الفصل الثاني ( شُعلة الطموح )

801 39 3
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم

" إذا وجدت العديد من العقبات بطريقِك فجرب أن تُغير المسار، فبإمكانك الوصول إلى هدفك من عدة طُرقاتٍ مختلفة "

_____________________

ليلة شتوية كاحلة زيُنتها نجوم متلألئة تتراقص في الفضاء بجوار القمر البازغ بنوره الخلاب، وفي تلك الليلة الهادئة كان يثب شابٌ متوسط القامة أمام الباب الخاص بمنزله أمامه فتاة تبدو بمُنتصف العشرين من عُمرها، فقد  كانت ترتدي ثيابًا بسيطة زينها حجابها الرياضي الذي ترتديه بكثرة، فهو يتماشى مع بشرتها المائلة للسُمرة وعينيها الداكنتين المُكحلتين والتي جعلت جمالها جمالًا فرعونيًا ...

رسمت بسمة هادئة على ثغرها وهي تتحدث أمام هذا الشاب :

- إبقى طمني على خالو 

أومأ الشاب رأسه بوعدٍ قاطعٍ بأنه سيُخبرها بأن والده تعافى من تلك النوبة التي تأتيه بكثرة، أغلق بعدها باب المنزل ليتحرك داخل منزله البسيط المكون من بعض الأثاث العتيق، وثب حُجرة صغيرة يرقد على فراشها رجلُ يبدو بمنتصف الخمسين من عُمره، لكن حالته الصحية السيئة جعلته قعيدًا على هذا الفراش لا يستطيع تحريك قدميه ...

ما إن رآى ابنه مراد يتقدم نحوه حتى حاول الاعتدال في جلسته لكن مراد أوقف حركته وأمره بالاسترخاء مجددًا ...

- تعتبك معايا يا بني معلش 

قالها والده يعقوب بأسفٍ قابله مراد بحبورٍ ربت معه على كتفه كي يرد عليه :

- تعب إيه بس يا حُج ... وأنا ليا مين غيرَك

رسم يعقوب بسمة هادئة على ثغره أعربت عن مدى امتنانه لابنه الذي لم يتخلٌى عنه طيلة هذه الفترة، فهو يُكرس حياته لرعايته حتى ولو على حِساب مستقبله وتحقيق أحلامه...

أمسك مراد صندوق الأدوية ليُقربه نحو والده ويبدأ العبث به بحثًا عن الدواء الذي من المُفترض أن يأخذه والده في هذا الوقت :

- إيه ده !! ... مقولتش ليه يا بابا إن دوا الضغط خِلص ؟؟

قالها مراد بعِتابٍ حمل معه الرقة، قابله يعقوب بصوتٍ خافت مُتعب :

- مكنتش عايزك تشغل بالِك

تنهد مراد بخيبة أملِ من والده الذي دائمًا ما يرى نفسه حِملًا على قرة عينه، وضع مراد صندوق الأدوية مكانه داخل الخُزانة الصغيرة ليثب بعدها ويردف بتقرير :

- أشغل بالي إيه بس ... أنا هنزل أجيبه من تحت وآجي ... مش هتأخر ....

_______________________

فوق النجوم ( مكتملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن