الفصل الثامن عشر ( أبوان مفقودان )

350 28 4
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم

" لا تتوقف أمام العقبات، فتلك العقبات تجعلك أشد صلابة لتستطيع مواجهة طيات النهاية "

_____________________

أصوات الصافرات يضرب أذنيها بجسارة كما تضرب نبضات قلبها حتى شعرت بأن فؤادها سيهوي أرضًا، فما أنفقت عليه أموالها تراه يتدمر أمام عينيها وهي لا تعلم ماذا تفعل، أتُلقي بنفسها في جوف النيران ؟ .. أم تستسلم وتبكي على الأطلال ؟

هوٌت ركبتيها على الأرض أمام هذا المنظر الذي لأول مرة يُقابلها، فهي حتى لا تستطيع المساعدة، مُجبرة على الاستسلام رغم كونها المثابرة الطموحة ... حقًا لا تعلم من أين أتت هذه النيران، ولا تعلم لما يصر القدر على معاندتها وتعذيبها، لمَ تتلذذ حياتها برؤية صراعاتها بل وتضربها بالسُياط  حتى تُدمي ظهرها وكل إنشٍ بجسدها ... لمَ ولمَ ولمَ ... تلك الأسئلة التي دائمًا ما تفشل بإيجاد إجابات لها، وقد سئِمت حقًا من تلك الأسئلة التي تُفقدها عزيمتها أكثر، هي فقط تُريد حياة هادئة خالية من العقبات ... لكن يبدو أن الأمر سيظل مُستحيلًا ...

وجدت أقدامها تثبان وتتحركان بسُرعة نحو تلك النيران وبين رجال الإطفاء الذين أتو لإنقاذ الموقف وبدأت النيران بالتبخر خالفة وراءها غمامات سوداء امتزجت مع سواد الليل وديجوره لتجعل السماء قاتمة تُعيق التنفس بأريحية ...

جذبها مراد كي تتوقف عن اختراق النيران حتى لا تتضرر، فكانت تصرخ بين يديه وتنهمر دموعها كودقٍ في ليلة مطيرة شديدة البرودة، انهمرت دموعها الساخنة على وجهها الأحمر، فهذه الحياة لم تسنح حتى بمنحها ولو سعادة بسيطة، دائمًا ما تقتحم إنجازاتها وتُدمرها ...

- سِبني يا مراد ... سبني الحاجة كلها جوة 

قالتها بصُراخ وهي تُحاول دفع مراد عنها عازمة على اختراق النيران وإنقاذ حاجيتها التي ستحتاجها بالعرض، فكل الملابس والمستلزمات قد ذهبت هباءًا دون أن تدري ما السبب ...

- سما مينفعش تدخلي ...

خرجت كلماته صارمة صاخبة وهو لا يزال يقبض على ذراعها حتى لا تتهور وتخترق تلك النيران الهاجرة والتي ستُجعل جسدها رمادًا ... استسلمت سما بعد عدة محاولات انتهى بهم رجال الإطفاء من عملهم وأصبح المخزن يتشدق بالسواد القاتم وتلك السخونة تنبعث من دواخله ....

جاسوا بأقدامٍ متخاذلة داخل المركز وعيناها تشخصان في كل مكان تتفحص الرماد الناجم عن مستلزماتها بحسرة ودت معها لو تصرخ عاليًا لتسأل الحياة بعلو صوتها : لمَ يحدث هذا ؟ ... لمَ علي مواجهة هذا ؟

فوق النجوم ( مكتملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن