن تحط بشفتيها الناعمتين على جبهته تسرق قبلتها الخاصة ليهمس هو بإبتسامته التي تعشقها(اللهم على رزقك أفطرت) شهقت بنعومة هامسة بإسمه من بين شفتيها (يوسف إنت صاحي)
فرّق من بين جفنيه يلملم خصلاتها التي تناثرت تغطي وجهها ثم همس(أنا منمتش)
أخفضت نظراتها بخجل تطلق آسفًا ناعمًا(أنا آسفة) قطب يسألها بإستفهام(علي إيه..؟)
غرقت أكثر في الخجل الذي انتشلها منه وقد فِهم مقصدها قائلًا بجدية(جميلة أنا عايزك توعديني)
رفعت نظراتها تهتف بقوة (بأيه ياحبيبي وأنا أوعدك)
أخبرها بقوة وملامح جادة (متخبيش عني حاجه خالص، وتحكيلي كل حاجه، تبطلي عناد)
(حاضر) خرجت ناعمة رقيقة في رضوخ ليقول مُستلًا الجدية قليلًا في وجهها(لو حصل دا أعمل إيه.؟)
زمت شفتيها ثم همست بآسف(عاقبني)
رفع حاجبه يسألها وعينه تلتهمان ملامحها(إيه أصعب عقاب بالنسبالك.؟)
(إني اتحرم منك) اندفعت منها بصدق ليهز رأسه ضاحكًا (تمام اتفقنا)
كان دوره الآن ليشرف عليها فتتعلق هي برقبته في خجل رقيق، تركزت نظراته على وجهها وهو يرتيل الدعاء الخاص وحينما انتهى همس بإبتسامة واسعة سرقت نبضة من نبضاتها وأخضعتها لسلطان الهوى(قولي يوسف تاني كده يا حرامية) أغمضت عينيها هامسة بإسمه في رقة وعذوبة أسكرته وجعلته ينحني مُغدقًا عليها بقبلاته وإعترافاته بالحب لينتهي في حياتهما فصل ويبدأ آخر جديد.
******
هتفت مروة بضجر موبخة أخيها(سبتني كنت استنى لما ارجع وهبب الي تهببه)
قال بتأكيد (جلال مكانش هيعملك حاجه،هو هيجيلي أنا) تعجبت من الثقة والبرود الذي يتحدث به لتسأله مُتهكمة(لما عارف عايز إيه بقا)
همس بمكر وخبث ملأ نفسه(عايز أسرق أمان براءة، عايز أقطع خيط الثقة الي بينهم)
مال فمها بسخرية غير مستوعبة كلماته السامة(هو هيقرب منها ويعرف إنك كداب)
تنهد قائلًا بإستمتاع ولذة خبيثة(ياريت يعمل كده، أنا اصلاً عايزه يعمل كده)
تعجبت منه قائلة وهي ترمقه شذرًا (إيه العبط دا.؟)
نظر مروان للسقف موضحًا بإستمتاع غريب(جلال لو قربلها الثقة الي بينهم هتتهد، في حاجه جواهم هما الاتنين هتتكسر متتصلحش حتى لو كملوا)
قالت محاولة الفِهم (إنت عايزه يعمل زي ما عملت)
مط شفتيه هامسًا (بدأتي تفهمي شوية، ليكمل بنبرة قاتمة (في حاجات جوانا لو اتلعب فيها مبنرجعش إحنا مهما حاولنا، فعلاقتنا بالي بنحبهم في خيط رفيع متخبي يرخي شويه ويشد شوية بس لو اتقطع خلاص، حتى لو ربطناه من تاني العقد مؤذية بتفكرنا دايما إن حاجه جوانا مش بطبيعتها)
حملقت مروة فيه قائلة (إفرض كل ده محصلش) ضحك بصوت عالي مُفسرًا(برضو مخسرتش، العيار الي ميصبش يدوش)
سألته مروة بزعر حقيقي وخوف تملّك منها (إنت شيطان، امتى بقيت كدا) رماها بنظرة هازئة مستهينة وغادر لحجرته متمنيًا أن يفعلها جلال ويحقق له رغبته.
انتهى

بنكهة عشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن