❤️الخامس والاربعون♥️

2.8K 79 0
                                    

الخامس والأربعون.

خرجت من حجرة الكشف تتلفت يمينًا ويسارًا مُفتشة عنه قبل أن تزفر بإحباط وتستدير عائدة، كيف أخطأ قلبها تلك المرة؟
كيف شعرت بوجوده.؟ طرقت الحجرة من جديد تستأذن الدخول ليأتيها صوته الساخر من خلفها قبل أن تعود (لا مغلطتيش أنا هنا فعلا)
إلتفتت اسمه يتخلل ضحكتها (جلال)
نظر حوله قبل أن يقترب منها متسائلًا (مفيش عيانين ولا إيه .؟)
استطالت على أطرافها أنامله تسرق قبلة من خده وهي تقول بنظرات لامعة متجاهلة سؤاله (وحشتني)
خبأ تأثره بقربها، اشتعال عاطفته نحوها.. وإبتعد خطوتين قائلًا(مرتاحة.؟ )
ضمت شفتيها ورأسها تهتز برفض، ليقترب منها بملامح جادة (حد ضايقك أو زعلك.؟)
هزت رأسها برفض، قبل أن يبزخ فجر حبها من بين شفتيها (راحتي وسعادتي بتتقاس بوجودي جنبك ومعاك..وإنت مش معايا ومش جنبي يبقى مش مرتاحة ولا هرتاح)
قرص وجنتها بحنو هامسًا بأنفاس ثائرة وقلب خاضع(آه يابنت، جلال مبقاش عارف يرد عليكي)
فُتح باب حجرة الكشف ليطل منه عباس يبدو عليه الإنزعاج وهو يقول (كنت حاسس إنك هنا)
(هتمنعني أجي) قالها جلال ممازحًا ليخرج عباس موبخًا (أنا مش نبهتك متجيش، ومتحومش حواليها)
كتمت براءة ضحكتها ليعترض جلال (إنت مش حكمت بشهر خلاص الكام يوم دول مش تبعهم)
دفعه عباس بنهاية عصاه في كتفه طاردًا (بره يلا دا مكان أكل عيش)
تسللت كفها لموضع عصا عباس في كتفه، مسدته بصمت وحنو كأنها تواسي الموضع بخوف أن يكون قد تألم.. التقت نظرات عباس وجلال فوق أناملها،ابتسم عباس بتفهم بينما رفع جلال أناملها لفمه مُلثمًا (يسلملي حبيبي)
قاطعهم عباس بزفرة حانقة وهتاف صاخب (يا ابني امشي... هي كده مش هتعرف تعمل حاجه) ثم التفت لبراءة مُحذرًا (خليه يمشي بدل ما هضربه بجد)
(لا خلاص.. هيمشي) قالتها بتأكيد وحسم رغم قسوة ما يطلبه على قلبها.
توسلته برقة طاغية ونظراتها تعانقه (جلجل ممكن تمشي)
دفع عباس الباب خلفه وهو يهتف ساخرًا (لا وهو كده هيمشي)
ودعها جلال بعدما لثم جبينها ببضع قبلات حارة قائلًا (يلا سلام)
شيعته بنظراتها المحبة حتى اختفى من أمامها وعادت لحجرة الكشف استقبلها عباس بنظرات متفحصة، يتأمل حزنها مع رحيله.
(سبيه يسافر يا براءة) قالها عباس وهو يترقب بفطنة كلماتها، ومعرفة رأيها
لتهتف بوجع استقر بين حروفها(ياريت ماما وبابا كانوا لسه عايشين ياعمو وماكنش سابولي الفلوس دي كلها، لو هتمنى حاجه بعد جلال هتمنى مكانوش يموتوا في الغربة ويسيبوني ولا يبقا معايا فلوس)
لانت ملامح عباس من كلماتها، تزينت نظراته بالحنان والرفق، لتستطرد براءة بجرأة (الفلوس اهي في البنك ومتساويش عندي لحظة أبقا فيها مع جلال وجنبه، ولا حتى ضحكة يضحكها ليا)
هتفت عباس بحشرجة تأثر أصابته (ربنا يخليكم لبعض)
أممت خلفه ثم همست وهي تجلس على مقربةً منه (ساعات بقول ياريتني موت معاهم.. مش كان يبقا أحسن.؟ أكون معاهم وهما يموتوا وأنا أفضل ليه.؟ أرجع أقول ربنا له حكمة أكيد.. لما ظهر جلال فحياتي حبيت إني لسه عايشه وإني مموتش.. وأطمنت إن عوض ربنا موجود ليا وليه.. وجوده بيطمني وأنا الي معرفتش يعني إيه اطمئنان غير معاه)
ابتسم لها عباس بدفء قبل أن يهتف مُفصحًا  (جلال دا وش الخير، من يوم ما دخل بيتي وأنا مشوفتش غير الخير ورحمة ولطف ربنا فكل حياتي)
رنين هاتفها جعل عباس يقتطع كلماته ويطالعها بإستفهام ومن خجلها وتوترها فَهِم أنه هو فأذن لها بالإجابه (ايوه)
_إنتِ بخير.؟
(ايوه تمام متقلقش)
_مش عارف بس قلبي قالي إن فيكِ حاجه.
جائه صوت عباس الحانق (كفاية تلاكيك اللهم طولك يا روح)
ابتسمت براءة بإشراق وهي تطمئنه(أنا بخير متخافش) أغلق الإتصال وعادت هي لحديث عباس متحمسة، تسأل عنه من وقت لآخر طمعًا في معرفته جيدًا.. واهتمامًا به.. تبتسم تارة وتضحك تارة.. تلمع نظراتها تارة بجذوة عشق لا تنطفيء.
عادت للمنزل، أبدلت ملابسها وأعدّت العشاء منتظرةً مجيئة، ركن عباس مع صديقًا له في مقهى على الشارع يتبادل معه الحديث بينما لم تأت إسراء حتى الآن من عملها..
كل يوم تعرف عنه الكثير من عباس، حتى عرفت طعامه المفضل والأشياء التي يحبها والتي لم يهتم أن يُعرّفها لها..
تتبع حاسة الشم حتى وصل إليها، اتكأ بجزعه على حافة باب المطبخ قائلًا (أمممم)
استقبلته بإبتسامة واسعة، وضمة رقيقة مع همس دافيء.. أسبدلت جفنيها خجلًا حين أبعدها يتأمل ملامحها قائلًا بحاجبين انعقدا في ضيق (إيه الي فوشك دا.؟)
تضجرت وجنتاها خجلًا قبل أن تهمس بعفوية (إيه.؟)
مد أنامله يسحب منديلًا ورقيًا من جيب بنطالها ثم أقترب من وجهها يمسح مما علّق به من ألوان مختلفة ومستحضرات تجميلية.
إبتعدت منزعجة، متوترة من فعلته، ليتقرب ويعاود إزالته قائلًا بملامح خالية من التعابير(مبحبش الحاجات دي)
أبعدت وجهها عنه وانسحبت قائلة بضجر وحزن من فعلته  (طيب خلاص)
تركته واقفًا وخرجت للمرحاض، غسلت وجهها وإندفعت ناحية الحجرة لتجده واقفًا مانعًا لها، يقيد حركتها هتفت بإنفعال وبعض الحدة (في إيه.؟)
وقف صامتًا بعدما إبتعد يفسح لها المجال لتدخل الحجرة، تنفس بعمق قبل أن يتبعها لأول مرة تنفعل بهذا القدر .
وجدها جالسة أرضًا مستندة بظهرها على حافة الفراش على غير العادة.
سألها بلهفة وندم وهو يقترب ليجاورها(إنتِ زعلتي.؟) قضمت أظافرها وهي تقول بفظاظة (لا عادي)
(أنا آسف) همسها بندم حقيقي وصدق، ونظراته تنحني لها في انكسار ضايقها.. لتقول وهي تنظر أمامها (مبعرفش أحطه يمكن كان وحِش عارفه)
همس بندم وتأنيب ضمير حاد يجلد روحه بسياط من نار (لا أنا غلطان، هو كان حلو بس أنا الي بحبك كدا وبحب كل حاجه فيكِ زي ماهي يا بيبو أنا آسف لو زعلتك)
أشاحت رغم دقات قلبها الثائرة رغم حاجتها لعناقه ومسح الحزن من نبرته، عادت لقضم أظافرها من جديد وهي تهمس بصوت مختنق (خلاص عادي)
جلس علي ركبتيه يقبل رأسها بإعتذار ولطف (حقك عليا)
تأففت بإنزعاج قائلة وهي تُبعد جسدها(خلاص بقا يا جلال، قولتلك تمام)
نهضت من جلستها وغادرت تاركةً له الحجرة، لاذت بالفرار محتمية بمجيء عباس وإسراء، استقبلتهما بإبتسامة منكسرة وروح غائمة بالحزن، لتتجه نظراتهما لجلال الواقف خلفها بنفس الملامح. ألقى عليهما سلامًا عابرًا ورحل تحت نظراتهما المندهشة ونظرات براءة المتألمة.
في منتصف الليل جاءتها رسالة منه يسألها على استحياء (براءة أجي.؟)
ابتسمت من بين دموعها برقة، تلوم نفسها على حزنه لتكتب بخوف  (الوقت اتأخر)
كتب ونظراته تتعلق بشرفة الشقة (أنا اصلا ممشتش ولا كنت هقدر وإنتِ زعلانه مني)
طبعت قبلة علي شاشة الهاتف وضمتها بسعادة قبل أن تكتب (تعالى يا جلجل)
دقائق كان أمامها يسألها بحنو وهو يتأمل ملامحها بحذر (لسه زعلانه.؟)
أجابت وهي تضيّق عينيها علي ملامحه (آه شوية) سألها بصدق مستعدًا لأي عقاب منها متحفزًا لنيل رضاها (إيه يرضيكي وأنا اعمله)
تصنعت التفكير وهي تدفع جديلتها لخلف ظهرها، ثم همست بنظرة مشاغبة (أكلت)
هز رأسه بالرفض ونظراته تتعلق بملامحها في انتظار لعفوها، أمسك بها قائلًا (مش هاكل غير لما ترضي)
جذبها برفق ممتعضًا يهفو لترضيتها ( متتعبنيش معاكي مش هاكل غير تقولي إنك مش زعلانه )
غادرت للحجرة فتبعها جلست علي حافة الفِراش الصغير فمال وهو يقف أمامها(براءة أنا مقدرش على كدا)
انهزمت أمامه، تأملته قبل أن تهمس مندفة لأحضانه(ولا أنا أقدر يا جلجل)سألها يتأكد وهو يضمها بين ذراعيه (بجد مش زعلانه.؟)
ابتعدت تخبره بصفاء (لا مش زعلانه ولا متضايقة أنا آسفة.. كنت بجرب عادي علشان تشوفني دايما حلوة )
فغر فمه مندهشًا قبل أن يخبرها بعشق(أنا شايفك ست البنات كلهم وأحلاهم من غير أي حاجه )
(ربنا ما يحرمني منك يا جلجل يارب) قالتها بتضرع قبل أن تخبره بملحوظاتها(نص هدومك أبيض ليه يامفتري )
لثم عينيها وجبهتها خديها وأنفها، انفاسه الحارة تربت بإعتذار على الأماكن التي طالها منديله ثم ضم رأسها يخبرها (بيشبه قلبك الحلو وبيفكرني دايما بيكِ فبحبه)
(يلا ناكل..) قالتها بتوسل وإشفاق ليخبرها بعدم شهية (عايز أنام مش هقدر يا بيبو)
(بس أنا مأكلتش يرضيك) أسبلت جفتيها تخبره بتزمت طفولي ليرضخ متنهدًا (خلاص يا بنت، نتعشى حاجه خفيفة)
بعد مرور مدة كانت تستقر بأحضانه تتوسد رأسه برضا وراحة بال.
*****
هاتفت المرأة حنان وأخبرتها أن ابنتها إعترفت لها بتفاصيل الإتفاق، وهي الآن والفتاة في طريقهما للنيابة لتغيير أقوالها والإعتراف بما حدث..والتنازل عن القضية  تابع الجميع التحقيقات وإعتراف والد الفتاة بنصوص الإتفاقية بينه وبين علا والمبلغ المتفق عليه لتشويه مالك وسمعته، كل ذلك بسبب ضغط السوشال ميديال والأقاويل الكثيرة والشبهات التي حامت حوله.،مما دفعه ليتنصل مُعترفًا على علا
أقرّت النيابة ببراءة مالك من التهم المنسوبة إليه، لم تتخلى حنان عن حقه صممت رفع قضية على الرجل وعلا والثأر منهما..
******
لم يعد للمنزل كما هو متوقع، زفر الجميع بإحباط وقلة حيلة، لتقول إسراء بخيبة بعدما رفعت الهاتف (مالك مشي مع جلال رفض يجي)
سألتها حنان بلهفة لا يعكرها السخط (فين.؟)
أجابت إسراء بأسف بعدما فضت الرسالة المرسلة إليها من جلال(الصعيد.. بيقول هيروحوا هناك كام يوم)
ضمت براءة شفتيها وقد تعكر مزاجها مما سمعت، نظرت لهاتفها بحزن وإحباط، كيف سيتركها ويعود وحده.؟ لماذا لم يأت لتوديعها..
أغمضت عينيها تمنع تجمع الدموع بعينيها قبل أن تنسحب لحجرتها مُحبطة بصمت.
جاءها اتصاله حينما دخلت، رفعت تُجيب بلهفة صبغها بكاؤها (إنت فين.؟ )
إحتوى حزنها بحنو، ضمها بحروفه الرقيقة (أنا جاي ياحبيبي متزعليش)
انقلب حالها، ابتسمت من بين دموعها لإحساسه بها وعودته لأجلها، أخبرها بصدق بدد به حزنها(مقدرش أرجع من غير ما أشوفك يابنت، قلبي ميتحملش)
أهدته ضحكة رقيقة قبّلت بها مسامعه، ليخبرها بتنهيدة متأثرة (ضحكتك بترد روحي يابنت)
قالها وهو يقتحم الحجرة مبتسمًا، فتركت الهاتف واندفعت لأحضانه بعدما أغلق خلفه
أغمض عينيه مستشعرًا قربها المهلك، متنفسًا عبقها المسكر وهو يهمس بلوعة(وحشتيني يابنت والله)
أبتعدت تخبره (خوفت تمشي ومشوفكش، كفاية الليلة الي قضيتها بعيد عني)
رفع كفيه يلملم خصلاتها النازحة عن وجهها هامسًا ونظراتها تلتهم ملامحها (مقدرش)
توسلته برقة وهي تعاود ضمه من جديد (متتأخرش عليا هناك)
رمقها بنظرة مليئة بالشوق وهو يهمس بتعويذته (كل ما فيكِ بحبه وبيوحشني )
ثم طلب بتوسل حار (خلي بالك من نفسك، ولو مرتحتيش فالشغل متروحيش.. وكلميني دايمًا)
هزت رأسها بالموافقة ودموعها المتحجرة، تصيبها بغصة تمنها من الكلام، فقط تلتهم ملامحه بشوق جارف.
وصاها بقلب أب(متخافيش من أي حاجه، ومتخليش حاجه تضايقك.. أنا موجود حتى لو بعيد اطمني)
سمحت لدموعها أن تسترسل على خديها، ليلملمها بأنامله بحنو (شوية كدا قليلين ونبقى مع بعض علطول هانت خلاص)
طبع قُبلة دافئة على جبينها هامسًا بجزع وصدق ونظراته تتوسلها بعطف (دموعك دي مبتحملهاش يابيبو)
نطقت أخيرًا بضياع وهي تعانقه من جديد معترفة ببكاء مزقه(متعودتش أغيب عنك.. أنا ما صدقت لقيتك)
تنهد هامسًا برجاء (متصعبيهاش عليا، أنا اصلا سايبك غصب عني.. أنا ماصدقت تبقي جنبي وفحضني)
رنين هاتفه جعله يبتعد بعد أن ضمها بقوة لآخر مرة هامسًا (لا إله إلا الله)
(محمد رسول الله) همستها ثقيلة ونظراتها المغشية بالدموع تودعه قبل أن يخطو خارج باب الحجرة مُثقلًا بفقدانها.
احتمل توبيخ مالك حين وصل إليه بينما لاذ عاصم بالصمت.. صعد ثلاثتهم الباص..
تفرق جمعهم، انشغل كلًا من جلال وعاصم لدقائق قبل أن يمرر جلال الهاتف لمالك قائلًا بجدية لا تقبل نقاشًا أو رفض (كلّم مراتك طمنها عليك)
سحب مالك الهاتف مبتلعًا إعتراضه، إرسل إليها مُعرفًا لها بهويته.. فسارعت بلهفة متخطيةً أمر رحيله (مبرووك يالوكا، خلي بالك من نفسك، أنا مش زعلانه منك.. اعمل الي يريحك ويخليك مبسوط، أيوة كان نفسي أشوفك بس طالما إنت أحسن مش مشكلة
اتأكد إنك مهما بعدت ومشيت وطالت المسافات هفضل مستنياك، هتلاقيني في البيت منتظرة ترجعلي بخير أحسن من الأول.؛ بحبك)
_سامحيني يا حنان حقك عليا بس أنا مخنوق.
(اعمل الي يريحك المهم ترجع أفضل ياحبيبي)
_خلي بالك من نفسك ومن كنزي.
(متقلقش علينا إنت علمتنا إزاي نعمل دا)
_متسمعيش هندي..قالها علي سبيل المزاح والخروج من الجو الخانق.
(سبتهولك يا مستر أنا وعدتك، بالمناسبة أخيرًا فهمت مين الي كان بيفصل عليا النت، حسابه لما يرجع بالسلامة)
ابتسم لتذكره ماحدث في الماضي ليكتب منهيًا المحادثة
_لا إله إلا الله.
(محمد رسول الله)
ثم أعاد الهاتف لجلال بعدما قام بمسح المحادثة.
ترك جلال مقعده متجهًا لعاصم الذي غاب مع سماعات أُذنه عن العالم.. سحبها جلال لينتبه له.. ثم قال بجدية (ناوي علي إيه.؟)
أجاب عاصم ببعض الإرتباك (فأيه.؟)
أشاح جلال للنافذة المجاورة يقول (إسراء)
قالها وهو يزرع نظراته تتربص برد فعله، ليتوتر عاصم متهربًا (مش فاهم هعمل إيه.؟)
رفع جلال حاجبه يرمقه بسخرية قائلًا (والله!)
هتف عاصم بنبرة خرجت عميقة متشحة بالسواد (خلاص كل شيء انتهى)
(دا ابتدأ) قالها جلال بإبتسامة واضحة زرعت الأمل في قلب الآخر المُنهك.
صمت عاصم بملامح مغلقة، ضبابية مما جعل جلال يهتف منزعجًا (هتفضل كتير كاتم إلي جواك)
هتف عاصم بتردد وحيرة شطرته لنصفين متنازعين (عايز أسافر)
قالها جلال بحسم لا يخلو من رفق أبوي(لا)
هز عاصم رأسه بعدم اقتناع وهو يقول بيأس(هقعد أعمل إيه.؟)
قال جلال بتفهم، وهدوء (هتقعد تدرس الي بتحبه، وتشتغل وترجع علاقتك بإسراء لو بتحبها بجد.؟)
هربت نظرات عاصم لجلال الذي قصد كلماته وتشكيكه في حبه لها، إبتلع عاصم ريقه وصمت.. وهو يسحب نظراتها المهزوزة من عينا جلال الخبيرة.. ليقول بصدق (إنت عارف إنه كان بجد)
قال جلال بنصف ابتسامة (ومن جد وجد يا ابن أبويا.. بالمناسبة هي جيلها عريس وإحنا موافقين فكر كويس ورد عليا)
منحه عاصم نظرات غير مصدقة، يعلو فوقها غبار الفزع وهو يتأكد (عريس)
هز جلال رأسه بتأكيد قبل أن يخبره بجدية وبعض الصدق (كلنا بقالنا حياتنا وأنا مش هسيبها، عايز اطمن عليها.. ثم اكتست نبرته بالحدة وهو يقول (ولو واحد غيرك مكنتش قولتله)
سأله عاصم بقلق (وهي موافقة)
ضيّق جلال نظراته على وجهه قائلًا (اسألها)
عادت نظرات عاصم للطريق مُفكرًا بصمت.. ليتناول جلال هاتفه باحثًا عنها.
(بيت يا بيبو)
_نعم ياسي جلجل.
(وحشتيني)
_وإنت شوية
(أنا راضي بيهم الشوية دول)
_هتفضل كدا راضي دايما.؟
(قليلك يكفيني)
_كنت فين ياجلجل من زمان وإتاخرت عليا ليه كل دا.؟
(كنت مستنيكي تخلصي دراستك)
_بالمناسبة مش هتكمل الدراسات العليا
(مين قالك)
_إيسو وعباس
(إنتِ أهم عندي من كل حاجه)
_ياابني إنت جايب امتياز لازم تكمل ياجلجل
(لما أتجوز)
_فكرتاني، أنا عايزه تكمل ياحبيبي.
(ماشي.. هفكر بعد ما أتجوز)
_إنت اتغيرت
(طبيعي صبري خلص حضرتك)
_بحبك ياجلجل.
(وأنا شوية)
_قليلك يكفيني.
*********
أصرّ يوسف أن يأخذها معه لمنزل تهانى ليؤدي واجب العزاء، اندهشت جميلة من إصراره على ذهابها رغم رفضها..
لكنها رضخت في النهاية لرغبته المخفية وسر إصراره غير المعلن.. بحث عن أغراضه فلم يجدها اتجه ناحية الوسادة، رفعها ليتفاجيء بسكين حاد يرقد تحتها، ناحية موضع رأسها..
لمعت عيناه ببريق مخيف قبل أن يستدير مواجهًا (إيه دا يا جميلة.؟)
ابتلعت ريقها بإرتجاف ونظراتها تستقر فوق ما قصده لتقول بتلعثم (يمكن حطيتها بالغلط) قالتها واندفعت ناحيتها، جذبتها بسرعة وبغفلة من الإدراك وتوهة دستها تحت ملابسها في الخزانة.. لو كانت بوعيها التام ما فعلتها.
أحاطتها نظراته كسجن، حاصرتها كمتربص..
فَهِم أن الأمر أكبر من خطأ ولم يُفصح.
سايرها بصمت وتعقل، ارتدى ساعة معصمة ثم جذبها برفق قائلًا بثبات (يلا)
لطالما كانت واثقة فيه، في عقله ورجاحته.. في قوته التي يتضائل أمامها عماد.. لكن ما تود فعله قد يطال عمله قد يؤذيه بحق..
غير أن الشر قد سكن عقل وقلب عماد مما قد يدفعه لأن يفعل أي شيء دون ذرة ضمير
رمقته بنظرة طويلة متأوهة قبل أن تهمس داخلها وهي تروي ظمأها الدائم لرؤيته (أحببتك يايوسف وعُذبت بحبك..)
حملت نظراته لها جمود وقسوة إختبرتها يومًا منه، تتوارى عاطفته خلف نظرة نارية تُربك فؤادها العليل.
هبط درجات السلّم ممسكًا بكفها البارد المرتعش وخطواتها المهزوزة، وقف فوقفت، أخبرها بنبرة مهزومة هربت من حصون قسوته وجموده (أول مره تخافي وأنا معاكي)
أغمضت عينها من سهام الحزن في نظراته، نبرته هدمت جدار الثبات.. فتحت عينها هامسةً(يمكن خوف عليك يايوسف)
مال فمه بسخرية قبل أن يخبرها بوجع (لا إنتِ مش واثقة فيوسف)
انهى كلماته وعاد لسحبها، زاهدًا إجابتها التي لن يصدقها فخلال الأيام المنصرمة قرأ في عينيها الكثير والكثير.
إرتجفت تهاني حين رأت يوسف أمامها بملامح قاتمة ونظرات تخترقها وتشتتها، من خلفه جميلة منهكة ذابلة..
(البقاء لله يا تهاني)
سيطرت تهاني على إرتجافة جسدها محاولة إخراج كلماتها صحيحة (اتفضلوا)
مازالت كفه تقبض على كفها في حماية وقوة، سحبها للداخل خلفه ومن خلفهما تهاني تضرب خدها بجزع دون صوت.
إستقرا على آريكة ضيقة ليقول يوسف بنبرة واضحة جامدة (قولت أجي أعزيكي)
فركت تهاني كفيها بتوتر ملحوظ وهي تنقّل نظراتها بين يوسف الجامد وجميلة التي يتراقص الفزع والنفور رقصة طويلة فوق ملامحها (البقية فحياتك ياحضرتك الضابط)
رصت كلماتها بسرعة قبل أن تتلعثم في اضطرابها..
ليقول يوسف بنبرة قوية ونظرات مثبتة على تهاني (موت جوزك حادث ولا فعل فاعل يا تهاني.؟ ) كان يقصد السؤال
نظرت لجميلة بمعنى إلتقطته فهزت رأسها بالرفض لتقول تهاني (الله يرحمه حادث)
لا تدرى أن يوسف إلتقط الحوار الدائر بينهما بفطنه ليستطرد (الله يرحمه.. أنا هبعت عمال لبيت أمك يجددوه ويشوفوا إيه المطلوب علشان لو حبيتي ترجعي)
إزداد توترها، شعرت أنها محاصرة من نظراته لتبتلع ريقها وتهمس (ربنا يخليك يا حضرة الضابط)
دخل عماد الحجرة هاتفًا بصخب (حضرة الضابط عندنا يا مرحب)
نهض يوسف مبادلًا له السلام القوي، ضغط على كفه ضغطه حادة شعر بها عماد لكنه تجاهلها وسحب كفه، دون أن يظهر عليه أي انفعال
(البقاء لله) قالها يوسف بشموخ وهو ينظر لعماد من عليائه بغرور.
(البقية فحياتك يا حضرة الضابط كلنا لها) ضغط كلماته لتصل لجميلة التي إنتفضت وشعر بها يوسف بينما توارت تهاني وانكمشت. رمى عماد نظرات لجميلة قائلا(إزيك يا جميلة نورتينا)
توارت خلف جسد يوسف، ليسحبها  من كفها المرتجفة مستأذنًا المغادرة.. دفعها  أمامه برفق وبقيَّ هو خلفها في حماية.
تتبعتهما نظرات عماد حتي اختفيا، اشتعلت ثورته بعد أن رحلا.. جن جنونه وهو يتذكر نظرات يوسف وضغطته لكفه المقصودة
انكمشت تهاني بخوف أن تطالها شرارات ثورته، قبض على كتفيها وهزها (قولتيله إيه يابت المحروق)
قالت متلعثمة بإنتفاض(مقولتش حاجه مقولتش حاجه)
دفعها لتسقط أرضًا ثم غادر تتبعه شياطينه.
في طريقهم للعودة جلس يوسف بين الزروع مستريحًا فجاورته صامتة، إلتصقت به هامسةً(يوسف إنت زعلان مني)
حدجها بنظرة طويلة قبل أن يراوغها(إنتِ شايفة إيه.؟)
رفعت رأسها للشجرة الوارفة فوقهما تطلب بخجل متهربة من نظراته (عايزه لمون من الشجرة ينفع تجبلي)
ارتفعت نظراته يتفحص الثمار قبل أن ينهض ويقطف بعض ثمار الليمون ويعطيها لها بصمت، تناولتهم بين راحتيها قائلة ببشاشة(تسلملي يا روح قلبي )
رمقها بنظرة انطفأت حرائقها ليشيح عنها بضيق وآسف، فتميل على كتفه معاتبة  (زعلان مني ليه.؟)
سخر منها بفظاظة (قلبك لو يعرف يوسف هيعرف إيه مزعله)
أعطته حبة ليمون قائلة (قشر دي وأقولك يا قلب جميلة) سحب الليمون يقشره بصمت لتقول وهي تتأمل ملامحه المتصلبة (تهاني جات وكانت شاكة إنه عماد متورط فموت أخوه وكانت خايفه منه وبتستنجد بيا)
رمقها بنظرة طويلة مشككة قبل أن تستطرد متهربة من نظراته التي تتربص بها (كنت متضايقه علشانها ومش متخيلة ممكن الأخ يعمل فأخوه كدا)
سألها وهو يقسم لها حبة الليمون بعد تقشيرها (وهيعمل كدا ليه.؟)
خافت لو أطلعته علي سر المنزل يتدخل وويتتبع الأمر ويسقط في دائرة عماد.. لتخبره بتلعثم (مش عارفه)
اختار أن يصدقها رغم معرفته الجيدة بها، هادنها وخبأ عنها ما يجيش داخله ليقول بتنهيدة (طيب يا جميلة)
سألته بتردد وأناملها تتحسس موضع جُرحه(جرحك كويس.؟)
عقد حاجبيه قائلًا بحيرة(مش عارف يا جميلة)
نهضت من مكانها تمسك بكفه قائلة (قوم نرجع بيتنا وأغيرلك عليه)
مازحها قائلًا وهو يتشبث بكفها وقد عادت إليه ابتسامته (دا هيكلفك كتير)
تخللت أنامله هامسة بعشق لا ينطفىء وهجه بقلبها(يكلف زي ما يكلف حياتي كلها فدا يوسف)
في المساء كان يرتدي ملابسه قائلًا (هطلع أشوف جلال يا جميلة عايزه حاجه.؟)
أقتربت منه تلثم ذقنه بقبلات متناثرة وهي تطلب برقة(خليك معايا انهردا يا يوسف بقالنا كتير مقعدناش مع بعض)
مشط خصلاتها المتناثرة بأنامله هامسًا وهو يطبع قبلة على أرنبة أنفها(شوية بس وهرجع)
حركت رأسها فعادت خصلاتها خلف ظهرها وهي تمانع بدلال(لا خليك يوم تاني روح يا حبيبي)
سألها بجدية كاذبة وهو يتأملها ملامحها (قولتي إيه.؟)
هزت كفيها مستطردة بإبتسامة (إيه قصدك..؟ حبيبي.؟) حملها بين ذراعيه قائلًا (نأجل جلال انهردا.. علشان خاطر حبيبي دي)
أرادت هدنة للتفكير الجيد، عزّ عليها أن ترى حزنه وابتعاده عنها فقررت إرضائه،حتى ترتب أمورها.. انعزلت معه في عالمهما الخاص بعد أيام شاقة لاذنب له فيها ولن تهنأ إلا بترضية قلبه .
********
هاتفت جميلة تهاني، تسأل بحذر عن أماكن تواجد عماد، وخط سيره، كذبت جميلة تهاني فيما قالته لتأتي إليها تهاني بتسجيل صوتي لعماد يعترف فيه بقتله لوالدتها تؤكد به تهاني أنها ليست كاذبة ولا تريد توريطها في الأمر كذبًا وبهتانًا... سجلته له في لحظة غفلة.
ليستقر أمر القصاص في نفس جميلة
في اليوم التالي قبل مجيء يوسف وقد قارب الليل أن ينتصف إرتدت جلباب رجالي  وتلفحت بشال غطت به وجهها ثم تسللت للخارج حتي عبرت من المنزل، مقررة تتبع  عماد من أين يبدأ وأين ينتهي.؟ 
لم يكن الأمر هينًا عليها بل عصيًا لكنها ت. تُجاهد، لن تنل الراحة حتى تثأر لوالدتها من هذا الشيطان، والدتها التي ما إن تذكرت كيف غُدر بها صرخت بجنون وهستيريا غير مصدقة أن حبيبة قلبها فُعل بها هكذا..
في طريقها جذبها الحنين لمنزلهم، وقفت على أبوابه تطرق منتظرة ببكاء أن ترد والدتها، أو تفتح الأبواب وتحتويها بين ذراعيها بحنو كما كانت تفعل..
نادتها بصوت خافت، متهدج من شدة البكاء (أما).. كل ليلة تستيقظ على كابوس مختلف لوالدتها تعاني من عماد، تستغيثها وهي مقيدة لا تقدر على مساعدتها.. حتى جافها النوم وهجرها الأمان..
تلمست الأبواب بحنين ثم غادرت في طريقها تنتظر على مقربة من المقهى خروج عماد منه، داعية الله أن يُثقل عليه ما يتناوله لتسهُل مهمتها..
وقفت متلصصة خلف جدار قديم تنتظر بملل خروجه داعية الله من جديد أن لا يعود يوسف قبلها ويكتشف غيابها.
بعد دقائق سئمت فيها الانتظار خرج عماد يترنح، يغمغم بأغاني بذيئة.. تتطوح رأسه بثقل، تتبعته جميلة بحذر.
حتى وصل لمنطقة نائية بالقرب من منزله، تفصل البلدة... أخرجت السكين من مخبأها ثم إقتربت منه مسافة مُقدرة.. وقف قليلًا بغير ثبات يعدّل من إرتداء حذائه، لتغرس هي السكين في خصره بما استطاعت من قوة.
لمعت عيناها بظفر وهي ترى السكين منغرسًا يمزق لحمة.. ليستدير هو ببطء وأعين متسعة  ليتحقق من هوية الغادر.. نزعت السكين بقوة فتألم وهو يحاول تشتيتها والإمساك بها، ليجتمع عليه ألم الطعنة ووهن السكر فيسقط علي ركبتيه.. نزعت السكين  بعدما انحنت وبصقت فوق جسده  بعدها ركضت  ناحية المنزل تاركةً له.
بسرعة وأنفاس لاهثة كانت تسقط في شقتها أرضًا تلتقط أنفاسها بصعوبة غير مصدقة أنها فعلت بتلك السهولة، تركت السكين من يدها واحتضنت جسدها تبكي بقوة، مرة تصرخ ناعية والدتها ومرة ترثي حالها وما صارت إليه دون وعي..ظنت راحتها في الإنتقام والثأر لتكتشف أن عذابها زاد أضعافًا مضاعفة ..
نظرت لملابسها والسكين لتنكمش من جديد باكية.. خطواته علي الدرج جعلتها تُغلق الباب تركض ناحية المرحاض.. خلعت عنها ملابسها وخبأتها، ثم مررت نصل السكين تحت المياه الجارية تغسلها ودموعها لاتتوقف
كيف فعلتها.؟أي دنس لوثت به روحها النقية.؟
وقفت أمامه تقطع عليه الطريق، تستقبلة بإضطراب وإرتجاف، وإبتسامة شاحبة كملامحها التي تحاكي الأموات.
ضمها لصدره بفزع، يسألها بقلق (في إيه.؟ إنتِ تعبانه.؟) ضمته بقوة محتمية بوجوده كدرع آمان وهي تهمس بتلعثم (تعبت شوية مفيش)
حملها بين ذراعيه، حتى وضعها على الفِراش ودثرها، إلتقطت نظراته بقعة الدم على ملابسها لينتفض متسائلًا (جميلة إيه الدم دا.؟ إنتِ بخير)
فزعت، انتفض جسدها بحيوية غريبة تفتش ملابسها بأعين متسعة (فين.؟)
نهضت بخفة، أمام نظراته المذهولة تفتش عن ملابس نظيفة بالخزانه.. تقدم ناحيتها ليساعدها.. فجذبت الملابس وغادرت..
لتأتي بعد دقائق بنفس الإرتباك،ضمها بحنو وهو يكرر سؤاله (في إيه أنا مش فاهم .؟)
انسحبت عائدة للفِراش من جديد، تتدثر جيدًا مُطالبة به (تعالى جنبي يا يوسف)
لبى بلهفة، جاورها يضمها لصدره يربت على رأسها بحنو، بينما هي تتمسك به كغريق يجاهد الأمواج المتلاطمة لينجو..
نامت، تخلل نومها آهات متألمة وبكاء فكان ينتفض يتأمل ليدرك أنها تعاني في نومها، ينحني هامسًا بأذنها ببضع كلمات حانية ثم يعود ليضمها متأثرًا بوجعها.
نادت والدتها أكثر من مرة.؟ ما جعله ينتفض مفزوعًا همسها التالي (قتلته علشانك يا أما)
ما أخفته عنه عمدًا أباحت به روحها رغمًا عنها.
تركها، ونهض يفتش في أنحاء الشقة حتمًا سيصل لشيء.. هذيانها وحالتها تؤكد أن شيئًا قد حدث.
وجد السكين والجلباب التي خبأتها، بسهولة
وضعهما بكيس بلاستيكي أسود ليتخلص منهما جيدًا.. قبل ذلك عليه معرفة ما حدث بالضبط وأوصلها لتلك الحالة.
وقف أمام الفِراش يتكيء بظهره على الخزانه، منتظرًا أن تفيق...
إعتدلت تنظر حولها بضياع قبل أن تستقر نظراتها فوق ملامحه فتسارع بلهفة (يوسف)
رمقها بنظرة قاتمة مشتعلة بالغضب قبل أن يسألها بنبرة جافة خدشت روحها وأرجفتها من قسوتها(عملتي إيه من ورايا يا جميلة...؟)
لم تعد تستطيع السيطرة على ضياعها ولا ضعفها، ها هو الآن يطلب تفسيرًا  في مواجهة ليست عادلة أو متكافئة القوى.
لملمت روحها الممزقة، ثبتت نظراتها فوق وجهه قائلة بثبات، كأنها تُزهق روحها عنوة
(طلقني يا يوسف)
شملها بنظرة باردة قاسية، قبل أن يهمس بإستهانة (ياريتها ساهلة كدا)
شهقة خرجت من أعماقها توقفت بين حدود شفتيها، ليقترب قائلًا بحدة (احكي الأول عملتي إيه..؟)
ارتجفت من حدته، ضمت جسدها بذراعيها تحاول السيطرة على دموعها هامسة بشفاة مرتعشة، ونظرات تتقلب فيما حولها خشية أن تخونها وتستقر فوقه (قتلت عماد)
ملامحه لم يظهر فوقها تأثر، ظلت جامدة باردة تخشى النظر إليها، فقط تحتضن الآسى والوجع...
دار حول الفِراش يطلب بهدوء خطير (كملي)
رفعت الغطاء تغطي به جسدها المرتعش، حتى قلبها يرتعش.. فقط لو يمكنها المطالبة بذراعيه.؟ بدلًا من الغطاء.. حصنها ودرع قوتها، نظراته أنبأتها أنه سيبخل..
بروح كسيرة، قوة عرجاء حكت له ما كان...
وهو يستمع بصبر نظراته تتموج ما بين الغضب والحزن.. وصدمة موجعة أصابته على ذِكر والدتها، لانت ملامحه وأسبل جفنيه بحزن عميق جعلها تتأمله قبل أن تُكمل.
حين انتهت مرر عينيه عليها بنظرة لم تستطع تفسيرها ليقول بهدوء وقد جلس أخيرًا منهزمًا (أول مرة أحس إني معرفش مين الي عايشه معايا)
شهقت متفاجئة تمنعه من المواصلة بتوسل (يوسف) نظر إليها بروح ميتة، يخبرها بسخرية (هتفضلي لامتى تخبي عني كل حاجه) قالت بقوة (كنت خايفة عليك، إنت إيه ذنبك تتحمل كل دا ) ليقول بنبرة متألمة (أنا شايفه قلة ثقة،.. لينهض مستطردًا بنظرة حادة (أنا حذرتك قبل كدا علشان فاهمك وإنتِ اخترتي)
قالت بنبرة تقطر وجعًا وعناد بعدما عادت إليها روحها، مستهينة بتهديده ليتوجع أكثر(وأنا طلبت الطلاق قبل ما اتكلم... فاعمل الي يرضيك ويريحك يا ابن الشيخ)
نطقتها وهي تشيح عنه ببأس شديد، رافضةً مناداته بإسمه.. اسمه الذي تعشق، كأنها أرادت نحر كل ما سيجعلها تضعف.
قال مُهددًا دون أن ينظر إليها(مش هتتواصلي مع تهاني.. ولا هتتكلمي معاها.. مش هتطلعي من هنا مهما يحصل حتى لو أنا مُت)
انتفض جسدها من وقع الكلمة على قلبها.
لتقابلها السخرية في نظراته فتستكين صامتةً بلا جدال. ليعلن برحيله أن هذا فراق بينها وبينه حينما هدمت جدار الثقة بفأس عنادها
********
لم يدم الأمر كثيرًا ليعرف أن عماد قد نجى.
جميلة وإن بلغ حقدها السماء لن تسدد طعنة مميتة، وهي بكل هذا الضعف والإرتجاف..
حتمًا ستفصح تهاني عن هوية جميلة إن لم يكن عرفها عماد وقتها.
لذا وجب عليه التصرف بحرص شديد والتفكير الجديد في حل يمكّنه من حمايتها حتى تسترد عافيتها ووعيها..
ساقته قدماه لمجلس صديقه، سلّم عليه جلال بمودة وجلس يمرر نظراته عليهم قبل يعود بنظراته  (حضرة الضابط يوسف رضوان)
رمى مالك السيجار موبخًا بغلظة (يخربيتك مقدنا مع ضابط وإحنا بنشرب حشيش)
ابتسم يوسف ليقول جلال متداركًا الأمر بمزاح (يوسف ادانا فرصتين التالته هيبلغ تعاطي)
لينهض مالك من جلسته متراجعًا(وعلي إيه.؟ هيبقى تحرش وتعاطي)
تبعه عاصم بصمت، ليبقيا وحدهما، فملامح يوسف فرضت عليه أن يصرفهم ليتحدث معه ويعرف سبب ما هو فيه.
تنهد يوسف بحزن قبل أن يطلب من جلال برجاء(جلال أنا عايز أمشي جميلة من هنا فأقرب وقت، عندك مكان؟)
انتبه له جلال بكامل وعيه، يخبره بترحاب (طبعا موجود ولو تحب مراتي هتبقى معاها)
سأله يوسف بنبرة ضعيفة مهزومة (مراتك هنا.؟)
أجابه جلال ليطمئنه (لا هناك هتقعد فترة)
سأله يوسف بقلق وألم لم يستطع مداراته(هتبقا بأمان هناك ياجلال.؟)
هتف جلال وهو يربت على كتفه بدعم، انقبضت ملامح يوسف بألم حيث أصابت ربتته كتفه المطعون.. (عيب هتكون فعنيا، بس فهمني الموضوع يمكن أقدر أساعدك)
كان يقصد مساعدة معنوية، يحتاجها يوسف
وهو بكل هذا الحزن.
أخبره يوسف علي غير العادة بما حدث، حافظ جلال على ثباته الانفعالي وتحلى بالصبر حتى أنهى يوسف كلماته.
يكفي جميلة ما يحدث، لن يحملها برأيه فيما حدث فوق طاقتها، هي مخطئة وعليه لن يقرّ بذلك أمام يوسف فلاذ بالصمت وأختار الصلاح (يوسف جميلة محتجالك دلوقت أكتر من أي وقت، سفرها هيحل المشكلة ولا يعقدها.؟)
قال يوسف والحيرة تسحبه لدوماتها(مش عارف، بس مش عايزها تفضل هنا لغاية ما أتصرف مع عماد بطريقتي)
شاركه الحيرة قائلًا(طبعا معاك حق بس مراتك هتتفهم دا وتحسه تخلي عنها)
أخذ يوسف نفسًا عميق قبل أن يقول بضياع(حمايتها أهم يا جلال، معرفش ممكن يضغطوا عليها بأيه بحالتها دي)
أوضح متفهمًا طريقة تفكير يوسف العملية
(فكر فحل تكون فيه جنبها مش بعيد يا يوسف)
مايزيد  الأمر سوء غموض أفكار جميلة وعدم مشاركتها ليوسف ما يحدث، يخشى عليها ومنها ولا يضمن رد فعلها وعنادها أين يوقع بها، يخاف أن تفعلها مُجددًا وتؤلم قلبه، لن يتحمل أن تُصاب بمكروه، عزّ عليه أن يهجرها أن يعصي قلبه ولا يضمها محتويًا لكنها بحاجه لعقاب حتى لا تكررها وأقسى ما يفعله هو أن يبتعد، لو تخلت عن عنادها وأخبرته، لو شاركته لفعل لأجلها الكثير دون ضرر لها وله، كيف لخوفها أن يمحي ثقتها به، أن تره من خلاله ضعيفًا يستحق الحماية لا موضع ثقة تُلقي بمتاعبها له، أن تتحرر من أحمال وأثقاله قلبها بين ذراعيه.
أي حب هذا الذي يقسمهما لاثنين منفصلين بأفكارهما وأسرارهما، لا يجمعهما إلا فِراش واحد.
قال بتصميم وعناد يشابه عنادها (جميلة لازم تمشي ياجلال)
ضم جلال شفتيه بآسف قبل أن يتقبل الأمر قائلًا(تمام إنت أدرى.. قرر إنت وأنا هاخدك ونسافر سوى)
حدجه يوسف بإمتنان، قبل أن يستأذن للمغادرة والعودة للإطمئنان عليها
*******
جلست مروة أمامه بعدما طلبت زيارته لتوديعه قبل سفرها، بكت بحرقة متسائلة وهي تتفحص حاله وكربه (ليه عملت كدا يا مروان عاجبك الي حصلنا دلوقت)
أحني رأسه بخزي قبل أن يسألها (عامله إيه مروة.؟ قاعده فين.؟)
لملمت دموعها تُجيبة بضياع (ولا حاجه.. عاصم اتخلى عني وخلاص هسافر مع خالك)
ابتلع مروان ريقه مُعتذرًا (أنا آسف)
قالت ببؤس وكآبة حلقت فوق رأسيهما (معدش ينفع.؟)
لكم مروان الطاولة وهو يعتصر عيناه متذكرًا ما حدث
(فلاش بالك)
هدر بغضب وهو يستمع للصوت الآخر على الهاتف (أيوه عاصم متسبوش اقتله لو لزم الأمر)
صكت أنوار وجهها واندفعت ناحيته تمسك بذراعه صارخة (عاصم مين الي يقتله؟)
دفعها مروان بغضب موضحًا بتشفي (ابنك الحرامي، هحسرك عليه وأحسر أخوه عليه)
رمى مروان الهاتف، فنهضت أنور تضربه بقسوة مُعنفة (إبعد عن ابني، هو مالوش دعوة أخوه السبب عايز تقتله اقتله)
دفعها مروان بتأفف وخرج من الحجرة قاصدًا باب الشقة لكنها لحقت به، وأمسكت بذراعه متوسلة بحرقة (كله إلا ابني)
حاول مروان بضيق التخلص منها ليغادر، لكنها أمسكت به جيدًا تمنعه، مما أجبره دون وعي وبغضب شديد أن يدفعها بأقصى قوة لتسقط رأسها على حافة الطاولة بعنف .
فتخور قواها وتسقط غارقةً في دمائها.. وقف مبهوتًا مصدومًا مما فعل، كأن ثقبًا أسود ابتلعه.. جسدها يرتجف بإستنجاد وبقعة الدم حولها تتتسع... هرب وتركها تنزف بغزارة وما حدث بعد ذلك أخبرته به مروة
عودة للواقع.
رفع نظراته يطلب منها بقلبٍ مفطور (عايز أشوف براءة يا مروة)
رددت مروة بحنق، تستوعب طلبه المبالغ فيه (ليه براءة؟ .. ثم تابعت موضحة (مش هتيجي يا مروان ولا جوزها هيسمح)
توسلها بحرارة (دا آخر طلب يا مروة، روحي وقوليلها وشوفيها)
هزت رأسها بيأس ورضوخ قبل أن يسحبه الشرطي من أمامها فتتابعه ببكائها حتي اختفى.
قبل أن ترحل مع خالها قررت زيارة براءة وإخبارها بطلب مروان..
استقبلتها إسراء بجفاء، بينما كان استقبال عباس رزينًا تزينه الأبوه.. جلست متوترة تفرك كفيها مترقبة..
حين علمت براءة بمجيئها وطلبها مقابلتها إمتنعت عن الخروج، رفضت مقابلتها دونه..
دون أن تسأله تفعل أم لا..
حاولت الاتصال به لكن هاتفه مُغلق، مما جعلها تجلس باكية في إحتياج شديد له، لأن يكون معها بجانبها سندًا ودعم..
طرقت إسراء تستعجلها بعدما لاحظت اضطراب مروة الشديد.
مسحت دموعها ونهضت في استعداد ليأتيها رنين اتصاله فتُجيب بلهفة شديدة (جلال)
(إنتِ كويسة.؟) قالها وصوت أنفاسه المضطربة تصلها فتطمئنه (أنا بخير بس مروة هنا عايزه تشوفني)
أول الأمر تفاجىء بتلك الزيارة، عقدت لسانه الصدمة وصمت في خوف وضيق لأنه بعيدًا لكن سرعان ما طمأنها واحتوى خوفها هامسًا(متخافيش يا بيبو.. عايزه تقابليها قابليها واسمعي منها، مش عايزه خلاص ياحبيبي متطلعيش ومتضايقيش)
قالت بضياع أشفق عليها منه(طيب أعمل إيه يا جلال.؟)
ابتسم ممزقًا وجعه وخوفه ليهمس بهدوء حاول به امتصاص توترها(إنتِ أقوى من كدا إطلعي وشوفيها عايزه إيه ولو زعلتك إديها فوق دماغها إنتِ مرات جلال يا بنت) قالها بفخر يهديها قبسًا من ثقة تتجاوز به ما يضايقها
أخذت نفس طويل عبقت به صدرها وطردت به توترها قبل أن تهتف بإبتسامة (تمام)
قال بعدما إرتاحت نفسه وخف قلقه (سيبي الاتصال مفتوح يابيبو هبقا معاكي)
استحسنت الفكرة، لاقت بقلبها صدى مريح
خرجت منتصبة الجسد، سلمت عليها بفتور ثم جلست تسألها وهي تتأمل حالها الذي تبدل بشفقة انتصرت على ملامحها الصارمة
(خير يا مروة)
نظرت مروة حولها لإسراء وعباس قبل أن تقول بتوتر(جيبالك رسالة من مروان)
نظر الجميع لبعضهما بينما كان جلال يغلي داخله كبركان مما سمع
حثتها براءة بصبر رغم النفور العالق بصدرها
(خير.؟)
قالت مروة وهي تمسح جبينها، تكاد تذوب خوفًا وقمعًا (طالب منك تزوريه ضروري)
انتفضت براءة واقفة غير مصدقة الطلب الذي جاءت من أجله، ترفض بشدة (لا طبعا)
كان الآخر يلكم الحائط بغضب لم يستطع السيطرة عليه..
وقفت مروة تقول بتلعثم ونظرات زائغة(أنا بلغتك وإنتِ حرة ولولا إصراره مكونتش جيت يا براءة.. فكري وقرارك يخصك)
أنهت كلماتها وجذبت حقيبتها متجهة للباب لكنها توقفت أمامه مُفكرة لثواني قبل أن تطلب منها بحرج (ممكن أسلّم عليكي قبل ما أمشي يا براءة)
سقطت حصون براءة في لحظة، حدجت مروة بنظرة خجول قبل أن تندفع بعفوية تجاهها تعانقها بشدة بود حقيقي وصفاء نفس.
ضمتها مروة بقوة وهي تفلت من بين شفتيها إعتذار خافت (يمكن منتقابلش تاني حبيت أقولك أنا آسفة)
سالت دموع براءة حارة على خديها، لتبتعد قائلة بصدق (أنا مش زعلانه منك ربنا يوفقك يامروة)
ابتسمت لها مروة بإمتنان مُقدرة طيبتها وحنانها، تلوم نفسها حرمان نفسها من أن يكون لها أخت رائعة مثل براءة.. لينتهي بها المطاف وحيدة نالت علي قدر سوء نيتها ونالت براءة قدر جمال روحها وحسن نيتها.
في النهاية الكل يأخذ ما يستحقه ولا يفلت بأعماله، نغفل ننسى لكن الله لا ينسى ويعطي كل ذي حق حقه.
ودعتها وجلست بجانب إسراء التي ضمتها بحنو مربتةً على رأسها تحت نظرات عباس الثاقبة، مُقرًا أن قلبًا كجلال لا يستحق إلا قلب من ماس كبراءة.
انتشلهم رنين الهاتف، لتدرك براءة أنه جلال.. تناول عباس الهاتف وأجاب صارخًا مُعنفًا بغيظ(إيه... مش هنشيلها نوديها تزور مروان يعني فاهمد بقا)
ابتسمت براءة من بين دموعها ليعطيها عباس الهاتف فتنهض مستأذنة، غادرت للشرفة تجيبه (أيوة أنا اهو..)
صرخ منفعلًا (بتعيطي ليه.؟ قولتلك متعيطيش خالص)
زفرت بقنوط قبل أن تهمس برقة (خلاص يا جلجل مبعيطش اهو)
أطلق عدة شتائم بذيئة خص بها مروان قبل أن تمنع استرساله ضاحكة  بسخرية(هتروح تضربه هناك كمان)
ليهدأ قليلًا ويخبرها بصدق (لو عايز، الفلوس تبعتله ناس هناك)
(فلوسك كتير بتوزع فيها حضرتك) قالتها بمرح مستنكر ليجيبها بحرارة (كل الدنيا عندي فكفة وبراءة لوحدها فكفة، كل حاجه تحت رجلها)
شاكسته بشقاوة (خلاص وفر فلوسك علشان تتجوز براءة  هي مش قادرة على فراقك) همس بطاعة يقاسمها رغبتها في القرب (حاضر)
قررت إغلاق الاتصال قائلة (يلا بقا علشان أجهز هننزل العيادة دلوقت)
رجاها برقة وأنفاس لاهثة (ماتجيبي بوسة يابيبو)
(لا عيب) قالتها ضاحكة، فهمس بوله وإشتياق شديد (ضحكتك أغنية يابنت)
شاكسته (لمنير برضو)
أخبرها بتنهيدة حطمت ثباته (أغنية لقلب جلجل يا بنت)
(لا إله الا الله) سارعت بإنهاء الاتصال خوفًا عليه من توبيخ عباس
(محمد رسول الله) أطاع رغمًا عنه
ضمت الهاتف متنهدة بهيام قبل أن تذهب لتُبدل ملابسها استعدادًا للعمل.
****
بعد مرور ثلاثة أيام
أمسك عماد بتهاني مقيدًا خصلاتها، يهزها صارخًا (مين الي عمل كدا.؟)
حاولت تخليص نفسها وهي تصرخ باكية (معرفش معرفش)
دفعها لتسقط متألمة، ثم عاد وكمم فمها بكفه ضاغطًا عليه يقول بإصرار (لا تعرفي)
أخرج عماد الهاتف ودفعه لها قائلًا (كلمي جميلة)
اتسعت عيناها بفزع، ليلكمها قائلًا من بين أسنانه (قوليلها الي هقولك عليه بالحرف)
هزت رأسها رافضة، ليجذب السكين القريبة ويضعها على عنقها مهددًا (هتكلميها و مش بمزاجك ).
رضحت مرغمة، سارعت بالإتصال قائلة (جميلة يوسف فين.؟)
شهقات تهاني ونبرتها المرتجفة أصاباها بالخوف والفزع لتسألها(ليه.؟)
أجابت تهاني ونظراتها تطوّق ملامح عماد المنتصرة بترقب(عماد بيقول يوسف ورا الي حصله، وبعت وراه رجالة علشان يقتلوه)
صرخت جميلة وجسدها يرتعش (بتقولي إيه.؟)
ضغط عماد على عنقها بشدة فقالت باكية مجبورة(سمعته بيقول إنه فالأرض الي غرب الجسر ياجميلة قُرب الجبل.. . إلحقيه لا يعملوا فيه حاجه)
جذب منها الهاتف وأغلقه ثم انكب عليها يقيد جسدها بحبال غليظة، ثم كمم فمها بقطعة قماش قائلًا (إن شاء الله محدش يلحقك)
كانت الآخري ترتدي عباءتها السوداء في عجالة
تستعد للحاق به ومحاولة إنقاذه.
#انتهى


٠ة

بنكهة عشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن