وقف جوار سيارته المستأجرة قرب البوابة الخلفية للفندق الضخم ينتظر خروجها بلهفة ...
لو أخبره أحدهم من قبل إنه سيقف كالمراهقين ينتظر قدوم حبيبته هاربة سرا من ذويها ليأخذها في رحلة غرامية ممتعة لمنحه بضعة كلمات هازئة مستنكرا بشدة ما يقوله ...
هو الشاب الرزين بطريقة تفوق سنوات عمره والذي يعيش حياته وفق برتوكول معين رصين للغاية اختاره كنمط ثابت لحياته ..
شاب ترعرع في عائلة ارستقراطية من الدرجة الأولى منحته كل ما يتمناه من قوة و هيمنة وسلطة ...
وهو بدوره عمل بجدية ليحافظ على استمرارية عهد عائلته فلم يتوانى لحظة عن التقيد بكل الأساسيات المطلوبة ...
كل شيء في حياته يسير وفق نظام معين ...
اختياراته واضحة وقراراته محددة ومستقبله مضمون ...
هو شاب يسير على نهج معين طوال حياته ..
نهج اختاره بنفسه رغم صرامته ...
شاب يحلم أن يكون امتداد لوالده ... الملياردير الكبير والسياسي الشهير ...
شاب حدد أولوياته وعمل عليها بدقة فباتت حياته تسير وفق نظام دقيق لا يمكن الحياد عنه حتى أتت هي ودخلت حياته فبعثرت أنظمته كلها وشتتت كيانه كاملا ....
لم يتخيل خلال سنوات عمره بأكملها أن تؤثر به إحداهن الى هذا الحد ...
هو أثير المعروف بغروره وعنجهيته الفطرية والتي تثير غيظ الفتيات من حوله ...
أثير الذي لا يتردد في إحراج أي فتاة تقترب من محيطه مترفعا بكل عجرفة عن مصاحبتها مهما كانت مواصفتها ...
هو الذي تجاهل الجانب العاطفي من حياته ...
ذلك الجانب الذي لم يتصور يوما أن تحتله إحداهن ...
لم يفكر يوما في الارتباط فعمله ومستقبله السياسي أهم بكثير من علاقة عاطفية يراها مجرد شيء تافه فارغ سيهدر به وقته لا أكثر ...
لكن بوجودها نسي كل هذا ...
هو سقط في غرامها دون إرادة منه ..
بلا حول أو قوة وكأنها أتت لتدمر ما بناه لسنين طويلة وتصنع عالما جديدا له لا يشبه عالمه المعتاد لكنه يروقه كثيرا ...
توقف عن أفكاره عند لحظة خروجها من الفندق ليمنحها ابتسامة خفيفة تخفي خلفها شغفا لا يمكن احتوائه ...
اتسعت ابتسامتها وهي تتقدم نحوه وتعانقه بعفوية تسلب كيانه ...
هي ترهقه بشدة عندما تطل عليه بجمالها الخلاب وتبتسم له وتعانقه و تشاغبه ...
هي مرهقة لروحه وأعصابه ومشاعره ...
ابتعدت عنه تسأله :-
" هل تأخرت عليك ...؟!"
تمتم بجدية وهو يفتح الباب لها :-
" قليلا ..."
ركبت السيارة ليغلق الباب ويتجه هو نحو الجهة الأخرى فيتخذ مكانه في كرسي السائق ويشغل السيارة متحركا بها في شوارع المدينة ...
" افتح أغنية ..."
قالتها بحماس دائما ما يراها عليه عندما فعل ما طلبته وهو يشغل احدى أغنياته الأجنبية المفضلة ...
هتفت بعدم رضا :-
" أحب الأغاني العربية أكثر ...."
" لا أسمع الأغاني العربية ..."
منحته نظرة خاصة وهي تخبره :-
" عليك أن تتعلم سماعها لإنني مدمنة عليها ..."
هتف وهو يحرك بصره مرارا بينها وبين الطريق أمامه :-
" يمكنك تشغيل الاغنية التي تريديها ..."
أخرجت هاتفها تبحث فيه عن إحدى أغنياتها المفضلة قبل أن تسحب السلك الموضوع مكانه في السيارة فتربط الهاتف من خلاله وتشغل الأغنية التي اختارتها ليصدح صوت المغني عاليا فتتسع ابتسامتها وهي ترفع الصوت الى اعلى درجة بينما تحرك جسدها بعفوية على الموسيقى وهي تردد كلمات الاغنية بحماس ...
رغما عنه انسجم مع مظهرها وهي ترقص بذلك الحماس المبهج ليضاعف من سرعة السيارة بشكل جعلها تصرخ بحماس أكبر وتضحك بجنون حتى أخرجت رأسها من النافذة ليضرب الهواء المنعش وجهها ويحرك خصلات شعرها بعشوائية لذيذة ....
أدخلت رأسها مجددا بعدما انتهت الاغنية فهمست وهي تلهث باستمتاع :-
" اسمع هذه الأغنية أيضا ... ستعجبك ..."
كان بدوره قد عاد الى سرعته السابقة في القيادة عندما هتف بجدية :-
" سنصل قريبا الى المكان ...."
سألته بفضول :-
" ألن تخبرني أين سنذهب ...؟!"
أضافت بمكر :-
" بالكاد استطعت تسريب كلا من مهند وفيصل بعدما ساعدتني تولاي بذلك ..."
ابتسم بخفة مرددا :-
" تولاي تستحق الكثير من الشكر بسبب مساعدتها الدائمة لنا ..."
ثم أوقف سيارته قرب البحر لتسأله بحماس :-
" ماذا تخبئ لي يا أثير ...؟!"
مال نحوها يغرق في عينيها لثواني قبل أن يخبرها بنبرة حارة :-
" سأخطفك يا هالة ... "
أضاف وهو يميل نحوها أكثر :-
" هل تمانعين ذلك ...؟!"
هزت كتفيها وهي تردد ببساطة :-
" أبدا ... هل توجد فتاة عاقلة تمانع أن يخطفها أثير بك الهاشمي ...؟!"
سألها وهو يتراجع قليلا ببرود مصطنع :-
" هل تسخرين مني ...؟!"
ضحكت مرددة :-
" إطلاقا .. "
ثم أسبلت رموشها وهي تخبره بوداعة جديدة عليها :-
" يسعدني أن تخطفني يا أثير .... "
سألها بلهفة :-
" حقا يا هالة ...؟!"
هزت رأسها دون رد ليضيف متسائلا :-
" هل تحبينني ...؟!"
رفعت عينيها نحوه تتأمله لوهلة ...
تتأمل نظراته العاشقة ووسامته الرجولية الخشنة قليلا ...
يوما ما كان هو رهانها الرابح ....
الرجل الذي راهنت عليه في لعبة حمقاء ...
خدعة سخيفة تحولت الى حقيقة لا بد أن تعترف بها ...
" نعم يا أثير ..."
" قوليها يا هالة ..."
" أحبك ..."
توقفت لوهلة قبل أن تضيف بصدق خالص :-
" أحبك يا أثير ..."
للحظة ما شعرت بالرهبة من كم المشاعر التي رأته في عينيه ...
عيناه اللاتي عصفتا بمشاعر قوية ومخيفة ...
في تلك اللحظة أدركت مدى عشقه لها ....
لا يمكنها أن تشك ولو للحظة في مشاعره بعد الآن فعينيه كانتا كفيلتين ليكشفان ما يحمله داخله لها ...
شهقت بعدم استيعاب عندما جذبها نحوه ثم التقط شفتيها يقبلها بقوة وعنفوان يشبهه...
قبلة شعرت بها كوشم طبعه فوق قلبها الذي أعلن ملكيته الحصرية له ...
ما إن استوعبت ما يحدث حتى بادلته القبلة ..
دون خوف و دون تردد ....
هي تحبه ... هي تريد قربه ... هي تريد تقبيله .....
وتريد كل شيء ...
ابتعد عنها وهو يلتقط انفاسه بصعوبة بينما عيناه تتأملانها برغبة مشتعلة وشغف ازداد اضعاف عما كان عليه ...
مدت كفها تلمس جانب وجهه ببطأ وهي تهمس اسمه برقة أثارت جنونه فعاد يقبلها بشغف استجابت له من جديد....
ركن جبينه فوق جبينها مرددا بأنفاس حارة :-
" ماذا فعلتِ بي يا هالة ...؟!!"
تمتمت بتساؤل صادق :-
" مالذي فعلته ...؟!"
ثم ابتعدت عنه قليلا حيث مدت أناملها فوق شفتيها ...
شفتاها اللتان امتلكهما بدل المرة إثنتين لتهمس بخفوت :-
" كنت تريد خطفي ، أليس كذلك ...؟"
ابتسمت تهتف برضا :-
" يمكنني تهنئتك بعدما حدث لإنك خطفتني بالفعل ...."
امتدت يده تلمس خصلات شعرها الناعمة ليضعها خلف أذنها قائلا وعيناه تتحركان على ملامح وجهها الفاتنة بوله :-
" إذا كنت نجحت في اختطافك أخيرا بعد هذه المدة فأنتِ اختطفتني منذ اللحظة الأولى التي وقعت بها عيناي عليك يا هالة ..."انتهى المشهد ❤️❤️🤭
رأيكم ...؟!
#أثير_الهاشمي
#هالة_الشامي
#نشوة_العشق_اللاذع
#سارة_علي
أنت تقرأ
نشوة العشق اللاذع ( الجزء الثاني من سلسلة ضباب الروح )
Romanceللعشق نشوته .. حلوة بل مسكرة ... لذيذة و مبهجة ... نشوة العشق تؤدي للإدمان فلا نهاية لها ولا سبيل للتعافي منها ... فكيف إذا كان العشق لاذع ، مدمر ومؤلم ..؟! هل تختفي النشوة أسفل رماد ألم العشق وجروحه أم تبقى محتفظة بذات اللذة رغما عن كل شيء ..؟!