بسم الله الرحمن الرحيم
" نحن لا نألف الظلام ... بل نعتاده "
_________________________
الوحدة ... تلك الكلمة المكونة من بضع حروفٍ فقط تحمل تأثيرًا جثيمًا على صاحبها، تجعله ضائعًا في متاهات الحياة، ضعيفًا أمام القدر .. بل حتى عاجزًا عن الإختيار، حتى ينتهي به الأمر غارقًا في تلك الآهات ... فلا أحد ينجده، ولا أحد يُشاركه الحِمل الذي على أكتافه، والأصعب من هذا أنه لا يشعر بتلك الوحدة إلا عندما يُدرك كم أنه بحاجة للجميع ...
تغلغلت يدها بين الرمال الرطبة التي أنبتت بعض الأزهار الحزينة، فهذه الأزهار لم تُنمى بالمياه، بل نمت بدموعٍ متألمة على هذا الفقيد، دموع ساخنة أذرفت أمام تلك الصخرة التي نُقش عليها اسمين توٌفيا بنفس اليوم، شخصين لو عاد بهم الزمن لمَ احتضنوهما وبقيا بين صدريهما يحتميا بهما من هذا العالم القاسي ..
كفكفت دمعة حارقة تمردت على وجنتها الشاحبة والتي تزداد شحوبًا كلما حدقت بهاتين الصخرتين، رفعت يدها بوهنٍ لتتحس صخرة نُقش عليها اسم والدتها سُهير، فكانت أصابعها مبللة ترتجف كما يرتجف قلبها حُزنًا، مررت تلك الأصابع الواهنة عِند الصخرة الأخرى لتتحسسها لبضعة ثوانٍ أنهتهم بإعادة يدها مجددًا تزامنًا مع كلماتها المتقطعة التي خرجت بين شهقاتها ...
- أنا أسفة يا ماما ... أنا حاولت ... والله حاولت أحقق حلمي ... وحاولت أصبر ... بس خلاص مش قادرة ... عايزاكم جنبي ... عايزة أترمي في حُضنكم ...
لم تعد تتحمل الصمود عقب هذه الجملة التي جعلتها تنخرط ببكاءٍ مريرٍ حمل ما يجيش به قلبها الواهن، كان يُراقبها سامح الواثب خلفها يرفع يده داعيًا لكليهما بالرحمة، فلطالما كانا خير أبوين لهم، فدائمًا ما يُشجعونهم ويلبون رغباتهم بصدرٍ رحبٍ حتى ولو تعرضت حياتهم للأذى ...
ركع على ركُبتيه خلفها ليضع يده الحنونة على ظهرها مُربتًا عليها تربيتاتٍ هادئة حاول معها التهدئة من روعها قبل أن تنفجر عينيها من كثرة البُكاء، فدموعها كادت تجعل قلبه يتمزق إلى عدة أشطار ...
- كملي يا سما ... كملي طريقِك ... وأوعي تستسلمي
كانت كلماته مشجعة لكنها لم تؤثر بها كما تفعل دائمًا، فقد وصلت إلى مرحلة تشعر بها أنها تدمرت، وأنها مجرد فاشلة لن تُحقق أية إنجازات، حركت رأسها نفيًا وهي تقول بين دمعاتها :
- مش قادرة ... مش قادرة أكمل لوحدي ... حتى إللي كان دايمًا جنبي مبقاش موجود
ضمها أكثر ناحيته كي تستمع إلى أحاديثه الهادئة والتي مدٌتها ببعض الطاقة :
أنت تقرأ
فوق النجوم ( مكتملة )
De Todoكم هي بعيدة تلك النجوم رغم بريقها الذي يظهر في الآفاق ... وعلى الرغم من صعوبة الوصول إليها، إلى أنني سأتخطى الصِعاب، وأصل إلى نجمتي وحُلمي الذي لن أتوقف عن تحقيقه ... فلما لا تُشاركونني رحلتي الشاقة وتتعرفوا على عائلتي الصغيرة التي تدعمني كما يدعمني...