المقدمة

3.8K 79 2
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم

أصوات صخبة تخرج من هؤلاء الأطفال أثناء ركضهم بفناء المدرسة الفسيح، فمنهم من يلهو بالكُرة بقدمه ومنهم من يركض وراء زميل له بابتسامة عريضة على ثغره رغم أنه يُريد أن يضرب صديقه مُدعيًا المزاح ...

وبين هذا وذاك، كانت تلك الفتاة الصغيرة ذات التسعة أعوامٍ تقف بمُنتصف الفناة تزيح خصلاتها السوداء عن عينها العسلية التي تناسقت مع جسدها الرشيق رغم صِغر سنها، كانت الابتسامة تشق ثغرها البريء وعيناه مُنصبتان على صورة متوسطة الحجم تندثر بين كُتبها ليظهر بداخلها عارضة في إحدى الاستعراضات ترتدي تنورة قصيرة أسفلها سروال ضيقٌ غطا ساقيها بالكامل، كما كانت قدمها ترتفع لأعلى برشاقة أعربت عن مهارة تلك العارضة بهذه الرياضة المُسماة بالبالية ...

- بتعملي إيه يا سما ؟

قطع هذا الصوت شرودها وجعلها تغلق الدفتر وتدثره بين أغراضها، التفتت بعدها نحو صديقاتها لترسم ابتسامة أخرى على ثغرها تبدو ودودة لكن الحقيقة أنها ابتسامة زائفة أخفت معها بعضًا من توترها...

التفت الفتيات حولها لتُحيطها واحدة منهن بذراعها وتسألها عن أحوالها فتجُيبهن بصوتٍ ودود وإجابات مُختصرة، بعد برهة من الحديث أردفت إحدى الفتيات بصوتٍ واثق :

- أنا لما أخلص تعليم هروح أشتغل مع بابي في الشركة ... دي شركة كبيرة أوي ...

بقيت تتحدث عن مستقبلها وتشاركها الفتيات الحديث بمرح حتى أردفت واحدة منهن بثقة :

- أنا لما أكبر هبقى دكتورة ...

- وأنا هبقى مهندسة ديكور ..

وهكذا أخذ الحديث يدور بينهن عن مستقبلهن الذي يُخططن له من الآن، ويزدادن حماسًا كلما تحدثن عنه وكأن تحقيق تلك الأحلام بهذه السهولة، فهما لم ينزلا على أرض الواقع بعد ...

قطعت إحدى الفتيات هذا الحديث لتوجه سؤالًا لسما التي كانت في حالة من الصمت تشرد في عالمها الوردي الذي حققت فيه حُلمها بالفعل دون أن تنبس ببنت شفة وتُخبرهن عما بداخل ذهنها ...

- وإنتِ بقى يا سما ... عايزة تطلعي إيه لما تكبري ؟

خرجت سما من شرودها على هذا السؤال الذي جعلها تشعر بالحيرة وبعض الارتباك، فكيف تُخبرهن أنها تُريد أن تُصبح ماهرة بالعروض والرقصات الاستعراضية ؟... لكنها بعد فترة من الصمت والالحاح عليها أردفت ببعض التردد :

- عايزة أبقى .... عايزة أبقى باليرينا 

لاحت الحيرة على وجوههن من حديثها الذي لم يبدو مفهومًا بالنسبة لهن، فهن لا يعلمن شيئًا عن تلك الرياضة التي تتحدث عنها، أو ربما يعلمن القليل ولا يعلمن هذا المُصطلح الذي قالته من قبل ...

- يعني إيه ؟

سألتها إحدى رفيقاتها ففسرت سما مقصدها بلهفة تخيلت معها هذا الحُلم الذي لطالما تمنت تحقيقه :

- يعني أكون برقص بالية كويس جدًا، وأبقى مشهورة 

أنهت حديثها ببسمة عريضة لكن واحدة منهن سخرت منها بقولها :

- عايزة تبقي رقاصة ؟

أنهت حديثها بقهقهة ساخرة جعلت بقيتهن يُقهقهن وراءها مما جعل بسمة سما تتلاشى ويحل محلها إحساسٌ بالخجل؛ أنكست رأسها لأسفل وكادت الدموع تتقاطر على وجنتيها حتى ....

عادت من تلك الذكرى وهي تمسك بتلك الصورة التي تحمل تلك الفتاة الاستعراضية، ظهر انعكاس وجهها الذي لم يتغير كثيرًا رغم مرور السنوات، فهي الآن فتاة يافعة ربما بمُنتصف العشرين من عُمرها لكنها لاتزال تحتفظ بملامح وجهها الصافية وجسدها الرشيق المتناسق، بقيت ترمق تلك الصورة التي أضحت باهتة بفعل الأيام وداخلها عزيمة تزداد يومًا بعد يومٍ على تحقيق هذا الحُلم رغم عدم إعتراف المُجتمع به، ورغم صعوبة تحقيقه ... فهي عازمة على تخطي تلك الصِعاب مهما كانت ....

يُتبع 💕❤

دي مُقدمة بسيطة تمهيدية لقصة الرواية وإللي إن شاء الله هيبقى فيها جزء اجتماعي وجزء عائلي هيغطي على أغلب الرواية مع شوية كوميدية ورومانسية بس مش كتير عشان مش بحب أزوٌد في الرومانسية والكوميدية .. وبالمناسبة الرواية مش هتبقى كبيرة أوي بس الفصول هتكون طويلة بشكل مناسب زي الرواية إللي قبلها كدة ...

المهم، قولولي رأيكم في المُقدمة، ومتنسوش الفوت 😘


فوق النجوم ( مكتملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن